تعيش القناة الأولى والثانية منذ أسابيع في سبات عميق ، أكثر من السبات المألوف الذي تعيشان فيه بقية فصول السنة ، في انتظار أن تستيقظا مع دخول سيدنا رمضان ، لتتحفانا من جديد مع إفطار كل يوم بالرداءة المألوفة التي سيكون الخياري وفهيد كما هي العادة من أبرز أبطالها . وهكذا سيكون المثل المغربي البليغ الذي يقول صام دهرا وأفطر على بصلة قد انطبق على التلفزيون المغربي بالتمام . ولو كان المغاربة سيفطرون على البصل لهان الأمر ، المصيبة أنهم سيفطرون طيلة أيام الشهر الكريم على وجوه مملة ما تسوا حتى بصلة ولا لفتة! "" طيلة هذا الصيف اكتفت القناة الثانية بتقديم "سهرات" منتهية الصلاحية ، يعني أكل عليها الدهر وشرب . ساء يوم السبت الذي يعتبر الموعد الأبرز لدى كل تلفزيونات العالم تعيد قناة سليم الشيخ ما سبق لمشاهديها أن شاهدوه في برنامج "استوديو دوزيم" . ويوم الأحد والثلاثاء تلجأ إلى "ريبرتوارها" القديم لتستخرج منه أفلاما قديمة باش تعمر بها الوقت . وباقي الأوقات يتم توزيعها على المسلسلات المصرية والمكسيكية والتركية والرسوم المتحركة . ونفس الشيء بالنسبة للقناة الأولى ، التي وصل الغباء بمسيريها إلى حد أنهم يعيدون منافسات أولمبياد بكين بعد ان يكون الجميع قد شاهدوها بالمباشر ، ولم يخجلوا من أنفسهم عندما أعادوا مباراة المنتخب الأولمبي النيجيري مع المنتخب البلجيكي على الساعة الرابعة ، بعد أن شاهدها المغاربة بالبث الحي على الساعة العاشرة من صباح نفس اليوم!هادي هي الصنطيحة وإلا فلا . وفي الوقت الذي اختارت فيه لجنة انتقاء البرامج في التلفزيون المصري الأعمال الدرامية التي ستمر على الشاشة خلال شهر رمضان منذ مدة ، فإن حلقات السيتكومات والمسلسلات التي ستمر على القناتين المغربيتين في نفس الشهر ما زالت تتقاطر قطرة قطرة ، وحسب المصادر الصحفية فمسلسل "عبد الرحمان المجدوب" الذي من المنتظر أن يمر خلال شهر رمضان لم تتوصل منه القناة الثانية التي ستبثه سوى بخمس حلقات قبل بداية شهر الصيام بأقل من أسبوعين ! والله يلا هاد الناس ما عندهومش النفس . ورغم أن الممثلين المغاربة الذين يصرون على استعراض فشلهم أمام المشاهدين بعد غروب شمس كل يوم من رمضان يثيرون الحنق ويرفعون نسبة الضغط الدموي ، تبقى مسؤولية هذا التردي ملقاة بالكامل على عاتق القائمين على تسيير شؤون التلفزيون ، فهؤلاء من يمنحون الأموال الطائلة لهؤلاء الممثلين من أجل تصوير أعمال "فكاهية" يضحكون من خلالها على المشاهدين! هذه الرداءة طبعا مصدرها المحسوبية والزبونية التي تتفشى في ردهات ومكاتب التلفزيون المغربي . ورغم أننا نسمع عن وجود لجان للقراءة تتكلف بمهمة اختيار الأعمال التي تحظى بالدعم ، إلا أن أعضاء هذه اللجان ليسوا سوى مجرد أشخاص "قاصرين" لا تؤخذ آراؤهم بعين الاعتبار . مسلسل "علاش أولدي" مثلا ، سبق لمخرجه ومؤلفهمحمد حسنالجندي أن قدمه للقناة الثانية ورفضته ، لأنه ليس في المستوى ، وهو فعلا كذلك ، ولأن السيد الجندي لديه علاقة صداقة أو بالأحرى علاقة محسوبية مع جهة ما في القناة الأولى ، فقد قبلته هذه الأخيرة ، وأعطته الدعم الكافي ، لتقدمه بعد ذلك "لنظارتها الكرام" ، واخا ما فيه ما يتشاف! واليوم هناك أخبار تتحدث عن كون سيتكوم" مبارك ومسعود" الذي ستبثه القناة الثانية لم يمر أصلا أمام أنظار أعضاء لجنة القراءة ، وتم قبوله في اللحظة التي وضع فيها لدى إدارة القناة ، لسبب بسيط ، وهو أن "المؤلفين" الذين كتبوا سيناريو حلقات هذا السيتكوم الذي سيلعب فيه الخياري وفهيد دور البطولة يتشكلون من ... - اسمعوا مزيان - صحافيين يكتبون في صفحات "الاعلام والتلفزيون" بالجرائد التي يشتغلون فيها! وهكذا فحتى الصحافيون الذين كانوا ينتقدون الرداءة التي تقدم في رمضان تم احتواؤهم بهذا الشكل "الحبي" ، لذلك سيتحول هؤلاء "الصحافيون من "نقاد لاذعين" إلى مزمرين ومطبلين للرداءة التي كانوا يقفون لها بالمرصاد في السنة الماضية . خاصة سيتكوم "مبارك ومسعود"! في الحقيقة لم يعد أمر كل هذه السخافة والرداءة يهم فئات كثيرة من المغاربة ، ما دام أن البارابول يستطيع أن يحلق بالواحد إلى التلفزيونات الحقيقية التي تحترم مشاهديها . غير أوكان كاينة واحد القضية ، وهي أن الواحد لا يمكنه أن ينسى التلفزيون المغربي بالمرة ، حيت فلوسنا كاتضيع فيه بلا معنى! وهذه هي المشكلة الكبرى . والحل ؟ الحل في نظري هو أن يتم إغلاق كل هذه القنوات التي تتناسل عندنا بلا جدوى ، ويتم إنشاء محطة تلفزيونية واحدة فقط ، فالسادة الأولون قالوا بأن كمشة ديال النحل أفضل بالف مرة من شواري ديال الدبان . وإذا لم يكن هذا الحل ممكنا ، فهناك حل آخر أكثر سهولة ، وهو أن يتم إغلاق هذا التلفزيون بكل قنواته إلى الأبد ، كي يرتاح الجميع . اللهم يبقى المغرب بلا تلفزيون ، ولا هاد الشوهة ديال دوزيم وإتم ! [email protected]