حذر عبد الله بوصوف، الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج، من خطورة تشجيع المطالب الانفصالية لإقامة دولة جديدة في الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية، مؤكداً أن إنشاء منطقة أخرى في العالم الإفريقي سيضر ليس فقط بمصالح المغرب وإنما بمصالح الجميع، بما في ذلك القارة الأوروبية. وأوضح عبد الله بوصوف، أمام سفراء العالم خلال استضافته من طرف المؤسسة الدبلوماسية بالرباط اليوم الثلاثاء، في إطار الملتقى الدبلوماسي الدوري، أن مجلس الجالية يؤهل مغاربة العالم من أجل الدفاع عن عدالة قضية الصحراء المغربية. وأشار الأمين العام لمجلس الجالية أمام سفراء العالم إلى أن هذا الترافع "ليس من أجل خلق معركة مع الجزائر أو أي بلد آخر، بل يهدف أساسا إلى شرح الوضعية الحقيقية لهذا النزاع الإقليمي والمخططات التي ترمي إلى إقامة منطقة في العالم الإفريقي". ونبه بوصوف، في مداخلته، من مغبة وجود كيان جديد بالمنطقة "يغذي الفتنة ويخلق نوعا من عدم التوازن داخل القارة الإفريقية، وهي المخاطر التي ستنتقل إلى الضفة الشمالية لأوروبا وكل أجزاء العالم". ولفت المتحدث ذاته الانتباه إلى ما يقع اليوم في منطقة الساحل والصحراء من انتشار الجماعات الإرهابية المتطرفة، خصوصا في نيجيريا وتشاد ومالي وبوركينا فاسو، قبل أن يضيف: "لا نريد بؤر توتر جديدة، أو دولة نبحث غدا عمن يطعمها ويقدم لها الدعم المالي". ويرى الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج أنه كلما زادت التوترات إلا وزادت مشاكل الإنسان، ومن ضمن ذلك انتشار الإرهاب والهجرة غير الشرعية وتجارة السلاح، وأشار إلى تدفق المهاجرين من ليبيا تجاه جزيرة لامبيدوزا الإيطالية بسبب حالة اللااستقرار التي دخلت فيها ليبيا منذ سنوات. وتحدث بوصوف خلال عرضه عن دور مجلس الجالية المغربية بالخارج، الذي قال إنه يسعى إلى بناء كفاءات قوية تستطيع أن تخدم الإنسان، لافتا إلى أن التكوين الذي يشتغل عليه يطمح إلى تنوير الرأي العام حول القضايا الكبرى التي تهددنا. ودعا بوصوف ممثلي دول العالم بالرباط إلى دعم الدول المستقرة وليس زعزعة الاستقرار من خلال تغذية المطالب الانفصالية، مشددا على "ضرورة دعم استقرار إفريقيا، وهو أمر لن يحقق إلا عبر دعم الكيانات الكبرى، بما في ذلك المغرب العربي ككيان إقليمي قوي يساهم في استقرار وتنمية المنطقة". من جهة ثانية، شدد بوصوف على ضرورة استفادة المغرب من كفاءاته الموجودة في الخارج، مشيرا إلى أن المملكة تشتغل حاليا على تطوير منظومتها الصناعية والتكنولوجية في مناطق عديدة، وهو ما يستلزم بحسبه مساهمة الكفاءات المغربية الموجودة في العالم. وجدد الأمين العام مقترحة الذي قدمه للحكومة بخصوص إنشاء وكالة خاصة تشتغل على استقطاب الكفاءات المغربية، لكنه أشار إلى أنه لا يمكن مطالبة هذه الكفاءات بالعودة بصفة نهائية إلى البلاد. وأعطى بوصوف مثالاً على ذلك بالدور الذي يلعبه سمير مشهور، نائب المدير العام لمجموعة سامسونغ بيولوجيكس، من خلال مفاوضاته مع شركة "أسترازينيكا" لتوفير اللقاح للمملكة المغربية، موردا أن وكالة الكفاءات سيكون عملها هو تحديد الميادين التي يحتاج فيها المغرب إلى كفاءاته بالخارج قبل المرور إلى تحديد الدول التي يتواجد فيها هؤلاء. وأشار المتحدث ذاته إلى دول اعتمدت إستراتيجية "وكالة الكفاءات"، ومنها الصين والهند والمكسيك وتركيا، لتشجيع انخراط جالياتها في تنميتها، داعيا الحكومة إلى خلق سياسة تحفيزية مبنية على معرفة دقيقة للاحتياجات في هذا المجال. وشدد الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج على أن المملكة في "أمس الحاجة إلى هذه الكفاءات التي أثبتت للعالم علو كعبها"، مبرزا أن دور هذه الكفاءات أيضا هو "المساهمة في إغناء النقاش العمومي المغربي حول بناء الديمقراطية، لأن المهاجرين المغاربة يعيشون في بلدان متقدمة ومتطورة، من أجل بناء دولة الحق والقانون والديمقراطية". وبخصوص تصويت الجالية المغربية في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، أكد بوصوف أن الدستور المغربي يضمن هذا الحق للمهاجرين المغاربة بالخارج، مشيرا إلى أن "الأحزاب المغربية كلها تتفق على المشاركة السياسية للجالية، لكنها لم تصل إلى حل في المشاورات الأخيرة يضمن استفادة مغاربة العالم من حق المشاركة في الانتخابات". ودعا بوصوف إلى فتح نقاش موسع حول مشاركة الجالية المغربية في الانتخابات بعد الاستحقاقات المقبلة، وذلك من أجل البحث عن توافقات تضمن مصلحة المغرب ومصلحة الجالية المغربية على حد سواء، مشيرا دراسة أجراها مجلس الحالية بينت أن الشباب المغربي بالخارج ما بين 18 و38 سنة 8 بالمائة منهم من يهتم بالقضايا السياسية للبلاد.