سلطت الصحف العربية الصادرة اليوم الجمعة الضوء على عدد من الملفات العربية الساخنة من ضمنها بالخصوص الاحتقان السياسي والشعبي الذي تعيشه تونس إثر اغتيال المعارض شكري بلعيد٬ وتوصيات القمة الإسلامية ذات الصلة بسورية٬ إلى جانب جديد الحراك السياسي والشعبي في مصر وتونس. وفي هذا السياق كتبت صحيفة "الشرق الأوسط"٬ الصادرة من لندن٬ عن دخول تونس في أزمة سياسية ودستورية حادة مع تصاعد الاحتجاجات الشعبية والإعلان عن تنظيم إضراب عام اليوم تزامنا مع تشييع جنازة المعارض السياسي التونسي شكري بلعيد الذي اغتيل الأربعاء بالرصاص أمام منزله. وأشارت الصحيفة إلى أن دعوة رئيس الوزراء حمادي الجبالي لتشكيل حكومة تكنوقراط٬ على خلفية عملية الاغتيال٬ تسببت في أزمة حقيقية داخل حزب حركة النهضة الحاكم٬ الذي يشغل الجبالي أمانته العامة٬ حيث أكد عدد من كبار أعضاء الحركة رفضهم للمقترح الذي اتخذه رئيس الحكومة دون استشارة الائتلاف (الثلاثي الحاكم) أو حركة النهضة الحزب الأكثر تمثيلية في البرلمان (89 مقعدا من إجمالي 217). ومن جهتها أكدت صحيفة "الحياة" أن قرار الجبالي كان محل تباين كبير في وجهات النظر بين أحزاب المعارضة وبين مكونات الحكومة٬ وذلك في ظل استمرار موجة المناوشات بين قوات الأمن ومحتجين على اغتيال شكري بلعيد٬ مشيرة إلى وجود مخاوف من أن تتحول جنازته اليوم إلى صدامات بين مؤيدي المعارضة ومناصري حركة "النهضة". وأضافت أن الأزمة الراهنة كشفت وجود تيار قوي في "النهضة" يعارض سياسات رئيس الحكومة الذي يشغل منصب الأمين العام للحركة الإسلامية٬ ولاسيما استعداده التنازل عن وزارات السيادة٬ مشيرة إلى وصف نواب ووزراء من حزب "المؤتمر من أجل الجمهورية"٬ الشريك في الائتلاف الحكومي٬ للقرار بأنه انقلاب على الشرعية٬ مؤكدين رفضهم تشكيل حكومة بعيدا عن أحزاب "الترويكا" الحاكمة التي تضم أيضا حزب "التكتل". ومن جهة أخرى٬ أشارت صحيفة "الحياة" إلى اختتام القمة الإسلامية أعمال دورتها الثانية عشرة في القاهرة بالتوافق على بيان يؤيد المبادرة الرباعية لحل الأزمة السورية٬ مبرزة أن القمة أيدت مبادرة الرئيس المصري محمد مرسي التي أطلقها في القمة الاستثنائية في مكةالمكرمة بإنشاء لجنة رباعية من مصر والسعودية وإيران وتركيا للبحث في الأزمة السورية والعمل على وقف نزيف دم الشعب السوري٬ كما أيدت جهود المبعوث الأممي - العربي الأخضر الإبراهيمي. وأضافت الصحيفة أن الرئيس المصري كشف عن أفكار جديدة لحل الأزمة السورية٬ وذلك في أعقاب القمة الثلاثية٬ التي جمعته بالرئيسين الإيراني أحمدي نجاد والتركي عبد الله غول على هامش القمة الإسلامية. وبخصوص التطورات الميدانية٬ كتبت صحيفة "القدس العربي" عن تواصل المعارك بين القوات النظامية السورية ومسلحي المعارضة في منطقة دمشق الخميس٬ في ظل الإعلان عن استعادة الجيش النظامي السيطرة على بلدة كرناز في ريف حماة بعد 16 يوما من المعارك العنيفة٬ مبرزة أن هذه المنطقة تعتبر ممرا الى القرى العلوية في ريف حماة الغربي. ونقلت صحيفة "الحياة" عن سكان في دمشق قولهم ان يومي الاربعاء والخميس كانا من اسوأ الايام التي شهدتها العاصمة منذ اشهر طويلة بسبب حدة القصف والمعارك٬ مؤكدين ان وابل النيران التي اطلقت يوم الاربعاء كان من بين