شكلت تطورات الأوضاع في مصر وسورية والعراق وتونس ولبنان ومالي وأصداء ملفات الفساد في الجزائر٬ أبرز اهتمامات الصحف العربية الصادرة اليوم السبت. وسلطت الصحف العربية الصادرة من لندن الضوء على أهم القضايا الساخنة في المنطقة العربية وخاصة التطورات السياسية والميدانية للأزمة السورية والأوضاع في مصر والعراق وتونس. فبخصوص الأزمة السورية٬ كتبت صحيفة (الحياة) عن اجتماع الأمين العام للأمم المتحدة٬ بان كي مون٬ مع المبعوث الدولي العربي إلى سورية٬ الأخضر الإبراهيمي٬ اليوم في جنيف٬ لبحث الوضع في سورية٬ مشيرة إلى تحذير بان كي مون من أن الحل العسكري في هذا البلد سيؤدي إلى "تفكك" هذا البلد٬ داعيا الجميع إلى التوجه إلى طاولة المفاوضات لإنهاء الحرب. وكتبت صحيفة (القدس العربي) عن إجراء الرئيس الأمريكي باراك أوباما٬ مباحثات هاتفية مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين٬ حيث تم تكليف وزيري خارجية بلديهما بتكثيف الاتصالات لطرح مبادرات جديدة لتسوية الأزمة السورية٬ مشيرة في السياق ذاته إلى اتهام الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية نظام بشار الأسد بارتكاب "مجزرة" في حق 70 شخصا قرب مدينة حلب شمال البلاد. وأشارت الصحيفة إلى قيام الولاياتالمتحدة بتدريب عناصر من الجيش السوري الحر في الأردن٬ معتبرة أنه لا يمكن النظر إلى هذه العملية باعتبارها "خطوة تصعيدية" ضد نظام بشار الأسد٬ لأنها جاءت في سياق اتفاقيات قديمة٬ سابقة على سلسلة "تناغمات" برزت مؤخرا بين عمان ودمشق في نطاق استراتيجية أردنية دعمتها موسكو وبدت واضحة للعيان مؤخرا قوامها الابتعاد لأكبر مسافة ممكنة عن الخصومة المباشرة مع نظام دمشق. وعن الوضع في العراق٬ كتبت صحيفة (الشرق الأوسط)٬ عن إحراج رافع العيساوي٬ وزير المالية في الحكومة العراقية والقيادي في ائتلاف العراقية الذي يتزعمه إياد علاوي٬ رئيس الوزراء نوري المالكي باستقالته المفاجئة أمس٬ والتي أدت إلى تجريد الحكومة من غطائها السني٬معتبرة أن الاستقالة جاءت من فوق منصة المتظاهرين في مدينة الرمادي٬ ليتحول العيساوي إلى قائد لتلك المظاهرات التي كان يشارك فيها أصلا في مدينتي الفلوجة والرمادي. وتأتي هذه الاستقالة في وقت أشارت فيه صحيفة (الزمان)٬ إلى اتفاق تنسيقيات الاعتصامات في بغداد والموصل والرمادي والفلوجة وسامراء وتكريت على عقد اجتماعات استثنائية لتنفيذ اقتراح المعتصمين في سامراء بإعلان العصيان المدني والإضراب العام. وتناولت الصحف المصرية زيارة وزير الخارجية الأمريكي٬ جون كيري٬ لمصر التي تبدأ اليوم من زاوية الصراع السياسي الدائر في البلاد. فقد أكدت الصحيفة الناطقة باسم حزب (الوفد) أن رئيس الحزب اعتذر عن لقاء كيري نظرا ل"تزامن الزيارة مع قرار جبهة الإنقاذ الوطني بمقاطعة الانتخابات وما أثير من لغط حول أن الهدف من هذا اللقاء هو الضغط على قيادات جبهة الإنقاذ لخوض الانتخابات". ونفى المتحدث باسم الحزب أن تكون هناك ضغوط على المعارضة٬ معتبرا أن الحزب يؤمن بأن "السبيل الوحيد لتحقيق المصالح الوطنية هو الحوار الداخلي والخارجي" قبل أن يضيف أنه نظرا "لحالة الانقسام التي تمر بها البلاد الآن وما أثير في الرأي العام حول الموضوع فقد قرر السيد