بين أحضان مشاهد طبيعية خلابة، وسط هضاب وتلال وعرة المسالك، اكتشفت حامة مولاي يعقوب عام 1900 على بعد 22 كيلومتراً شمال غرب مدينة فاس في المملكة المغربية. وتم تجهيزها عام 1965، وتعتبر من أهم الحامات المغربية بفضل مكوناتها المعدنية وحرارة مياهها وصبيبها ومزاياها العلاجية. الحامات منابع للمياه المعدنية الحارة، ويعتبر العلاج فيها من العادات المترسخة في العرف المغربي. ويحج الناس إلى هذه الحامة للتبرك من الولي مولاي يعقوب، وللاستشفاء من الأمراض المستعصية، حيث يردد السابحون لازمة داخل الصهريج الساخن "بارد واسخون آمولاي يعقوب". تنبع مياه الحامة من عمق يصل الى 1500 متر، وتبلغ حرارتها 54 درجة مائوية. وهي تحتوي على الأملاح المعدنية المكبرتة والمحملة بالكلور والصوديوم والكلسيوم والمغنيزيوم بنسبة 30 غراماً في الليتر، وترتفع نسبة الكبريت إلى 33 مليغراماً في اللتر. وشبهها أحمد العكاري، المسؤول في الحامة، بماء البحر لكنها ساخنة ومكبرتة. تنقسم مولاي يعقوب إلى حامة تقليدية وحامة عصرية. في الأولى ثلاثة مسابح للعلاجات الاستشفائية، تستقبل ما يناهز مليون زائر سنوياً بمعدل 2800 زائر في اليوم، وصولاً إلى 4000 يومياً في فصل الصيف. أما الحامة العصرية فهي بمثابة مؤسسة طبية حرارية تحوي قاعات مخصصة للتريض والتدليك والحمام البخاري وفق معايير استشفائية دولية. وهي تمتد على مساحة ثمانية هكتارات (80 ألف متر مربع)، منها 6100 متر مربع مبنية. وتحوي ثلاثة فضاءات للراحة والمعالجة الفيزيائية، وفضاء للتجميل، وفضاء طبياً يقدم معالجة تحت إشراف أطباء مختصين تدوم بين أسبوع وثلاثة أسابيع، لمعالجة بعض الأمراض المزمنة مثل الروماتيزم وأمراض الحنجرة والأنف والأذن والأمراض الجلدية. وأنجزت شركة "سوتيرمي" التابعة لصندوق الايداع والتدبير والمكلفة بتسيير حامة مولاي يعقوب، بالتعاون مع كلية الطب ومركز الحسن الثاني الاستشفائي الجامعي في فاس، دراسة عن سبل الانتفاع بالحامة في مجالات علاج الروماتيزم، فضلاً عن الآثار الإيجابية على صحة المصابين بالاعتلال المفصلي للركبة، من قبيل انخفاض الآلام وإطالة مسافات المشي وتحسن جودة الحياة. ورصد كل من المغرب والأردن استثماراً بقيمة 150 مليون دولار لتأهيل حامة مولاي يعقوب. ويروم هذا المشروع، الذي سينجز بفضل اتفاقية الشراكة الاستراتيجية بين الشركة الأردنية "موارد" وصندوق الايداع والتدبير المغربي، توسيع فضاءات الحامة وترشيد مواردها المائية وجعلها وجهة سياحية بيئية.