وسطَ هضاب يكتنفها الصّمتُ والهدوء، على بُعد حواليْ عشرين كيلومترا من مدينة فاس، تنامُ حامة مولاي يعقوب، المعروفة على الصعيد الوطني بكونها مَحجّا لآلاف المغاربة الباحثين عن التخلّص من الأمراض الجلدية وأمراض المفاصل المزمنة، وغيرها من العِلَل التي لم يجدوا لها دواء عند الأطباء. الحامة عبارة عن "مستشفى طبيعي" يقصده الفقراء والأغنياء على حدّ سواء، بحثا عن علاج طبيعي، قِوامه الغطس في مياه الحامة الدافئة، المخنوقة برائحة الكبريت، والتي تنبع من عُمق 1500 متر تحت الأرض، وتصل درجة حرارتها على السطح إلى 54 درجة مئوية. المكان بمثابة جوهرة سياحية نادرة، تُغري من زارها لأول مرّة بالعودة لاكتشافها مرة أخرى، وكان من الممكن أن تكون قِبْلة سياحية عالمية، لكنّ الاهمال الذي حظيت به، حسبَ ما يُردّده أبناء المنطقة، من طرف مُسيّري الشأن المحلي والمسؤولين عن السياحة جعلها تصير مُجرّد قرية منسيّة لا يكاد صدَى شُهرتها يتعدّى حدود الوطن. حامة بئيسة بجوار إقامة ملكيّة أوّل ما يُلفت انتباه زائر حامة مولاي يعقوب القديمة، هو البؤس والاهمال اللذان يَحُفّان المَعلمة السياحية النادرة من كل جانب. كل شيء في هذا المكان يتّسم بالعشوائية والفوضى، انطلاقا من مَرْبد السيارات، التي تصطفّ كيفما اتفق على جانب الطريق، مرورا بالأزقّة الضيّقة وصولا إلى الحامة. المثير للدهشة هو أنّ مَشاهد البؤس والإهمال هذه مسرحها يقع على مرمى حجر من بوّابة الإقامة الملكية "المهجورة" بمولاي يعقوب. أبناء المدينة الذين التقتهم "هسبريس"، يحْكُون أنّ الملك الراحل الحسن الثاني كان يأتي إلى الإقامة بين فينة وأخرى، لكنّ الإقامة التي تَقف على بابها عناصر أمن مسلّحة، منذ رحيل الحسن الثاني، لم تحْظ بأي زيارة من طرف الملك محمد السادس، ويتمنّون لو يتحقق ذلك في يوم من الأيام، لعلّ وعسى أن يتحرّك مسؤولو الجماعة لإزالة مشاهد البؤس عن وجه قريتهم المُهْملة. في الزقاق الضيّق المؤدّي إلى الحامة القديمة، والذي هو عبارة عن مُنحدر تخترقه أدراج، لا بدّ وأن تصادف حميرا تحمل صناديق المشروبات الغازية وصناديق الموادّ الغذائية وقنينات الغاز. هنا، الحمير هي وسيلة النقل الوحيدة التي تستطيع أن تؤمّن نقل البضائع من شاحنات الموزّعين نحوَ دكاكين البقالة. البؤس الذي يستوطن حواشي الحامة يظهر جليّا على واجهات البيوت البسيطة وعلى قسمات وجوه أصحاب الدكاكين الصغيرة التي تؤثّت المكان وعلى واجهات الدكاكين نفسها والأزقّة الضيّقة وحيثُما ولّيْت وجهك. هنا كل ما قد يجلب بعض الدراهم فهو صالح للبيع، حتى الدِّلاء البلاستيكية يتمّ كراؤها لزوار الحامة بثلاثة دراهم لكلّ دَلو. كلما اقترب الزائر من بوّابة الحامة يرتفع منسوب رائحة الكبريت في الهواء، ويصير أكثر اختناقا. في الداخل ضجيج المستحمّين في الصهريج الفوّار تتردّد أصداؤه بين الجدران التي فقدتْ طلاءها من فرْط الرطوبة، ومِنْ فرْط الاهمال أيضا. الصهريج عبارة عن مسبح قديم، بعُمْق متر وعشرين سنتمترا، يتدفّق إليه الماء الساخن الممزوج بالكبريت عبر قادوس يتوسّط الصهريج. أحد شباب المنطقة يقول إنّ منسوب المياه المتدفق من القادوس