في سياق ردود الفعل التي أثارها تضمين جمعية "عدالة" للمذكرة الترافعية التي قدمتها قبل أسبوعين، لنقطة تهمّ عدم تجريم العلاقات الجنسية الرضائية بين البالغين وعدم تجريم الإجهاض، قال عضو بالجمعية إنّ المغاربة يتعاملون بنوع من "النفاق" مع موضوع العلاقات الجنسية بين البالغين، "ففي المجتمع المغربي يُعتبر البالغون مسؤولين عن أنفسهم في إدارة شؤون جياتهم الخاصّة، لكنهم يُمنعون من ممارسة مسؤوليتهم في اختياراتهم المتعلقة بحرياتهم الفردية، وهذا نوع من النفاق في الثقافة المغربية". يقول محسن خليل عضو "عدالة". وأضاف أنّ التعارف الاجتماعي بين الشبان والشابات قبل الزواج يعتبر أحد الشروط الأساسية السائدة حاليا في أوساط المجتمع المغربي، من أجل التعارف أكثر قبل عقد القران، ضمانا لنجاح مؤسسة الزواج، "وإذا افترضنا أنّ أُفُق هذه العلاقات هو ممارسة الجنس، فهذه العلاقات موجودة، شئنا أمْ أبيْنا، ولا أحد يستنكرها". وتعريفا لمفهوم عدم تجريم العلاقات الجنسية الرضائية، قال محسن خليل، الأخصائي في علم النفس وعضو جمعية "عدالة"، في أحد البرامج على إذاعة أطلنتيك، إن المقصود بعدم تجريم العلاقات الاجتماعية، هو منع استعمال الشطط في استعمال السلطة، ضد مواطنين يعيشون علاقات اجتماعية في المجال العمومي، وعدم استغلال القيم الإسلامية والهوية الإسلامية للمجتمع، لفرض اختيارات فردية خاصة على الجميع. وجوابا على سؤال حول ما إن كان وجود امرأة ورجل في وضعية غير طبيعية في المجال العمومي يعتبر ضمن الحريات التي تدعو إليها جمعية عدالة، قال خليل "لا أحد يدعو إلى ممارسة الجنس في المجال العمومي، ولا أحد يدعو إلى خرق قيم الهوية الإسلامية وقيم المجتمع المغربي، ولكن يجب أن نميّز بين القيَم وبين المعايير، إذ أننا غالبا ما نخلط بينهما في الخطاب العمومي، فالقول بعدم تجريم العلاقات الاجتماعية الرضائية لا يعني السقوط في العلاقات الإباحية، بل هو دفاع عن الحرية الفردية المقرونة بالمسؤولية ". وأضاف "نحن لا ندعو إلى مراجعة هوية المجتمع المغربي، بل على العكس ندعو إلى أن تترسخ هذه الهوية وفْق تطور المجتمع، ولكننا في الآن ذاته نرفض استعمال الشطط في السلطة، باسم صوْن الأخلاق، لأنّ هذا يسمّى اعتداء وانتهاكا لحرية الآخرين". خليل، الذي لم تكن أجوبته مقنعة بما فيه الكفاية، ولاقت معارضة من طرف أغلب مستمعي البرنامج، قال إنّ المعايير التي تتحدث عنها جمعية "عدالة" هي أن "نضع الأفراد أمام مسؤولياتهم، فعندما تكون هناك علاقات بين الأفراد البالغين خارج إطار القيم الثقافية والأخلاقية العامة، فلا بدّ أن يعاقِب عليها القانون، لكن لا يجب أن نستغلّ هذه القيم لمنع الأفراد البالغين من عيش حريتهم وفق طريقتهم الخاصة". إلى ذلك، وجوابا على سؤال لأحد المستمعين حول ما إن كان مطلب عدم تجريم العلاقات الجنسية الرضائية سيفضي إلى تفشي الدعارة جهْرا، قال عضو "عدالة" إن المطلب ليس دعوة إلى التحريض على أيّ شيء سلبي، وإنما الهدف منه هو إعطاء المغاربة، ذكورا وإناثا، حرية التصرف في حياتهم الخاصّة، "صحيح أنّ هناك ظواهر منبوذة اجتماعيا وأخلاقيا وقانونيا، ونحن مع محاربة الظواهر السلبية، سواء كانت أخلاقية أو اجتماعية، مثل الدعارة، وذلك عن طريق التربية والتعليم والتوعية، لكنّ هذا لا يعني أن نمنع ظواهر إيجابية تحت ذريعة وجود ظواهر سلبية". ولفَتَ إلى أنه "لا يمكن فرض تأويل متسرّع يعكس تخوّفات أكثر مما يعكس معرفة بالواقع والدين، "فأن يقول الناس إنّ مطلب عدم تجريم العلاقات الاجتماعية الرضائية أمر ضدّ الدين، فهذا حُكْم متسرّع، ونحن لسنا بحاجة إلى أحكام مسبقة ومتسرّعة، بل إلى نقاش معمّق، لأنّ النقاش هو الذي يولّد الحقيقة".