يبدو أن أوروبا باتت مضطرة للانكباب على معالجة ملفاتها الشائكة القديمة٬ في أفق الخروج من الأزمة الاقتصادية التي تعد الأكثر حدة في تاريخها المعاصر٬ وهو بالضبط ما استعرضته الصحف الأوروبية اليومية الصادرة اليوم الخميس. ففي إسبانيا٬ أثير مجددا الحديث عن تشديد المراقبة المالية٬ وتستعد إيطاليا للنقاشات حول الإصلاح الضريبي٬ فيما يأمل الهولنديون تضامنا اجتماعيا أكبر لتصحيح الاختلالات التي تشوب المنظومة الصحية ببلادهم. وهكذا٬ ركزت الصحف الإيطالية اهتمامها على إشكالية الضرائب التي تفرض نفسها أكثر فأكثر باعتبارها قضية رئيسية في الحملة الانتخابية الجارية استعدادا للانتخابات التشريعية لفبراير المقبل. "الضرائب والتحالفات٬ مواجهة ثلاثية الأطراف" (بين برلسكوني وبيير ليغي برساني وماريو مونتي)٬ "ضرائب أكثر للأغنياء٬ ضرائب أقل للطبقة المتوسطة"٬ "لا ضريبة على من يوفر مناصب شغل"٬ "شكوك كثيرة"٬ كلها عناوين تبرز الترقب الذي يطبع النقاش حول مختلف السيناريوهات المقترحة في سياق يطغى عليه هاجس إقلاع النمو والحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين التي تعرف هبوطا حادا. وفي هذا السياق٬ كتبت يومية "لاسامبتا" أن الحملة الانتخابية تحولت٬ في ظرف بضعة أيام٬ إلى "تنافس قائم على تخفيض الأسعار"٬ فيما اعتبرت "لا ريبوبليكا" أن إيطاليا بصدد الوفاة بسبب جرعة ضرائب زائدة. وفي نفس سياق الأزمة ٬ تساءلت الصحافة الفرنسية حول قدرة الحكومة الاشتراكية الفرنسية على قلب منحى البطالة التي بلغت نسبا مقلقة ٬ وفعالية مبادراتها الرامية إلى تحسين تنافسية المقاولات المحلية وجذب الاستثمارات الأجنبية الكفيلة بخلق مناصب الشغل. واهتمت الصحيفة الاقتصادية (لي زيكو) ٬ في هذا الإطار٬ بهدف الحكومة الذي وصفته ب"الجريء جدا"٬ والذي يطمح إلى رفع عدد قرارات الاستثمارات الأجنبية إلى 1000 استثمار في السنة من الآن وإلى غاية 2017 .٬ أي ما يعادل أزيد من 40 في المائة المحققة اليوم. أما صحيفة (لوفيغارو) فقد أكدت الوضع " الحرج" للاقتصاد الفرنسي في ظل وجود ثلاثة آلاف عاطل عن العمل ٬ ليصبح غير تنافسي مقارنة مع دول الجوار الأوروبي. ولليوم التالي على التوالي أبرزت صحيفة (ألموندو) الإسبانية الإجراءات المتخذة لتشديد الرقابة على أبناك البلاد ٬ مضيفة أن هذا النظام الجديد الذي فرضه البنك المركزي سيوضع تحت مجهر عمل المفتشين الماليين بهدف إضفاء الشفافية واستعادة ثقة المستثمرين. ودائما في إسبانيا ٬ أثارت صحيفة ( إلباييس) موضوعا يهم تخليق الحياة العامة٬ ويتعلق الأمر بالفاسد السياسي . وكتبت الصحيفة أن "أزيد من 200 مسؤول سياسي متهم بالفساد في خمسة أقاليم مستقلة ". وسلطت الصحف البريطانية الصادرة اليوم الخميس الضوء على تصريحات مسؤول أمريكي رفيع بخصوص موضوع الانسحاب المحتمل للمملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي٬ حيث أكد على أن من شأن هذا القرار أن يؤثر سلبا على طبيعة العلاقات بين لندنوواشنطن. وكتبت صحيفة الغارديان أن إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما أصدرت أمس الأربعاء تحذيرا مباشرا لرئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون من مخاطر اجراء استفتاء حول عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي. وأشارت الصحيفة إلى تشكيك فيليب غوردون مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية للشؤون الأوروبية في مزايا حملة