انخفض كثيرا منذ إنشاء الحامّة العصرية التي تقع غير بعيد عن الحامّة القديمة. زوار الحامّة منهم من لا يكتفي بالغطس والسباحة داخل الصهريج فقط، بل يتّخذون الفضاء مكانا للتخلص من الأوساخ العالقة بأجسادهم بمساعدة "كسّال" على حوافّ الصهريج في مشاهد مُقزّزة. من هذا المكان خرجتْ عبارة "بارْد وسخون أمولايْ يعقوب"، التي يُردّدها كثير من المغاربة. العبارة كانت منقوشة على لوحة رخامية كبيرة بجانب الصهريج، يلتقط معها زوار المكان صورا للذكرى بعدسة كاميرا المصوّر الخاصّ بالحامة، لكنّ اللوحة الرخامية لم تعد موجودة اليوم، بعدما تعرّضت للتخريب؛ والسبب، هو "الاهمال الذي طال الحامة من طرف المشرفين عليها، ومسؤولي الجماعة المحلية الذين يُفترض فيهم أن يعتنوا بها"، يقول مرافق "هسبريس". الاهمال الذي تحدث عنه مُرافقنا يظهر جليّا من خلال الحالة المُزرية التي توجد عليها جميع مرافق الحامة. أبواب المراحيض أغلبها مكسور أو متآكل ولم يعد يحجب شيئا، فيما جدرانها، وجدرانُ المكان المخصّص للاستحمام، الذي تنبعث منه روائح كريهة، تعلوها طبقة سميكة من الأوساخ، أما السقف الذي تتدلّى منه قواديس حديدية صَدِئة فيبدو في حالة يُرثى لها. داخل أحد المراحيض المتعفّنة بكل ما للكلمة من معنى قادوس يخترقه ثقب يسيل منه الماء بقوّة ويضيع في مجرى المرحاض، لا أحد يعرف منذ متى وهو على تلك الحالة، دون أن يتدخّل أحد لإصلاحه. إنه مشهد مُصغّر لمشهد الاهمال الكبير الذي طال الجوهرة السياحية النادرة. كنْز نادر غير مُستغلّ سنة 1992، ستستقبل جماعة مولاي يعقوب الملكَ الراحل الحسن الثاني، رفقة العاهل السعودي الراحل فهد بن عبد العزيز. مناسبة زيارة العاهلين تدشينُ المحطّة العصرية من حامة مولاي يعقوب، والتي تختلف كليّا عن الحامة القديمة، لا من حيثُ الخدمات ولا من ناحية الأسعار أو نوعية الزبناء. فإذا كان ثمن الاستحمام داخل الحامة القديمة لا يتعدى عشرة دراهم بالنسبة للصهريج المشترك، وعشرين درهما للغرف الانفرادية، فإنّ سعر الاستحمام داخل الحامة العصرية، والذي يشمل الحمام البخاري والمسبح المعدني والرشاش المائي والتدليك، يبتدئ من 440 درهما ويصل إلى 750 درهما، حسب نوعية الخدمات التي يطلبها الزبون. أمّا الخدمات المتعلقة بالراحة والجمال فتتراوح أسعارها ما بين 240 درهما و 850 درهما، فيما تتراوح أسعار الخدمات العلاجية من الروماتيزم، ما بين 1000 درهم و 1950 درهما، لمدّة ستة أيام. منذ اللحظة التي تتجاوز فيها القدم عتبة الحامة العصرية، يستشعر الزائر حجم الفارق الكبير بينها وبين الحامّة القديمة البئيسة. على يمين البوابة المحروسة من طرف حارس أمن تابع لشركة خاصّة، لوحة بيضاء كبيرة عليها لائحة الممنوعات التي يتوجّب على الزائر تفاديها، ومنها أخذ الصور، سواء بالكاميرا أو الهاتف. هنا لا تستقبل الرطوبة والهواء المخنوق والضجيج الزائرين، بل تستقبلهم موسيقى هادئة وجوّ معطّر يكتنف فضاء القاعة الفسيحة الجميلة. بعد أن يحدّد الزبون الخدمة، أو الخدمات التي يرغب في الاستفادة منها، والتي تتوزع ما بين حمام الجاكوزي، والسباحة في مسبح مشترك، والماساج، يكون عليه أن يؤدّي