تذكرنا واقعة أحمد عصيد و تصريحاته الأخيرة في حق شخص الرسول صلى الله عليه و سلم واتهامه بالإرهاب وما تلا ذلك من سيل من الانتقادات و التنديدات والاتهامات بلغت حد التكفير، بواقعة المثقف البريطاني ذوي الأصول الهندية سلمان رشدي صاحب كتاب : " آيات شيطانية " هذا الكتاب الذي كان إصداره (صدر في لندن 26 شتنبر 1988 )سببا في إصدار فتوى من طرف الإمام الخميني بهدر دمه في 14 فبراير 1989 ( نص الفتوى : " إنني أبلغ جميع المسلمين في العالم بأن مؤلف الكتاب المعنون ( آيات شيطانية ) الذي ألف وطبع ونشر ضد الإسلام والنبي والقرآن وكذلك ناشري الكتاب الواعين بمحتوياته ، قد حكموا بالموت ، وعلى جميع المسلمين تنفيذ ذلك أينما وجدوهم،كي لا يجرؤ أحد بعد ذلك على إهانة الإسلام ، ومن يقتل في هذا الطريق فهو شهيد " ) ، بسبب ما تضمنه الكتاب من إساءات للذات الإلاهية ولشخص الرسول (ص) ولزوجاته ،وتم تخصيص مكافأة مقدارها 3 ملايين دولار لكل من يقتل سلمان رشدي ، بحيث حينها أسيل مداد كثير و مقالات وردود واسعة النطاق من عدد من المثقفين والعلماء بمختلف مشاربهم وانتماءاتهم ومن مختلف ربوع العالم الإسلامي وذاع صيت سلمان رشدي و سطع نجمه وارتفعت مبيعات الكتاب فقد نفذت نسخه فى بريطانيا، التى بلغت 57 الف نسخه و بلغت حجم المبيعات فى الولآيات المتحدة 100 الف نسخة، إثر ذلك وبعد 9 أيام أصدرت الهند قرارا بمنع سلمان رشدي من دخول بلاده، كما سارعت إلى سحب الكتاب من مكتباتها ودور النشر ، كما تلقت دار النشر التي تكلفت بطبع الكتاب الآلاف من رسائل التهديد والاتصالات الهاتفية المطالبة بسحب الكتاب من دور البيع، كما قامت دول كل من بنغلاديش والسودان وسنغافورة وجنوب افريقيا وكينيا وسريلانا والعديد من الدول الأخرى بمنع تداول الكتاب، وخرجت مظاهرات منددة بهذا الكتاب كما تم حرق أعداد كبيرة من الكتاب في عام 14 يناير 1989 ببرادفور بالمملكة المتحدة، وانتشر خبر إهدار دم سلمان رشدي في مختلف ربوع العالم الإسلامي وما فتئ المسؤولون الإيرانيون في كل المناسبات الرسمية يؤكدون على استمرار صلاحية فتوى إهدار دم سلمان رشدي ، بحيث أكد مساعد وزير الدفاع الايراني لشئون التنسيق العميد نصرالله عزتي:" إن كثيرين مازالوا يتحينون الفرصة لقتل الكاتب سلمان رشدي رغم مرور سنوات علي اصدار فتوي باهدار دمه."،كما أعلن رجل الدين الإيراني أحمد خاتمي، في عام 2007، أنّ الفتوى بهدر دم الكاتب البريطاني سلمان رشدي التي أصدرها الإمام الخميني (قده) في العام 1989 بسبب كتابه «آيات شيطانية»، لا تزال سارية، مؤكداً أنها: «غير قابلة للتعديل"، وبهذا دفع سلمان رشدي ثمن كتابته لهذه الرواية بانه عاش مختفيا على الانظار والحياة العامة لمدة 10 سنوات ، لكن في فبراير 1992 خرج سلمان من مخبئه فى لندن وحضر احتفالا فى الذكرى الثالثة لإعلان الحكم بإعدامه والذى اصدره الخومينى ، وفى الحفل دافع رشدى عن روايته ورغم إنه ضحية الارهاب الدينى وفى جامعة كولومبيا وفى لقائه مع مجموعة من طلابها اعلن سلمان رشدى إنه سيمضى فى اعادة طبع روايته آيات شيطانية إلى طبعة شعبية