بعد "رسالة إلى من يهمهم الأمر"، التي ناشد فيها الملك محمد السادس ب "الإفراج عنه"، خص المعتقل الإسلامي محمد الشطبي، المتواجد بالسجن المحلي لتيفلت والمدان تحت طائلة "قانون الإرهاب" ب30 سنة سجنا نافذة قضى منها عشرا، (خصّ) هسبريس برسالة ثانية يعلق فيها عما أسماه الصخب الإعلامي الذي صاحب محاكمة المعتقلين على خلفية تفكيك مخيم "اكديم ازيك"، مستغربا في مقدمتها "هل نحن معشر المغاربة سواسية أمام القانون". وتسائل الشطبي من داخل سجنه عن موقف وسائل الإعلام المغربية "عندما كان المرء يجبر على التوقيع على محاضر حتفه وهلاكه مغمض العينين.. وعندما نصبت الدولة نفسها أمام هذا العدد الهائل من المتهمين الضحية والشاهد والحكم؟"، وهو الذي اعتبر أن المغرب أريد له تسويق صورة "من خلال وقائع هذه المحاكمة"، يورد المعتقل الذي أدين ب20 سنة سجنا نافذا بتهمة "الإرهاب" قبل أن تنضاف إليها عشر سنوات بعد محاولته الفرار من السجن المحلي بالقنيطرة. ووجه الشطبي انتقاذه إلى وزير العدل والحريات، متوجها إليه بالقول "أذكر أنه عندما أمسكت راحة الأستاذ المناضل الرميد حقيبة العدل والحريات صرح بأنه إذا ما انتهكت حريات المغاربة سيغادر ولن يكون شريكا لمن يدوس على كرامة المواطنين وأنه إذا عرقلت مساعيه في الإصلاح فسيرمي لهم مفتاح المبنى"، موضحا "لكن الوضع لازال كما هو وماجرى لنا بسجن تولال2 ليس عنه ببعيد، وكيف طوي الملف وطمست معالم الجريمة ولايزال من تبول على كاتب هذه السطور وكسر عظام أصابعه وأدخل العصي في أدبار آخرين في موقعه يصول ويجول ويتبجح"، يقول المعتقل ذاته. وفيما يلي نص الرسالة كما توصلت بها هسبريس من محمد الشطبي: تعدو الذئاب على من لا كلاب له كلمات على هامش الصخب الإعلامي المصاحب لمحاكمة المعتقلين على خلفية تفكيك مخيم كديم إزيك . هل نحن معشر المغاربة سواسية أمام القانون !!!؟؟؟ المساواة كلمة جميلة وفعلها لذيذ على الآذان، وتزداد طلاوة لما يشنف مسامعنا بها الساسة عندما يطلون علينا من منابرهم وهم يلوكون نصوصهم المرتجلة المرصعة بالعناوين التي اعتدناها وألفنا رنينها " حرية كرامة عدالة اجتماعية " فهل حقا ينعم كل المغاربة بالمساواة ؟ وهل يتقاسمون الحقوق مثلما تأديتهم للواجبات ؟ وهل قضاؤهم حقا نزيه يتساوى أمامه (الشريف والوضيع)؟وهل القيم والمبادئ والمثل تسمو على الأهواء أم تداس عند أول منعرج يصادم المصالح؟ أسئلة لاذعة ملحة حارقة طفت طارحة نفسها دون أن تجد لها إجابة في مغرب المتناقضات. محاكمة المعتقلين على خلفية أحداث تفكيك مخيم كديم إزيك التي تدور أطوارها هذه الأيام والهالة الإعلامية الضخمة المرفقة بها والروتوشات المعطوبة التي تلفها تجعل المرء يدرك دون بالغ صعوبة خبث السياسة ونفاق الساسة في هذا الصقع من كوكب الأرض وتجعله يلمس بجلاء ووضوح أن مستقبل حريته مرهون بالحسابات الضيقة والمزايدات الفارغة . والمتتبع لمجريات الأمور لن تغفل عينه الصورة التي أريد تسويقها عن المغرب من خلال وقائع هذه