بعدما عقدت مربيات التعليم الأولي العمومي الأمل على الدورية التي وجهتها وزارة التربية الوطنية إلى الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين من أجل إلزام الجمعيات المسيرة لأقسام التعليم الأولي بالمدارس العمومية بتوظيف المربيات وفق ما تنص عليه مدونة الشغل، وتمتيعهن بكافة حقوقهن التي أقرها القانون، فوجئن بعدم تفعيل الدورية الوزارية إلى حدود الساعة. وتشتغل مربيات التعليم الأولي بعقود عمل مؤقتة، تجعلهن تحت طائلة الفصل من عملهن في أي لحظة من طرف مشغليهن، علاوة على أنهن لا يستفدن من الحماية الاجتماعية، من تقاعد وتغطية صحية وتعويضات عائلية، وجاءت دورية وزارة التربية الوطنية لتُنعش آمالهن بتحسين ظروف عملهن، لكن تفعيل الدورية لا يزال متعثرا. وسبق للمربيات أن خضن وقفة احتجاجية وطنية أمام مقر وزارة التربية الوطنية بالرباط، وأفضى الضغط الذي مارسنه إلى إقرار استفادتهن من الحد الأدنى للأجر، والانخراط في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، لكن الجمعيات قررت أن تشغّلهن بعقود الوكالة الوطنية لإنعاش الشغل والكفاءات، وهو ما ترفضه المربيات، على أساس أن هذه العقود مدتها لا تتعدى سنتين، وبموجبها يُسمَّيْن متدرّبات. تقول مربية من التنسيقية المحلية للمربيات بجهة الرباطسلاالقنيطرة لهسبريس: "وضعونا تحت طائلة العمل بعقدة الوكالة الوطنية لإنعاش الشغل، وهو ما نرفضه، لأن مدة صلاحية هذه العقدة لا تتعدى سنتين، كما أنهم يضعوننا بموجبها في خانة متدرب، وهذا يعني أن الجمعية تستطيع أن تطرد المربية في أي وقت، بذريعة أنها لم تعجبها مثلا"، مضيفة "لا يمكن أن نقبل صفة متدربة، فيما أغلب المربيات قضين في عملهن سنوات عديدة". وتعيش مربيات التعليم الأولي في حيرة، بعد أن شرعت المربيات، اللواتي يخشيْن طردهن من طرف الجمعيات، يوقعن على عقود عمل الوكالة الوطنية لإنعاش الشغل والكفاءات، "بعدما تم تخييرهن بين توقيع العقد أو الطرد، بينما اللواتي يدافعن عن حقهن ورفضن توقيع العقد ما زلن حائرات، ولا يعرف ماذا سيفعلن"، تقول المتحدثة نفسها. هسبريس استمعت إلى شهادات عدد من المربيات، اللواتي يشتكين من سطوة رؤساء الجمعيات المشغّلة لهن، الذين يضغطون عليهن من أجل توقيع عقدة العمل الخاصة بالوكالة الوطنية لإنعاش الشغل والكفاءات، لكونها عقدة عمل محدودة الأجل، تتيح للجمعيات فصل المربيات في أي لحظة. "بعدما نظمنا وقفات احتجاجية، واعتقدنا بأننا سنحافظ على مناصب عملنا وسنحصل على حقوقنا الشغلية، وأننا نزعنا من الجمعيات سلطة الطرد التي تهددنا بها دائما، رجعنا إلى نقطة الصفر، حيث تفرض علينا الجمعيات توقيع عقد الوكالة الوطنية للتشغيل، وأصبحنا مهددات بالطرد إن لم نوقعها"، تقول إحدى المربيات لهسبريس. وفي الوقت الذي تسعى الدولة إلى تعميم التعليم الأولي، باعتباره رافعة رئيسية للنهوض بالمنظومة التربوية، فإن المربيات المشتغلات في التعليم الأولي العمومي يشتغلن في ظروف تؤثر على أدائهن المهني، فبعد أن عانين من تأخر صرف أجورهن خلال الموسم الدراسي الماضي، أصبح شغلهن الشاغل الآن هو الخوف من طردهن من عملهن. وبسبب غياب تفعيل الدورية التي أصدرتها الوزارة الوصية على القطاع، ما زال رؤساء الجمعيات يفرضون على المربيات الشروط التي يحددونها هم، وهو ما تؤكده إحدى المربيات قائلة إن رئيسة الجمعية المشغّلة لها رفضت أن توقع عقد العمل الذي ستشتغل بموجبه، حتى تعطي لنفسها مجالا لفسخه في أي لحظة دون أي تبعات قانونية. وتؤكد مربية أخرى الوضعية الهشة التي تشتغل فيها المربيات، حيث أخبرها رئيس الجمعية الذي تشتغل لديه أنّ عليها، إن هي أرادت أن يسجلها في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، أن توقع التزاما تقرّ بموجبه أن المساهمات التي ستُدفع إلى الصندوق ستُقتطع كلها من أجرها الذي لا يتعدى 2638 درهما، بينما ينص القانون المنظم للضمان الاجتماعي على أن المساهمة يقتسمها المشغل والأجير.