ثمن الخدمات، ويحصل بعد ذلك على وصْل بالمبلغ المؤدّى، ثم يدلف إلى الداخل. هنا، العنصر النسوي هو الذي يسهر على خدمة زبناء الحامة. الخدمات الجيّدة تبدأ منذ لحظة الولوج إلى قاعة استبدال الملابس. يتسلّم الزبون سلّة بها "بينوار" ومنشفة وحذاء بلاستيكي نظيف، ثم يتوجّه صوب الغرف المخصصّة لخلع الملابس، المكان نظيف وهادئ ومُغْر، عكس الحامة القديمة التي يسكنها البؤس والاهمال والأوساخ والرطوبة الخانقة. بعد أن يُسلّم الزبون ملابسه للسيدة المكلفة بحراسة الأمتعة، يلج إلى قاعة الانتظار الدافئة، في انتظار أن تنادي عليه المستخدمة المكلفة بمرافقته. الاستحمام هنا لا يشبه الاستحمام في صهريج الحامة القديمة. لا ضجيج ولا صخب ولا أوساخَ على الجدران. عندما يحين دور الزبون ترافقه مستخدمة إلى قاعة يتوسّطها سرير أبيض فوقه قادوس تتدلى منه أربع رشّاشات يتدفق منها الماء الساخن، وعلى حافته كُوّة تحفّها منشفة بيضاء، ويستسلم لرحمة المياه الساخنة المتدفّقة من الرشاشات. بعد نصف ساعة، يدخل الزبون إلى قاعة الجاكوزي الانفرادية، ودائما بمرافقة الجنس اللطيف. مياه الحامة القديمة هي نفسها مياه الحامة العصرية، كلها تنبع من عين واحدة، لكنّ الخدمات يفصل بينها ما يفصل بين السماء والأرض، مثلما تفصل بين زوار الحامتين فوارق اجتماعية واضحة، تعطي صورة جليّة عن كون زوار الحامة الأولى ينتمون إلى قاع المجتمع، فيما ينتمي زوار الحامة العصرية إلى الطبقة الاجتماعية الغنيّة. يتجلى ذلك أيضا في الأجواء السائدة داخل الحامة العصرية، التي يختلط الرجال والنساء داخل مسبحها الفسيح والأنيق بلا حواجز. أين تذهب أموال الحامة؟ السؤال الذي يطرحه أبناء المنطقة وزوارها على حدّ سواء، هو: أين تذهب الأموال التي يستخلصها المشرفون على الحامتين، العصرية والقديمة من الزوار، الذين يصل عددهم في المجموع إلى مليون وستّين ألف زائر سنويا. (مليون يزورون الحامة القديمة وستّون ألفا يزورون الحامة العصرية)؟ فإذا كان البؤس والاهمال يحُفّ الحامة القديمة من كل جانب، فإنّ الحامة العصرية، وعلى الرغم من رفاهية الخدمات المُقدّمة داخل أجنحتها، إلاّ أنّ الطريق المُوصلة إليها توحي بأنّ كِلا المحطّتين، خارجيّا، في "الإهمال سَوا". الطريق المؤدّية إلى الحامة العصرية ضيّقة جدّا، وتخترقها في أحد المنعطفات شقوق بارزة "le tassement de sol". عبد الرحمان العدراوي، المقيمُ في كندا، والذي ينحدر من المنطقة، قال ل"هسبريس"، إنّه وجّه رسالة عبارة مقطع فيديو إلى مسؤولي وزارة التجهيز والنقل، في عهد الوزير الاستقلالي كريم غلاب، واقترح عليهم تقنية جديدة يتمّ اعتمادها في كندا للحيلولة دون عودة ظهور تلك التشققات، تتمثل في وضع ألواح من "الفرشي" (styromousse)، على التربة قبل تعبيد الطريق، وهي التقنية التي يقول عبد الرحمان إنها غير مكلّفة وفعّالة، لكنّ اقتراحه قوبل بالإهمال. يقول عبد الرحمان، إنّ حامات مولاي يعقوب تعتبر كنزا سياحيا حقيقيا، لو تمّ استغلاله بالشكل المطلوب لكانت المنطقة وجهة سياحية عالمية مُدرّة للعملة الصعبة، ولفاقت شهرتها شهرة منطقة "الحمامات" بتونس. الشركة المُسيّرة