طنجة .. مناظرة تناقش التدبير الحكماتي للممتلكات الجماعية كمدخل للتنمية    جمعية المحامين ترحب بالوساطة للحوار‬    حموشي يخاطب مجتمع "أنتربول" بالعربية    قد يستخدم في سرقة الأموال!.. تحذير مقلق يخص "شات جي بي تي"    النصيري يزور شباك ألكمار الهولندي    المدير العام لإدارة السجون يلوح بالاستقالة بعد "إهانته" في اجتماع بالبرلمان    "المعجم التاريخي للغة العربية" .. مشروع حضاري يثمرُ 127 مجلّدا بالشارقة    الموقف العقلاني والعدمي لطلبة الطب    المغرب يمنح الضوء الأخضر للبرازيل لتصدير زيت الزيتون في ظل أزمة إنتاج محلية    المنصوري تكشف عن برنامج خماسي جديد للقضاء على السكن الصفيحي وتحسين ظروف آلاف الأسر    مجلس الجالية يشيد بقرار الملك إحداث تحول جديد في تدبير شؤون الجالية    حموشي يترأس وفد المغرب في الجمعية العامة للأنتربول بغلاسكو    إحصاء سكان إقليم الجديدة حسب كل جماعة.. اليكم اللائحة الكاملة ل27 جماعة    الأمازيغية تبصم في مهرجان السينما والهجرة ب"إيقاعات تمازغا" و"بوقساس بوتفوناست"        هذه حقيقة الربط الجوي للداخلة بمدريد    المغرب يعتمد إصلاحات شاملة في أنظمة التأمين الصحي الإجباري    1000 صيدلية تفتح أبوابها للكشف المبكر والمجاني عن مرض السكري    الأسباب الحقيقية وراء إبعاد حكيم زياش المنتخب المغربي … !    الرباط تستضيف أول ورشة إقليمية حول الرعاية التلطيفية للأطفال    اعتقال رئيس الاتحاد البيروفي لكرة القدم للاشتباه في ارتباطه بمنظمة إجرامية    توقيف 08 منظمين مغاربة للهجرة السرية و175 مرشحا من جنسيات مختلفة بطانطان وسيدي إفني    بايدن يتعهد بانتقال "سلمي" مع ترامب    ‬‮«‬بسيكوجغرافيا‮»‬ ‬المنفذ ‬إلى ‬الأطلسي‮:‬ ‬بين ‬الجغرافيا ‬السياسية ‬والتحليل ‬النفسي‮!‬    الخطاب الملكي: خارطة طريق لتعزيز دور الجالية في التنمية الاقتصادية    2024 يتفوق على 2023 ليصبح العام الأكثر سخونة في التاريخ    الجماهير تتساءل عن سبب غياب زياش    "أجيال" يحتفي بالعام المغربي القطري    ياسين بونو يجاور كبار متحف أساطير كرة القدم في مدريد    المنصوري تكشف حصيلة برنامج "دعم السكن" ومحاربة دور الصفيح بالمغرب    مجلس جهة كلميم واد نون يطلق مشاريع تنموية كبرى بالجهة    ليلى كيلاني رئيسة للجنة تحكيم مهرجان تطوان الدولي لمعاهد السينما في تطوان    انطلاق الدورة الرابعة من أيام الفنيدق المسرحية    وزارة الصحة المغربية تطلق الحملة الوطنية للتلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية    صَخرَة سيزيف الجَاثِمَة على كوَاهِلَنا !    ما هي انعكاسات عودة ترامب للبيت الأبيض على قضية الصحراء؟    