البدوي (رئيس الحزب) الاعتذار عن هذه المقابلة". ومن جهتها٬ أكدت صحيفة (الشروق) أن الاتجاه السائد داخل المعارضة ممثلة في الجبهة هو "رفض مقابلة وزير الخارجية الأمريكية"٬ ونقلت عن وحيد عبد المجيد٬ أحد قياديي جبهة الإنقاذ الوطني٬ قوله إن هذه الأخيرة ترفض "عقد لقاءات خارجية تهدف إلى التدخل في شؤون البلاد". أما رئيس لجنة الانتخابات داخل الجبهة فرأى أن السبب لرفض مقابلة كيري هو "رفض أي نوع من الضغوط الخارجية". وحسب الصحيفة فإنه لم يتضح حتى الآن ما إذا كان حزب "النور" السلفي أو "الحرية والعدالة" (الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين) قد قررا مقابلة أو عدم مقابلة رئيس الدبلوماسية الأمريكية. وقد يكون عدم اتضاح كل المواقف من لقاء كيري وراء تصريح المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية والذي أوردته (أخبار اليوم)٬ حين أكد أنه لا يتوفر على تفاصيل عن جدول زيارة جون كيري لمصر. واكتفى المتحدث بالإشارة إلى أن كيري سيبحث خلال زيارته للقاهرة "سبل دعم بلاده للتطلعات الديمقراطية للشعب المصري ورغبته في تشكيل حكومة تحترم حقوق الجميع والمساعدة في مواجهة التحديات الاقتصادية". على الصعيد الداخلي٬ أفردت الصحف الخاصة (والتي تتبنى خطا معارضا لجماعة الإخوان المسلمين) مساحة واسعة لتغطية مظاهرة شهدتها ضواحي القاهرة أمس الجمعة "دعما" للجيش. فقد عنونت صحيفة (المصري اليوم) صفحتها الأولى ب "مظاهرات في القاهرة والمحافظات تطالب بنزول القوات المسلحة وإسقاط النظام"٬ فيما تحدثت (التحرير) عن مطالبات بعودة الجيش في كل من بورسعيد والاسكندرية. كما أبرزت الصحف في هذا السياق رد مرشح جماعة "الإخوان المسلمين" على هذه المطالبات بقوله إن "الجيش أكبر مؤسسة رسمية منظمة في مصر٬ وجماعة الإخوان المسلمين أكبر مؤسسة شعبية منظمة في الشارع"٬ مؤكدا "احترام الجماعة وتقديرها للمؤسسة العسكرية ورفضها لأي محاولات للوقيعة بينهما". أما صحيفة (الأهرام) فرأت أن أمس الجمعة كان "جمعة بدون معالم" ذلك أن"المنصة (منطقة بضواحي القاهرة) تطالب بعدم المساس بالجيش وعصيان بورسعيد يتراجع والاسكندرية منقسمة" في إشارة إلى انقسام المعارضين حول استدعاء القوات المسلحة لإدارة البلاد. واهتمت الصحف الإماراتية بمستجدات الوضع في العراق بفعل تصاعد المد الطائفي وتفاقم موجة الاحتجاجات على سياسة حكومة نوري المالكي٬ وتطورات الأزمة السورية. وكتبت يومية (الخليج) في افتتاحية بعنوان "العراق في عين العاصفة" أن المتابع للمشهد العراقي "تتراءى أمامه صورة سلبية وغاية في القتامة تشي بما هو أسوأ جراء تصاعد الفحيح الطائفي والمذهبي المترافق مع عمليات تفجير وقتل على قاعدة مذهبية من دون أن تتمكن القوى السياسية الفاعلة وتحديداً الحكومة من لجم هذا التوجه الخطر الذي يقود حتما إلى الفتنة". وأضافت أن دعوات العقلاء من بعض السياسيين ورجال الدين وزعماء العشائر "لم تخفف حتى الآن من هذا التطرف الذي يبدو أنه ليس مفاجئا بل هو نتيجة تراكم مواقف وسياسات اتخذت منها بعض القوى الداخلية والخارجية مبررا لتجييش الشارع مجددا وإطلاق المذهبية والطائفية من قمقمها في إطار ما يجري في دول عربية أخرى". وتابعت (الخليج) أن المشكلة