لتوزيعها على اوسع نطاق فى العالم ، و في المقابل و رغم أن ما قاله الأستاذ عصيد و ما تلاه من ردود أفعال و انتقادات على الأقل من الناحية المقارنة لم يرق إلى مستوى ما قاله الكاتب الهندي سلمان رشدي من حيث مستوى الجرأة و الإثارة وحتى على مستوى ردود الفعل المضادة لم تصل في الحالة الاولى إلى حد استصدار فتوى إهدار الدم كما حصل في الحالة الثانية . لكن دعونا من كل هذا و ذاك ولنقف وقفة هادئة للتأمل ومساءلة موضوعية لما يمكن استنتاجه من خلال الواقعتين ، دون الحاجة إلى الخوض في كل من تفاصيلهما و حيثياتهما وسياقاتهما ومدخلاتهما التاريخية والسياسية وخلفياتهما الأيديولوجية في ثلاث قواعد منهجية أساسية : القاعدة الأولى : " كل محظور مشهور " فحالة التعبئة العامة بمختلف آلياتها الدينية والسياسية والتنظيمية ومن مستويات عدة رسمية وغير رسمية التي خلفتها فتوى إهدار دم سلمان رشدي من جراء إصداره كتاب : " آيات شيطانية " ، فقد ساهمت أولا من حيث وعينا و لاوعينا في شهرة الرجل و في انتشار واسع لكتابه وحظي بإشعاع واسع أكثر من عمله الإبداعي الكبير والذي حاز فيه على جائزة بوكر الانجليزية الهامة سنة 1981 بعنوان :" أطفال في منتصف الليل "، رغم إن إصدار فتوى إهدار الدم كان له ما له من خلفيات سياسية ، مرتبطة أساسا بأجندة الصراع السياسي القائم آنذاك بين تيار الشاه و تيار الخميني وهي كانت ورقة في يد النظام السياسي لعب بها في إطار السياسة الخارجية الإيرانية من أجل كسب تأييد وطني ودولي من أجل القضاء على نظام الشاه الإيراني ، وفي هذا السياق كتب المفكر الكبير المعروف بمناظراته القوية ضد كبار المسيحية العالم أحمد ديدات كتابا بعنوان : " شيطانية الآيات الشيطانية " ، وكذلك مقال الناقد علي الكاش في مقال له بعنوان: "كشف المستور بين الخميني وسلمان رشدي" المنشور على موقع صحيفة المتوسط 8/4/2012. حيث توصل الكاش إلى النتيجة التي لم يستطع أن يتوصل إليها كثير من مثقفي العرب وقرائهم ونقادهم حين قال في مقطعه الخاص أن السبب الكامن وراء إهدار الخميني لدم سلمان رشدي، هو ما يأتي:" "هذه الصورة الهزيلة للإمام وعلاقته بجبرائيل(ع) وحربه مع الإمبراطورة ومناهضته للعلم وأفكاره البالية واستبداده بالرأي واحتكاره الدين لنفسه وتسببه بقتل مئات الألوف من الإيرانيين " ، رغم أن كل هذا لا ينفي جريرة الكاتب سلمان رشدي الكبرى المرتبطة بإساءاته للذات الإلاهية وللنبي الكريم ولزوجاته ، أما من حيث الدين ومسألة المساس بشخص الذات الإلاهية وشخص النبي (ص) وزوجاته فكان يجب الانتباه إلى أن فتوى الإمام الخوميني كان حقا أريد به باطل وتأكيد للجدلية التاريخية بين المثقف و السلطة، فكم من مرة تنتهك أعراض كبار أصحاب النبي(ص) من أمثال عمر بن الخطاب وأبو بكر الصديق و سيدتنا عائشة رضي الله عنها وباقي زوجات الرسول(ص) وكبار المبشرين والتابعين على لسان كبار علماء وفقهاء الشيعة من الحوزة العلمية في إيران ومن خارج إيران كذلك و لا يتركون فرصة إلا ويرمون شخص الرسول (ص) وصحبه و أهله من سلالة آل البيت النبوي الشريف رغم ما ثبت عنه