أثار إدراج جزء من الفقرة الأولى ،من الفصل 42،من الدستور،في البيان الصادر عن المجلس الوطني لحزب الإستقلال،المنعقد في 11ماي 2013،الكثير من النقاش و المتابعات،التى قرأت أساساً هذا الإدراج كطلب على "التحكيم الملكي". الكثير من التحاليل،ربطت بين هذا الفصل ،على ضوء هذا الإستعمال السياسي ،و بين الفصل التاسع عشر في التجارب الدستورية السابقة0 الواقع أن الفصلين 41و42 ،يشكلان محاولة لتطويق ما ظل يعرف ب"إشكالية الفصل 19"عن طريق تقسيمه،على أساس التمييز بين الصلاحيات الدينية الحصرية للملك،كأمير للمؤمنين،وبين المهام السيادية والضمانية والتحكيمية ،التي يمارسها ،كرئيس للدولة،استنادا إلى مقتضيات منصوص عليها صراحة في فصول أخرى من الدستور. إن تمثل الفاعلين السياسيين لمقتضيات الدستور،و استراتيجيات "إستعمالهم" لنصوصه،تحدد في بعض الحالات الصيغة النهائية لتشكله على أرض الواقع.ان الفصل التاسع عشر من الدساتير السابقة ،يعتبر حالة مدرسية في هذا التدليل على هذه القاعدة،لقد عاش هذا الفصل فترة "كمون"منذ بداية الستينات حتى اوائل الثمانينات،حيث ظل ينظر إليه الباحثون كفصل بمتن تشريفي و ثراتي ،و بلا فاعلية قانونية،لتصبح له فيما بعد حياة ثانية،تحت تأثير المقاربة التقليدانية. الأكثر من ذلك أن أحزاب الكتلة مثلا ،سبق لها ان استبطنت نفسها هذا المضمون التأويلي للفصل التاسع عشر، عندما طالبت بعد "مجزرة "الانتخابات غير المباشرة لعام 1993،بتدخل الملك الراحل لإلغاء هذه الإنتخابات بناء على صلاحياته الواردة في هذا الفصل!. اليوم،اذا كان بعض الباحثين ،مثل الأستاذ مصطفى السحيمي،قد اعتبروا أن التدخل الملكي في هذه الخلاف السياسي الحالي بين حزب الإستقلال و رئاسة الحكومة، يجد شرعيته في الجزء المتعلق من المهام الواردة في الفصل 42،المتعلق بالسهر على حسن سير المؤسسات الدستورية(=الحكومة هنا)،فإن تحليل مضمون خطاب قيادات حزب الإستقلال ،بعد إصدار بيان المجلس الوطني الأخير ،يشير بوضوح إلى أن المقصود بالإشارة إلى الفصل المذكور،هو بالظبط طلب على تحكيم ملكي. ان الملاحظة التي تطرح أولا ،تتعلق بعدم إمكانية تكييف نزاع حزبي داخل أغلبية حكومية،كموضوع للوظيفة التحكيمية التي يمارسها الملك بين مؤسسات الدولة؟، ان ما يقع لا يعدو أن يكون تعبيراً عن فشل الفاعل الحزبي في تدبير المجال الحكومي بمنطق برلماني ،و بحرص على إستغلال المساحات التي يوفرها الدستور الجديد، الكفيلة ببناء شرعية حكومية ،استنادا على نتائج الانتخابات،و تشكيل أغلبية سياسية،و تنصيب البرلمان. هذا الفشل هو الذي يبرر من جهة ، كيف كان إلى أمس قريب ، يصر السيد عبد الاله بنكيران،على تفعيل عقيدته السياسية ، المبنية على قاعدة أولوية العلاقة مع الدولة على التقيد بالدستور،عندما يلوح قائلا بان رحيله بيد الملك ، حينها لم يكن يترك جانبا -فقط-تعاقداته الانتخابية مع المواطنين الذين اختاروا التصويت على حزبه،كما لا يفعل نفس الشئ بجوهر الميثاق السياسي ،الذي ترجمه تصويت الأغلبية على برنامجه الحكومي.بل أكثر من ذلك انه يتجاهل نصوص الدستور الذي لم يتصور ،صراحة،وضعا يكون انهاء الحكومة بيد الملك،بشكل مباشر. اليوم ،و بنفس الإستبطان السياسي للتأويل الرئاسي،لدى الفاعلين ،للوثيقة الدستوري،فإن الطلب الحزبي على تحكيم ملكي في تدبير الأغلبية الحكومية،يعني تجاوز الإمكانيات الدستورية التي تتيحها العلاقة"البرلمانية"بين الحكومة و السلطة التشريعية،و الإنتقال رأساً إلى الإمكانيات التي قد يتيحها تأويل معين ،للعلاقة "الرئاسية"داخل السلطة التنفيدية،عبر قراءة جديدة للفصل 42،ربما من شأنها تقويض الهامش الكبير من الإستقلالية التي تصورته الهندسة الدستورية ،للحكومة،تجاه المؤسسة الملكية،من حيث التأليف والصلاحيات،و من حيث مسؤوليتها أساسا أمام البرلمان.