هل الرسول قبل بعثته وأثناء بعثته شاعر؟ إن كان شاعرا فمن أين نحصل على نماذج من شعره؟ وإن لم يكن شاعرا، فمن أين نأتي نحن بشعر له نقدمه لأول مرة إلى المسلمين أينما وجدوا؟ وشعره الذي سوف نفاجئ به القراء، هل خفي عن كتاب سيرته؟ وعن المحدثين الذي قضوا سنوات طوال في جمع سنته وفي تدوينها وفي تبويبها، وفي استخلاص مضامينها الدينية عامة، ومضامينها الفقهية خاصة؟ نحن نعرف استنادا إلى نصوص قرآنية واضحة الدلالة، كيف أنه ص لم ينظم الشعر في أية مرحلة من مراحل حياته. وهذا بين من قوله تعالى: "وما علمناه الشعر وما ينبغي له". ومن قوله عز وجل: "ويقولون أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون". ومن قوله سبحانه: "أم يقولون شاعر نتربص به ريب المنون". وفي كتاب "الفضائل" عند الإمام مسلم في صحيحه، وتحت باب "من فضائل أبي ذر" نقف على قصة إسلام أخيه أنيس الذي قال له: "إن لي حاجة بمكة فاكفني. فانطلق أنيس حتى أتى مكة فراث علي (= أبطأ). ثم جاء فقلت (له): ما صنعت؟ قال: لقيت رجلا بمكة على دينك، يزعم أن الله أرسله. قلت: فما يقول الناس؟ قال: يقولون شاعر. كاهن. ساحر. وكان أنيس أحد الشعراء. قال أنيس: لقد سمعت قول الكهنة، فما هو بقولهم، ولقد وضعت قوله على أقراء الشعر فما يلتئم على لسان أحد بعدي أنه شعر، والله إنه لصادق (أي محمد). وإنهم لكاذبون" (أي الكافرون بما جاء به). فأجمع المسلمون كلهم على مر الدهور وتوالي العصور، أن نبيهم ليس بشاعر، لكن أحد المخبولين المعدود – للأسف الشديد – من آل البيت النبوي الشريف، أبى إلا أن يضرب بإجماع المسلمين عرض الحائط! ويقدم لنا في حدود العقد الثاني من القرن الثالث عشر الهجري أبياتا أربعة من شعر الرسول الأكرم بعد وفاته على حد زعمه! ومعها شرح مثير لها من إنشائه ص!!! وقبل تقديم الأبيات، وقبل تقديم شرحها نتساءل عما إذا كان نبينا قد التحق بالرفيق الأعلى؟ وعما إذا كان قد أدى ما عليه أداؤه؟ وعما إذا كان الدين قد اكتمل؟ وعما إذا كان الوحي قد انقطع نزوله لغياب من كان ينزل عليه بوفاته، أم إنه لم ينقطع بعد؟ وعما إذا كان الموحى إليه مكلفا بتبليغ خطابين: خطاب يبلغه وهو على قيد الحياة. وخطاب يبلغه بعد موته للخاصة لا للعامة إلى قيام الساعة؟ ليفتح علماء المسلمين وكافة المثقفين أينما وجدوا كتاب "جواهر المعاني وبلوغ الأماني في فيض سيدي أبي العباس التجاني"، وسوف يجدون قول علي حرازم لشيخه صاحب هذا الكتاب المعتمد لدى التجانيين في العالم برمته: "وسألته – رضي الله عنه – هل خبر سيد الوجود ص بعد وفاته كحياته سواء؟ فأجاب – رضي الله عنه – بما نصه: الأمر العام الذي كان يأتيه عاما للأمة، طوي بساطه ذلك بموته ص! وبقي الأمر الخاص الذي يلقنه للخاص، فإن ذلك في حياته وبعد مماته دائما لا ينقطع؟؟؟ فإن عقد الإجماع على أن الدين قد اكتمل، وأن الرسول قد مات، وأن الوحي قد انقطع، وأن الرسول قيد حياته لم يكن يبلغ رسالتين أو خطابين أو أمرين فإن التجاني – كواحد من عترته ص – يدعي أن الدين لم يكتمل بعد! مكذبا بادعائه ما ورد في الذكر الحكيم! جان على جده حيث يقول عز وجل: "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا"! ثم يدعي أن الوحي مستمر في النزول! وأن الرسول في حياته كان يوجه خطابين! وأنه بعد وفاته، لم يعد يوجه إلا خطابا واحدا للخاصة! وسيظل يوجهه إليهم على مدى الدهر! دون أن نطالب الرجل المخالف للإجماع ولمنطق العقول بالدليل على ما يدعيه، وربما نجد الدليل عنده في شعر الرسول وفي شرحه لشعره الذي نظمه بعد وفاته ص من باب تبليغ رسالته إلى الخاصة دون غيرهم من العامة! (هذه الإشكاليات المطروحة نتوجه بها إلى أعضاء المجلس العلمي الأعلى وإلى القيمين على تدبير