رئيس الوزراء البريطاني لإجراء استفتاء من أجل إعادة النظر في عضوية لندن بالاتحاد الأوروبي٬ مؤكدا أن الولاياتالمتحدة تتطلع إلى سماع صوت بريطانيا القوي من داخل مؤسسات الاتحاد الأوروبي على اعتبار أن ذلك يصب بشكل مباشر في مصلحة أمريكا. وذكرت الغارديان بأن موقف الولاياتالمتحدة الثابت منذ عدة سنوات كان يعتبر أن مشاركة بريطانية وثيقة في أوروبا كان يصب لفائدة المصالح الأمريكية٬ مشيرة إلى أن تصريحات فيليب غوردون تشكل رسالة واضحة لحكومة لندن بتخفيض مباشر لطبيعة وقيمة العلاقات القائمة بين البلدين في حال قررت بريطانيا ترك الاتحاد الأوروبي. واعتبرت صحيفة الفاينانشيال تايمز من جهتها أن التصريحات الأمريكية تشكل تحذيرا واضحا لبريطانيا من مغبة ترك الاتحاد الأوروبي. ووصفت الصحيفة الموقف الأمريكي بأنه تصريح علني نادر وخطوة غير عادية واستثنائية٬ بعد أن ظل الديبلوماسيون الأمريكيون يثيرون الموضوع في وقت سابق بشكل سري وداخل الكواليس. ومن جانبها كتبت الاندبندنت أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما وجه تحذيرا للحكومة البريطانية بضرورة استمرار بقاء لندن ضمن الاتحاد الأوروبي٬ وإلا ستتعرض لخسائر اقتصادية. وأبرزت أن التصريحات العلنية لفيليب غوردون٬ وهو عضو بارز في الإدارة الأمريكية٬ يعكس حجم قلق واشنطن بخصوص الاستفتاء الذي تعتزم المملكة المتحدة تنظيمه بخصوص علاقتها مع الاتحاد الأوروبي. واعتبرت صحيفة (الصن) من جهتها أنه بالرغم من أن بريطانيا والولاياتالمتحدةالأمريكية صديقان حميمان منذ زمن طويل٬ وهو ما يعطيهما الحق للتحدث إلى بعضهما بمنتهى الصراحة٬ فإن ذلك لا يعني بالمقابل أن للأمريكيين الحق في التدخل في أي قرار يتعلق بتنظيم الاستفتاء الأوروبي. ومن جهة أخرى٬ كتبت الصحف البريطانية عن تحذير هيئة الأرصاد الجوية من تعرض المملكة المتحدة خلال الأيام المقبلة لموجة صقيع ونزول ثلوج قوية لمدة تستمر أزيد من شهر. وحذرت الديلي ميرور من انعكاسات سلبية لموجة الطقس السيء على حركة سير الطرق والقطارات والمطارات. ومن جهة أخرى٬ أشارت صحيفة الفاينانشيال تايمز إلى شروع إقليم كردستان العراق في تصدير النفط مباشرة إلى السوق العالمية لحسابه الخاص٬ معتبرة أن الأمر يتعلق بخطوة مهمة باتجاه تأكيد الإقليم استقلاله الاقتصادي عن السلطة المركزية في بغداد. واعتبرت أن قرار التصدير المباشر من الإقليم "تصعيد جديد" في النزاع بين حكومة كردستان والحكومة المركزية بشأن السيطرة على مخزون النفط في الإقليم. وفي روسيا٬ قالت صحيفة "كمسومولسكايا برافدا" ٬أن الأسابيع الأخيرة شهدت تحولا ملحوظا في مجرى الصراع الدائر في سورية٬ إذ لم يتمكن المتمردون من تحقيق أي تقدم في المعارك الرامية إلى السيطرة على دمشق وحلب٬ في إطار الحرب الأهلية الدائرة بينهم وبين القوات النظامية الموالية لبشار الاسد.وترى الصحيفة أنه أصبح واضحا أن الحرب في ذلك البلد دخلت حالة من التعادل٬ الذي يمكن لها معه أن تستمر لفترة طويلة جدا. وتوقفت صحيفة "روسيسكايا غازيتا" عند التدابير التي يتخذها حلف شمال الأطلسي "الناتو" لنشر ست بطاريات من المنظومة الأمريكية المضادة للصواريخ "باتريوت" على الأراضي التركية في مواقع محاذية للحدود السورية.