الأساسية تكمن في "ما زرعه الاحتلال الأمريكي وما خلفه من ميراث سياسي يقوم على الطائفية والمذهبية بعد أن عمل منذ اليوم الأول للغزو على زرع هذه الجرثومة في مكونات المجتمع العراقي وأطلق عملية سياسية خبيثة تقوم على المحاصصة الطائفية٬ مما أدى إلى حدوث شرخ كبير ضرب كافة مكونات المجتمع العراقي الذي كان يعيش قبل ذلك حالة من الوئام والانسجام". ومن جهتها٬ كتبت صحيفة (البيان) أن أخطر ما تمر به الأزمة السورية في الوقت الراهن بالتزامن مع تصاعد حدة أعمال العنف يوما تلو الآخر هو "غياب حل قريب يلوح في الأفق لوقف إراقة الدماء والتي تسال كل يوم بالعشرات والمئات أمام أعين المجتمع الدولي الذي لا شك أنه يتحمل مسؤولية تاريخية إزاء ما يجري في هذا البلد العربي الشقيق". وأشارت (البيان) إلى أن استمرار العنف الدائر حاليا في سورية "خطر لا يهدد هذا البلد العربي فحسب بل يمثل عاصفة ربما قد تأتي على المنطقة بأسرها وقد امتدت لظاها فعلا إلى لبنان الذي يشهد صدامات واشتباكات متقطعة حصدت عشرات الأرواح وإلى غير لبنان بأشكال ومستويات مختلفة". وتركز اهتمام الصحف اللبنانية حول تمكن الجيش اللبناني من تجاوز تصعيد الأزمة في صيدا (جنوب) من خلال دعوة إمام مسجد بلال بن رباح أحمد الأسير إلى اقتحام مقار تابعة ل(حزب الله) في المدينة. فقد ذكرت صحيفة (النهار) أن "الدولة نجحت عبر الجيش وقوى الأمن الداخلي والأجهزة الأمنية أمس في تمرير أزمة صيدا والاختبار الصعب الذي كان ماثلا فيها بتشدد استثنائي في الإجراءات التي اتخذت في المدينة٬ الأمر الذي من شأنه أن يرسي قاعدة أمنية يفترض أن تتسع وتتعمم على كل المناطق والفئات منعا لمحاولات العبث بالسلم الأهلي والاستقرار الأمني"٬ مشيرة إلى أن "تجربة صيدا شكلت صدمة إيجابية من الناحية الأمنية وسط تصاعد المخاوف من الاحتقانات المذهبية والانفعالات التي تشهدها البلاد". وواصلت الصحف التونسية الصادرة اليوم تطرقها لموضوع تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة علي لعريض٬ وزير الداخلية في الحكومة المستقيلة٬ الذي يجري مشاوراته الأخيرة مع الأطراف السياسية المرشحة للمشاركة في هذه الحكومة الائتلافية قبل الإعلان عنها. وفي هذا السياق٬ توقعت صحيفة (الصباح) أن يتم اليوم الإعلان عن القائمة النهائية للأحزاب السياسية التي ستشارك في الحكومية٬ متوقعة أن يعرض علي لعريض التشكيلة الحكومية على الرئيس منصف المرزوقي في بداية الأسبوع المقبل٬ مبرزة أن الائتلاف الحكومي الجديد من المنتظر أن يضم مبدئيا أحزاب الائتلاف الحالي وهي "حركة النهضة" و"المؤتمر من أجل الجمهورية" و"التكتل من أجل العمل والحريات"٬ ويلتحق بها كل من "حركة وفاء" وحزب "الأمان" والكتلة النيابية بالمجلس التأسيسي "الحرية والكرامة". وفي سياق متصل٬ تحدثت صحيفة (الصحافة) عن أولويات الحكومة الجديدة٬ معتبرة أن نجاح هذه الحكومة "يبقى مرهون بالتشخيص الموضوعي والدقيق للأوضاع الحرجة التي تمر بها تونس٬ تشخيص يصغي خلاله رئيس الحكومة لمختلف القوى السياسية الفاعلة دون إقصاء٬ وكذلك إصغائه للخبراء في مختلف المجالات ومكونات المجتمع المدني والشخصيات الوطنية بقطع النظر عن خلفياتها الفكرية". ولاحظت أن الحكومة المرتقبة "في أمس