لحامات مولاي يعقوب تسمّى "صوطيرمي"، وقد بدأت مهمّتها منذ سنة 1978، قبل هذا التاريخ كان سكّان جماعة مولاي يعقوب، الذين مَلّكهم الحسن الثاني الأرض ومياهها أثناء زيارة إلى المنطقة في بداية ستّينيات القرن الماضي، هم الذين يسيّرون الحامات، ويقتسمون الأرباح حسب عدد الأسهم التي يملكها كل واحد. حينها، أيْ سنوات الستينات وإلى غاية أواخر السبعينات، كان ثمن الدخول إلى الحامة لا يتعدى "رْبعا دريال"، حسب ابن المنطقة محمد، ويُضيف أنّ شركة "صوطيرمي" لجأت إلى رفع أسعار ولوج الحامة القديمة، إلى أن بلغت 10 دراهم حاليا، وهو ما جعل البسطاء الذين كانوا يتردّدون على الحامة باستمرار يُقلّون من زيارتها، "رغم أنّ الشركة التي رفعت الأسعار لا تسخّن مياه الصهريج، ولا تزوّدها بالكبريت، كلشي من عند الله"، يقول محمد. ويضيف أنّ الشركة "كانت نقمة على مولاي يعقوب، لأنها تستنزف خيرات البلاد أُوما كاتخسر حتى درهم على مولاي يعقوب"، كما أنها لا تخلق أية مشاريع بالمنطقة، رغم الأموال الطائلة التي تجنيها، حسب تعبيره. غيْرَ أنّ المدير العامّ لشركة "صوطيرمي" محمد جنان كريم ينفي ذلك، إذ أكّد في اتصال مع "هسبريس" أنّ الشركة ضخّت في صندوق المجلس البلدي لمولاي يعقوب خلال السنة الماضية ما مجموعه مائة وستّون مليون سنتيم (1.600.000.00) ، موزّعة بين ثمن كراء الحامة القديمة والضرائب التي تدفعها الشركة لإدارة الضرائب. هذه الأموال التي تضخّها الشركة في صندوق المجلس الجماعي لمولاي يعقوب، لا أثر لها على المرافق العمومية والبنية التحتية للجماعة. محمد تحدّث بحسرة عن الوضع المزري لجماعة مولاي يعقوب قائلا إنّ سكان الجماعة يعيشون في ظروف قاهرة، لانعدام أبسط الضروريات، إذ أنّ الجماعة لا تتوفّر حتى على ثانوية، التي ظلّ السكان يطالبون بها منذ ستّينات القرن الماضي، ولا على سكن اجتماعي، كما لا تتوفر على ملعب رياضي، أو فضاءات ثقافية، ما يجعل شباب المنطقة يرزح تحت البطالة، ويتعاطى المخدرات، قبل أن يلخّص معاناة سكان المنطقة بعبارة "نحن نشعر أننا مقصيّون من خريطة الوطن". المشاكل التي تتخبّط فيها جماعة مولاي يعقوب، يوضح محمد، سبق أن اطّلع عليها عدد من قيادات حزب العدالة والتنمية يوم كان الحزب في المعارضة، أثناء زيارتهم إلى المنطقة، منهم عبد الله بوانو وعبد الإله بن كيران، والذي وقفَ على الوضع البيئي الكارثي للمنطقة، حسب تعبير المتحدث، والمتمثل في مجرى الوادي الحارّ غير المُغطى، والذي لا يبعد سوى عشرات الأمتار عن الحامّة، لكن لا شيء تغيّر. وصل بنكيران إلى رئاسة الحكومة، وظلّ حال مولاي يعقوب على حاله. من بين الأمور التي يلوم عليها أبناء مولاي يعقوب شركة "صوطيرمي"، هي أنها لا تشغّل أبناء المنطقة، حسبَ قولهم، وتعطي الأولوية ل"البراني". أحدهم قال لهسبريس، إنّ خمسة أشخاص تقدموا لشغل منصب سائق بالشركة، منهم أربعة من أبناء المنطقة والخامس من خارجها، ففضلت الشركة أن تعطي المنصب ل"البراني". طرحنا هذه القضيّة على مدير الشركة، محمد جنان كريم، وكان جوابه أنّ ما يقوله السكان بخصوص تشغيل "البراني" وإعطائه الأولوية على حساب "ولاد البلاد" غير صحيح، لأنّ الشركة، حسب قوله تشغّل حاليا 146 موظفا متعاقدين مع الشركة، إضافة إلى 100 "كسال" يتّخذون من الحامة القديمة مورد رزقهم، "إذا افترضنا أنّ كل واحد منهم يعيل أسرة من أربعة أو خمسة أفراد، فسنجد أنّ 1000 شخص من سكان مولاي يعقوب تعيش من الحامة"، يقول جنان كريم، مضيفا أنّ زوار الحامة ينشّطون الحركة الاقتصادية والتجارية بالجماعة، عبر كراء البيوت، وخلق الرواج في المقاهي والمطاعم. مدير شركة صوطيرمي أوضح أنّ الشركة وضعت ضمن استراتيجيتها المستقبلية إعطاء الأسبقية لأبناء المنطقة في التشغيل، عند تشييد المحطّة الجديدة التي ستحلّ محلّ الحامة القديمة التي سيتمّ ردمها، مع الحرص على تعويض مستخدمي الحامة المُحالين على التقاعد بأبنائهم، كما أنها وضعت ضمن أهدافها بناء حضانة للأطفال. Vichy تدخل على خطّ الاستثمار قريبا ستنْمحي الحامة القديمة لمولاي يعقوب، التي يعود تاريخها إلى عشرات العقود من الوجود. الحامة سيتمّ ردْمها وبناء حامة جديدة بالقرب منها، بشراكة مع شركة "صوطيرمي" وشركة "Vichy" الفرنسية، المتخصّصة في صناعة موادّ التجميل. مدير الحامة القديمة لمولاي يعقوب عادل السوري قال في تصريح لهسبريس إنّ دخول الشركة الفرنسية للاستثمار في مولاي يعقوب، سيعطي للمنطقة بُعْدا سياحيا دوليا، بفضل التسويق الإشهاري الذي ستقوم به الشركة الفرنسية للحامة. في المقابل يرى فاعلون جمعويون بجماعة مولاي يعقوب أنّ دخول الشركة الفرنسية على خط الاستثمار شابَتْه عدّة خروقات، منها عدم فتح طلبات عروض أمام باقي الشركات الراغبة في الاستثمار، إضافة إلى عدم إشراك المجتمع المدني في أيّ نقاش بهذا الخصوص، كما يتخوّفون من انعكاس دخول الشركة الفرنسية بشكل سلبي على الرواج الاقتصادي والتجاري للفئات الهشّة، "إذا دخلت "Vichy" فإنّها سترفع أسعار ولوج الحامة، ومن ثمّ سيقّل توافد الزوار البسطاء الذين يروّجون الحركة التجارية عليها، وسيكون لذلك تأثير سلبيّ على ساكنة المنطقة"، يقول فاعل جمعوي. ويُضيف "نحن لسنا ضد دخول شركة "Vichy"، لكن لماذا لم يُشركوا المجتمع المدني في اتخاذ هذا القرار؟ نحن ضد تهميش المجتمع المدني"، معتبرا أنّ طريقة إدارة الحامّة القديمة تتمّ بشكل عشوائي، وضرب المثل بقرار إغلاقها بالليل، بعدما كانت تعمل أربعا وعشرين ساعة على أربع وعشرين، وهو القرار الذي جاء بعد شكاية من طرف رئيس المجلس البلدي إلى الدرك الملكي بغياب الأمن، حيث اتخذ القرار في العمالة بإغلاق الحامة عند الساعة الثانية عشر ليلا، وهو ما أفضى، حسب قوله، إلى ركود الحركة التجارية بمحيط الحامة. وفي انتظار ردْم الحامة القديمة البئيسة وبناء حامة جديدة محلّها، ودخول شركة "Vichy" الفرنسية للاستثمار فيها، تظلّ انتظارات سكان جماعة مولاي يعقوب الكبيرة، والبسيطة في آن معلّقة، بعدما تعِبُوا من إرسال الرسائل إلى كلّ الجهات، وتعبوا من الاحتجاج على أوضاع جماعتهم المزرية، آملين أن تجد مطالبهم طريقا إلى آذان صاغية هناك، في العاصمة الرباط، يقدر أصحابها على إرغام مسؤولي الجماعة بالتحرّك، لإخراجها من حالة البؤس والاهمال الذي ترزح تحتهما منذ الاستقلال، وما تزال إلى الآن.