عليه الصلاة والسلام كما عند البخاري ومسلم أنه قال :" خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم " وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام : " لاتسبوا أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه " متفق عليه، و رغم ذلك و لا حركة و رد فعل و في أغلب الأحيان نكتفي بإصدار بيان أو ندوة أو إطلاق حوار من أجل التقارب السني- الشيعي، و أكيد أن كثير ممن رفضوا أو احتجوا أو انتقدوا كتاب:" أيات شيطانية" لم يقرؤوا الكتاب و حتى و إن قرؤوه لم يقرؤا الخط الفكري والأدبي للرجل رغم ما يمكن أن يصدر منه من اجتهادات هنا أو هناك ، لأنه دائما وكما جرت العادة في خضم الضجات والزوبعات الإعلامية ينشغل الناس بما يرويه الآخرون عن الأحداث و لا يرجعون إلى مصادر الرواية والخبر و لا يكلفهم ذلك حتى عناء التوقف لبضع سويعات من أجل تفحص وقراءة الحدث/الواقعة قراءة علمية وموضوعية بعيدا عن السياقات والخلفيات والتأثيرات السياسية والإعلامية المصاحبة للحدث/الواقعة ، وبالتالي فعديد من المواقف والانتقادات ضد عديد من الإبداعات والانتاجات الفنية والسينمائية والأدبية والفكرية تكون في كثير منها تفتقد إلى شيئ من الموضوعية و تغيب فيها المهنية والتخصص والأهلية العلمية ، وكلها قد تكون مجرد انطباعات أو قراءات غير متصلة للسند أو بسند روائي ضعيف، وقد تجد شخصا له موقف من هذا الكتاب أو من هذا المثقف لا لشيئ إلا لأن صديقه أو زعيمه أو شيخه قد أوحى له أو أمره بألا يقرأ ذاك الكتاب أو ألا ينصت لذلك العالم أو ذاك المثقف خوفا عليه من الضلال أو الإلحاد ، وقد تجد هناك لائحة من الكتب/الكتاب المحددة سلفا والمحرمة قراءتها هكذا جزافا رغم أنها قد تكون من أمهات المصادر والمراجع المصنفة و قد تكون محكمة في العديد من الفضاءات العلمية والمعرفية بفعل استمرار سلطة جدلية الايديولوجيا/ العلم ، لكن يبقى الخطير والمهم وهي أن هذه الانطباعات قد تتحول في نفس الوقت إلى أحكام ومواقف جاهزة وقد تفضي إلى سلوكات عدوانية اتجاه هذا العمل / المنتوج أو ذاك الكاتب/المثقف قد تصل حد التكفير أو استحلال الدم، وفيها هذا المقام وجب أن ننصت لقولة بليغة للمفكر الفرنسي فولتير : " قد أختلف معك في الرأي و لكني مستعد لكي أموت كي تقول رأيك ". القاعدة الثانية : " رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب" وهذه قاعدة ذهبية في تدبير الخلاف و الاختلاف بين أهل العلم والرأي وهي للفيلسوف الإسلامي والإمام الجليل الشافعي رضي الله عنه ، و يعود أصلها إلى نهاية القرن الثاني الهجري، والذي اشتهر عصره بكثرة الاجتهادات الفقهية في سياق ما سمي بظاهرة علماء الكلام أو الفرق الكلامية ونشوء مدرستين عظيمتين في الفقه الإسلامي هما مدرسة مدرسة الأثر والحديث وعلى رأسهم الإمام مالك في الحجاز ، ومدرسة الرأي برآسة الإمام أبو حنيفة في العراق ، وكانت تقام لذلك مناظرات و ندوات عدة بين أشهر العلماء والفقهاء آنذاك في جو من الحرية والاجتهاد و الانضباط لقواعد الحجاج و التدليل العلمي واحترام الرأي والرأي الآخر، لا