الحاجة إلى ضبط أولوياتها خلال المرحلة القادمة ومصارحة الشعب بها لأن المصارحة هي عنوان الشفافية والشرعية وتعكس مدى تفاعل الفريق الحكومي الذي تجري بشأنه المشاورات مع ما يعتمل في نفوس التونسيين وما يشغلهم". أما الصحف الجزائرية فقد واصلت تشريحها لقضايا الفساد الذي يجتاح البلاد٬ مبرزة من جهة أخرى مقتل عبد الحميد أبو زيد٬ القائد الميداني وأحد القادة الرئيسيين في تنظيم (القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي) خلال عملية عسكرية بشمال مالي. وتساءلت صحيفة (الخبر) إن كانت قضايا الفساد التي طفت في الساحة "مسألة تخص القضاء وحده أم هناك مسؤولية سياسية على السلطة تحملها". وكتبت في هذا السياق أن "ما رشí¸ح لحد الآن بشأن تورط وزراء سابقين في صفقات ورشاوى٬ تغذي الانطباع بأن طريقة تعاطي السلطة معها يميل لترجيح كفة الفعل المنعزل الفردي وإبعاد دائرة مسؤولية الحكم عما وقع من فساد بشتى الوسائل الممكنة". وأشارت من جهة أخرى إلى أن "هناك صورة تلخص حال الجزائر بشكل أكثر تعبيرا٬ صورة تظهر صرخة قضاة مجلس المحاسبة يشتكون من 'ضغوط' عليهم تؤثر على استقلاليتهم في ممارسة مهمة الرقابة على المال العام٬ وصورة أخرى تقول إن ما يسمى بإعادة تقييم المشاريع الكبرى في برنامج الرئيس ما بين 2005 و2009 كشفت عن تكلفة إضافية ب10 ملايير دولار. فمن يتحمل مسؤولية هذا الفساد المستشري في دواليب الدولة". ونقلت (الخبر) عن ناشط سياسي جزائري وهو يعلق على قضية الفساد قوله إن "المشكلة في الجزائر تكمن في وجود نظام سياسي قائم على غير أسس الديمقراطية٬ منذ اغتيال الثورة ومصادرة الاستقلال حسب شهادة أخيار هذه الأمة٬ فنظامنا السياسي بني عنوة على النظام الأحادي الشمولي٬ يرى أصحابه أنهم خلقوا ليصبحوا حكاما مدى الحياة دون محاسبة٬ في حين خلق الشعب -برأيهم- ليكون قاصرا مدى الحياة. إن النظام السياسي الذي تغيب فيه مبادئ التداول على الحكم وفصل السلطات واستقلالية العدالة وحرية الإعلام٬ هو نظام فاسد لا يعاقب المفسدين". في السياق ذاته٬ أكد رئيس الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان٬ بوجمعة غشير٬ في تصريح لصحيفة (الخبر)٬ أنه "عندما يتعلق الأمر بملفات الفساد الكبرى٬ فإن القضاء لا يتحرك إلا بالضوء الأخضر للسلطة السياسية٬ ونعرف أن القضاء يتحرك سريعا عندما يتعلق الأمر بقضية سرقة هاتف نقال٬ أما الملفات الكبرى٬ كقضية سوناطراك٬ فالسلطة السياسية هي من يقرر فيها٬ ولم نر أن القضاء أخذ بزمام المبادرة من تلقاء نفسه وفتح ملفا من ملفات الفساد". كما تحدثت الصحف الجزائرية عن نبأ مقتل عبد الحميد أبي زيد. ورأت صحيفة (الشروق) أن مصير هذا الأخير لا يزال غامضا٬ مضيفة أن القوات التشادية التي تحملت عبئا كبيرا في معركة طاحنة مع عناصر متشددة٬ يعتقد أنها من كتيبة طارق بن زياد التي يتزعمها أبو زيد فقدت القوات التشادية خلالها نحو 20 جنديا قبل العثور على جثة تحمل نفس مواصفات جسم محمد غدير٬ أو الأمير أبي زيد٬ من حيث النحافة والطول٬ إلا أن الجثة كانت في وضع يصعب التمييز فيه لأنها هلكت نتيجة قصف جوي من طرف القوات الفرنسية التي حصلت على معلومات استخباراتية تفيد بتحصن أبي زيد في مكان بمرتفعات ايفوغاس شمال مالي.