المحاكمة، يلحظ ذلك في هذا الكم الهائل من المراقبين الدوليين الذين وجهت لهم الدعوة لمواكبة أطوارها يلحظ ذلك في التغطية الإعلامية الضخمة والخطاب المتداول في تدبيج تقاريرها المركز على مفردات المحاكمة العادلة وضمان حقوق المتهمين . إزاء هذه الدعايات المشبوهة يحق للمرء أن يتسائل عن السر في هذا التغيير الفجائي وعن الأسرار الكامنة وراء هذه (السحابة الديمقراطية) التي أظلت سهول حقوق الإنسان الجذباء في مغرب الإستثناءات . كاتب هذه السطور أبت ذاكرته إلا أن ترجع به عشر سنوات إلى الخلف عندما اقتيد مع من اقتيد إلى مسالخ العهد الجديد آنذاك في غلس الليل البهيم إلى دهاليز تمارة المرعبة حيث تباد كرامة وآدمية الإنسان . فأين كانت وسائل الإعلام عندما كان المرء يجبر على التوقيع على محاضر حتفه وهلاكه مغمض العينين ولماذا لم يستدع المراقبون الدوليون عندما حشروا الآلاف من الشباب في محاكمات صورية أقل ما يمكن أن يقال عن مهندسيها أنهم ظلمة عتاة ؟ ثم أين كانت وسائل الإعلام عندما نصبت الدولة نفسها أمام هذا العدد الهائل من المتهمين الضحية والشاهد والحكم؟ بل ألم تكن هذه الوسائل المأجورة طرفا في تلك الحملة الظالمة تروج للظالم وتغذي أكاذيبه وتدين الضحية قبل نطق ما سمي بالقضاء كلمته؟ ألم يذبحنا هذا الإعلام على نطع حرية الرأي والخبر المزعومة ليكون شريكا في الجريمة ؟ مفارقة عجيبة أن تتحول هذه الأبواق إلى منابر حيادية تلتزم الموضوعية لضمان سير الأمور حتى تفصل العدالة العمياء وأم المفارقات أن ينبري المراقبون للتتبع عن كتب في هذه النازلة وعندما تعلق الأمر بآلاف المستضعفين كان منهم المحرض والآز والحمال للحطب ونافخ الكير والمنادي بالإجتثات والإستئصال -إلا من رحم الله وقليل ماهم- ويوما بعد أخيه يتضح لجموع المغفلين نفاق المجتمع الدولي وخداعه وازدواجية طروحاته وتناوله لقضايا المسلمين على النحو الذي يمزق صفهم ويشتت وحدتهم ويخدم مصالحه لاغير. أمر خطير أن تتحول حريات المغاربة إلى سوق مزادات تخضع للمكاسب بمنطق الربح والخسارة والأخطر من ذلك أن تقاس سلامتك على مدى رصيدك من الحلفاء ولوبيات الضغط ولو أردت أن تحضى بالأمان تحت شمس بلدك وجب عليك التعلق بأجندات خارجية متعددة الأذرع ومتفرعة الذيول. قال الشاعر العربي قديما وصدق تعوي الذئاب على من لا كلاب له / وتتقي صولة المستأسد الضاري القوم يعلمون أن نشطاء البوليساريو وراءهم دول تعادي المغرب وتحتضن مناوئيه، وراءهم دبلوماسية جيران قوية تمتلك أدوات التحكم في النزال وبما تمتلكه من إمكانيات تستطيع إثارة الضجات وافتعال ردود الأفعال الصابة في مصلحة دعاة الإنفصال وهناك سوابق إلى عهد قريب سببت للمغرب العديد من المتاعب. وراءهم جمعيات وأحزاب في شبه الجزيرة الأيبيرية وأمريكا الجنوبية وأفريقيا توفر لهم أضخم وسائل الدعم اللامشروط وترصد لهم من الإمكانيات ما الله به عليم . لهذه الأسباب لاتعجب من البراعة الفائقة في ارتداء فرو الحمل وتقمص أدوار الفاتحين العظام في الدمقراطية