لا أحد منا يختلف على أن "مرسي" الشخص هو رجل بسيط طيب، لابد انضم لجماعة "الإخوان المسلمين" مثل أغلب المنضمين للجماعات الإسلامية عالميا، حين يجد المومن نفسه وسط مجتمع من العصاة والضالين والمنافقين العلمانيين والملحدين الذين يعترفون بكرههم للدين، فيبحث في أسرته فلا يجد مع من يصبر نفسه، ولا من أصحابه إلا الذين أغفل الله قلوبهم عن ذكره فاتبعوا أهواءهم، فيجد من يعرض عليه الانضمام إلى جمع مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي، ولا يكون ذلك الجمع إلا جماعة. ولابد أنه حين انقلب الشعب في الثورة الأولى على النظام، كان "مرسي" من بين أفراد الجماعة الأتقى بسجلات هي الأنقى، فرشحوه وبه كان. سنة من المعافرة مع الرأسمالية العظمى، أمام اللوبيات الخليجية والأمريكية والأوروبية، لم يجد مرسي إلا "إيران"، ولم تكن "إيران" البلد المساعد بقدر ما كان البلد المستغل للفرصة لنشر التشيع في مصر وما جورها من بلدان. "مرسي" لم يقدر على أمر الاقتصاد وشعبه ينتظر منه إخراجه من الكساد، والفقر يحيط به واللوبيات تراقبه تنتظر سقوطه لترقص على فشله.. وما كان له إلا أن فشل، فلا شعبه بالصين الذي سيشتغل ليحقق الاكتفاء الذاتي، ولا أرضه بترول يقدر به أن يتاجر مع الخليج الفاشي، ولا وجد سيولة يحرك بها الاقتصاد الداخلي، ولا عنده أجندة أردوغانية يتدافع بها مع القروض الربوية للبنك الدولي. فسقط. سقوط مرسي فيه ثلاثة أمور: أولا سقوط الجماعة ثانيا سقوط رئيس انتخب بشرعية الصناديق وبالتالي سقوط الديمقراطية ثالثا محاربة الإسلام. لن يختلف معنا على الثالثة (محاربة الإسلام) : إلا علماني أو ملحد، فكل المسلمين المومنين يقرون بآية: "إن الحكم إلا لله"، وبالتالي فتضامننا مطلق لا مشروط. ولن يختلف على الثانية (سقوط الديمقراطية) : إلا منافق يستعمل الديمقراطية كمفهوم عام حين تكون الغالبية من الشعب علمانية، ويستعمل الديمقراطية كمفهوم يستهدف حقوق الأقلية حين تكون الغالبية من الشعب مسلمين. وسنختلف على الثالثة (سقوط الجماعة) : لأني شخصيا ضد مبدأ الجماعة الإسلامية داخل دولة شعبها هو جماعة المسلمين، وضد حكم المرشد العام فوق حكم حاكم يطبق الدين، وعموما ضد كل تنظيمات وألقاب التمييز والتقسيم. هذا لا يجعلني لا أتضامن مع الأمة على أن إسقاط "مرسي" كان إسقاطا لدولة الدين وتآمرا على الإسلام من طرف لوبيات الرأسمالية العالمية في سبيل إقامة دولة مدنية تقترض وترابي وتطبع مع إسرائيل ضد فلسطين. كيف لا نفكر في المؤامرة ونحن نرى كل القوى الرأسمالية اتحدت ضده، وكل الدول التابعة للقوى الرأسمالية هنأت بسقوطه، والكل فرح بسقوط نظام اقتصادي كان سيقف عقبة في طريق الليبرالية والأسواق الاستهلاكية الحرة التي تحول الشعوب إلى عبيد من المستهلكين. ألا نلاحظ أنه منذ بداية الثورات: تسقط الحكومات وتنهار المؤسسات، وتهتز الجيوش وتفتن الشعوب وتخرب البيوت، والرأسماليون ثابتون بأرصدتهم البنكية وشركاتهم العالمية يا جبل ما يهزك ريح! ألم نلاحظ كيف بدأت المعونات المالية تهل على مصر وكأن بوابة علي بابا انفتحت، ألم نرى الكم الهائل المعروض من الاستثمار، أهل هو استثمار أو فرح بزوال نظام كان يعادي الاستعمار، بكل أشكاله، المباشرة منها.. وغير المباشرة!! كيف لا نكون ضد سقوطه ونحن نرى المذيعة تزغرد وتقول: "الفن مش حرام.. الغنى مش حرام.. طبلي يا مصر.. أرقصي يا مصر؟!!"، نعم طبلي يا مصر، أرقصي يا مصر، شيّشي يا مصر، اتحشّشي يا مصر! أليس لأجل الفن أسقطوا الدين.. اتعري يا إلهام شاهين..! طبعا مؤامرة. فإن كان الشعب أخرج بالثورة الأولى مصر من ظلم النظام، هاهم الإعلاميون والفنانون يخرجون بالثورة الثانية من مصر الإسلام!!! فهل الديمقراطية اليوم هي أن تجعل الفنانين من المقدسات، هل الديمقراطية هي أن تجعل العدل مقياسه الحريات، هل الديمقراطية هي أن تتبع أهواء الناس، هل صار الدين ملحقا والكفر في البلد هو الأساس؟ حتى لو اختلفنا على مبدأ الجماعة وحكم المرشد العام، أليس مرسي خير من "بردعة" الأمريكان؟ يقول سيدنا عمر ابن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه: "ليس العاقل من عرف الخير من الشر، وإنما من عرف خير الشّرين". إن قبلت الحكومات المصابة بداء التبعية للرأسمالية الغربية ما حدث في مصر وسمته ثورة، فالشعوب كلها رأته بأم أعينها انقلابا.. ورأينا كيف تحول الولاء إلى خديعة ممن كانوا بالأمس حماة فأصبحوا في ساعة للأمريكان كلابا! وإن كان الشعب ثار لشدة الفقر والحاجة فليتذكر أنه كلما ترك الناس شيئا من أمر دينهم لاستصلاح دنياهم، إلا فتح الله عليهم ما هو أضر منه. نطلب لأهل مصر من المومنين النصرة، ونسأل الله لمصر الاستقرار وأن يعز الله المسلمين ويذل المخادعين ويدمر أعداء الدين إنه ولي ذلك والقادر عليه. www.facebook.com/elMayssa