انتخاب السيدة نزهة بدوان بالإجماع نائبة أولى لرئيسة الكونفدرالية الإفريقية للرياضة للجميع …    ندوة وطنية بمدينة الصويرة حول الصحراء المغربية    مورو يدشن مشاريع تنموية ويتفقد أوراشا أخرى بإقليم العرائش    بنسعيد يزور مواقع ثقافية بإقليمي العيون وطرفاية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    ضبط عملية احتيال بنكي بقيمة تتجاوز 131 مليون دولار بالسعودية    سفير أستراليا في واشنطن يحذف منشورات منتقدة لترامب    قانون إسرائيلي يتيح طرد فلسطينيين        خبراء أمراض الدم المناعية يبرزون أعراض نقص الحديد    أولمبيك مارسيليا يحدد سعر بيع أمين حارث في الميركاتو الشتوي    محكمة تونسية تقضي بالسجن أربع سنوات ونصف على صانعة محتوى بتهمة "التجاهر بالفاحشة"    بعد رفعه لدعوى قضائية.. القضاء يمنح ميندي معظم مستحقاته لدى مانشستر سيتي    مزور: المغرب منصة اقتصادية موثوقة وتنافسية ومبتكرة لألمانيا    إعطاء انطلاقة خدمات مركز جديد لتصفية الدم بالدار البيضاء    إحصاء 2024 يكشف عن عدد السكان الحقيقي ويعكس الديناميكيات الديموغرافية في المملكة    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بالسيدا يعلن تعيين الفنانة "أوم" سفيرة وطنية للنوايا الحسنة    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    وهي جنازة رجل ...    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إشكالية القاسم الانتخابي
نشر في هسبريس يوم 30 - 03 - 2021

أثار التفاعل العلمي الموازي حول التعديلات المدخلة على المنظومة التشريعية الانتخابية، خلال الدورة الاستثنائية البرلمانية، إشكالية احتساب القاسم الانتخابي على أساس جديد يستند على عدد المسجلين في اللوائح الانتخابية، بديلا لعدد أوراق التصويت القانونية الصحيحة بالنسبة لانتخاب أعضاء مجلس النواب، مع سن اعتماد عدد المصوتين، بصفة عامة، بالنسبة لانتخابات أعضاء مجالس الجماعات الترابية. وذلك في انتظار قرار المحكمة الدستورية بشأن هذا الموضوع الذي يتعذر الفصل فيه بين البعد القانوني التقني والبعد السياسي، مع استحالة استبعاد الهواجس التوقعية المتباينة لنتائج الانتخابات المقبلة.
ولئن كان من زاوية مقاربة دستورية نصية واستقراء قرارات سابقة لجهة القضاء الدستوري المختص، يتعين توقع استحالة تعقيب المحكمة الدستورية على السلطة التقديرية للبرلمان في تعديل اختياره لنوعية التدابير التشريعية التي يرتضيها لبلوغ أهداف مقررة في الدستور، إذا تبين لها أن ذلك لا يخالف أحكام هذا الأخير.
كما أنه لئن كان، من زاوية علمية صرفة، يصعب ترجيح أي رهان سياسي حاسم لمضمون القاسم الانتخابي الملائم ونتائجه السابقة لأوانها، فإنه ينبغي الإشارة إلى أن تعزيز الاختيار الديموقراطي وتكريس التعددية السياسية والحزبية لا يقترنان بالضرورة بمعادلة القاسم الانتخابي وطريقة توزيع المقاعد الانتخابية. بيد أنه يتعين ملاحظة أن التصويت الانتخابي هو سند التمثيل الديموقراطي (أولا) كما أن احتساب القاسم الانتخابي يثير إشكالية الملاءمة مع استبعاد أوراق التصويت غير القانونية من نتائج الانتخابات (ثانيا).
