"أوضاع مزرية" يعاني منها العمال بالمغرب "كشفت عنها جائحة كورونا"، وكانت، وفق حزب النهج الديمقراطي، نتيجة ل"هيمنة الإمبريالية ومؤسساتها الدولية والرأسمال الأجنبي على ثروات بلادنا، وتحكمها في السياسات العمومية، والاستغلال المكثف لجماهير العمال والكادحين من طرف الكتلة الطبقية السائدة". هذه الطبقة المستغلة مكونة من "ملاك الأراضي الكبار والبرجوازية كبيرة التبعية"؛ وهو ما يجري، حسب الحزب الماركسي المعارض، "برعاية الدولة المخزنية الأداة السياسية لحماية مصالحهم". وفي "نداء" للكتابة الوطنية للنهج الديمقراطي بمناسبة فاتح ماي من السنة الجارية 2021، حملت مسؤولية "الأوضاع المزرية" للطبقة العاملة إلى "اختلال موازين القوى لصالح الباطرونا، بسبب التراجع الخطير الذي أصبحت تعيشه الحركة النقابية العمالية ببلادنا، الناتج عن العدوانية التي تمارسها الباطرونا المدعومة من طرف المخزن وعن ضعف الالتزام بالمبادئ الأصيلة للعمل النقابي". ومن بين هذه المبادئ التي ضعف الالتزام بها نقابيا، حسب النهج، "خدمة الطبقة العاملة وليس استخدامها، الوحدة والتضامن والاستقلالية والديمقراطية والتقدمية والجماهيرية، ربط العمل النقابي من أجل تحقيق المطالب الآنية بالعمل النقابي ذي البعد الإستراتيجي من أجل الاشتراكية والقضاء على الاستغلال الرأسمالي". كما حمل "النهج الديمقراطي" المسؤولية أيضا إلى "افتقاد الطبقة العاملة لحزبها السياسي الذي يشكل أداتها الثورية للدفاع عن مصالحها كطبقة وعن مصالح عموم الكادحين"، و"افتقاد الطبقة العاملة وعموم الجماهير، لجبهة ديمقراطية توحد العمل المشترك لسائر القوى الديمقراطية، وللجبهة الشعبية الواسعة الكفيلة بتوحيد نضالات الشعب المغربي من أجل تخليصه من الاستبداد والفساد" سيرا على "طريق بناء نظام ديمقراطي يحقق الكرامة والحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية وسائر حقوق الإنسان للجميع". ويقول النهج إنه منذ شهر مارس في السنة الماضية 2020، والمغرب، كما هو شأن معظم بلدان العالم، يقع تحت وطأة جائحة "كورونا" التي أدت في البلاد "ليس فقط إلى أزيد من نصف مليون من المصابين والمصابات وحوالي 9000 من الوفيات حسب المعطيات الرسمية، بل كذلك إلى إغلاق الآلاف من المؤسسات الاقتصادية وتسريح وتجويع مئات الآلاف من العاملات والعمال، والتنامي المهول للعطالة، والمزيد من هشاشة الشغل، وتقليص الأجور، وتكثيف الاستغلال، والانتشار الفظيع للفقر، وعجز المنظومة الصحية عن الاستجابة لحاجيات المواطنين، ومواصلة تخريب المدرسة العمومية خاصة عبر تشجيع الخوصصة والتوظيف بالعقدة، وضرب مكتسبات الشغيلة التعليمية". ويذكر بيان النهج أنه "بقدر ما قامت الدولة بدعم الباطرونا لمساعدتها على تجاوز الأزمة، أهملت مشاكل الشغيلة وعموم الجماهير الشعبية التي لم تعد قادرة على مواجهة أعباء الحياة اليومية رغم صمودها وتضحياتها ونضالاتها الشجاعة"، ويسجل في الآن ذاته "لجوء الدولة إلى سن حالة الطوارئ الصحية وتمديدها باستمرار، مستفيدة منها لكبح الاحتجاجات النقابية والتحركات النضالية للجماهير الشعبية المتضررة من تداعيات الجائحة". كما يرى النهج الديمقراطي أن الدولة و"الرأسمالية المتوحشة" قد "استغلا ظروف الجائحة" ل"تعميق المنحى نحو الخوصصة، والعمل بالعقدة، والسمسرة في اليد العاملة، وللمزيد من قهر الشغيلة والإجهاز على الحريات العامة والفردية والحريات النقابية، ومحاولة فرض قوانين تراجعية خطيرة، في مقدمتها القانون التكبيلي لحق الإضراب، والقانون التحكمي في نقابات الشغيلة، والإجراءات القانونية الانتكاسية لتعديل مدونة الشغل، والمخططات التخريبية للقطاع العمومي". ويذكر النهج أن "الدولة، اليوم، بعد أن فرضت المصادقة بالإجماع على القانون الإطار للحماية الاجتماعية، تحاول إيهام المواطنين والمواطنات بأن خطتها الغامضة للحماية الاجتماعية ستحل مشاكلهم الاجتماعية". ويقول الحزب إن الرأسمالية قد "وضعت دوما مراكمة الأرباح فوق أي اعتبار"، مستحضرا مثالين هما: "محرقة شركة روزامور" بالدار البيضاء في 26 أبريل 2008 التي خلفت وفاة 55 عاملة وعاملا حرقا وعشرات الجرحى، و"فاجعة طنجة" في 8 فبراير الجاري التي توفي خلالها 28 عاملة وعاملا غرقا، في قبو "معمل سري" للنسيج. ودعا حزب النهج الديمقراطي النقابات إلى "الوحدة النضالية والنضال الوحدوي، في أفق الوحدة النقابية التنظيمية المنشودة"، مضيفا أن هذه الدعوة "موجهة أولا وقبل كل شيء إلى مركزيتي الاتحاد المغربي للشغل والكونفدرالية الديمقراطية للشغل". ويرى "النهج الديمقراطي" أن "المهمة الملحة اليوم" هي "تعبئة كل القوى الديمقراطية والحية للتخلص من نظام حالة الطوارئ الصحية وما صاحبها من تغول للدولة البوليسية، وللرجوع إلى الأوضاع العادية، مع التعميم الفوري للتلقيح ضد كورونا بدون تماطل إضافي، ومع اتخاذ الإجراءات الاحترازية المعقولة، بعيدا عن العشوائية الهادفة إلى المزيد من التحكم السياسي"، وفق تعبيره.