على أساس النفي والمصادرة و الوصاية و إقصاء حق الآخر في الرأي والاجتهاد تحت أي مسوغ ديني أو عرقي ، رغم أن ذلك العصر شهد اعتقالات واسعة و سجن للعديد من الفقهاء و العلماء الجهابذة بسبب أفكارهم و اجتهاداتهم القوية نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر : الإمام أحمد بن حنبل و الإمام أبو حنيفة و الإمام مالك، وعليه فعملية التأسيس لقواعد في أدب الحوار وتدبير الااختلاف بين الناس هي قائمة منذ قدم التاريخ ، وكان ما ميز تلك الفترة هو مناخ الحوار والنقد في مستوى عالي من التقدير والاحترام والحفاظ على العلاقات بين أصحاب الرأي والعلماء ، حيث يقول في هذا المقام الإمام يونس الصدفي : " ما رأيت أعقل من الشافعي، ناظرته يوما في مسألة ثم افترقنا، ولقيني فأخذ بيدي، ثم قال يا أبا موسى، ألا يستقيم أن نكون إخوانا وإن لم نتفق في مسألة " (الذهبي ، سير اعلام النبلاء ص :16/10)،و يعلق الذهبي على هذا فيقول: "هذا يدل على كمال عقل هذا الإمام وفقه نفسه، فما زال النظراء يختلفون" (الذهبي ، سير اعلام النبلاء ص :17/10)، ، وهذا يظهر مستوى الرشد و الرقي الذي يجب أن تكون عليه مختلف المناظرات والنقاشات و حتى الخلافات ، و قد قيل فيما مضى بأن الاختلاف لا يفسد للود قضية،والحوار قيمة سامية والله عز وجل أعطى اول مثال من خلال نبي الله موسى عليه السلام الذي كان يوصف بكليم الله ، ونبي الله ابراهيم خليل الله ومحمد رسول الله (ص) وهو خاتم الرسل و الأنبياء كلمه الله من خلال الملائكة وعلى الخصوص أمين الوحي الملاك جبريل عليه السلام، وبالتالي فإن رسالة الإسلام رسالة حوار و فيها دعوات ربانية وفي مواطن كثيرة تدعو إلى طلب العلم والتفكر والاجتهاد والتدبر في مخلوقات الله و في ملكوت الله ، يقول الله تعالى في كتابه العزيز : "أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا " (النساء 82) و قوله تعالى " قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ " ( العنكبوت 20) و قوله تعالى :" وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ "هود( 118) وكذلك قوله تعالى:" ِلكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ" (المائدة 48)كما يدعونا إلى إعمال العقل بما يعنيه من استخدام لآليات الشك والنقد والتركيب والبرهان وطرح السؤال على أساس من البينة والدليل العلمي والتحليل الموضوعي الرصين البعيدعن المزايدات والجدال العقيم والاتهامات ،" قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين " " البينة على من ادعى و اليمين على من أنكر " بشكل تتأسس معه معرفة علمية تنضاف كرصيد حضاري للأمة و الدولة و تصبح متداولة بين الأمم والبشرية جمعاء. القاعدة الثالثة : " دعوها فإنها منتنة " جاء في البخاري أن رجلين من المهاجرين والأنصار تشاجرا فقال الأنصاري يا للأنصار. وقال المهاجري يا للمهاجرين فسمع ذاك رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال: " ما بال دعوي جاهلية قالوا يا رسول الله كسع رجل من المهاجرين رجلاً من الأنصار. فقال:" دعوها فإنها منتنة "فذكر