لا شك أن أي تعديل دستوري إلا و يأتي استجابة لقصور أو فراغ يشوب الوثيقة الدستورية إما على مستوى الاختصاص أو الممارسة ، و يؤثر ذلك بالتبع في طبيعة و مضمون القرار السياسي الذي يصدر عن الحكومة باعتبارها الجهة المختصة بصناعة القرارات السياسية داخل الانظمة الديمقراطية، ويتم ذلك بحسب تركيبة النظام السياسي والمؤسسات الدستورية المخولة لصنع القرار في كل دولة على حدة، بحيث قد تتفاوت داخل الدولة الواحدة إجراءات عملية صنع القرار تبعا للقنوات التي تمر من خلالها آلية تحديد أهداف القرار وصياغة دوافعه وإخراجه النهائي وسط مشاركة وتفاعل مع القوى السياسية والاجتماعية في سياق عملية التأثير في شكل القرار وماهيته والتي هي البرنامج الحكومي في الحالة المغربية، و داخل هذه العملية تطرح دائما بإلحاح مسألة استقلالية القرار السياسي ، فإلى أي حد استطاعت لحظة الربيع المغربي ( حركة 20 فبراير وافراز دستور2011 )و انتخابات 25 نونبر والتي افرزت هي الأخرى حكومة يقودها اسلاميو العدالة والتنمية برئاسة السيد بنكيران، معالجة اشكالية استقلالية معضلة تفاقم الدين الخارجي و الذي يعتبر إحدى أدوات التحكم في القرار السياسي المغربي ؟؟ ومن المعلوم نظريا أن عملية صناعة القرار في أي دولة تخضع لعوامل ومؤثرات ومراحل لا تخلو من تداخلات معقدة ومتواصلة تحيط بها، بدءا بالمراحل الأولى لتحديد أطر ومؤسسات صنع القرار وتحديد أهدافه، وتستمر طوال فترة الإعداد والتحضير له، وتتابع طريقة ترجمته على أرض الواقع، كما تسعى إلى المشاركة في آلية تنفيذه والاستفادة من نتائجه بشكل مباشر أو غير مباشر، ومن هذه العوامل ألية الدين العمومي الخارجي والذي هو في ارتفاع متزايد بالنظر إلى كثرة الطلب عليه من طرف المغرب من أجل معالجة العجز الحالي في الميزانية العامة ، بحيث وصلت نسبة الدين الخارجي على المغرب من 22445 مليون دولار سنة 1995 الى 16372.1 مليون دولار سنة 2000 ،في حين بلغ حجم الدين الخارجي العمومي للمغرب 134.2 مليار درهم (16 مليار دولار)، نهاية عام2008 مقابل 122 مليار درهم (14.50 مليار دولار)، في 2007 ، مسجلا بذلك ارتفاعا قدره 12.2 مليار درهم(1.45 مليار دولار) أي بنسبة 10 في المائة، تقرير البنك الدولي لسنة 2008 .كما بلغت سنة 2011 نحو 100 بليون دولار أي بمعدل 48% من الناتج الداخلي الخام ، لتشهد ارتفاعا كبيرا خلال التسعة الأشهر الاولى من سنة 2012 بزيادة قدرها 6.8 مليار درهم مقارنة مع سنة 2011 ، حسب مذكرة صادرة عن وزارة الاقتصاد والمالية، وقبل الخوض في تفكيك منهجية التأثير على القرار السياسي المغربي من خلال آلية الدين العمومي الخارجي ، لابد من التوقف عند ألية مهمة وقد تظهر بسيطة ، إلا أنها تغدو و باستمرار ألية مؤثرة في دينامية وطبيعة القرارات المتخذة و ذلك من خلال أمثلة على وجه الإجمال و ليس التفصيل من محطات تاريخية ووقائع من الزمن السياسي المغربي. المغرب تحت مجهر التقارير الدولية حتى عهد قريب لم تكن التقارير الدولية الصادرة حول المغرب تحظى باهتمام كبير، وإنما كانت نتائجها تتداول داخل نطاق ضيق ومحدود داخل الجامعات ومراكز البحث والمصالح التابعة للدولة، وكان يتعامل معها بشكل انتقائي