ثقة شباط في فصاحة لسانه، تجعله يلوك دون وعي أي كلام لمجابهة خصومه أو استغباء أصدقائه ، تفكير شباط بلغ به إلى حد توظيف بعض الآثار المنسوبة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم في افتتاح أشغال اللجنة القيادية لمشروع تأهيل فضاء الثنائية القطبية لجهة فاس بولمان مكناس تافيلالت بقاعة البطحاء الأربعاء الماضي، فكان من كلمته التي لا علاقة لها بجدول أعمال اللقاء ، الحديث عن منجزاته الباهرة التي يشهد لها سكان السماوات والأرض على حد تعبير عبد النبي الشراط صاحب افتتاحية جريدة غربال القرويين والتي يديرها شباط ، و مادام أن سكان السماوات و الأرض يشهدون على عظم الإنجازات الشباطية ففي هذا سر خفي سيكشف عنه شباط في هذا الافتتاح . "" يقول حميد شباط يكفي فاس من فضلها وشرفها ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في وصفها، يتابع الحديث؛ فيقول وجدت في كتاب دراس بن إسماعيل الفاسي وهو من فقهاء فاس كتب أبو ميمونة بخط يديه رحمه الله تعالى : حدثني ابن مصر بالإسكندرية قال : حدثني محمد بن إبراهيم المواز عن عبد الرحمن بن القاسم عن مالك بن أنس عن محمد بن شهاب الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :" ستكون بالمغرب مدينة تسمى فاس أهلها أقوم أهل المغرب قبلة و أكثرهم صلاة ، أهلها على السنة و الجماعة و منهاج الحق لا يزالون متمسكين به لا يضرهم من خالفهم يدفع الله عنهم ما يكرهون إلى يوم القيامة " الحديث أخرجه - طبعا يعني نقله – شباط من كتاب دراس بن إسماعيل الفاسي، و قوبلت قراءة شباط لهذا الحديث المنسوب للنبي صلى الله عليه وسلم بموجة ضحك عارمة عمت القاعة . هنيئا للمغاربة وللفاسيين بهذا الكتاب الجديد الذي ينقل منه شباط صاحب جريدة غربال القرويين ، ففي مثل هذه الأيام تمزقت خيوط الغربال الرقيقة ولم يبق منه سوى إطاره الخشبي ، حقا لا يمكن لرجل سياسة أن يسوق لمثل هذا الخطاب إلا لأنه في وضعية صعبة فقد في كنفها عقله ، و أصبح يوظف كل ما من شأنه يعزز شرعيته وجوده ، فأن يوظف شباط حديثا لم يسمع به أحد لا في الأحاديث الصحيحة و لا الضعيفة ، ويؤكد أنه أخذه من كتاب أحد الفقهاء الفاسيين ، فهذا لا يشفع له في طلب تصديق الاستدلال بحديثه ، فشباط مطالب بذكر درجة صحة حديثه و أن يبين من خرجه ، و إلا فما قام به شباط في غاية من الخطورة ، حيث بتطفله هذا على النبي صلى الله عليه وسلم سيدفع منافسين سياسيين آخرين لأن يسلكوا مسلكه وأن يأتوا بأحاديث موضوعة غير ثابتة على النبي صلى الله عليه وسلم ، فتختلط الساحة السياسية بكذب آخر أشنع وأفضع و هو الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم لأجل الكذب على الناس . ونعلم في تاريخ المسلمين أن من أشد اللحظات القاسية في مسار الصرعات السياسية عندما تم توظيف مرويات مكذوبة على النبي صلى الله عليه و سلم ، فنتج عن ذلك صراعات دموية بلبوس ديني كاذب ، وصراع السنة و الشيعة ما هو إلا مظهر لإشكال سياسي غلف بإديولوجية دينية لا تمت إلى الإسلام بصلة ، فنسبت إلى النبي صلى الله عليه وسلم مثل هذه الأحاديث " أبو بكر يلي أمتي بعدي " " علي خير البشر من شك فيه كفر " " الأمناء ثلاثة أنا وجبريل و معاوية " ، بل وصلت حركة الوضع إلى التجارة من أجل ترويج بعض البضائع الكاسدة كحديث " تختموا بالعقيق فإنه ينفي الفقر" و ظهرت أحاديث موضوعة في العلاقات الاجتماعية كحديث " إذا عطس الرجل عند الحديث فهو دليل على صدقه " ، فكثر الوضع في الحديث لأسباب سياسية ومذهبية حتى قال المحدث حماد بن زيد : وضعت الزنادقة على النبي صلى الله عليه وسلم أربعة عشرألف حديث. المشهور عند المغاربة أنهم يعظمون حديث النبي صلى الله عليه وسلم ويقدرونه ، إذا قلت للمغربي قال الرسول صلى الله عليه وسلم يصمت احتراما للرسول الكريم ، و هذا طبيعي لدى المغاربة الذين يقرؤون سيرة ابن هشام بالكامل من المولد إلى المولد ، بل قد تجد شخصا منحرفا و تقول له قال رسول صلى الله عليه وسلم فينيخ السمع إلى أن تنتهي ، لكن الغريب في حادثة شباط هو أنه لما انتهى عمت القاعة موجة من الضحك ، بمعنى أن في الحديث شك ، و ليس من المعقول أن تكون أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم الصحيحة تبعث على الضحك و السخرية ، و الخطير في هذا هو أن شباط إذا كان يعلم أن الحديث مكذوب عن النبي صلى الله عليه وسلم و قرأه على الحاضرين ، فلو كان الأمر كذلك فليقرأ قول النبي صلى الله عليه وسلم :" من حدث بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكذابين " أخرجه مسلم في مقدمة صحيحه . قد يقول قائل : لنسلم بصحة الحديث ، ونسأل شباط ؛ هل حزب العدالة والتنمية المنافس لكم في فاس والذي وصفتموه بالنذالة والتنمية وبالوجه الآخر للسلفية الجهادية يدخل في جملة أهل فاس الذين هم من أهل السنة والجماعة – كما جاء في حديثك - أم لا؟ ننتظر الإجابة من السيد شباط في جريدة غربال القرويين ، أما أن " تكور و تعطي لعور " ففي هذا الموطن غير مقبول . إقرأ أيضا في هسبريس : حميد شباط من حُثالة الخلق إلى حُثالة السياسة