وأوردت الصحيفة ما يؤكده كبار المسؤولين في الناتو من أن هذه التدابير تهدف إلى التصدي لأية أخطار يمكن أن تأتي من الجانب السوري مشيرة الى أن الكثير من المحللين يرجحون أن يكون الهدف من ذلك صد هجوم متوقع من عدو أقوى من سورية. وفي موضوع ذي صلة سلطت صحيفة "مير نوفوستيه" الضوء على الوثيقة التي وضعتها وزارة الخارجية الروسية في نهاية السنة الماضية ٬والتي تتعلق بíœ"التصورات للسياسة الروسية الخارجية"٬ وذلك بتكليف من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين .وذكرت الصحيفة أن أهم ما جاء في هذه الوثيقة المادة التي اعتبرت أن روسيا تبني سياستها الخارجية في عالم غير مستقر يمر بأوضاع معقدة للغاية إذ أن الكثير من المشاكل ناجمة عن محاولة الغرب وخصوصا الولاياتالمتحدة التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى ٬ وهوما كان واضحا في أحداث "الربيع العربي". اما صحيفة "كوميرسانت" فتناولت القرار الليبي القاضي بإلغاء التعامل بالإسم الرسمي لليبيا حيث قالت ٬أن المؤتمر الوطني الليبي غير اسم البلاد رسميا إلى "دولة ليبيا" بعد أن كانت الجماهيرية الليبية العظمى على أن تبقى هذه التسمية معتمدة إلى حين صدور الدستور الجديد. وفي موضوع آخر وتحت عنوان بلدية موسكو والمعارضة تتفقان على مسار مظاهرة احتجاجية قالت صحيفة "روسيسكايا غازيتا" أن بلدية موسكو والمعارضة الروسية ومنظمو المظاهرة الاحتجاجية المناوئة للقانون الذي يحظرعلى الأمريكيين تبني الأطفال الروس٬ اتفقا على مسار المظاهرة المرتقبة في 13 ينايرالجاري والتي من المرتقب أن يشارك فيها 20 ألف شخص. من جانبها٬ تناولت الصحف البرتغالية تقرير صندوق النقد الدولي الذي يدعو إلى التقليص من عدد الموظفين وكذا من أجورهم ومعاش التقاعد. وعنونت جرائد (دياريو دي نوتيسياس) و بوبليكو ودياريو إكونوميكو صفحاتها الأولى ب " صندوق النقد الدولي يقترح تسريح 120 ألف موظف " مشيرة إلى أن سبع توصيات الصندوق التي تدعو إلى تقليص 20 في المائة من 700 ألف منوظف برتغالي والرفع من سن الإحالة على التقاعد ومنح الحكومة إمكانية إعادة النظر في معاش التقاعد وفق إكراهات الميزانية. أما الصحف الهولاندية فقد واصلت تعليقها على تقرير وكالة الإحصائيات والتي تقترح أخذ بعين الاعتبار عامل الدخل اوالمستوى الثقافي في مجال التأمين عن المرض ومراجعة خفض التكاليف لتحقيق التضامن مع باقي الفئات المعوزة. وتطرقت الصحف التركية للمفاوضات بين الحكومة والمتمردين من طرف الجيش الأكراد٬ ركزت كذلك على تحرير 48 إيرانيا كانوا محتجزين من طرف الجيش السوري الحر مقابل 2000 سجينا سوريا و4 مواطنين أتراك٬ نتيجة للوساطة بين أنقرة والدوحة وطهران. وارتباطا بالمفاوضات مع حزب العمال الكردستاني٬ اعتبرت "تودايز زمان" في افتتاحية تحت عنوان "التصرف كمسلمين ومفاوضة الأتراك"٬ أنه ينبغي منح فرصة لمفاوضات السلام من أجل وضع حد لهذا النزاع الذي خلف خلال 29 سنة أزيد من 45 ألف قتيلا. ومن جانبها٬ رأت "حرية ديلي نيوز" في افتتاحيتها٬ أن "طريق السلام لم تكن أبدا سهلة"٬ حيث قارنت بين الكيفية التي يدبر بها رئيس الوزراء رجب طيب أوردوغان قضية الأكراد وكيفية تعامل توني بلير في 1998 مع متمردي إيرلندا الشمالية. من جهتها٬ أبرزت "لا تريبون دوجنيف"٬ التي انصب اهتمامها حول الخبر المحلي٬ عدم التسامح الذي يبديه قضاة الإقليم مع السائقين٬ حيث أنهم يعدون ب "الجحيم" هؤلاء السائقين "المتهورين"٬ نتيجة لتشديد التشيرع الفدرالي المتعلق بالسير على الطرقات. من جهة أخرى٬ انصب اهتمام صحيفة "لوطون" حول مسارح مدينة كالفان٬ متسائلة حول عدم اكتراث الجمهور٬ مما ألق بدوره الأوساط الفنية.