خاضع لمنطق الربح والخسارة ، فمتى كانت أرقامها ايجابية يتم الإعلان عنها والتهليل لها ،لكن إذا كانت مخجلة وفاضحة يتم الإعراض عنها بتهم التضليل ومنطق المؤامرة والعمالة، إلى حين خروج التقرير الشهير الذي ارتبط بمقولة "السكتة القلبية"،حيث كشف كارثية الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بالمغرب، بشكل سيؤثر لاحقا في منهجية اشتغال مؤسسات صناعة القرار، وإعادة النظر في علاقتها مع مثل هده التقارير واستحضارها و التعاطي مع خلاصاتها وتوجيهاتها أثناء عملية التخطيط وصنع القرار ، لكن إلى حد ينصت صناع القرار السياسي بالمغرب لهده التقارير، وهل يستفيدون منها ، وكيف يتم التعامل معها ؟ هل تستخلص منها الدروس والعبر ؟أم أنهم يعرضون عنها ويستمرون في تدبير الأزمة بمنطق التضليل والتلميع ؟ وتعتمد هذه التقارير في اشتغالها على العديد من الآليات، كتقنيات الزيارات الميدانية والمقابلات وأخذ الشهادات وتقييم الأداء والمراقبة، وتظهر غالبا هذه الآليات كقاسم مشترك بين كل التقارير في جميع مجالات اشتغالها ،و يمكن ملامسة حركية هذه التقارير في عدة مستويات ومجالات تهم السياسة العامة للبلاد سواء على المستوى الاقتصادي والحقوقي والسياسي. * على المستوى الاقتصادي: وذلك من خلال سلسلة من التقارير التي تكشف الغطاء عن حالة التردي والضمور في البنية الاقتصادية والمالية والاجتماعية للمغرب وهذا بدأ انطلاقا من انخراط المغرب في برنامج التقويم الهيكلي المفروض عليه من طرف صندوق النقد الدولي والبنك العالمي، واحتد ذلك بدخول المغرب في دوامة الانفتاح (اتفاقية الجات 1987و1994) وسيتعمق ذلك من خلال إقامة الشراكة من خلال مع الإتحاد الأوروبي مارس2000 وتوقيع اتفاقية التبادل الحر مع الولاياتالمتحدةالأمريكية، وهذا كله مقدمات للوقوع فيما اصطلح عليه " بفخ العولمة" ، بهدف إعادة التوازن والاستقرار داخل الاقتصاد المغربي، بحيث كشفت عدة تقارير (تقرير البنك الدولي1995 ، تقرير بنك المغرب 2004 وتقرير ماكينزي لسنة 2006 )، ضرورة الدخول في منطق وإملاء المؤسسات الدولية والتي أملت عليه عددا من الإصلاحات الاقتصادية وإصلاح نظام الصرف والتدبير الجيد للميزانية وتنفيذ النفقات العامة باعتماد آليات جديدة وفعالة من خلال الانتقال من المفهوم التقليدي للرقابة والتفتيش إلى مفاهيم التدقيق والافتحاص وربط النتيجة بمستوى الأداء ، ورفع مستوى النمو وتحسين القدرة التنافسية للإنتاج المحلي ،...الخ. * على المستوى الحقوقي: وذلك من خلال سلسلة التقارير المنجزة من طرف منظمات حقوقية دولية والتي ترصد الوضع الحقوقي بالمغرب ، حيث كشفت عن تراجع خطير في مسلسل الحريات والحقوق بالمغرب من قبيل تقارير أمنستي 1999-2006 وتقرير منظمة هيومن رايس ووتش 2006، وتقرير المركز الدولي للعدالة الانتقالية نوفمبر 2005 ، هدا الخير الذي يستعرض لبعض أهم المحطات التاريخية الصعبة لما يسمى بسنوات الرصاص وماضي الانتهاكات الجسيمة ،والتي كانت مؤشرا على إطلاق النقاش الرسمي حول مسلسل العدالة الانتقالية بالمغرب،حيث استهل الملك محمد السادس في أول خطاب له بعد توليه العرش بالإقرار بمسؤولية الدولة عن حالات الاختفاء وسارع إلى اتخاذ الخطوات اللازمة لإعلان نبذه لعناصر القمع في الماضي" ، حيث فسرت إحدى هذه التقارير الخطاب من خلال مؤشرين: 1- عزل وزير الداخلية السابق الذي كان يلقي الرعب في القلوب . 