الاكثر كثافة مما أدى إلى موجة نزوح كثيفة. وبعيدا عن ساحة المعركة وأزيز المدافع والانفجارات٬ كشفت صحيفة "القدس العربي"٬ عن وجود صفقات تجارية وعسكرية بين الجيش النظامي والجيش الحر٬ تشمل تبادل النفط وشراء الأسلحة٬ إضافة إلى تمرير مواد تموينية عبر حواجز جيش النظام٬ بل وصلت في إحداها إلى تسليم أفواج عسكرية مقابل المال. كما أشارت إلى تفاهمات من نوع آخر٬ هدفها "التأمين على الحياة" بحيث يتعهد كل طرف أحيانا بعدم إطلاق النار على خصومه مقابل تسليم مواقعهم٬ مبرزة في السياق ذاته أن جهات في الجيش السوري الحر التي تسيطر على آبار للنفط في مدينة المو حسن شرق محافظة دير الزور٬ تزود النظام السوري بالنفط الخام مقابل الحصول على كميات من المواد المستخلصة منه كالغازوال والبنزين. وبخصوص الوضع في مصر٬ نقلت صحيفة "العرب"عن الفريق أحمد شفيق آخر رئيس وزراء في عهد الرئيس حسني مبارك الذي أطاحت به انتفاضة شعبية في فبراير شباط 2011٬ قوله إن المصريين يرفضون النظام الحالي٬ مؤكدا فشل هذا النظام في تحقيق أي نجاح. وقال شفيق٬ الذي خسر بفارق طفيف الجولة الثانية في انتخابات الرئاسة المصرية لصالح مرشح حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين٬ أن أول رئيس منتخب في مصر يقود البلاد إلى "اضطراب سياسي واقتصادي واجتماعي أعمق وإنه نتيجة لذلك سيخسر السلطة". وتركز اهتمام الصحف التونسية حول التطورات المتلاحقة التي تشهدها تونس، سواء تعلق الأمر بتداعيات جريمة الاغتيال التي تعرض لها أمس الأول المعارض السياسي٬ شكري بلعيد٬ المنسق العام لحزب "حركة الوطنيين الديموقراطيين" والذي يجري اليوم تشييع جنازته٬ أو بالأزمة السياسية الناجمة عن فشل أطراف الائتلاف الحاكم في الاتفاق على تعديل وزاري لحكومة حمادي الجبالي. فبخصوص الموضوع الأول٬ أبرزت الصحف أن هذه أول مرة في تاريخ تونس وفي نفس اليوم يتم تنفيذ إضراب عام في كامل التراب الوطني وجنازة وطنية. كما أسهبت الصحف في استعراض الجوانب النضالية في مسيرة المعارض السياسي الراحل شكري بلعيد ومواقفه السياسية ومحطاته التاريخية والمهنية كمحامي وكزعيم سياسي٬ مشيرة إلى التداعيات السياسية والأمنية لجريمة اغتياله على الاستقرار في البلاد. وفي هذا السياق اعتبرت جريدة " الصحافة" أن اغتيال بلعيد "فتح البلاد على كل الاحتمالات والفرضيات"٬ ملاحظة أن هذه العملية " تشرع للعنف السياسي الدموي وتنسف من الأساس أسس الحوار الذي تحتاجه تونس اليوم أكثر من أي وقت آخر". وأضافت أن العملية السياسية بأكملها دخلت في "متاهة تستهدف سلامة ونجاح عملية الانتقال الديمقراطي التي يتطلع إليها التونسيون بعد ما تحملوه من الأذى والقهر خلال عقود من الاستبداد". وبخصوص الأزمة السياسية٬ تعرضت الصحف إلى مبادرة رئيس الحكومة٬ حمادي الجبالي الرامية إلى تشكيل حكومة تكنوقراطية مصغرة أو حكومة "كفاءات وطنية" كما وصفها تتفرغ إلى الإعداد للانتخابات القادمة٬ مشيرة إلى الانقسام الحاصل وسط الطبقة السياسية التونسية بين رافض لهذا التوجه٬ كما هو الشأن بالنسبة لموقف حركة النهضة٬ التي ترى أن البلاد محتاجة في المرحلة الراهنة إلى "حكومة سياسية ائتلافية"٬ ومؤيد له باعتباره الحل الأمثل للخروج من الأزمة الراهنة. وفي هذا الصدد٬ كتبت صحيفة "الشروق" في افتتاحيتها بعنوان "الجبالي والانقلاب الأبيض" أن قرار رئيس الحكومة الجبالي٬ الذي هو في الآن ذاته أمين عام حركة النهضة٬ يمثل "انقلابا أبيض على الجناح المتصلب في الحركة وبالتحديد رئيسها٬ وبذلك لم يعد يجاري هوى رئيس الحركة ولا يخضع لمنطقه ولا يساير سياسته". واعتبرت موقف رئيس الحكومة "بداية ارتجاج كبير داخل الحركة التي سارعت إلى إعلان حرب إلكترونية على الجبالي غير آبهة بمكانته كريس للحكومة ولا لماضيه النضالي"٬ ودعت كل الأطراف السياسية إلى "مساندة رئيس الحكومة والالتفاف حوله والانخراط في مشروعه من أجل المصلحة العامة". وأفردت الصحف المصرية حيزا هاما من اهتماماتها لتداعيات الفتوى التي أطلقها أحد الشيوخ وأجاز فيها قتل عدد من رموز المعارضة٬ حيث نقلت صحيفة "الأهرام" عن مشيخة الأزهر تأكيدها على أن هذه الفتوى تشكل فتنة مجتمعية٬ مضيفة أن الفهم الخاطئ واستعمال النصوص في غير مواضعها وفهمها فهما غير صحيح سيغرق البلاد في فوضى القتل وإراقة الدماء. وتحت عنوان "مليونية الرحيل تتصدى لفتاوى الاغتيالات"٬ استعرضت "اليوم السابع" عددا من ردود الفعل من القوى السياسية والمجتمعية بعد هذه الفتوى وحذرت مما أسمته ب "النمو السرطاني للجماعات الارهابية والتكفيرية"٬ مذكرة بأن قوى سياسية دعت مجددا للاحتشاد في الميادين اليوم بعد صلاة الجمعة ل"القصاص للشهداء وتحقيق مطالب الثورة"٬ فيما تطرقت صحيفة "الوطن" لفتوى أخرى أصدرتها الدعوة السلفية وشنت فيها هجوما على تنظيم الإخوان المسلمين وعلى الرئيس محمد مرسي. وأبرزت "اليوم السابع" أن قيادات جبهة الإنقاذ وضعت تحت حراسة مشددة لوزارة الداخلية بعد تلقي عدد منها لتهديدات بالقتل بينما كتبت جريدة "الجمهورية" أن فتاوى الدم في مصر ستفجر ثورة غضب جديدة٬ محذرة من أن "مثل هذه الفتاوى الشاذة التي تصدر كل يوم تهدد بإشعال الفتن وتزيد الانقسام بين الناس". ومن جانبها٬ أكدت صحيفة "الشروق" أن شبح الاغتيالات يحوم بعد فتوى إهدار دم قادة الإنقاذ وتساءلت عما إذا كان هناك من يقف وراء هذه الفتوى قبل أن تطالب باتخاذ التدابير القانونية والقضائية الحاسمة مع كل من يعبث بأمن واستقرار الوطن. واهتمت الصحف الإماراتية بالخصوص بالأوضاع الراهنة في تونس بعد مقتل المعارض السياسي شكري بلعيد٬ والتصريحات الأخيرة لوزير الخارجية الأمريكية الجديد جون كيري حول القيم الأمريكية. وكتبت صحيفة "البيان" أن ما صدر من ردود فعل غاضبة ومتفجرة في الشارع التونسي بعد اغتيال بلعيد "لا يمكن قراءتها في لحظتها الآنية واعتبارها رد فعل على اغتيال فردي مهما كان حجمه وثقله الاجتماعي"٬ مشيرة إلى أن التظاهرات الغاضبة والاشتباكات التي أعقبت اغتيال بلعيد في جميع مدن تونس والتي أجبرت الحكومة على إجراء تعديل حكومي طال انتظاره٬ "تندرج ضمن تراكمات تحاول القفز عليها أو التغاضي عنها بعض الحكومات إلى أن تصل لحظة الانفجار..". ومن جهتها٬ تطرقت صحيفة "الخليج" إلى التصريحات الأخيرة لوزير الخارجية الأمريكية الجديد جون كيري حول القيم الأمريكية٬ مبرزة أن كيري يتباهى بأن "القيم والمثل الأمريكية تمثل حقا أفضل ما يمكن أن يعيشه الإنسان على الأرض"٬ معتبرة أن "الحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان وغيرها من القيم الإنسانية التي تتغنى بها الولاياتالمتحدة على الدوام والتي لا يخلو تصريح أو بيان منها٬ تتناقض جوهريا مع ما تنهجه السياسة الأمريكية في تعاطيها على أرض الواقع مع مختلف القضايا الدولية". وأضافت الصحيفة في افتتاحية بعنوان " القيم والواقع" أن غزو العراق ودعم الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين يمثل "انتهاكا صارخا لحقوق الانسان ولكل القيم الإنسانية المتعارف عليها عبر الزمن"٬ متسائلة "كيف يمكن لأية قيم إنسانية يتباهى بها الوزير الأمريكي أن تتماشى مع القتل العشوائي للفلسطينيين أو تنسجم مع الاعتقال التعسفي للآلاف منهم أو تغض الطرف عن الاغتصاب السافر لأراضيهم أو قلع أشجارهم أو تهديم بيوتهم". وسلطت الصحف القطرية تعاليقها بالخصوص على نتائج قمة منظمة التعاون الإسلامي٬ التي اختتمت أعمالها في القاهرة أمس. وهكذا كتبت صحيفة (الراية) أن قمة منظمة التعاون الإسلامي نجحت في الخروج بقرارات في مستوى التحديات التي يواجهها العالم الإسلامي"٬ مبرزة أن التحدي الأهم "يبقى في تطبيق هذه القرارات على الأرض من خلال آليات تنفيذية واضحة تعكس حجم وتأثير ودور دول العالم الإسلامي الأعضاء في المنظمة والتي يبلغ تعداد أعضائها 56 دولة تمثل أكثر من مليار ونصف مليار مسلم". وخصصت صحيفة (الشرق) افتتاحيتها لتحليل مضامين كلمة أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة ال ثاني في هذه القمة٬ والتي اعتبرت "أن أخطر بواعث التوتر والاضطراب في منطقتنا وفي العالم كله تكمن في التداعيات المأساوية للقضية الفلسطينية٬ حيث ما زالت إسرائيل تواصل جرائمها واعتداءاتها الجسيمة على الشعب الفلسطيني عبر استراتيجية الأمر الواقع وقرارات الاستيطان الجديدة وتهويد القدس والممارسات التي تمنع قيام دولة فلسطينية كاملة السيادة". وتمحور اهتمام الصحف اللبنانية حول القانون الانتخابي التوافقي في لبنان٬ وتداعيات اتهام الحكومة البلغارية ل(حزب الله) بتفجير حافلة الصيف الماضي٬ وصدور البيان الختامي للقمة الإسلامية في القاهرة. فبخصوص القانون الانتخابي٬ نقلت صحيفة (النهار) عن مصادر مواكبة قولها إن "ثمة ثلاث محطات متزامنة من شأنها أن تشهد إطلاق مواقف سياسية بارزة٬ وتعكس إلى حد بعيد طبيعة التعقيدات أو الحلول المرتبطة بهذا الملف٬ هي عيد القديس مارون غدا٬ والذكرى الثامنة لاغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري يوم 14 فبراير٬ ومهرجان (الوفاء للشهداء) يوم 16 فبراير". ونقلت صحيفة (السفير) عن أوساط دبلوماسية أوروبية قولها إن هناك "تشكيكا أوروبيا حقيقيا" في التحقيق الذي أجرته سلطات صوفيا يتجلى بالخصوص في "تشكيك المعارضة البلغارية٬ والبيئة السياسية غير السليمة في البلاد٬ ومسارعة إسرائيل إلى اتهام إيران و(حزب الله) قبل بدء التحقيقات البلغارية الرسمية". أما في ما يتعلق بالقمة الإسلامية٬ فقد كتبت صحيفة (المستقبل) أن "الشق السوري في البيان الختامي٬ على الرغم من مقاربته المعتدلة للأزمة٬ واجه تحفظا إيرانيا على فقرة أو فقرتين٬ وتحفظا عراقيا على كل الفقرات٬ ونأيا بالنفس من قبل لبنان"٬ مهيبا بالمعارضة السورية "أن تسرع في تشكيل حكومة انتقالية ممثلة لكل أطراف وطوائف شعبها من دون تمييز أو إقصاء".