أولا: التصويت الانتخابي هو سند التمثيل الديموقراطي
كما هو معلوم فإن مبدأ "حرية التصويت" من المبادئ الأساسية التي يقوم عليها الدستور المغربي، كما أن هذا الأخير نص في الفقرة الثانية من فصله الثاني على أن الأمة تختار ممثليها في المؤسسات المنتخبة، بواسطة الاقتراع الحر والنزيه ونص في الفقرة الأولى من فصله السابع على أن الأحزاب السياسية "تساهم في التعبير عن إرادة الناخبين، والمشاركة في ممارسة السلطة، على أساس التعددية والتناوب، بالوسائل الديمقراطية، وفي نطاق المؤسسات الدستورية"، وفي فصله الحادي عشر على أن: "الانتخابات الحرة والنزيهة والشفافة هي أساس مشروعية التمثيل الديمقراطي". وبناء على ذلك، فإن زاوية النظر الدستوري، من الناحية الموضوعية، يتعين أن تنصب على مدى سير التعديلات التشريعية الجديدة في اتجاه إعمال المبادئ الدستورية المذكورة، وعدم مخالفتها للدستور. وفي هذا الصدد قد يكون من غير الملائم استبعاد النظر في اعتماد قاسم انتخابي جديد خارج عدد المصوتين بالنسبة لانتخاب أعضاء مجلس النواب، مع ملاحظة الإبقاء عليه بالنسبة لانتخاب أعضاء الجماعات الترابية.
ومن باب وضوح البيان الدستوري الصريح والضمني، الذي يتعذر إنكار وجاهته، من جهة التمييز بين التسجيل في اللوائح الانتخابية والتصويت في الانتخابات، يتعين تأكيد اقتران التمثيل الديموقراطي بالتصويت الانتخابي، من الناحية الدستورية، لا بالتسجيل في اللوائح الانتخابية، إذ يتعذر نفي ربط التمثيل الديموقراطي ونتائج الانتخابات بالتصويت الانتخابي، مقابل جعل التسجيل في اللوائح الانتخابية عاملا مؤثرا في نتائج التصويت والتمثيل الديموقراطي وأولى من التصويت الانتخابي بالنسبة لتحديد القاسم الانتخابي المحدد لنتائج انتخاب أعضاء مجلس النواب بصفة خاصة. علما أن نتائج الانتخابات وحقيقة التمثيل الديموقراطي لا يمكن مطلقا فصلهما عن معادلة القاسم الانتخابي.
ومن جهة أولى، يتعين الإشارة إلى أهمية مراعاة أن الدلالة التشريعية للقاسم الانتخابي، باعتباره عنصرا جوهريا مؤثرا في نتائج الانتخابات والتمثيل الديموقراطي، لا يمكن أن تنفصل عن تحقيق الملاءمة التشريعية الأنسب، من الناحية الدستورية، مع حقيقة اختيار الأمة لممثليها في المؤسسات المنتخبة بالاقتراع الحر والنزيه والمنتظم، بموجب الفقرة الثانية من الفصل الثاني من الدستور، إذ لا يسعف السعي الموضوعي لإعمال أحكام الدستور ومبادئه في تجاوز مبدأ الاقتراع الحر والتصويت الانتخابي في تحديد معادلة القاسم الانتخابي، بما له من علاقة مع نتائج الانتخابات وحماية اختيار التمثيل الديموقراطي للأمة.
ثانيا: احتساب القاسم الانتخابي بالملاءمة مع استبعاد أوراق التصويت غير القانونية
إذا كانت حجية القيمة الدستورية لعدد المصوتين في الانتخابات أولى في مراعاة ترجيح اعتماد قاسم انتخابي محدد لنتائج انتخابية مبنية على احترام مبدأ التصويت والاقتراع الحر والتمثيل الديموقراطي للأمة، فإننا نثير ملاحظة إشكالية احتساب القاسم الانتخابي باستحضار ضرورة الملاءمة مع استبعاد أوراق التصويت غير القانونية، كقاعدة مكملة لأحكام الدستور، وذلك كما يلي:
أ- بالنسبة لاحتساب القاسم الانتخابي في انتخابات أعضاء مجلس النواب:
تنص الفقرة الثانية من المادة 84 من القانون التنظيمي رقم 04.21 يقضي بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلق بمجلس النواب على ما يلي: "توزع المقاعد على اللوائح بواسطة قاسم انتخابي يستخرج عن طريق قسمة عدد الناخبين المقيدين في الدائرة الانتخابية المعنية على عدد المقاعد المخصصة لها، وتوزع المقاعد الباقية حسب قاعدة أكبر البقايا، وذلك بتخصيصها للوائح التي تتوفر على الأرقام القريبة من القاسم المذكور"، حيث لا تنسجم بصفة مطلقة مع القاعدة التشريعية (المطابقة لأحكام الدستور) والتي تجعل نتائج الاقتراع في كليتها مستندة على أوراق التصويت القانونية الصحيحة، إذ لا تعتبر في تحديد هذه النتائج الأوراق الملغاة، كما هو وارد في القانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلق بمجلس النواب كما تم تعديله، حيث تنص الفقرة الثانية من مادته الحالية رقم 79 على ما يلي: "لا تعتبر الأوراق الملغاة في نتائج الاقتراع "، وكما هو وارد كذلك في القانون التنظيمي رقم 59.11 المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية كما تم تعديله بالقانون التنظيمي رقم 34.15، حيث تنص فقرته الثانية من مادته الحالية رقم 22 على نفس المقتضى التشريعي.
