أَبَت إلاَّ أن تُهدي المغاربة جائزة عالمية للتجويد بمناسبة شهر القرآن رمضان. لتكون بذلك ثاني مغربية وعربية، بعد حسناء الخولالي، تفوز بهذه الجائزة في تاريخ المسابقة الماليزية العالمية التي وصلت إلى السنة ال55 من عمرها. هاجر بوساق، ذات 21 ربيعا، الطالبة بالسنة الأولى شعبة " Maths- informatique" بكلية العلوم بالرباط، والحاصلة سالفا على جائزة مواهب تجويد القرآن الكريم التي تنظمها القناة الثانية لسنتي 2005/2006، فضلا عن المرتبة الأولى في مسابقة محمد السادس الوطنية في الطريقة المشرقية خلال نفس السنة، ثم فوزها بجائزة محمد السادس الدولية في الحفظ والتجويد سنة 2009، بالإضافة إلى مشاركات في أمسيات ومهرجانات قرآنية عديدة. قضت هاجر قرابة 3 سنوات في جمهورية مصر العربية بلد زوجها السابق أحمد محمد حسان الذي انفصلت انفصالها عنه لأسباب رفضت الإفصاح عنها، منقطعة بذلك عن المسابقات، لتعود بعدها إلى وطنها المغرب وتُؤكد كفاءتها وحرصها على أن يسير ابنها الصغير محمد على دربها في حمل راية القرآن. حوار جريدة هسبريس الإلكترونية مع هاجر بوساق، كان فرصة لهذه الأخيرة حتى تتقدم بشكر الملك محمد السادس على برقية التهنئة، وعلى الكلمة الرقيقة التي وجهها إليها ودعواته لها وتشْجيعه بالقول" تستحقين الجائزة وأنت شرف لنا"، لتقول "الحقيقة أنه شرف لي أن أحظى بعناية الملك ودعوات المغاربة وأرجو أن أكون عند حسن ظنهم جميعا وللأمة الإسلامية جمعاء". شاهد المغاربة لحظة تسلمك الجائزة من ملكة ماليزيا، صفي لنا شعورك ساعتها. سبق لي أن مثلت المغرب في مسابقات دولية حيث شاركت في مسابقة محمد السادس الدولية للقرآن الكريم بمشاركة خمسين دولة نساء ورجالا، إلا أنها كانت داخل أرض الوطن. وحقيقة مسألة تمثيل المغرب خارج أرض الوطن تبقى لها هيبتها ومسؤوليتها التي جعلتني أسْتحضِر تمثيل بلدي وتقديم صورة عنه انطلاقا من أخلاقياتي وتعاملي وثقافتي المغربية بغضِّ النظر عن المسابقة إجمالا، حاولت فعلا أن أعكس صورة المغرب الجميل وأسأل الله تعالى أن أكون قد وُفِّقت في ذلك. وبشهادة المختصين كانت دورة هذه السنة الأصعب من نوعها على الإطلاق، نظرا لحرارة المنافسة جراء مشاركة أسماء وازنة ومشهورة في سماء التجويد من مصر وماليزيا والتايلاند والحائزون على جوائز دولية وعالمية. إلا أني حاولت من جهتي الإلمام بشروط المسابقة من ضبط للمقامات والتجويد والأحكام وغيرها. كنت تتوقعين فوزك بالمرتبة الأولى وسط هؤلاء النجوم؟ ما كنت أظن أنني سأنال المرتبة الأولى صراحة، بالرغم من شهادات الثناء والتزكية من طرف لجنة الحَكَم وعموم المتسابقين، حيث عشت لحظات توتر قبل الإعلان عن اسمي خُصوصا مع حُضور السفير المغربي لحفل النتائج. فَرحت كثيرا بفوزي واعتبرته احتفاءً بالقرآن الكريم، وأتمنى أن تزيد درجة الاعتناء به في جميع الدول الإسلامية، وأحمد الله أن مساجد المملكة المغربية ربما هي الوحيدة التي يُقرؤُ فيها وِردٌ قارٌّ يوميا إضافة إلى مسابقات وطنية ودولية. وهي مناسبة أشكر خلالها محمد السادس على اعتنائه بالقرآن وأهلِه بالمغرب، فلولا اهتمامه ورعايته للأمر لما مارسنا شعائرنا بكل أريحية ولما توجهنا إلى دور القرآن للحفظ القرآن وتجويده، فحفظ المغرب للقرآن الكريم سببٌ في حفظ الله تعالى للمغرب من كل سوء. هل من مغاربة آخرين شاركوا في ذات المسابقة؟ ذَهبتُ إلى ماليزيا برفقة القارئ سيدي محمد القصطالي ممثل المغرب في صنف الرجال والذي حصل على المرتبة السادسة، ولولا مرضُه لحصل على المراتب الأولى، فقد تأثَّرت أصواتنا كثيرا بالمكيفات الهوائية إضافة إلى إصابتنا بتسمم غذائي، فالقارئ القصطالي أصيب بالمرض يوم المسابقة تحديدا، أما أنا فقد مرضت قبل المسابقة ودخلت غِمارها وقد أخذت حُقَنا وأدوية كثيرة. متى أتْمَمتِ حفظ القرآن الكريم؟ أتممته في سن الخامس عشرة وزُكِّيت من دار القرآن التي كنت أدرس بها، وكنت قد بدأت حفظه في سن الثامنة، وأرى أن الفضل من بعد الله سبحانه وتعالى يعود إلى أمي التي وجهتني إلى سلك هذا الطريق. وحبَّبتني في حفظه ولم أحس أبدا بأني مُرغَمة عليه بسبب الطرق التربوية والإغرائية (ضاحكة) التي كانت تستعملها معي وأنا طفلة، فكنت أستيقظ في السادسة صباحا لأتوجه إلى دار القرآن الحاج البشير في مدينة تمارة بكل حب ورغبة. ومن منبركم أتوجَّه بالشكر لكل أساتذتي وكل من ثبَّتني على طريق القرآن بالرغم من الإغراءات المُحيطة. كيف هي علاقتك مع دار القرآن آنا؟ غادرت دار القرآن في سن الرابعة عشرة لأكمل الحفظ كاملا خارج دار القرآن، كما كنت أتوقف استعدادا للمسابقات الوطنية أو الدولية، صحيح أنني تعلمت أشياء كثيرة في دار القرآن لكني حاولت الاعتماد على نفسي في تعلم أشياء أخرى وبدأت رحلة التعلم على يد القارئ الكنتاوي والأستاذ عطفاي وآخرون، وعند ذهابي إلى مصر حاولت الاحتكاك مع مقرئين وشيوخ مصريين من أجل التعلم منهم، فالتقيت الشيخ الشحات وآخرين. لماذا هذا الانقطاع عن المسابقات طيلة سنتين؟ مدة زواجي السابق من ابن الشيخ محمد حسان والذي اضطررت معه إلى مغادرة المغرب جعلتني أغيب عن المسابقات الوطنية، ولا مسابقات نسائية في حفظ وتجويد القرآن الكريم بمصر. أرى أن طلاقك لم يؤثر على طموحاتك، ما السر وراء ذلك؟ أناس كثيرون يعتقدون أن الطلاق عنوان فشل المرأة، وأنا أرى فيه حافزا وقوة، فقبل زواجي كنت أنال جوائز وطنية أتسلمها من بين يدي الملك محمد السادس، وأعتقد أن فوزي الحالي بجائزة دولية كان نتيجة ارتباطي الوثيق بالقرآن الكريم بالرغم من مشاكلي وطلاقي. ما القراءات التي تتقنين؟ أتقن القراءة بورش وأسعى إلى ختم القرآن بالقراءات العشر. ماذا تتمنى هاجر بوساق؟ أتمنى إنشاء دار قرآن خاصة بي تكون مَحجَّا لتحفيظ وتعليم قواعد التجويد للنساء فقط، ف"خيركم من تعلم القرآن وعلمه" كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم، وحاليا أعمل على تأطير ثلاث مجموعات نسائية أولاهن تتكون من دكتورات وثانية تتكون من نساء نحسبهن على خير وثالثة من عموم النساء. حيث أسعى إلى تطوير هذه المجموعات لتشمل مؤسسة كبرى لها ذات الأهداف. أكيد أن القرآن يتَفلَّت من الصدر، فكيف تُحافظين عليه من النسيان؟ عند عدم مراجعة القرآن فالأكيد أنه سينسى، وأدعو الله أن يجعل القرآن في قلبي وليس في صوتي، حيث أحرص على مُراجَعته بشكل يومي بعد صلاة الفجر. من هم الشيوخ والقراء الذين تأثرت بقراءاتهم؟ أومن بمقولة "لن تكون قارئا مجيدا حتى تتعود الإصغاء الجيد"، فكثرة السماع للمشايخ تعطي القارئ الخبرة حتى يُطوِّر طريقته الخاصة في القراءة، حتى يستطيع الآخرون التمييز بين قراءة حسناء الخولالي وهاجر بوساق والقارئ الفلاني، وأنا أحب الاستماع للشيخ محمد عمران والشيخ محمود الشحات والشيخ محمد رفعت والشيخ المنشاوي وعبد الباسط وغيرهم، وبخصوص المغاربة فأستمع لكل من الكوشي والكنتاوي وعمر القزابري وهشام العظيم وآخرون كُثُر. وأرى أن المغرب يمتلك قدرات هائلة جدا ومُقرِئين موهوبين وأكفاء وللأسف غير معروفين ولا يماط اللثام عنهم. ونحن نعيش أوائل أيام رمضان، ماذا تقولين للمغاربة عبر "هسبريس"؟ أوصي المغاربة أن يتصالحوا في هذا الشهر المبارك مع القرآن الكريم، فالمغرب كما وسبق لي القول محفوظ بالقرآن فلنحافظ عليه أكثر بحفظنا وتعاملنا اليومي مع القرآن قراءة وحفظا وتدبرا، والمغرب يعرف إقبالا كبيرا لمواطنيه على القرآن تعلما وحفظا. فهو مداوي الروح والأحزان والهموم، فالراحة كل الراحة سيجدها المغاربة في القرآن، وتجربتي الشخصية مع الطلاق جعلتني أحس جميع هاته المعاني.