اختار«الممثل» عبد الخالق فهيد أن يلبس هذه السنة عباءة تلفزيونية جديدة، مكملا بذلك اللمة التلفزيونية الشهيرة (الناصري، الخياري، سعد الله، خديجة أسد...) التي تجتمع كل عام لتقتسم- بكل الجرأة والبساطة والرداءة في غالب الأحيان- «الكعكة» الرمضانية التي تتوزع بين تنفيذ الإنتاج والتواصل ووسائط الإنتاج دون مسؤولية أو «حشمة» أو نخوة مفترضة. فبعد أن تعرض «الممثل» سعيد الناصري لانتقادات شديدة وصلت إلى حد الشجب والتنديد باللامبالاة في التعامل مع أذواق الناس واحترامها حول سلسلته التلفزيونية «نسيب الحاج عزوز» لانعدام الشروط الإبداعية الكفيلة ببثها- دون الحديث عن تحقيق الناصري لآمال أكثر من ذلك، ارتأت إدارة القناة الثانية- دون إشعار قبلي، اللهم ما تردد من كواليس تلفزيونية- أن تخص عبد الخالق فهيد الملقب ب«ولد العياشية» من خلال بث كبسولة «دابا تزيان» في وقت الذروة مزيحة بذلك الناصري من ذلك التوقيت المهم. وبصرف النظر عن الحيثيات الكثيرة جدا لهذه البرمجة تركت الحلقات الأولى من السلسلة ملاحظات لابد منها. أولها أنها المرة الأولى التي يؤكد فيها المسؤولون عن التلفزيون أنهم كانوا على صواب بعدم إدراج السلسلة في الأسبوعين الأولين، لكي لا يصاب الجمهور بالفزع التلفزيوني الحاد بالتزامن مع أيامه الرمضانية الأولى، إذ أثبتت هذه الحلقات كما العادة دائما- أن عائق الكتابة مازال قائما، وهذا يفسح المجال لفهيد أن «يرتجل» (بمفهومه المتداول وليس بمرجعتيه الإبداعية التي من اللائق عدم نقاشها في هذه اللحظة) كثيرا إلى الدرجة التي تجعله يسقط في حوارات لا رابط بينها، إلا الإصرار على تصدير التفاهة والسطحية وتكريس صورة «العروبي» دون وظيفة حقيقية، وهي النمطية التي تقوت مع الناصري والخياري في سلسلتيهما.وما يعزز هذا التعذيب التلفزيوني الذي يعانيه الجمهور المغربي مع فهيد وأصدقاء رمضان ومنتظري «الفطرة» الرمضانية أن توظيف المرأة- بشكل يعيد ما حدث مع فركوس وعبد الجبار لوزير وعبد الصمد مفتاح الخير- كان توظيفا مجانيا وفلكوريا، إذ ما الداعي إلى تقمص فهيد لشخصية المرأة والرجل؟ وما المانع أن تمنح الفرصة لممثلة كسعاد صابر أو نعيمة بوحمالة أو غيرهما للقيام بهذا الدور؟ إذن فالأمر يتعلق بضيق الأفق وعدم القدرة على إنتاج أفكار حية وخاصة، بعيدا عن استنساخ المنتوج المصري المكرس في «أنا يا خالتي» لمحمد هنيدي وبعيدا عن الموضة النسائية التي لبسها الناصري وفركوس. وبعيدا عن لعنة تمطيط المشاهد وجعلها متوافقة مع المدة الكفيلة بجميع إيرادات المستشهرين- ولو على حساب الوظيفة المفترضة في التلفزيون كرافعة للثقافة والفنون، إذ كيف يعقل أن تركز المخرجة الشابة (جميلة البرج) التي راكمت تجارب طويلة على أقدام الحصان (فراقش العود) في إحدى الحلقات بشكل لا يراد منه إلا التمطيط وتصدير الصور المجانية، هذا فضلا عن قضاء ثلاث حلقات يحكي فيها فهيد عن موقف الأب من الزواج، وهو ما يذكر البعض بمشاهد «الكابتن ماجد» التي كان يقذف فيها الكرة- في سلسلته الممتعة والتي لايمكن مقارنتها بسخافة فهيد- لتصل إلى المرمى بعد أربع أو خمس حلقات كاملة.