في سابقة من نوعها قرر رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، اليوم الاثنين، تقديم استقالته مباشرة إلى الملك محمد السادس، باعتباره رئيسه المباشر، معلنا بذلك عن نهاية غير متوقعة لتجربته في قيادة حكومة "نصف ملتحية" لم تدم سوى سنة واحدة ونيف بعد تنصيبها من طرف العاهل المغربي. وفيما لم يُقدم بنكيران أية توضيحات تبرر خطوته المفاجئة تلك، فقد وعد وهو يتحدث بسحنة متجهمة لوسائل الإعلام الوطنية والدولية بأنه سيُعِد في السويعات القليلة القادمة بلاغا يشرح فيه مسوغات قراراه الذي لن يتراجع عنه مهما حدث، وفق قوله. وبحسب مصادر موثوقة فإن بنكيران ضاق ذرعا من التماسيح والعفاريت التي باتت "تخرج" له في ذهابه وإيابه، و"تطلع" له في حله وترحاله حتى أنه أسرَّ أخيرا لأقرب أقربائه بأنه شاهد ذات ليلة بأم عينه "عفريتا" يتربص بمنزله الكائن في حي الليمون بالرباط، إذ ضبطه يحاول تسلق الجدار الخارجي لبيته لولا نباهة عناصر الأمن التي تحرس المكان. وتابعت ذات المصادر بأن بنكيران منذ "اعتذاره" الشهير للملك ومستشاريه "المحترمين" في قضية "التواصل مع محيط الملك"، وهو لا ينام ملء جفونه بسب الحنق الذي يمزق قلبه إزاء عدد من التماسيح والعفاريت التي لا تترك له مجالا للاسترخاء أو الاستمتاع بنعمة النوم العميق كما في الأيام الخوالي. وليس العفاريت وحدها، تضيف المصادر عينها، التي دفعت بنكيران إلى ديباجة قرار الاستقالة من منصبه، فكذلك رغبته في أن يظهر أمام الشعب بمظهر الرجل الذي "إذا حدث صدق، وإذا وعد أنجز، وإذا اؤتمن وفى"؛ وهي علامات المؤمن الصادق؛ فقد سبق للرجل أن رمى بها مدوية في وجه المغاربة بُعيد تنصيبه رئيسا للحكومة عندما قال إنه مستعد لوضع المفاتيح على الطاولة عندما يعجز عن تحقيق أهداف حكومته، وعلى رأسها محاربة الفساد في البلاد. بنكيران قرر الاستقالة لكونه شعر في قرارة نفسه بأن لا شيء مما كان يعد به الشعب المغربي تجسد على أرض الواقع، فلا الأسعار انخفضت، ولا الأهداف تحققت، ولا العاطلون اشتغلوا، ولا الفقراء اغتنوا، ولا الفساد اندحر، ولا الاستبداد اندثر.. وتقول المصادر بأن بنكيران اصطدم بدهاء العفاريت وقوة التماسيح، وهي الكائنات التي لبست مائة لبوس، وتقمصت ألف شخصية وشخصية جعلت القيادي الإسلامي يرفع الراية البيضاء ويرمي المفاتيح في وجه مخالفيه قبل مناصريه، مقررا الابتعاد عن معترك السياسية إلى حين. وتساءلت المصادر ذاتها "هل ما أقدم عليه بنكيران شجاعة سياسية تُحسب له، أم تخاذل ونكوص يُحسب عليه، فهي شجاعة لمن يرى أنه وفى بوعده ولم يرغب في الكذب على المغاربة خلال ما تبقى من سنوات في ولايته الحكومية، بينما هي بالنسبة للآخرين "جبن" لأن الرجل قفز سريعا من السفينة فارا لا يلوي على شيء، دون أن يكترث لهذا الشعب الذي اختاره وحزبَه في الانتخابات الماضية. العفاريت والتماسيح لا شك أنها ستفرح أيما فرح لقرار بنكيران هذا، و"تشمت" فيه أيما شماتة..أما بالنسبة لأصدقائه وحالفئه فالرجل سيهوي سحيقا في أعينهم، لأنه عجز عن الاستمرار في قيادة الحكومة وتدبير شؤونها، بلْه محاربة الفساد في شتى مناحي ومجالات الدولة. لكن الجميع لن يتوقع أن القرار هو مجرد "كذبة أبريل"، جريا على عادة بعض وسائل الإعلام في العالم..سيقول قائل: كذبة أبريل حرام عند "إخوان" بنكيران..لكن سرعان ما سيرد عليه آخر سريعا: "الفشل في تحقيق ولو جزء يسير من مطالب الشعب هو أكبر الحرام".