تراكمت في بلادنا و على مر عقود من سوء التدبير و انصراف النخب عن الهموم الحقيقية للمجتمع سلبيات كثيرة أثرت على المواطن المغربي فأصبح يشعر انه جزيرة منعزلة مستقلة عن الوطن ويعانى من الوحدة وبات الأصدقاء والغرباء خصوماً في بعض الأحيان. و لقد عرفت بلادنا تحولات جذرية مهمة بعد موجة الربيع العربي الاستثنائية التي مرت بنا و بعد الشجاعة الملكية المتمثلة في خطاب 9 مارس و تنصيب حكومة ذات شعبية برئاسة حزب مارس المعارضة لسنوات و بوجود مكونات أغلبية قررت القطع مع أساليب الماضي و التقدم الى الأمام في خطة مندمجة تحمل في طياتها بعض المرارة و القسوة و لكنها ستحمل في نهاية المطاف بلادنا الى بر الأمان و طالما ان هناك نية حقيقية للإصلاح والتغيير من اناس مخلصين فيجب ان نعطيهم الفرصة للتدرج فى تطبيق الإصلاح و تفعيل المشاريع و الأوراش وليس كما كان يحدث من قبل بوضعها فى الأدراج. ولتحقيق رؤية طموحة مثل الرؤية المستقبلية لبلادنا يجب طرح إستراتيجية تعالج الخلل الراهن في منظومة القيم والتحول نحو منظومة جديدة من القيم الإيجابية الدافعة للتقدم وسط بيئة إقليمية ودولية صعبة وسريعة التغير و سوف يصاحب ذلك ارتفاع معدلات النمو والعدالة وانتشار تدريجي واسع لمنظومة من القيم الاجتماعية والأخلاقية الإيجابية القادرة على الانتقال بالمغرب من دولة نامية إلى دولة متقدمة متكاملة إقليميا ومندمجة عالميا للوصول إلى هذه الرؤية يجب العمل على تنمية العنصر البشرى القادر على المحافظة على قيمه الأصيلة والإيجابية والقادرة على تحقيق الرؤية المستقبلية لبلادنا ، حيث تحتل تنمية الموارد البشرية المكانة الأولى بين متطلبات التقدم لأي دولة، والمدخل الأساسي لتحقيق رؤية مستقبلية وطموحة لها ويتطلب تنفيذ تلك الاستراتيجية تضافر كافة قطاعات المجتمع الحكومي والمدني ووعى جماهيري ودعم سياسي، كما يتطلب أساسا ماديا يضمن تأمين حاجات الإنسان الأساسية، ويحميه من الحاجة، ويسد عليه منابع الفساد والإفساد، ويصون كرامته بالعمل والعدل والحرية. لستُ ممّن يحبُّون استباق الأحداث، والتكهن بالقادم؛ لأنّ لكلّ شخص منّا قدرات يستطيع من خلالها قراءة الواقع والمستقبل. لستُ من أولئك الذين يظنون بأنفسهم الظنون؛ فيعتقدون أنّ رؤاهم تتحقّق بحذافيرها! لكنني شخص أحبّ كثيراً قراءة الواقع دون أجندة ما، أو تحليلات تُفسد على المعجب لذّة الحلم، وتعطي الناقم فرصة الشماتة وحبّ التطاول. عودة لعنوان المقال نلاحظ في الأيام الأخيرة و خاصة بعد الاصلاحات الدستورية و الانتخابات التشريعية و بعد المكانة الخاصة التي احتلتها الصحافة المكتوبة و الإلكترونية في نقل الخبر و البحث عن كل جديد و كما نقول البحث " عن الشٌادة و الفٌادة " من تحركات الحكومة بل وصل ببعض الصحف و المجلات أن خاضت في مواضيع شخصية و تتبعث عثرات المسؤولين الجدد بل و تمادت بعض المنابر في التشنيع على الحكومة ولهم في ذلك طرق كثيرة منها: التقول عليهم، والكذب عليهم، ولهم في هذا أهداف و محاولة تحقير الجهود الحكومية والحط من شأنها بالاحتجاج بزلاتها، والعمل على تصيد أخطائها، وتضخيمها ونشرها، أو تأويل ما يقع حسب ما يهوون، ووفق ما يخدم مصالحهم. عندما يجتمع كل ذلك يتسرب إلى شعبنا الإحباط، وتتحول الأزمة إلى أزمة ثقة بين الشعب والمسؤولين، ونعلم أننا لا يمكن أن ننجح في صناعة وطن يليق بنا إذا