النسب أو الوطن علي سبيل الافتخار والتكبر علي الآخر من دعاوي الجاهلية التي أبطلها الإسلام، قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:" لا فضل لعربي علي أعجمي ولا لعجمي علي عربي ولا أبيض علي أسود ولا أسود علي أبيض إلا بالتقوي الناس من آدم وآدم من تراب" . وقال الله تعالي " إن أكرمكم عند الله أتقاكم (الحجرات: 13) فالأكثر تقوى هو الأكرم عند الله ولو كان عبداً حبشياً والأنساب لا تغني شيئاً عن العبد، قال رسول الله صلي الله عليه وسلم لابنته فاطمة رضي الله عنها:" يا فاطمة بنت محمد لسيني ما شئت من مالي لا أغني عنك من الله شيئاً وقال عنها وأيم الله، لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها "، إذن لا مجال للتفاضل و التمييز لا على أساس عرقي أو لغوي أو مذهبي وكيفما كانت مبررات ودواعي ذلك ،فالمعركة المرحلية والأولية في سياق ما سمي بالربيع الديمقراطي الذي شهدته المنطقة العربية هي معركة الديمقراطية وإقرار حكم المؤسسات وسيادة القانون ونقض الاستبداد بمختلف صوره ومستوياته ، ولا يجب أن نلتفت أو أن نسقط ضحايا لمحاولات التحريف الواعية والغير الواعية لقضايا في سياق معارك هامشية و مفتعلة من خلال مسرحيات ومسلسلسلات لمحاكمات للرأي ومصادرات للفكر من هذا الطرف أو ذاك والتشهير على طريقة البوليس السياسي بدعوى امتلاك الحق و الحقيقة ، رغم أن مجال الفكر و الرأي واسع و شاسع وهو محض اجتهاد بشري و ليس نبوي ، والشيطان ابليس الذي هو أكبر المخلوقات دناءة و لعنة باتفاق جميع الديانات والكتب السماوية وتوعد البشرية جمعاء بالفساد و العدوان والفتن الكبرى كما يخبرنا القرآن الكريم ، حاوره الله عز وجل( تعالى الله عن ذلك و هو الذي لا يجوز مقامه مع باقي مخلوقاته جل وعلا) وطرده الله عز وجل من الجنة و أبقاه إلى يوم الدين ولم يقتله ليختبر عباده من البشر في مدى التزامهم برسالة الإيمان بوحدانيته وعبادته عبادة خالصة يقينية ، و بالتالي فدعوها فإنها منتنة أو كما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم. فإثارة النعرات أو الصراعات الطائفية والمذهبية دائما كانت قناع وتمهيدا لحروب أخرى ستذهب على الأخضر واليابس و يستفيذ منها دائما أصحاب السلطة والنفوذ والأطماع والمصالح الاستراتيجية / نذكر على سبيل المثال لا الحصر : لبنان والعراق، ولنترك للتاريخ و للشعب كلمة الفصل والحكم، وندعو إلى كلمة سواء بين الجميع من أجل مصلحة البلاد والعباد ، والجنة يدخلها الله برحمته من يشاء من عباده، لأن العصر الآن عصر التكتلات والإتحاد من أجل القدرة على مجابهة الأزمات السياسية والاقتصادية و الاجتماعية و كل التجارب التاريخية المقارنة تؤكد ذلك ( الاتحاد الأوربي والولايات الأمريكيةالمتحدة نموذجا) فجميعا نحو تأسيس جبهة وطنية لحماية الديمقراطية : تبدأ أولا بحماية الدستور و إقرار دولة المؤسسات وسيادة القانون و تفعيل مبدأ السيادة الشعبية وتنتهي بمكافحة الفساد ومواجهة الميوعة السياسية و محاسبة المتورطين وعدم الإفلات من العقاب بشكل تتحقق معه عملية انتقال حقيقي إلى الديمقراطية .