وحقوق الإنسان وهلم شعارات . . . أما نحن( المعتقلون على خلفية مايسمى بملفات السلفية الجهادية) فعندما علم أهل الدار أنها تكالبت علينا من أقطارها ورمينا عن قوس واحدة ووظفنا كمنتوج يذر الربح ويخلق التوازنات ولو بعد حين تركنا والغول يسحقنا بين فكيه والجميع يتطاربون فرحا بمهلكنا وموتنا البطيء في الزنازين الباردة التي تنخر العظام. حتى حينما كان (إخواننا في الله) يمثلون دور المعارضة في المشهد المغربي القاتم راهنوا على مظلوميتنا وشكلوا من مآسينا ورقة لتسديد الضربات لخصومهم ولطالما تباكوا على على القضاء المنخور فسادا وعلى المحاكمات الجائرة التي نلنا على إثرها مئات السنوات الضوئية عقب تفجيرات 16 ماي الملغزة التي لازالت لحد اليوم تفاصيل كواليسها عصية على الفهم والتحليل. لفرط سذاجتنا وقلة فقهنا بعفن السياسة وألاعيبها أحسننا الظن بالقوم وقلنا بأن خروجنا من غيابات السجون الظالم أهلها سيتزامن مع إمساك بنكيران بمفاتيح رئاسة الحكومة، نمنا في العسل وعندما فتحنا أكياس الوهم صدمنا كملايين المسحوقين المظلومين من أبناء هذا الوطن وسقط في أيدينا كما سقط في أيدي من أصبحت تهشم أضلاعهم الهراوات المذيلة بتوقيعات المراهنين على محاربة الإستبداد، شدهنا وفغرنا أفواهنا كما شده الذين هدمت دورهم على رؤوسهم باسم الصرامة وسيادة القانون،وتحولت خيول الرهان إلى بغال تحمل الملح وتجوب به البراري ليضاف إلى جراحنا. وبعد استفاقتنا من سكرة ذهولنا وجدنا الجلاد هو هو والذي تغير هو الكرباج الذي صار ألسع وأوجع والله المستعان . أذكر أنه عندما أمسكت راحة الأستاذ المناضل الرميد حقيبة العدل والحريات صرح بأنه إذا ما انتهكت حريات المغاربة سيغادر ولن يكون شريكا لمن يدوس على كرامة المواطنين وأنه إذا عرقلت مساعيه في الإصلاح فسيرمي لهم مفتاح المبنى، لكن الوضع لازال كما هو وماجرى لنا بسجن تولال2 ليس عنه ببعيد ، وكيف طوي الملف وطمست معالم الجريمة ولايزال من تبول على كاتب هذه السطور وكسر عظام أصابعه وأدخل العصي في أدبار آخرين في موقعه يصول ويجول ويتبجح وأمثال هذه الشواهد لا تحصى أو تعد في عهد إخواننا في حزب المصباح. لازال الوضع متعفنا والعدل والمساواة لايوجدان إلا في مخيلة الحالمين ومسوقي الوهم. فيا أيها المهرولون نحو إصلاح الفساد . الفساد يقتلع من جذوره. والترميم يجبر الشقوق ومن المحال في حقه أن يرسي الدعائم ويمتن الأسس والأزمة أزمة مبادئ وقيم وليست كلاما مجلجلا يلقى على عواهنه، ويزداد اللبيب حيرة عندما يرى دعاة تقسيم الوطن المحرقين للجثت المتبولون عليها- حسب ما ذكر وتناقلته الصور - يجدون لهم أعوانا وأنصارا وإعلاما على الأقل محايدا غير متحامل بينما من فزع يوما لنصرة إخوانه المستضعفين أو دعا إلى إقامة دنيا الناس على أساس القرءان والسنة فلا مكان له في منظوماتهم ولاوسعته يوما مبادئهم الكونية الكاذبة المفصلة على مقاس قمع الشرفاء وخدمة المشاريع الإستعمارية". كتبه من سجنه:المعتقل الإسلامي محمد الشطبي