كشفت دراسة رسمية أن حوالي 45 في المائة من المغاربة يعتبرون أنفسهم فقراء، بمقياس الفقر الذاتي في سنة 2019. وتصل نسبة الفقر الذاتي في الوسط الحضري إلى 38,6 في المائة، وترتفع إلى ما يناهز 58,4 في المائة في الوسط القروي. والفقر الذاتي هو قياس الفقر الذي يتم الإحساس به، حيث يتم تصنيف الأسر حسب اعتبارها الذاتي وتصورها لمستوى عيشها ووضعها الاجتماعي. جاءت هذه المعطيات ضمن الدراسة التي قدمها المرصد الوطني للتنمية البشرية تحت عنوان "دينامية الفقر في المغرب"، اليوم الثلاثاء، بحضور كاتبه العام حسن المنصوري، وممثلي القطاعات الوزارية ووكالات الأممالمتحدة والتعاون الدولي والمجتمع المدني. والمرصد الوطني للتنمية البشرية عبارة عن مؤسسة استشارية مستقلة تتمثل مهمتها في تحليل وتقييم وقع مشاريع وبرامج التنمية البشرية، وهي تابعة لرئاسة الحكومة. وبحسب نتائج الدراسة، يمس الفقر الذاتي جميع الطبقات في المغرب لكن بمستويات مختلفة، وتطوره هو بمثابة مؤشر على انتشار التفاوتات الاجتماعية وانعدام الثقة والتعبير عن احتياجات جديدة. وجاء في الدراسة أن تحليل البيانات المتضمنة في البحوث الخمسة حول الأسر التي أجراها المرصد ما بين 2012 و2019، أظهر أن معدل الفقر المطلق انخفض بشكل حاد منذ سنة 2001 ليمثل فقط 1,2 في المائة سنة 2019. ويعبر الفقر المطلق عن عدم أو بالكاد تلبية الحد الأدنى من الاحتياجات الأساسية الضرورية لاستمرار حياة الإنسان. وعليه، يعتبر فقراء حسب هذا المفهوم الأشخاص الذين لا يتوفرون على الموارد الكافية لتلبية حاجياتهم الغذائية وغير الغذائية الضرورية. أما معدل الفقر النسبي، فقد أشارت الدراسة إلى أنه انخفض بين عامي 2001 و2019 من 20,4 في المائة إلى 17,7 في المائة، لكنه ما يزال مرتفعا، خصوصا في المناطق القروية حيث وصل إلى 36,8 في المائة في سنة 2019. ويقصد بالفقر النسبي، وفق تعريف المرصد، نسبة الأفراد الذين يقل متوسط إنفاقهم عام 2019 عن 14667 درهما للفرد في السنة. وأوضحت الدراسة أن 48,5 في المائة من السكان عاشوا على الأقل مرة واحدة تجربة الفقر ما بين 2012 و2019، كما أن 18,2 في المائة من الأفراد كانوا خلال الفترة نفسها في وضع فقر مزمن، وهي وضعية تعني الفرد الذي وقع في براثن الفقر ثلاث مرات على الأقل خلال الفترة سالفة الذكر. أما معدل الفقر العابر، ويعني الوقوع في الفقر مرة أو مرتين ما بين 2012 و2019، فقد أثر على حوالي 30,3 في المائة من الأفراد على المستوى الوطني، وبلغ هذا المعدل في المدن إلى حوالي 21,9 في المائة، وحوالي 41,3 في المائة في القرى. وخلصت الدراسة إلى أن الفقر ظاهرة معقدة للغاية تستدعي استخدام مقاربات طولية (approches longitudinales)، أي دراسة تأثير عوامل ومتغيرات معينة وبشكل متكرر خلال فترة زمنية طويلة. وتتمثل مخاطر السقوط في براثن الفقر، وفق ما أورده المرصد، في عوامل عدة، منها البطالة وضعف مستوى التعليم، سواء للفرد أو رب الأسرة التي ينتمي إليها الفرد، إضافة إلى التركيب الديمغرافي للأسرة. ودعا المرصد الوطني للتنمية للبشرية في هذا الصدد إلى اعتماد استراتيجيات الاستهداف الفردي في إطار برامج محاربة الفقر على أساس السجل الاجتماعي الموحد الذي سيتم تغذيته بالبيانات المحدثة بانتظام.