يعرف المتتبعون لنشأة وتطور حزب العدالة والتنمية المغربي أنه تأسس على أنقاض حزب الحركة الشعبية الدستورية، بعد التحاق مجموعة من قيادات وأطر حركة التوحيد والإصلاح سابقا الموصوفة ب"الاسلامية" بذلك الحزب سنة 1996 تحت رئاسة وإشراف المرحوم عبد الكريم الخطيب، والحديث هنا عن مجموعة سعد الدين العثماني وعبد الإله بنكيران ومحمد يتيم ومصطفى الرميد وآخرين، بعد ذلك الاندماج "الرسمي" المعلن سوف يتحول حزب الحركة الشعبية الدستورية الذي كان قد أصبح منسيا منذ انشقاقه عن حزب الحركة الشعبية في ستينيات القرن الماضي إلى حزب "إسلامي" على الأقل في خطابه، ثم سيغير اسمه إلى حزب العدالة والتنمية بمقتضى مؤتمره العام لسنة 1998. كل هذا معروف وما تلاه معروف أكثر من ذلك، لكن قليلا من الناس يعرفون أن الجماعة إياها، أي تلك المجموعة القادمة من حركة التوحيد والإصلاح التي استطاعت أن تستحوذ على هوية حزب الحركة الشعبية الدستورية فكرا وممارسة، كانت قد دقت على باب حزب الاستقلال قبل اتصالها بالمرحوم عبد الكريم الخطيب، بل وجمعها لقاء مع المرحوم امحمد بوستة، الأمين العام للحزب آنذاك، وطلبت منه إدماجها في حزب الاستقلال، غير أن المرحوم بوستة رفض ادماج تلك المجموعة في حزب الاستقلال وما أدراك ما حزب الاستقلال ليس من باب الإقصاء وإنما من باب احترام هوية حزب الاستقلال وحمايته من الانصهار في هويات طارئة غير واضحة المعالم. لقد أجابهم المرحوم بوستة حسب ما روي لي من مصادر موثوقة أن الباب مفتوح لهم للالتحاق بحزب الاستقلال، حزب الأمة، لكن، ذلك يجب أن يتم بشكل فردي وتدريجي داخل هياكل الحزب لا في إطار مجموعة اندماجية أو ما إلى ذلك من دعايات إيديولوجية. لعل المرحوم امحمد بوستة فطن بنباهته المعهودة أن تلك المجموعة كانت تستطيع أن تهيمن على حزب الاستقلال وتذيب ملامح هويته السلفية الوطنية في بحر شعار أوسع يسمونه "الإسلامي" ولعله كان محقا في حكمه وحكمته رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.