الشأن الديني بحثا عندهم عن حلول مناسبة؟؟؟). ثم لنفتح نفس الكتاب المذكور بخصوص أبيات من شعر الرسول، وبخصوص شرح الرسول لها بنفسه دون أن ينوب عنه أحد. قال علي حرازم جامع كتاب "الجواهر": "وهذه الأبيات التي نذكرها بعد أن علمها سيد الوجود ص في المنام للولي الصالح والسعي الرابح، صاحب المشهد الكريم الواضح: أبو عبد الله سيدي محمد ابن العربي التازي دارا، الدمراوي أصلا، المتوفى بعين ماضي سنة 1214ه - 1799م. فلما استيقظ وجدها في فيه يذكرها! فحفظها، فبعد ذلك لقي مولانا رسول الله ص يقظة (ماذا تقولون يا علماء السلطان؟). وكان يلاقيه في اليقظة كثيرا! فسأله عن معنى الأبيات، وطلب منه شرح الأبيات، فأجابه ذلك مولانا رسول الله ص لمحبته في شيخنا وأستاذنا مولانا أحمد بن محمد التجاني رضي الله عنه، وهو تلميذ له (ماذا يقول المشرفون على برنامج: مقامات الصوفية؟). وصرح له سيد الوجود ص بأن قال له: "لولا محبتك في التجاني ما رأيتني قط" أو كما قال له مما هذا معناه. وقال له: "اعط شرح هذه الأبيات للتجاني". وهذا نص الأبيات: فالبمجد والتحميد به تتجلى ذاته وبالقصد كان المنع لي وحدي وبحق الحق بالحق ترى حقيقته وبالحق لا بالحق احتجب عني زندي وفي تدبير أمره أحاطت قدرته وبالقصد لا بالقصد احتجب عنهم أخذي فاغرق في بحر الوحدة ترى وحدته ترفع عنه الحجب حتى ترى الأسود بالضد انتهت الأبيات. ونص شرح سيد الوجود ولفظه ص: "اسمع ما أقول لك واحتفظ على كل ما تسمعه مني في هذه الأبيات التي أمرتك بحفظهم في المنام. فاكتب معناهم بالتحقيق. واعطه للتجاني وقل له: باب هذه الأبيات هو أعظم البيان. وقل له: لا يدخلون على هذا الباب إلا أهل التوحيد المحققين! وأهل التجريد الصابرين! وأهل الوفاء المخلصين! وأهل التحقيق الموقنين! وأهل الصبر الكاتمين! وأهل التخليص هم أهل التجلي! وأهل التجلي هم الذين يرثون مقامي! قل لأحمد التجاني: معنى هذه الأبيات هو الباب الذي يوصل إلى المعرفة! وقل له: كل باب فيه بابان أحدهما مفتوح والآخر مسدود! وقل له: لهذين البابين طريقان. وكل طريق توصل إلى بابها . فمن أخذ طريق الباب المفتوح وصل ودخل وتجلى! وصل أي أعماله وردت على ربه من غير معارض يعارضها. فإذا أبعدتها المعارضات ارتفعت الحجب ودخلت . فإذا دخلت أنزلت الملائكة إلى صاحبها وأحبته (...) ثم قال ص للكاتب بعد تقديم البيت الأول: "قل له: هنا تجرد العبادة ينقسم إلى أربعة أقسام كما كانت الكعبة مربعة! وكما كانت الأرض على أربعة أركان. وكانت الكتب أربعة. وكما كانت مذاهب التحقيق أربعة"... وقال ص بخصوص البيت الثاني: "قل له: أشرت في هذا البيت إلى صاحب التجريد وهو الإنسان الكامل الورع الحامل للعلم على العمل، لأن القوة هي تحمل الضعيف! لأن هذا الرجل إذا تجرد إلى الله بالعمل والعلم، لأن العمل والعلم حق. وكان هذا الرجل لم يخرج عن الشريعة تابعا للنبي ص في جميع ما أمر به لأنه ص هو الحق حيث اتخذه الله حبيبا محمودا ...."الخ. وقال ص بخصوص البيت الثالث: "قل له: معنى هذا البيت هو حم عسق لما دبر أمره قبل وجود العالم! أحاطت به قدرته وهو سر في القاف. وتقدرت في القاف الأرواح والأنفس وجميع الموجودات المقدرات في العالم. والحاء لها سر وهي حكمة أحاطت بجميع الموجودات المقدرات كالحركات والسكنات...". الخ. وقال ص بخصوص البيت الرابع: "قل له: هذا المعنى الرجال الذين يريدون المعرفة والوصول إلى تجلي الذات. فإذا وقف الواقف بين يديه لا ينتظر غيره. ولا يجعل في قلبه شيئا يحول بينه وبينه. بل يقصد به الوصول إليه (...) وقل له (أي التجاني): "انتهى واشتغل تعبد مولاك بما أمرتك به مجردا من جميع المقاصد تعظيما لله وإجلالا وتحميدا له وتقديسا حتى تبلغ المقدار، وتصل مرادك وجميع