اهتمت الصحف الأوروبية الصادرة اليوم الخميس٬ بإعلان رئيس وزراء البريطاني٬ ديفيد كامرون٬ تنظيم استفاء نهاية سنة 2017 حول استمرار بلاده داخل الاتحاد الأوروبي أو الانسحاب منه٬ وبتطورات الحرب في مالي٬ إضافة إلى قضايا أخرى. وفي بروكسيل٬ أشادت صحيفة (لوسوار) بقرار كامرون إطلاق نقاش وطني حول بقاء أو انسحاب المملكة المتحدة داخل الاتحاد الأوروبية٬ معتبرة أن الشرعية الديمقراطية التي تبرر الاستشارة الشعبية تنطبق أيضا على إعادة تحديد العلاقات بين بروكسيل وباريس التي يرغب كامرون في بدء القيام بها مع شركائه الأوروبيين. من جانبها٬ تأسفت صحيفة (لافونير) على كون المطامح القومية الوطنية لا تزال تشوش على فكرة الوحدة الأوروبية٬ معتبرة الاستفتاء الذي ينوي كامرون تنظيمه "مناورة سياسية من رجل يرغب في العزف على الوتر الرافض للوحدة مع أوروبا من أجل كسب الأصوات خلال انتخابات سنة 2015". من جانبها٬ عبرت الصحف البريطانية عن مواقف متضاربة بخصوص الاستفتاء الذي دعا كاميرون إلى تنظيمه سنة 2017٬ ففي الوقت الذي عبرت فيه صحيفتا (الديلي ميل) و(الديلي تلغراف) عن تأييدهما لقرار إجراء الاستفتاء الأوروبي٬ انتقدت صحيفتا (الغارديان) و(الاندبندنت) هذا القرار بشدة. وكتبت صحيفة (الديلي ميل)٬ أن "الأمر يتعلق بيوم تاريخي" مؤكدة أن خطاب ديفيد كاميرون ليوم أمس يظل شبيها بشكل كبير بخطاب رئيسة الوزراء مارغريت تاتشر٬ قبل 25 سنة٬ والذي شككت من خلالها في طموحات مؤسسي الاتحاد الأوروبي في تشكيل اتحاد أوثق بين شعوب أوروبا. أما صحيفة (الاندبندنت)٬ فاعتبرت أن خطاب رئيس الوزراء البريطاني سيزيد من حدة الضغوط المفروضة عليه٬ ويضع اهتمامه بالمصالح الوطنية موضع الشك٬ فيما أكدت (الغارديان) أن الخطاب يعد "خطأ" كبيرا قد يتسبب في القضاء على المسيرة السياسية لديفيد كاميرون. وفي فرنسا٬ انتقدت صحيفة (لي زيكو) "الاستفزاز" البريطاني لأوروبا٬ معتبرة أن من شأن إعلان رئيس الوزراء البريطاني تفجير حزبه المنقسم أصلا حول المسألة٬ وقيادة المملكة المتحدة إلى خارج الاتحاد الأوروبي. أما صحيفة (لوفيغارو) فاعتبرت أن كامرون "يضع مستقبله على المحك" ويدخل النقاش الأوروبي إلى قلب الحياة السياسية البريطانية للسنوات الخمس المقبلة. بدورها٬ اعتبرت الصحف الهولندية أن رئيس الوزراء البريطاني٬ الذي "يمشي فوق حقل ألغام"٬ فتح بخطابه الأخير٬ الاتحاد الأوروبي على مخاطر جدية. في السياق ذاته٬ كتبت صحيفة (بابليكو) البرتغالية أن الاستفتاء البريطاني سيكون "رهانا بمخاطر بالغة" طالما أن الشركاء الأوروبيين داخل الاتحاد الأوروبي يعارضون فكرة أوروبا "على المقاس" البريطاني. وفي صلة بالموضوع٬ سلطت الصحف الألمانية الضوء على دعوة ديفيد كاميرون لإجراء إصلاح جذري في الاتحاد الأوروبي٬ وأبرزت صحف "دي تزايت" و"دي تاغسشبيغل" و"فراكفوتر أليغماين" ردود فعل شركاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي٬ والانتقادات الحادة التي وجهت لرئيس الوزراء البريطاني بخصوص دعوته إجراء إصلاح جذري في الاتحاد وتعهده بإجراء استفتاء على سحب عضوية بريطانيا واعتبروا القرار "جهل بأسلوب صناعة القرار داخل الاتحاد". ونقلت الصحف ردود فعل المسؤولين الفرنسيين والألمان٬ وفي مقدمتهم المستشارة أنغيلا ميركل التي عبرت عن استعدادها للاستماع إلى طلبات بريطانيا في حين اعتبر وزير الخارجية غيدو فسترفيله٬ أن "لندن لا يمكنها أن تتعامل مع أوروبا وكأنها أمام قائمة طعام تستطيع أن تنتقى منها ما تشاء وتختار السياسات التي تروق لها" وأن "الانتقاء ليس خيارا". وتحت عنوان "بريطانيا العظمى والاتحاد الأوروبي : اختبار القوة " أشارت "دي تاغسشبيغل" إلى أن إعلان كاميرون أثار مخاوف ليس فقط خارج بريطانيا بل حتى داخلها حيث من شأن قرار الاستفتاء الشعبي أن يؤثر على وضعها الداخلي السياسي والاقتصادي وبالتالي على الاتحاد الأوروبي. من جانب آخر٬ استأثرت الحرب في مالي باهتمام الصحافة الفرنسية. واعتبرت (لوموند) أن فرنسا لا تزال تنتظر الدعم الأوروبي٬ مضيفة أن فرنسا لا تزال تنتظر دعما عسكريا ملموسا هاما من شركائها. أما صحيفة (لاكروا) فتطرقت إلى التوافق الهش بين اليمين واليسار الفرنسي حول التدخل العسكري في مالي٬ مشيرة إلى الانتقادات التي وجهها نواب الاتحاد من أجل الحركة الشعبية (يسار)٬ التي بعد ان دعمت الرئيس هولاند في بداية التدخل٬ عادت لتلومه اليوم على "تدخله لوحده في المعركة". وفي البرتغال٬ أبرزت الصحافة نجاح البلاد في ضخ السندات بعيدة المدى التي أطلقتها البرتغال منذ أن طالبت مساعدة دولية. وكتبت صحيفة (جورنال دو نيكوسيوس) أن هذه المناقصة بالسندات الممتدة لخمس سنوات بمبلغ يصل إلى 2,5 مليار أورو تشكل مرحلة مهمة في طريق عودة البرتغال إلى الأسواق المالية بصفة أسرع. من جانبها٬ توقفت الصحف الإيطالية عند الاهتمام الخاص الذي حظي به رئيس الحكومة الإيطالية السابق٬ ماريو مونتي٬ في منتدى دافوس الاقتصادي العالمي الذي يعقد بسويسرا. واعتبرت صحيفة (لاستامبا) أن تدخل مونتي في افتتاح المؤتمر "إشارة لتقدير كبير" لهذا الرجل وأيضا إلى تنصيب رمزي لرئيس الحكومة التقنوقراطية المنتهية ولايتها٬ فيما رأت في ذلك (لا يربابليكا) "مهمة كبيرة" و"أمرا غير مسبوق" بالنسبة لإيطاليا.