لم نردم فجوة الثقة الضعيفة. و إن كنا نتفهم الى حد ما مقالات صحافة المعارضة و ما تحمله من مغالطات و تأويل فإنه من غير المقبول ان نجد الصحافة التي تطلق على نفسها وصف الاستقلالية بعيدة كل البعد عن هذا الوصف . تشكل الموضوعية قيمة أساسية مهمة في العمل الصحفي، يسعى الصحفي، بقدر الإمكان لتحقيقها. ويتطلب تحقيق الموضوعية فصل الرأي عن الحقيقة، وتحقيق النزاهة والتوازن، بإعطاء الأطراف المختلفة فرصاً متكافئة، لإبداء وجهات نظرها، حتى يتسنى للجمهور الحصول على كل المعلومات اللازمة، حول قضية، أو حدث من الأحداث. وهي تعني الحياد بدلاً من التدخل والمشاركة. البعض يرى أن الموضوعية خرافة، وأنه قد آن الأوان لأن يصبح القائلون بالموضوعية أكثر واقعية، وأن يعترفوا بأنها شيء لا وجود له، إلاّ في أذهانهم فقط. فإنه ينبغي أن تكون التقارير الموضوعية أمينة نزيهة وناطقة بالحق وصورة من الواقع، ولكن أين هي هذه التقارير ؟ فلا يوجد مراسل صحفي يعرف الحقيقة كل الحقيقة. ومن ثم فليس بمقدوره أن يكتب تقريراً يضاهي الواقع بكل أبعاده. ويدعم آراء أصحاب هذا الاتجاه دراسات علم الدلالة، والدراسات الانثروبولوجية. يصف عالم الانثروبولوجي الشهير ادوارد هوك، كيف تؤثر الثقافة، في الطريقة، التي يرسل بها الشخص الرسائل الاتصالية، ويستقبلها، بقوله: "إن الثقافة قالب وُضعنا فيه، فهي تسيطر على حياتنا اليومية بطرق عديدة ». ويرى وليور شرام أن عملية التعرض الانتقائي ليست عملية قاصرة على جمهور يتعرض للمحتوى الذي يريده فحسب، ولكنها تحدث كذلك للقائمين على اختيار الأخبار، فهم يختارونها، في ضوء خبراتهم، ويفسرونها لكي تقاوم أي تغير في ثقافاتهم والإطار المرجعي لأفكارهم. و البعض الأخر يرى أن الموضوعية هدف صحفي يمكن تحقيقه، ويمكن للصحفي أن يكون موضوعياً إذا أراد، وسعى من أجل ذلك. وهو وإن لم يصل إلى الشكل الدقيق للموضوعية، الذي يتحدث عنه أصحاب الاتجاه الأول، إلاّ أنه يستطيع الوصول إلى درجة من الموضوعية، تثبت أن الموضوعية مفهوم ذو معنى، وليس خرافة على الإطلاق. والسؤال الأساسي، الذي يطرحه أصحاب هذا الاتجاه المؤيد للموضوعية هو ما هو موقف المندوب، تجاه تقريره الإخباري، وتجاه جمهوره ؟ هل يريد أن يكون محايداً؟ أو يريد أن يكون متميزاً؟ فالموضوعية، في ظل اتجاه محايد، يمكن أن تكون مفهوماً واقعياً، في وسائل الإعلام، على الرغم من كل العقبات التي تعترضها. والموضوعية تتطلب من جميع صحف العالم تقييم أداءها، بين الحين والآخر. الصحفي ..و خطيئة غرور الرأي كثر كتٌاب الرأي في الاونة الاخيرة من صحفيين يتقمصون أدوار المحلل السياسي و الخبير الإقتصادي و العالم السوسيولوجي و الطبيب النفسي و فيلسوف الزمان فيفتون في كل موضوع و يضعون مقترحات و يملون توجيهات و يرسمون خطط الطريق بنوع من الغرور و الثقة الزائدة في النفس. لقد تتبعث مند تنصيب الحكومة الجديدة اراء الكثير من أهل الصحافة و خاصة رؤساء التحرير و إفتتاحيات الصحف ، و لا تكاد تخلو هذه الجرائد من اراء متباينة بعضها يكون متساهلا و البعض الأخر متحاملا الى أبعد الحدود ما يخلق ارتباكا لدى المتتبعين و تطرح تساؤلات لحساب من تشتغل تلك الصحف و ما مصلحتها في تأجيج الرأي العام و تبخيس كل مبادرة و التشكيك في كل خطوة إصلاحية. فرفقا بالشعب و رفقا بالحكومة . * كاتب جهوي لشبيبة العدالة و التنمية