وحيث إن القاسم الانتخابي محدد أساسي في نتائج الاقتراع وعنصر جوهري في تحديد أثر تصويت الناخبين واختيار الأمة لممثليها في المؤسسة المنتخبة بالاقتراع الحر، فإن السند التشريعي الدستوري لاحتسابه هو أوراق التصويت القانونية الصحيحة، علما أن قاعدة اعتماد هذه الأوراق في نتائج الاقتراع بمثابة مقتضى تشريعي وارد في قانون تنظيمي مطابق للدستور، حيث "إن القوانين التنظيمية تعد منبثقة عن الدستور ومكملة له وتغدو أحكامها بعد تصريح المجلس الدستوري بمطابقتها للدستور امتدادا له" (قرار المجلس الدستوري رقم 786 بتاريخ 02 مارس 2010).
ومن جهة أخرى، يتعين ملاحظة أن توزيع المقاعد على اللوائح بواسطة قاسم انتخابي يستخرج عن طريق قسمة عدد الناخبين المقيدين في الدائرة الانتخابية المعنية على عدد المقاعد المخصصة لها، لا يأخذ بعين الاعتبار الحق الدستوري الشخصي في التصويت، والذي لا يترتب عنه بالضرورة مطابقة عدد الناخبين لعدد أوراق تصويتهم القانونية الصحيحة.
ب- بالنسبة لاحتساب القاسم الانتخابي في انتخابات أعضاء مجالس الجماعات الترابية:
تنص الفقرة الثانية من المادة 92 من القانون التنظيمي رقم 06.21 الذي يقضي بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 59.11 المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية على ما يلي: "توزع المقاعد بين اللوائح بواسطة قاسم انتخابي يستخرج عن طريق قسمة عدد المصوتين في الدائرة الانتخابية المعنية على عدد المقاعد المراد شغلها، وتوزع المقاعد الباقية حسب قاعدة أكبر البقايا، وذلك بتخصيصها للوائح التي تتوفر على الأرقام القريبة من القاسم المذكور، حيث تجب الإشارة إلى أنه في تطبيقها يتعين مراعاة أن نتائج الاقتراع تستند على عدد المصوتين بأوراق التصويت القانونية الصحيحة، تحقيقا للملاءمة مع الفقرة الثانية من المادة 22 من القانون التنظيمي رقم 06.21 الذي يقضي بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 59.11 المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية، والتي تنص على ما يلي: "لا تعتبر الأوراق الملغاة في نتائج الاقتراع".
وحيث إن منطق حسم الجدل الدستوري بشأن شرعية أو عدم شرعية احتساب القاسم الانتخابي على أساس عدد المسجلين في اللوائح الانتخابية بدل عدد المصوتين سيبقى من الناحية العملية داخل اختصاص نظر جهة القضاء الدستوري المختص، ببساطة لأن هذا الأخير هو من سيرجح السند الدستوري القانوني الملائم في وجهة نظره لحقيقة التمثيل الديموقراطي الحر. وفي كل الأحوال فإن الرهان على صيانة الاختيار الديموقراطي وتكريس تعددية سياسية وحزبية منتجة يبقى أولى وأهم من منطق حسابات الربح والخسارة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.