2- إنشاء هيئة التحكيم المستقلة من طرف المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان بالإضافة إلى الأرقام التي كشفت عن وضعية التعذيب بمعتقلات البوليساريو و و أخرى تكشف واقع واقع التعذيب بالسجون المغربية والحالة التي يرزأ تحتها المعتقلون داخل هذه السجون ، هذه وغيرها من التقارير التي كان لها الأثر الكبير في إطلاق مسلسل العدالة الانتقالية بالمغرب الذي بدأ بإنشاء هيئة الإنصاف والمصالحة ، و بدأ عملية جبر الضرر ( رغم ما شابتها من تمييز طال ملفات المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي من الاسلاميين) وتعويض عائلات وضحايا الاعتقال التعسفي أو ما يسمى في المغرب بسنوات الجمر والرصاص من التاريخ السياسي بالمغرب، و إنشاء المجلس الاستشاري لحقوق الانسان وتعويضه في فترة لاحقة مع دستور 2011 بالمجلس الوطني لحقوق الانسان. • على المستوى السياسي: والذي يشكل فيه ملف الصحراء خير مثال على التدخل الشبه المباشر لهذه المؤسسات وعلى رأسها منظمة الأممالمتحدة من خلال دورها التاريخي في القضية الصحراوية منذ 1969 إلى الآن، وجملة من خلال التقارير التي أنجزت من طرف مجلس الأمن أو على يد مبعوثيها بشكل متوالي أو على يد أمينها العام ، والتي كانت و لا زالت تؤثر بشكل كبير في توجيه مسيرة ملف الصحراء إما سلبا أو إيجابا . وإلى جانب آلية التقارير الدولية ، تظهر معها آلية المديونية، من خلال المؤسسات المالية الدولية والتي تقدم نفسها كجهات مانحة و راعية للتنمية في البلدان النامية والمتخلفة ، لكنها و بطريقة غير مباشرة تتدخل بشكل جلي و مستمر في عملية التأثير على طبيعة ومضمون القرار السياسي. البنك الدولي سيف مسلط على رقبة المغرب وارتبط اسم البنك الدولي بمجموعة من المحطات التاريخية والاقتصادية بالمغرب، عبر التقارير التي يصدرها، مثل التقرير الذي أكد على أهمية التعليم والإدارة سنة 1995 والتقرير الذي صدر عن الاقتصاد سنة 1982 أن البنك الدولي وصندوق النقد الدولي يتدخلان على المستوى العالمي، وقد كشف هذا التدخل تاريخيا العديد من الأخطاء في سياسة التقويم الهيكلي، حيث بلغت قروض البنك الدولي للمغرب خلال 13 سنة الماضية أزيد من 11 مليار دولار، وهو ما يبين الحجم الكبير للقروض الممنوحة للمغرب. ووفق تقارير البنك الدولي فإن حجم المديونية المغربية بلغت في سنة 2001. أزيد من 10 مليار و362 مليون درهم،ووصلت قيمة القروض قبل وبعد هذه الفترة، أزيد من 971 مليون دولار، بحيث تبين هذه الأرقام أن المعدل السنوي للاقتراض بلغ 872 مليون دولار في ظرف 13 سنة،على اعتبار أن البنك الدولي هو أهم جهة مقرضة للمغرب خلال سنة 2008 ، ، ويبين تقرير توزيع الدين الخارجي حسب مجموعات الدائنين أن المؤسسات الدولية للتنمية تأتي في الرتبة الأولى ب52 في المائة بما مجموعه 69,9 مليار درهم، بينما لم تكن تتعدى هذه النسبة 40 في المائة سنة 2003 و33 في المائة سنة1998،في حين بلغ حجم الدين الخارجي العمومي 134,2 مليار درهم متم سنة 2008 مقابل 122 مليار درهم في متم سنة 2007 مسجلا بذلك ارتفاعا بمقدار 12,2 مليار درهم بمعدل 10 في المائة، بشكل يطرح معه دواعي تدخل البنك الدولي بالمغرب ، والخلفية التي تحكمه؟ وتزايد تدخل البنك الدولي بالمغرب خلال السنوات الماضية ، سواء عبر التقارير التي يشخص فيها أوضاع بعض القطاعات أو من خلال البرامج المقترحة، والتي تمثل خارطة طريق للسلطة التنفيذية، أو من خلال القروض الإنمائية الممنوحة من طرف البنك الدولي للعديد من القطاعات الحيوية للدولة على أساس أهداف محددة لهده القروض، سنوضحها من خلال مثال لقطاعين حكوميين بالمغرب وهي: الطاقة والتعليم. - البنك الدولي والطاقة: تتقاطع الإستراتيجية الجديدة بالمغرب في مجال الطاقة برسم سنة 2009 مع أهداف القرض الممنوح من قبل مجلس مدراء البنك الدولي للمغرب بتاريخ 29 مايو 2007 ، والذي تركزت محاوره على : * تحسين الأمن في مجال الطاقة من خلال تطوير الطاقات المتجددة الوطنية من أجل الاستعاضة عن استيراد الوقود، وتطبيق سياسة ونظام للطاقة المتجددة ووضع إستراتيجية لاستيراد الطاقة على المدى البعيد. * تشجيع المنافسة في سوق الطاقة من خلال الاندماج في النظام الجهوي وتحرير السوق الوطنية للكهرباء ذات الجهد المرتفع وتشجيع الإنتاج الذاتي في الصناعات الكبرى، ومن خلال فتح المجال للمنافسة في سوق منتجات النفط المكرر. * تقليص الإعانات التي تمنحها الدولة من ميزانيتها للمنتجات النفطية مع حماية المستهلكين ذوي الدخل الضعيف، وعليه عملت الحكومة المغربية على تنفيذ توجهات البنك الدولي في مجال الطاقة تماشيا مع الأهداف المحددة في القرض الممنوح، وذلك من خلال: أ - تعزيز تأمين التزويد بالطاقة عبر تنويع مصادر التموين وتثمين الموارد الوطنية عبر إنعاش الطاقات المتجددة التي يتوقع أن تمثل 10% في أفق 2012 مقابل 7,2 % حاليا. ب - الحفاظ على تنافسية الاقتصاد المغربي مع السهر على توفير الطاقة بأسعار تنافسية وذلك عبر إعادة الهيكلة وانفتاحه الجزئي على المنافسة، بوضع بنيات تحتية للإنتاج من أجل تلبية الحاجيات من الطاقة خاصة في مجال الكهرباء التي عرفت نموا بحوالي 8 % سنويا خلال الخمس سنوات الأخيرة ، بالإضافة إلى التقليص التدريجي للإعانات الممنوحة للطاقة، والتخفيف من نتائج الطاقة واستعمالاتها على البيئة والصحة. في مقابل ذلك، وفي إطار عمليات التتبع والتقييم لتنفيذ برنامج القرض الإنمائي أصدر البنك الدولي مذكرته بشأن القرض الممنوح لإصلاح نظام إعانات أسعار الطاقة وتعزيز الحماية الاجتماعية بالمغرب لسنة 2008، وذلك للوقوف على مجمل الدروس المستفادة من إصلاح الدعم لأسعار المنتجات النفطية في المغرب، وقد انخرطت الحكومة المغربية في برنامج قياس معدلات الحماية الاجتماعية والطاقة الحديثة لدى الساكنة ذات الدخل المحدود، حيث تم رصد في مرحلة ارتفاع أسعار البترول وزيادة الكلفة المالية لدعم الأسعار وزيادة الطلب على أخذ منح للدعم، من أجل زيادة كفاءة تخصيص الموارد العامة، وتحديد أكثر استهداف لدعم دخل الفئات الاجتماعية الضعيفة. - البنك الدولي والتعليم: لعل التقرير الصادر عن البنك الدولي حول التعليم في المغرب ، والذي اعتبر فيه أن وضعية