من مقامات مفجوع الزمان الجوعاني : حدثنا مفجوع الزمان الجوعاني ، وهو من ضحايا القمع المجاني ، فقال : كنت كلما مللت من أخبار المغربْ ، وسئمت من تغير الأحوال في هذا القطر المُرهِبْ ، ويئست من تحول ما لا يعجِب إلى ما يعجِبْ ، ألملم شتات نفسي الرازحة تحت ألوان العذابْ ، وأسرع الخطى نحو حي اللوم والعتابْ ، وهو حي يعج بالمثقفين والمفكرين وذوي الألبابْ ، ويربأ بنفسه عن عهر السياسة والآدابْ ، ويحفل بالعديد من النقاشات الباحثة عن جادة الصوابْ ، ويميط عن كل أمر ما عليه من لثام ونقابْ ، وكان لإبن أبي الرعاية في هذا الحي المحبوبْ ، حلقية في بحار الصراحة والمعقول تذوبْ ، لا يحضرها إلا من طلق الخوف المكتسب والجبن الموهوبْ ، فلما رأيت كغيري من المتتبعين لأشرطة اليوتوبْ ، ما لاقاه ذلك الباعمراني في مناطق الجنوبْ ، حين طالب بحقه المشروع على وجه التمام المطلوبْ ،فانهالت عليه العصي والركلات من كل جانبْ ، لتبين له وبالبرهان الثاقبْ ، أنه في بلدي لا يضيع حق وراءه طالبْ ، وأن قول لا لقانون الغابْ ، تقابله وبلا أدنى شك أو ارتيابْ ، تهمة المس بالمقدسات والمشاركة في الإرهابْ ، أو ترادفه في أحسن الأحوال بهذا البلد المنكوبْ ، عصي غير منجورة تترك في الرأس عدة حفر وثقوبْ ، وتجعل من متلقفها معاقا أو مجنونا يهذي بين الأزقة والدروبْ ، فلما رأيت ما يدمي القلب من مشاهد التقتيل والرعبْ ، ولما سمعت من المسؤولين المسؤولين عما يقع للوطن من سرقة ونهبْ ، نفيهم تعرض المواطنين لتلاوين الصفع والضربْ ، خرجت من كوخي الشاهد على ما حققه النائب والمنتخَبْ ، واتجهت بنفس ساخطة على ما للمخزن عندنا من فن وأدبْ ، نحو مجمع ابن أبي الرعاية المعروف بالفكاهة والطربْ ، لأخفف عن نفسي هول المصابْ ، ولأنسى ولو لثواني كذب الكذابْ ، وتجبر من يحملون لقب خادم الأعتابْ ، ووصلت إليه والمرارة مني تنسكبْ ، وطالبته كغيري من الجموع التي لحكيه ترتقبْ ، أن يقص علينا ما لراحة البال ينتخِبْ ، فقال بعدما ارتفعت الأصوات وازداد على أسلوبه الطلبْ ، : << قديما قالت العربْ ، العجب كل العجبْ ، بين شعبان ورجبْ ، لكن ومع مرور السنين وتقدم الأيام بالأعاجم والأعرابْ ، أصبح العجب العجيب العجابْ ، يرتبط ببلد كل حروفه تدل على معاني الغربة والإغترابْ ، مغْرِبٌ أو مُغَرِّبٌ أو مُغَرَّبْ ، الحق فيه إسم مبني على الهوى لا معرَّبْ ، ولا تسأل الطبيب ولكن سل المُجَرَّبْ ، فغرباء نحن في وطني يا أيها الأحبابْ ، نصلَب ونسلَب ونضرَب ولا نهاية للعقابْ ، نركَع ونُصفَع ونقمع ولا مفر من العذابْ ، نهان وندان ولا نُصان إلا للإستنطاق والإستجوابْ ، ... تعساء وذي حال المغترب الغريبْ ، بؤساء من بعيد ومن قريبْ ، فقراء وإلى الله الشكوى إنه نعم المجيبْ ، .. ويا قومي ما بال الركبة والرُّكَبْ ، طاف عليها طائف من سخرية وتعبْ ، فعادت بالهزيمة من الصين لتؤجج نيران الغضبْ ، ، لا بل ما قصة الرتبة والرتبْ ، وما حكاية الحكام المتربعين على سلالم الثروة والذهبْ ، إني نظرت فيهم وإليهم قبيل الغروبْ ، فوجدتهم متقدمين على أمثالهم من أبناء عيسى وموسى ويعقوبْ ، ثم نظرت إلى ما لهم من أمم وشعوبْ ، فوجدت التخلف بالبند العريض فيها يُكتبْ ، والجهل يرفع في آفاقها ولا يُنصبْ ، والحرية تختطف في عز نهارها وتصلبْ ، فقلت في نفسي والنفس تحكي ما يخالج القلبْ ، حاشى أن يكون هذا الأمر بأمر الغيبْ ، ومعاذ الله أن تكون القسمة بهذا السوء والعيبْ ، فكيف يا ترى تقدم حكامنا على حكام الغربْ ، وما هي السياسة التي اتبعوها في هذا الدربْ ، وما نوع الأسلحة التي استخدموها في مثل هكذا حربْ ؟؟؟ ، ولكي أرد على نفسي بنفسي بعيدا عن أعين التخويف والترهيبْ ، إخترت الثامن في الترتيبْ ، وتأملت في سيرته تأملالحزين الكئيبْ، فما وجدت له قبل توليه حكم المغربْ ، ترتيبا عنه الناس تستفسر أو منه تستغربْ ، وإنما وجدت لأبيه الراحل ذكرا في هذا المجال يغلبْ ، فقلت إذا ظهرت العلة والسببْ ، بطل التعجب والعجبْ ، فما البقرة التي ورثها صاحبنا ومنها حلبْ ، إلا شركة أخطبوطية يعرف إسمها الكل عن كثبْ ، "أونا " وما أدراك ما "أونا " يا خاوي الجيبْ ، شركة تتحكم في كل شيئ ولا ريبْ ، رأسمالها حين تعده تعتريك علامات الشيْبْ ، فوسفاط ولباس ورمال وحليبْ ، وصيد في البحر والبر والجو وصيد وصيد لا تعلمه يا أيها الحبيبْ ، ومما غاب عن عينيها جعلوا لها منه أكبر حصة وأوفر نصيبْ ، وهكذا فالسياسة واحدة يا أيها الصاحبْ ، الغنى الفاحش والإستبداد والحرية المطلقة لجانبْ ، والإستحمار والفقر المدقع والإستعباد لباقي الجوانبْ ، وإياك أعني واسمعي يا جارات العربْ ، شعب يأكله الفقر كما تأكل النار الحطبْ ، وملك يتربع على عروش من فضة وذهبْ ، .... "" ويتحدثون عن مقومات المواطن اللبيبْ ، وأكذوبة طي صفحات الماضي الرهيبْ ، والقضاء على الطبقية والبطالة وهجرة الدكتور والطبيبْ ، ويتشدقون بالمساواة والحرية للجمعيات والأحزابْ ، ويتهكمون علينا بشعارات القرب من الشيب والشبابْ ، وضرورة فتح ما للحوار من أبوابْ ، ولا حوار إلا حوار العصا والإرهابْ ، ولا حرية إلا للثعالب والذئابْ ، ولا طي إلا للوقائع المدينة لما لهم من أتباع وأصحابْ ، ... وإن تعجب فالعجب منهم يتعجبْ ، والشعب منهم يبتعد ولا يتقربْ ، وكيف يقربهم وجلاد الأمس صار بين ظهرانيهم يتحزبْ ، وكيف يقربهم والوزير والسفير والمدير والنائبْ ، سعوا بينه وإليه سعي الأفاعي والعقاربْ ، فقضوا على مرأى من عيونه ما لهم من مآربْ ، ليتركوه عرضة لتجرع سم ومرارة التجاربْ ، ؟؟؟ ... وإن تعجب فاعجب من قولهم بأمس ذاهبْ ، سنقضي على اقتصاد الريع وفساد أولي المناصبْ ، وسنضرب بقوة النجم الثاقبْ ، على أيدي من سرق البنوك وهربْ ، وسنحاسب كل من لحقوق ووقار المواطنين ما حسبْ ، وسنقض مضجع من لخيرات البلد نهبْ ، ثم اعجب من أخبارهم الآتية من كل شِعبْ ، وكيف اختاروا الريع على ما للديموقراطية من سربْ ، وكيف فوتوا أراضي الدولة لكل خبٍّ وذئبْ ، وكيف اعتمدوا سياسة الترقيع والنهبْ ، سياسة شعارها جوع الكلبْ ، ثم تصدق عليه بكلام يغازل دقات القلبْ ، !!! ... وعلى ذكر الكلام يا أبناء الوطن المنهوبْ ، فرأسمال السلطة عندنا خطب تدلهم بعدها الخطوبْ ، ووعود وأمنيات تحقق بالمقلوبْ ، وأعمال ومنجزات آثارها تشبه آثار الحروبْ ، وما سلخ المواطنين عوض تحقيق المطالبْ ، وما ملئ السجون بالمظلومين بدل تحقيق الحق الغائبْ ، وما كل ما يعترينا من فتن ومصائبْ ، إلا جزء يسير من منجزات السلطة في المغربْ ، وهي منجزات لثورة الشعب حتما تُقرِّبْ ، فإياك إياك أن تكون ممن بسلطة الفساد والإفساد يغلِبْ ، ، فاليوم غالب وغدا مغلوبْ ، فخذ مني عني نصحا في بحار الصراحة يذوبْ ، إنه ليس بالقمع والجور والتجبر تستر العيوبْ ، وليس بالتسويف والتماطل والخداع والكذبتستعبد القلوبْ ، وإنما يتحقق الجمال في كل شيئ على الشكل المطلوب المرغوبْ ، بتطبيق تعاليم شريعة علام الغيوبْ ، هو القائل في قرآن تتلوه العجم والعربْ ، << تبت يدا أبي لهب وتبّْ ، ما أغنى عنه ماله وما كسبْ، سيصلى نارا ذات لهبْ >> وهو القائل على لسان طه الحبيبْ ، مبشرا كل مسلم مغترب ومغَرَّب وغريبْ ، << إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريبْ >> .