بعد "هدنة دبلوماسية" بين البلدين عادت وزيرة الشؤون الخارجية والاتحاد الأوروبي والتعاون الإسبانية، أرانشا غونزاليس لايا، لتصب الزيت على نار التصعيد بين الرباطومدريد؛ في وقت تتعالى فيه أصوات إسبانية بضرورة تقديم استقالتها لفشلها في تدبير السياسة الخارجية؛ خصوصا في العلاقة مع المغرب. وقالت أرانشا غونزاليس لايا في تصريح جديد مستفز، اليوم الأربعاء أمام البرلمان، إن "موقف إسبانيا من نزاع الصحراء لم يتغير مع هذه الحكومة الائتلافية التي يقودها بيدرو سانشيز ولن يتغير في المستقبل"، وفق تعبيرها. وأوضحت المسؤولة الحكومية ذاتها أن موقف مدريد من قضية الصحراء هو "سياسة دولة، ولهذا فهو ثابت، وهذه الحكومة لم تغيره، وبصراحة لن تغيره؛ لأنها ترتكز على مبادئ غير قابلة للتجزئة، مثل الدفاع عن التعددية واحترام الشرعية الدولية، وهما ركيزتا العمل الدبلوماسي". وأضافت الوزيرة، في جوابها عن سؤال برلماني، أن "ما مجموعه 8 مجموعات برلمانية، بما في ذلك الحزب الشعبي، وافقت في مجلس الشيوخ خلال شهر مارس الماضي على قرار طُلب فيه من الحكومة دعم وتسهيل حل سياسي لنزاع الصحراء في الأممالمتحدة والاتحاد الأوروبي وبقية المنظمات الدولية، وفقا للقانون الدولي وقرارات الأممالمتحدة". وقطعت أرانشا غونزاليس لايا الشك باليقين بخصوص أي احتمال لمراجعة مدريد موقفها من نزاع الصحراء المغربية كما تطالب الرباط بذلك، وأوردت أن "موقف إسبانيا لا يختلف في أي شيء عما تنص عليه قرارات الأممالمتحدة"، وتجاهلت اعتراف الولاياتالمتحدةالأمريكية بسيادة المغرب على الصحراء. وأشارت وزيرة الشؤون الخارجية والاتحاد الأوروبي والتعاون الإسبانية إلى الجهود التي يبذلها أنطونيو غوتيريس، الأمين العام لمنظمة الأممالمتحدة، لبحث حل لنزاع الصحراء، وفقا للقرارات الأممية ذات الصلة. وانتقد نواب إسبان، خلال جلسة مساءلة وزيرة الشؤون الخارجية والاتحاد الأوروبي والتعاون الإسبانية الخارجية اليوم بالبرلمان، طريقة تدبير أرانشا غونزاليس لايا للأزمة القائمة مع المغرب، واستنكروا عدم مبادرة المسؤولة الحكومية ذاتها إلى القيام باتصالات مع الجانب المغربي لإنهاء الأزمة مع بلد جار. ووجهت فاليتينا مارتينيز فيرو، النائبة البرلمانية المتحدثة باسم السياسة الخارجية للحزب الشعبي المعارض في إسبانيا، انتقادات شديدة إلى حكومة سانشيز، معتبرة أن وزيرة الخارجية "أضعفت من مصداقية الدبلوماسية الإسبانية وحولتها إلى نقطة ضعف"، مضيفة أنه "لهذا السبب لم تحصل إسبانيا على دعم المجلس الأوروبي في الأزمة مع المغرب، كما يستمر الرئيس الأمريكي بايدن في تجاهل بيدرو سانشيز دون اتصال به". وأضافت النائبة البرلمانية ذاتها أن "إسبانيا بحاجة إلى حكومة تتمتع بالمصداقية والثقة والاحترام داخل حدودنا وخارجها، وهذا لا يتحقق بالكذب". وكانت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج أكدت، في تصريح صحافي، أن المغرب لا يرى في مثول أو عدم مثول إبراهيم غالي، زعيم "البوليساريو"، في فاتح يونيو الجاري أمام المحكمة العليا الإسبانية أساس الأزمة الخطيرة التي تعصف حاليا بالعلاقات بين البلدين الجارين. وقالت الخارجية المغربية، في تصريحها، إن "جذور المشكلة في الواقع تتمثل في الثقة التي انهارت بين الشريكين"، مردفة أن "الأصول الحقيقية للأزمة تعود إلى الدوافع والمواقف العدائية لإسبانيا في ما يتعلق بقضية الصحراء المغربية، وهي قضية مقدسة عند المغاربة قاطبة". وشددت الوزارة ذاتها على أن هذه الأزمة "غير مرتبطة باعتقال شخص أو عدم اعتقاله"، مشيرة إلى أنها "لم تبدأ مع تهريب المتهم إلى الأراضي الإسبانية، ولن تنتهي برحيله عنها؛ الأمر يتعلق بثقة واحترام متبادل جرى العبث بهما وتحطيمهما، إنه اختبار لمصداقية الشراكة بين المغرب وإسبانيا".