كشفت جلسة الأسبوع الماضي، المنعقدة بابتدائية العاصمة، في إطار ما بات يُعرف بقضية "كتيبة الشفافية" التي يُتابع فيها موظفان بوزارة المالية بتهمة تسريب وثائق إدارية، عن معطيات جديدة في ملف تبادل العلاوات بين صلاح الدين مزوار، وزير المالية السابق، ونور الدين بنسودة، الخازن العام للمملكة. وأفاد الشاهدان الرئيسيان في القضية، اللذان لجأت المحكمة إلى إحضارهما بالقوة بعد تخلفهما عن الحضور خلال الجلسات السابقة، أن ما استفاد منه مزوار من علاوات خضع لمسطرة استثنائية "محاطة بتعتيم شديد"، ولا تستند إلى أي نص قانوني مكتوب وواضح. وأضاف ذات الموظفَين أنّ ذات المسطرة "يتم إنجازها خارج قنوات التسلسل الرئاسي الرسمي للخزينة العامة، بخلاف باقي علاوات الموظفين والمسؤولين الآخرين، دون مستوى نائب المدير، التي تنجز وتنفذ وفقا لمسطرة إدارية عادية".. وهذا حسب إفادة الشاهدين اللذين يشغل أحدهما رئيسا لمصلحة تدبير الودائع بالخزينة العامة، والآخر مديرا للدعم وتدبير الموارد بالخزينة العامة للمملكة. وأضاف الشاهدان المذكوران، وهما يجيبان على أسئلة المحكمة وكذا أسئلة هيأة الدفاع المكونة من عبد الرحمن بن عمرو وخالد السفياني ومحمد أقديم، وعبد اللطيف الحاتمي وعمر التوزاني وعبد العزيز النويضي ومحامين آخرين من هيأتي الرباط و الدارالبيضاء، أن "المبالغ التي تصرف للوزير وللخازن العام يحددها الخازن العام نفسه، و يعطي بشأنها تعليمات شفهية". شاهد ثالث في القضية، يشغل منصب نائب مدير الدعم وتدبير الموارد بالخزينة العامة واستجاب لاستدعاء المحكمة طواعية، أفاد بوجود علاوات أخرى داخل الخزينة تسمى "تكميلية" وأخرى ذات "قيمة مالية هامّة تأخذ طابع مكافئات دورية تصرف للخازن العام والمديرين وقلة من الموظفين"، موردا أنّها "تخضع هي الأخرى لنفس التعتيم"، و "متروك تقدير مبالغها للخازن العام وحده دون الرجوع لنص مكتوب من جهة مخولة ذلك قانوناً". وجوابا على سؤال لهيأة المحكمة حول أسس تحديد المبالغ المكتوبة في القرارات المسربة قال الشاهد، الذي يشغل منصب مدير الدعم وتدبير الموارد بالخزينة العامة للمملكة، إنه "لا يستند إلى أي نص قانوني لإنجاز القرارين المتعلقين بعلاوات نور الدين بنسودة"، وأن هذا الأخير "هو الذي حدد مبالغها ووجهه شفهياً لصياغة القرارات المتعلقة به"، مؤكدا أنه مستعد لإنجاز قرار مماثل بأي مبلغ يحدده بنسودة ما دامت المسؤولية، في نظره، لا تقع على عاتقه بل على عاتق من أمره بذلك. كما أفاد الشهود أن الموظف الويز، أحد المتهمين بتسريب القرارات المشار إليها، انقطعت علاقته بمسطرة تدبير العلاوات منذ 2008. وبعد انتهاء الاستماع إلى الشهود في الجلسة المثيرة، والتي جرت تحت أنظار فاعلين حقوقيين وسياسيين كان أبرزهم نواب حزب العدالة والتنمية الذين تقدمهم عبد الله بوانو وعبد العزيز أفتاتي وآمنة ماء العينين واعتماد الزاهيدي، حددت المحكمة جلسة أخرى لاستكمال المناقشة والمرافعة يوم فاتح مارس المقبل.