التعليم في قطاع غزة أفضل حالا من وضعية التعليم في المغرب، وصنف بمقتضى ذلك المغرب في المرتبة الثالثة ما قبل الأخير في قائمة الدول العربية جميعا. وحصل على المرتبة الأخيرة بين دول المغرب العربي. بقدر ما يسائل المغرب حول فشل سياسة إصلاح التعليم التي أقرها في ميثاق التربية والتكوين فإنه يسائل البنك الدولي أيضا الذي كان له الدور الكبير في بلورة السياسة التعليمية. حيث بدأ تدخل البنك الدولي في السياسة التعليمية منذ الثمانينات من القرن الماضي،والذي اتسم مجمله بالتناقض وانتهت إلى الفشل غالبا، حيث كانت تدفع هذه التدخلات باتجاه تقليص في دعم القطاعات الاجتماعية، ومن تم التقليص من النفقات على التعليم، في أفق أن يستقل قطاع التعليم بذاته، عن طريق دخول القطاع الخاص له، والاستثمار فيه، في اتجاه ضرب ما هو اجتماعي، لم تكن تراعي هذه الاستراتيجية مستوى المغرب الاقتصادي والتنموي، كما لم تعبأ باستقراره الاجتماعي؛ بدون مراعاة لشروطها الاقتصادية والاجتماعية ، وتشدد هذه التقارير على مؤشرات تنافسية تعتبر التحكم فيها ضروريا؛ من قبيل تقليص المنحة والأحياء الجامعية والتقليص من الوجبات الغذائية، بل وصل الأمر إلى تشتيت الجامعات وتفكيكها. وهذه التوجيهات على المدى القريب، تم إردافها بأخرى اعتبرها البنك إستراتيجية، عبر عنها في تقرير 1995، والتوجهات التي عبر عنها البنك ودعا من خلالها إلى إصلاح التعليم على نحو شمولي هو ما تم إقراره بعد ذلك في ميثاق التربية والتكوين الذي وضعته لجنة ملكية، وإصدار البرلمان لقانون00.01 المنظم لإصلاح التعليم، إلا أن هذا الإصلاح الذي تقررت توجهاته في الميثاق كانت غاياته تعميق الخيار الليبرالي في التعليم، وفتح المجال أمام الفاعلين في القطاع الخاص من الداخل والخارج. إلا انه وبعد نحو ثمان سنوات على تطبيق الإصلاح، خلص تقرير المجلس الأعلى للتعليم إلى أن الإصلاح فشل في تحقيق أهدافه . ثم أقر البنك الدولي في تقرير له سنة 2008 أيضا أن إصلاح التعليم انتهى إلى الفشل، ولام المغرب على ذلك . والحقيقة أن الذي فشل هو البنك الدولي وتوصياته، لأنه لم يأخذ بعين الاعتبار الشروط الاجتماعية والاقتصادية والتاريخية لهذا المغرب، ويقر توصياته في تجاهل تام لخصوصيات المغرب، وعليه فالذي يتحمل مسؤولية فشل التعليم هو البنك الدولي أولا، والحكومة المغربية ثانيا، لأنها لم تجتهد في بلورة سياسة تعليمية خاصة بها دون ارتهان للبنك الدولي. ومن ثم نخلص أن البنك الدولي يغدو كأداة لاستمرار التخلف والتبعية من طرف الدول الدائنة للدول المدينة، ويعتبر وسيلة رئيسية لفرض برامج تقشفية تعمق تدهور الوضع المعيشي للفئات الشعبية، ويدفع الدول الدائنة لتحويل جزء من ثروتها الوطنية إلى الرأسمال الأجنبي، فخدمة الدين تمتص سنويا من ميزانية المغرب حوالي 43 مليار دولار كمعدل لأربع سنوات الأخيرة منها 15 مليار درهم للدين الخارجي و 28 مليار دولار للدين الداخلي ، فهذه المضخة الهائلة تمتص حوالي ثلث الميزانية العامة، بشكل يطرح معه سؤال استقلالية القرار السياسي المغربي في الحاضر والمستقبل؟ * باحث بمركز الدكتوراه بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة- المغرب-