يعيش حزب "العدالة والتنمية"، قائد الائتلاف الحكومي، على وقع نقاش داخلي فرضه توجه وزارة الداخلية إلى تعديل القاسم الانتخابي على أساس عدد المسجلين في اللوائح الانتخابية، وذلك على بعد شهور قليلة من "تشريعيات 2021′′، حيث لوّح قياديو "الحزب الإسلامي" بإمكانية سحب الثقة من الحكومة التي يقودها من أجل قطع الطريق على أحزاب الأغلبية والمعارضة الساعية إلى مواجهة "هيمنته" داخل البرلمان. ويشكل القاسم الانتخابي عقبة جديدة أمام حزب العدالة والتنمية، الذي يرفض تعديله على أساس عدد المسجلين في اللوائح الانتخابية، بينما توحدت أحزاب المعارضة من أجل التصويت على المقترح ضدا في تشبث الحزب الإسلامي بالقاسم الانتخابي على أساس عدد الأصوات الصحيحة. وفي وقت رحبت فيه أغلب الأحزاب الممثلة في البرلمان بالخطوة التي اعتمدتها وزارة الداخلية، لا يقبل حزب العدالة والتنمية، ومعه متتبعون عن "المقاطعين"، المستجد الذي يعتبرون أنه "لن يمثل أصوات الناخبين بالشكل المثالي". وقالت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، في بلاغ لها أصدرته الجمعة، إنه بعد مناقشة عميقة لهذه التطورات، فإنها تجدد موقف الحزب القاضي برفض اعتماد قاسم انتخابي على أساس المسجلين، معتبرة أن "الانخراط الإيجابي للحزب في المشاورات الانتخابية وحرصه على التوافق فيما لا يمس المقتضيات ذات الصلة بجوهر الاختيار الديمقراطي، جعله يبدي مرونة كبيرة وتنازلا أحيانا عن بعض اختياراته الانتخابية". وفي هذا الصدد، أوضحت القيادية في حزب العدالة والتنمية أمينة ماء العينين أن "سعد الدين العثماني، بصفته رئيس الحكومة، فقد عمليا أغلبيته في البرلمان، وبذلك لا يمكن لحكومته أن تستمر إلا بتصويت جديد بمنح الثقة، وهو ما يفرض على رئيس الحكومة تفعيل الفصل 103 من الدستور". وأضافت أنّه "على العثماني أن يطلب تصويتا لمنح الثقة لحكومته بناء على موافقة البرلمان على النص المعروض، وإلا فسيتم التصويت بعدم منح الثقة، وسنكون في وضعية منطقية وديمقراطية، توقعها المشرع الدستوري ونص عليها في فصل واضح صوت عليه المغاربة"، مبرزة أن "نصوص الدستور التوقعية لا تكتب عبثا، بل تكتب لوقف العبث حين يصير مفروضا". وتابعت ماء العينين قائلة: "نحن نتجه إلى الإجهاز الكلي على المعنى في العملية السياسية وليس فقط العملية الانتخابية، فكل دفوعات أصحاب القاسم الجديد غير مقنعة إلا ما يتعلق بالهدف الحقيقي المعروف وهو إزاحة حزب العدالة والتنمية"، مشيرة إلى أن "الحزب عليه التفكير جديا بتقديم التضحية اللازمة ليضمن عدم اعتماد القاسم قانونيا، لأنه مسيء للمغرب ونموذجه ورصيده الديمقراطي الذي تراكم-مهما كان هشا-بتضحيات كبيرة من أطراف متعددة." واسترسلت قائلة أيضا: "كنتُ قد اقترحت مرارا إمكانية عدم ترؤس الحزب للحكومة المقبلة عبر تسوية سياسية كبيرة تضمن عدم المس بالمبادئ الكبرى للديمقراطية، للأسف لم يتم ذلك فوضعنا البلاد كلها في مأزق"، مشيرة إلى أنها تُفضل "إعلان الحزب عن عدم مشاركته طوعيا في الانتخابات المقبلة على اعتماد القاسم الانتخابي الغريب الذي لا يشبه المغرب ونموذجه وإمكانية انتقاله إلى ديمقراطية وتنمية حقيقية بإرادة الصادقين والوطنيين الحقيقيين".