مقاصدك. وقل له ثلاث مرات: أنت مكتوب من الأولياء! وقل له: إذا بنيت الدار، اجعل فيها بيتا وسمها بيت السر! واجعل أورادك وأذكارك وجميع ما أمرتك به، اجعله فيه ولا يدخل أحد غيرك فيه، تعرض عليك الخيرات والبركات وتنال جميع المقاصد (انتهى) ما أملاه سيد الوجود وعلم الشهود ص على الذي ذكر أولا في أول هذه الأبيات. وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما"!!! وكتعليق وكمآخذ وكاستخلاصات، ما الذي علينا أن نقدمه، وشعر الرسول وقفنا عليه مع وقوفنا على شرحه لشعره ص؟؟؟ 1- يعرف طلاب العلم المبتدئين بأن سنة الرسول هي: أقواله وأفعاله وتقريراته. وهل لأعضاء المجلس العلمي الأعلى بالمغرب، أن يخبرونا عما إذا كان شعر الرسول وشرحه اللذان قدمهما التجاني في "الجواهر" من سننه عليه السلام ما دامت السنة – كما قلنا- هي أقواله وأفعاله وتقريراته؟ 2- قال الدكتور محمد تقي الدين الهلالي في "الهدية الهادية إلى الطائفة التجانية" – وهو من علماء المغرب المعاصرين -: "وإنما اخترت من الجزء الثاني (من جواهر المعاني) ذكر هذه الأبيات لأنها كانت تنغص علي عيشي وتكدر صفوي، حين كنت مؤمنا بالطريقة (وأنا كنت مثله). لأن روائح الكذب كانت تفوح منها لأمور كثيرة لا تخفى على من له أدنى علم، فمن ذلك ركاكة ألفاظها. فإن كل من يعرف شيئا يعتد به في اللغة العربية يجزم أن هذه الأبيات وشرحها يستحيل أن يتكلم بها أحد من المعاصرين للنبي ص أو من بعدهم من القرون التي كانت اللغة العربية فيها صحيحة فصيحة! ثانيها: أن هذا الإنشاء لا يصدر عن أحد له نصيب في علم اللغة ولو في هذا الزمان! ثالثها: تفاهة معانيها! رابعها: تسميتها شعرا ولست من الشعر في شيء! فإنها لا توافق أي بحر من البحور التي نظم عليها العرب أو المولدون الذين جاءوا من بعدهم، كما لا توافق أي وزن يمكن أن يحدث. خامسها: أنها مناسبة لإنشاء راويها لأنه من العوام الذين يعرفون القراءة والكتابة، ولا علم لهم بالكلام الفصيح السالم من الخطأ!!! 3- نحن في شعر الرسول وفي شرحه لشعره أمام لغة تعبر عن أساليب القرن الثالث عشر الهجري في الكتابة! مما يعني كون الشعر المنسوب إليه مع شرحه من الموضوعات التي تدل على قبح واضعهما وعلى كذبه واستهتاره. ومن يكذب على الرسول يعتبر ملعونا مصيره جهنم وبئس القرار!!! 4- إن ورد في القرآن أكثر من مرة، أن الرسول ليس بشاعر، فإنه ص على لسان التجاني، يكذب القرآن ويقدم لنا ما ادعى أنه من شعره ص بعد وفاته؟ 5- قال تعالى: "ومن أظلم ممن كذب على الله وكذب بالصدق إذ جاءه. أليس في جهنم متوى للكافرين"؟ وقال ص: "من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار". 6- للراغب في المزيد من كفريات صاحب "الجواهر" أن يطالع هذا الكتاب من ألفه إلى يائه! 7- التجاني كما يدعي من آل البيت! وأغرب مما هو أغرب أن تصدر الإساءة إلى الدين من أحد حفدة نبي الهدى والرحمة. 8- تحتفي الدولة العلوية الشريفة عندنا منذ سنوات بزنديق إساءته إلى جدها واضحة بينة! وذلك حين تقيم الدنيا وتقعدها بمناسبة عقد لقاء ما في ضريحه الملوث بالزور والبهتان! ثم تدعي أنها تعمل لخدمة الدين غيرة منها عليه! والحال أنها مدعوة إلى محاكمة ظلاميين سفهاء زنادقة أو هراطقة. كانوا متوفين أو كانوا على قيد الحياة! وإلا فلا معنى لأي تحرك رسمي بحجة إساءة هذه الجهة أو تلك إلى الدين عامة وإلى سنة الرسول ص خاصة؟؟؟ مع الإشارة الفورية إلى أن الملك العلامة سليمان العلوي، كان قد وجه خطابا إلى الأمة المغربية يدعوها فيه إلى مواجهة القبوريين والطرقيين بالصرامة اللازمة لأنهم أساءوا إلى الدين إساءة تستوجب فضحهم وكشف عوارهم أمام الملأ بما يكفي من البيان وبما يكفي من الوضوح!!! [email protected]