مصيبة وعار.. حين يصبح التسول صفة من صفات المدن المغربية عند المواطنين والسياح. وأمر مخجل حين يصبح الباعة المتجولون ندا للشرطة يبتدئون يومهم بالمناقرة والتوسل وينهونه بالصراخ.. أصبحنا نمر من قلب العواصم والمدن السياحية، في الأسواق وأمام المقاهي والمحلات التجارية، نرى من الغرابة والعجب ما أصبح مع العادة يبدو عاديا لا يدعو للاستغراب. نرى أما تحمل طفلا رضيعا بحجم قبضة اليد، نائما أو ترضعه بثدي عاري أمام العالم، تتسول به، بوجهه البريئ وعينيه المغمضتين، درهما ودرهمين، بدأ الدنيا بين ذراعي المذلة فكيف ينهيها يا ترى! نمر جنب شاب رجله منفوخة بحجم كرة اليد، عليها بقع، وعليها حب كالزبيب، يمددها في طريق المتجولين وهم يشترون ما لذ وطاب من الأكل والشراب، وهو على تلك الحالة لا يذهب إلى مستشفى ولا يموت ولا يحيى، منظر مروع تشمئز وترق له الألباب! نشاهد فتاة صغيرة في زهرة الصبا، مصابة ببرص أو عاهة، تهتك بالقرآن قراءة، تتسول بآيات تحرفها وتشوهها خبزا وتمرا وما جادت به أيدي من انتبه إلى وجودها. ولا أحد، لا أحد، يتحدث عنهم، أو يتحدث إليهم، أو ينهاهم أو ينصح لهم أو يساعدهم، وكأنهم عمدا جزء لا يتجزأ من طبقية الدولة المغربية. . وفي المقابل، نرى الباعة المتجولين الذين اختاروا كسب قوت العيش من عرق جبينهم، دون مد يد الحاجة والطلب إلا إلى الرزاق الوهاب، يُحارَبون، ويهددون، ويُهزء بهم، ويسخر منهم، وتجمع الشرطة سلعهم، وترمي السلطة بعرق جبينهم وتدعسه أرجل الأمن عوض أن تحميهم وتسخر لهم المكان والزمان والقانون ليؤدوا عملهم، ويتاجروا ويبيعوا ويشتروا ويجنوا المال من حلال ويزيحوا عن المغرب سمعة بلغت شمال الأرض وجنوبها على أنه بلد "السعاية" والتسول!! عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: إن ناساً من الأنصار سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاهم، ثم سألوه فأعطاهم، حتى إذا نفد ما عنده قال: "ما يكون عندي من خير فلن أدخره عنكم، ومن يستعف يعفه الله، ومن يستغنٍ يغنه الله، ومن يتصبّر يصبّره الله، وما أعطي أحد من عطاء أوسع من الصبر". هؤلاء الذين يعملون كباعة يتجلون لكسب دراهم معدودة يتقاتلون صباح مساء مع الدولة وأمنها لأجل العمل، هم حقيقة من يستحق المعونة والمساعدة، يقول فيهم تعالى: "للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضربا في الأرض يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم. لا يسألون الناس إلحافا. وما تنفقوا من خير فإن الله به عليم". برلمان رمضان يطالب الحكومة بمحاربة التسول وجمع المتسولين إلى خيريات أو مستشفيات أو إصلاحيات، كل حسب ظروفه، يتامى أو متشردين كانوا، أم مرضى ومعاقين، أم مدمنين.. وأن تقنن ظروف الباعة المتجولين عوض محاربتهم. فعكس ما تقوم به الدولة بالعكس، والعكس صحيح! www.facebook.com/elMayssa