بالنسبة للمغربيتين هاجر بوساق وأمينة كرم، سنة 2013 ليست عادية على الإطلاق، ففيها عانقا معا نجومية بطعم خاص، الأولى في سماء تلاوة القرآن الكريم وتجويده، والثانية بين كواكب الإنشاد الطفولي المتألقة في العالم العربي والإسلامي. وفي السنة التي نودعها كتبتا اسمهما من ذهب في أذهان المغاربة على الخصوص، صغارا وكبارا. هاجر بوساق.. أيقونة القرآن الكريم عام 2013 ودخلت هاجر بوساق، ابنة العاصمة الرباط، تاريخ حفظ القرآن الكريم وتجويده من بابه الواسع، حينما أحرزت خلال سنة 2013 على المركز الأول في الدورة العاشرة من المسابقة العالمية لحفظ وتجويد القرآن الكريم بماليزيا، وهي التي اعتادت أن تخطف المركز ذاته في كل المسابقات الوطنية التي شاركت فيها. بوساق، المزدادة عام 1992، تتنفس القرآن الكريم ووهبته حياتها، فما أن بلغت من السن ثمانية حتى انخرطت في صفوف من يودون حفظ القرآن الكريم وإتقان تجويده، فالتحقت بدار القرآن الحاج البشير لتحفيظ القرآن الكريم ونشر علومه بمدينة تمارة، وتستيقظ لأجل كتاب الله في ساعات مبكرة من الصباح، ليثمر صبرها لمدة ست سنوات حفظ القرآن الكريم كاملا وتزكية تجويده. قرأت هاجر أمام جمهور عريض بمسرح محمد الخامس، ولم يكن عمرها قد تجاوز بعد عشر سنين، وكانت حينها خائفة وجلة لأنه لم يسبق لها أن قرأت أمام مثل ذلك الحشد الكبير. والتحقت بوساق، في سن الخامسة عشر بدار القرآن الحاج الريفي، التي يرأسها الشيخ القارئ عبد الفتاح الفريسي، وهو من هو، وتتلمذت على يديه في علم التجويد والدراسات القرآنية، وأيضا في العلوم الشرعية، وتعلم القرآن الكريم للأطفال الصغار. بوساق، صاحبة الباكالوريا في العلوم الرياضية والطالبة بشعبة "رياضيات الإعلاميات" بكلية العلوم بالرباط، شاركت في عدة مسابقات بالمؤسسات التعليمية عبر مراحلها التعليمية والبعض الآخر في المساجد وكانت تحصد دائما الجوائز الأولى، قبل أن تتوج بالمركز الأول في مواهب في تجويد القرآن الكريم التي تنظمها القناة الثانية عام 2005، ثم المرتبة الأولى في مسابقة محمد السادس الوطنية في الطريقة المشرقية سنة 2006، وبعدها جائزة محمد السادس الدولية في الحفظ والتجويد سنة 2009، وأخيرا وليس آخرا الجائزة العالمية للقرآن الكريم بماليزيا. أمينة كرم.. الطفلة التي حلقت إلى العالمية عام 2013 ودخلت الطفلة المغربية، أمينة كرم، نجومية من نوع آخر، كانت حكرا على أطفال الخليج العربي، والمشرق والشام، وأثبتت أن الأطفال المغاربة بجعبتهم الكثير من المواهب تنتظر الفرصة المواتية لتتفتق. وتمكنت بذلك من أن تختطف مساحة كبيرة في قلوب الأطفال المغاربة على الخصوص، والأطفال العرب والمسلمين عموما. ولم تكن أمينة كرم تعتقد أن بدخولها للمشاركة في الدورة الثانية من مسابقة "صوتك كنز"، التي تنظمها قناة الأطفال الأكثر متابعة عربيا، قد وضعت الخطوة الأولى في درب نجومية الإنشاد للطفل العربي والمسلم، بعدما لم يكتب لها المشاركة في الطبعة الأولى من المسابقة التي لم تُدخل "طيور الجنة" أصلا المنطقة المغاربية في جولتها. وأدهشت أمينة للوهلة الأولى لجنة التحكيم، التي كانت تضم حينها نجوم قناة طيور الجنة عمر الصعيدي، محمد بشار وبلال الكبيسي، عبر أدائها المتميز بصوتها الطفولي الدافئ لنشيد "أن تدخلني ربي الجنة"، قبل أن تحسم بالدارالبيضاء تمثيل المغرب في المسابقة عبر نشيد "بالسلامة حبيبي يا بابا". واستمر تألق ابنة الدارالبيضاء بمقر قناة "طيور الجنة" بالعاصمة اللبنانية بيروت، وانتقلت في سلم "صوتك كنز" خطوة خطوة، بينما بدأت ممثلات الدول العربية الأخرى تتساقط واحدة تلو الأخرى، إلى أن خلى بلاطو المنافسة على اللقب لها ولآمنة السامعي، ممثل اليمن، في البرايم النهائي. أمينة كرم، ابنة ال 13 ربيعا، تمكنت من أن تأسر قلوب الأطفال العرب والمسلمين في مختلف ربوع الوطن العربي، وصوتوا لها بكثافة لتتوج بلقب يتمناه أي طفل منشد، وتذرف دموعا حارقة من الفرح طبعا. وظهرت سفيرة الإنشاد الطفولي المغربي حديثا على قناة طيور الجنة عبر نشيد "الفياشية" التراثي، الذي يحفظه المغاربة كبيرهم وصغيرهم، لتعممه في الوطن العربي ويردده الكبير والصغير هناك أيضا، في انتظار أعمال أخرى تنقش به إسمها عميقا في وجدان الطفل العربي والمسلم. هكذا ضربت سنة 2013 لهاجر بوساق وأمينة كرم موعدا مع التاريخ والنجومية، وهكذا مثلتا المغاربة أشرف تمثيل، ورفعتا راية المغرب عاليا جدا في سماء حفظ وتجويد القرآن الكريم والإنشاد الطفولي.