توجهت أنظار علماء الاجتماع بالمغرب إلى مدينة تطوان التي تحتضن فعاليات المنتدى الرابع للفكر السوسيولوجي، بمشاركة مجموعة من الباحثين والأكاديميين المغاربة والأجانب، والتي افتتحت مساء أمس الجمعة، بتكريم الفيلسوف محمد سبيلا، واحد من أبرز الشخصيات الفكرية المغربية المعاصرة، ليتم الانتقال إلى نقاش قضايا التعليم والتربية حاول استشراف آفاق الخروج من النفق المظلم الذي تعيشه هذه القطاعات ببلادنا. افتتاح المنتدى المنظم من طرف جمعية أصدقاء السوسيولوجيا بتطوان شهد حضور الحبيب الشوباني، الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، والذي أشاد كثيرا بمبادرة تكريم مفكر بحجم سبيلا، قائلا في هذا الصدد:" جميل جدا أن يفكر شباب اليوم في نخبهم الفكرية التي أسدت للمكتبة الوطنية والعربية وعلى مدار عقود، العديد من الانتاجات المهمة والغنية". وأضاف الشوباني أن المغرب يحتاج في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخه، إلى المجتمع المدني الذي عليه أن يلعب دوره المنوط به في تطوير المجتمع، وفي الرقي بالفكر والعلم والعلماء، وكذا ضرورة تحمله لمسؤولية الانتقال الديمقراطي الذي دخله المغرب، مثنيا على المجهود الكبير الذي يبذله شباب الجمعية في نشر البحث العلمي ومحاربة الظلام المعرفي المنتشر في المجتمع. كما تناول الكلمة مجموعة من الباحثين، ممن تربطهم علاقات إنسانية وعلمية بالمشروع الفكري لمحمد سبيلا، ومنهم محمد أندلسي وابراهيم أعراب وعادل حدجامي، هذا الأخير، تحدث عن الدور البطولي الذي قام به محمد سبيلا في الترجمة ونقل الثقافة الفرنسية إلى الناطقين باللغة العربية في لحظة اتسمت بالشح المعرفي والعلمي، مستطردا أن اهتمام سبيلا بالحقل السوسيولوجي تم عن طريق مقاربة فكرية عميقة وليست مقاربة اختزالية تبسيطية، موجها الباحثين الشباب إلى ضرورة الاهتمام بالجوانب الفكرية السوسيولجية عند هذا الباحث. سبيلا الذي عاش في كنف الحركة الوطنية، والذي عاصر مجموعة من النخب السياسية والفكرية كالجابري وبنبركة وبوطالب، أشاد كثيرا ببقاء الشوباني في النشاط الافتتاحي إلى حين نهايته عكس مجموعة من الوزراء الذين بمجرد ما يفتتحون نشاطا ما حتى يغادرون نحو أشغال أخرى، ليؤكد في لحظة تكريمه المؤثرة، عن أن دفاعه عن المغرب في الجانب الثقافي، نابع من تشربه للفكر الوطني منذ مرحلة النضال ضد الوجود الفرنسي المغرب، وهو الفكر الذي أثر عليه في مرحلة ما بعد الاستقلال، عندما أخذ على عاتقه ضرورة المساهمة في بناء حركة فكرية تنويرية توازي الهم الوطني الرامي تشييد صرح الديمقراطية وتحقيق التنمية. جدير بالذكر، أن جمعية أصدقاء السوسيولوجيا، التي تأسست منذ سنة 2009، تعكف على تنظيم هذا المنتدى بشكل سنوي، حيث تعود فكرة خلقها على أرض الواقع، إلى علاقات الصداقة التي جمعت مجموعة من طلبة علم الاجتماع من أبناء الحمامة البيضاء، حيث قرروا، بعد خروجهم إلى سوق العمل، نسج خيط يحافظ على علاقاتهم الإنسانية والمعرفية، لتكون النتيجة هذه الجمعية التي تهتم بالتعليم وبضرورة العمل من أجل تطويره، ما دام هو القطاع المحوري، الذي تتأسس عليه نهضة أي مجتمع ما.