أنتظر بشغف كبير ، متى سيخرج السيد خالد السفياني عن صمته ، ويعلن رأيه في قضية توشيح مدير القناة الثانية الإسرائيلية من طرف الملك محمد السادس ، بمناسبة ذكرى عيد العرش . "" فقد وعد السيد السفياني ، في تصريح لإحدى الجرائد قبل أيام ، وهو المشهور بعدائه الكبير لإسرائيل وكل ما هو إسرائيلي ، أنه سيتخذ موقفا مناسبا ، عندما يتأكد من أن الملك وشح فعلا مدير التلفزيون الإسرائيلي ، الذي ينحدر من مدينة بجعد المغربية . وكأن كل الصور الحية التي بثها التلفزيون المغربي بالمناسبة ، ليست كافية لكي يقتنع السيد المحامي بما جرى في ساحة المشور السعيد بالقصر الملكي في فاس .
خالد السفياني ، لديه حساسية شديدة تجاه إسرائيل ، ومنصبه على رأس الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي يجعله لا يفوت أي فرصة دون ممارسة هوايته المفضلة : إصدار البيانات المنددة بإسرائيل ، وإلقاء خطابات وتصريحات نارية يصف فيها كل من يحمل الجنسية الاسرائيلية بالصهيوني . يعني قوة الهضرة بلا فايدة .
ولعلكم ما زلتم تذكرون عندما ندد باستضافة إحدى المغنيات الإسرائيليات في مهرجان للموسيقى بالدار البيضاء ، ليكتشف بعد ذلك أن المغنية المسكينة واحدة من دعاة السلام المساندين للقضية الفلسطينية ، ويعض أصابعه من الندم ، وسبق له ايضا أن ندد باستضافة المغني اليهودي انريكو ماسياس من طرف عمر سليم في سهرة خاصة على شاشة القناة الثانية .
لكن شجاعة الرجل خانته هذه المرة ، ورغم مرور أزيد من عشرة أيام على توشيح المسؤول الاعلامي الإسرائيلي من طرف الملك ، في مناسبة وطنية كبيرة ، ما زال لم يستجمع شجاعته ، وفضل العمل بالمثل القائل : كم حاجة قضيناها بتركها ، لأن القضية قاصحة عليه شوية ، حيت فيها ريحة الملك ! ولكننا لن نتركه بسلام ، إلى أن ينكشف وجهه الحقيقي .
يجب على السيد السفياني أن يدرك جيدا ، أن حقيقة الرجال تظهر في المواقف الصعبة ، حيث لا توجد منطقة وسطى بين الربح والخسارة . إذا كان يدافع عن القضية الفلسطينية بصدق ، ويقف ضد التطبيع ، فعليه أن يتخذ موقفا واضحا ، من ذلك التوشيح الذي حدث في حفل البيعة والولاء ، أما أن يستأسد فقط على أصحاب المهرجانات ، وعلى الصحافة ، كما فعل عندما أصدر بيانا ندد فيه بالحوار الصحفي الذي أجرته يومية "المساء" مع وزير الخارجية الإسرائيلي السابق شلومو بن عامي ، ويضع أصابعه الخمسة على فمه عندما يتعلق الأمر بالملك ، فهذا ليس في صالحه ، لأن الرجال الذين يتركون بصماتهم على صفحات التاريخ ، لديهم وجه واحد ، يتعاملون به مع الجميع . أما السيد السفياني فيبدو أن لديه أكثر من وجه ، ولديه أكثر من رأي ، ولديه أكثر من موقف في قضية واحدة ، ولديه أقنعة كثيرة ، كل قناع يضعه على وجهه في الوقت المناسب ، وعندما تجتمع كل هذه الصفات في شخص واحد ، فذلك يعني بكل بساطة أنه لا يتمتع بأية مصداقية ! وهذا هو حال القوميين العرب .
ينددون بالدكتاتوريات العربية ، وينددون باستبداد الحكام العرب ، لكنهم في نفس الآن ، لا يترددون في شد الرحال إلى العاصمة العراقية بغداد في عهد الديكتاتور صدام حسين ، وإلى العاصمة السورية دمشق ، وهما من أكبر العواصم العربية ديكتاتورية ، لأن قادة حزب البعث يوفرون لهم المأوى والمأكل في أفخم الفنادق ، وتذاكر الطائرات من الدرجة الأولى ، وكثيرا من الهدايا الثمينة .
مقابل قول كلمات مدح في حق البعثيين . وفي آخر مؤتمر للقوميين العرب ، الذي انعقد في دمشق ، لم يتردد أحد هؤلاء المنافقين في وصف بشار الأسد بالخليفة السادس من بين الخلفاء الراشدين .
لتكون القضية الفلسطينية بذلك مجرد مطية ووسيلة لتحقيق أهداف شخصية على حساب ظهر الشعب الفلسطيني الأعزل .
من يريد مقاومة الاحتلال ، عليه أن يكف عن الثرثرة الفارغة ، ويتخلص من ربطة العنق الحريرية والبذلة الفاخرة ، ويشد الرحال إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة ، وليس إلى فنادق الخمس نجوم في عاصمة آل الأسد .
وختاما أقول للسيد خالد السفياني بأني ما زلت أنتظر بفارغ الصبر أن تقول رأيك بكل صراحة في ذلك الوسام الرفيع الذي وضعه الملك على صدر مدير القناة الثانية الإسرائيلية ، ويلا ما قدرتيش تكول والو ، كول بّاااااااع !