باريس سان جيرمان ينعش آماله في أبطال أوروبا بعد ريمونتدا مثيرة في شباك مانشستر سيتي    دعوة وزيرة السياحة البنمية لزيارة الداخلة: خطوة نحو شراكة سياحية قوية    منظمة التجارة العالمية تسلط الضوء على تطور صناعة الطيران في المغرب    الاحتيال على الراغبين في الهجرة السرية ينتهي باعتقال شخصين    حجز 230 كيلوغراما من الشيرا بوزان‬    الأشعري يدعو إلى "المصالحة اللغوية" عند التنصيب عضواً بالأكاديمية    طنجة المتوسط يعزز ريادته في البحر الأبيض المتوسط ويتخطى حاجز 10 ملايين حاوية خلال سنة 2024    ضمنهم طفل مغربي.. مقتل شخصين وإصابة آخرين في هجوم بسكين بألمانيا والمشتبه به أفغاني    عامل نظافة يتعرض لاعتداء عنيف في طنجة    فوضى حراس السيارات في طنجة: الأمن مطالب بتدخل عاجل بعد تعليمات والي الجهة    لا زال معتقلاً بألمانيا.. المحكمة الدستورية تجرد محمد بودريقة من مقعده البرلماني    حادثة مروعة بمسنانة: مصرع شاب وإيقاف سائق سيارة حاول الفرار    السكوري: نسخة "النواب" من مشروع قانون الإضراب لا تعكس تصور الحكومة    النصب على "الحراكة" في ورزازات    في درس تنصيب أفاية عضوا بأكاديمية المملكة .. نقد لخطابات "أزمة القيم"    ميناء طنجة المتوسط يكسر حاجز 10 ملايين حاوية في سنة واحدة    عامل إقليم الجديدة يستقبل رئيس وأعضاء المجلس الإقليمي للسياحة    ريال مدريد يُسطر انتصارا كاسحا بخماسية في شباك سالزبورج    حموشي يؤشر على تعيينات جديدة في مناصب المسؤولية بمصالح الأمن الوطني    شباب الريف الحسيمي يتعاقد رسميا مع المدرب محمد لشهابي    توقعات أحوال الطقس ليوم الخميس    في الحاجة إلى ثورة ثقافية تقوم على حب الوطن وخدمته    جهود استباقية للتخفيف من آثار موجة البرد بإقليم العرائش    الارتفاع ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    نحن وترامب: (2) تبادل التاريخ ووثائق اعتماد …المستقبل    وزارة الداخلية تكشف عن إحباط أزيد من 78 ألف محاولة للهجرة غير السرية خلال سنة 2024    توقيع اتفاقية مغربية-يابانية لتطوير قرية الصيادين بالصويرية القديمة    رسميا.. مسرح محمد الخامس يحتضن قرعة الكان 2025    دولة بنما تقدم شكوى للأمم المتحدة بشأن تهديدات ترامب لها    القضاء يبرء طلبة كلية الطب من التهم المنسوبة اليهم    المغرب يُحبط أكثر من 78 ألف محاولة هجرة غير نظامية في 2024    القضاء الفرنسي يصدر مذكرة توقيف بحق بشار الأسد    منتخب "U17" يواجه غينيا بيساو وديا    الشيخات داخل قبة البرلمان    اعتقال المؤثرين .. الأزمة بين فرنسا والجزائر تتأجج من جديد    وهبي يعرض مشروع قانون المسطرة الجنائية الجديد    الغموض يلف العثور على جثة رضيعة بتاهلة    بنعلي: المغرب يرفع نسبة الطاقات المتجددة إلى 45.3% من إجمالي إنتاج الكهرباء    أيوب الحومي يعود بقوة ويغني للصحراء في مهرجان الطفل    120 وفاة و25 ألف إصابة.. مسؤول: الحصبة في المغرب أصبحت وباء    الإفراط في تناول اللحوم الحمراء يزيد من مخاطر تدهور الوظائف العقلية ب16 في المائة    سناء عكرود تشوّق جمهورها بطرح فيديو ترويجي لفيلمها السينمائي الجديد "الوَصايا"    الكويت تعلن عن اكتشاف نفطي كبير    مجموع مشتركي نتفليكس يتخطى 300 مليون والمنصة ترفع أسعارها    دراسة: أمراض اللثة تزيد مخاطر الإصابة بالزهايمر    عادل هالا    جماهير جمعية سلا تطالب بتدخل عاجل لإنقاذ النادي    Candlelight تُقدم حفلاتها الموسيقية الفريدة في طنجة لأول مرة    المدافع البرازيلي فيتور رايش ينتقل لمانشستر سيتي    الصين تطلق خمسة أقمار صناعية جديدة    الشاي.. كيف تجاوز كونه مشروبًا ليصبح رمزًا ثقافيًا عميقًا يعكس قيم الضيافة، والتواصل، والوحدة في المغرب    المغرب يواجه وضعية "غير عادية" لانتشار داء الحصبة "بوحمرون"    علماء يكشفون الصلة بين أمراض اللثة وأعراض الزهايمر    المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور يواصل برامجه التكوينية للحجاج والمعتمرين    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    الأمازيغية :اللغة الأم….«أسكاس امباركي»    ملفات ساخنة لعام 2025    أخذنا على حين ′′غزة′′!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل هي عودة إلى الحرب الباردة؟
الصراع الأمريكي الروسي على الساحة السورية
نشر في العلم يوم 13 - 02 - 2012

يحذر عدد من السياسيين والمراقبين سواء في الغرب أو الشرق من تحول الأزمة السورية إلى مواجهة عسكرية بين القوى الكبرى دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، مواجهة قد تتجاوز حدود منطقة الشام.
فروسيا والصين تقدران أن الولايات المتحدة ومعها فرنسا وبريطانيا تسعى لركوب حركة التحول في سوريا وغيرها من دول عربية وتحويلها إلى فوضى خلاقة حسب مفهوم المحافظين الجدد في واشنطن، وذلك من أجل المضي قدما في تنفيذ مخطط الشرق الأوسط الكبير الذي ينص على تقسيم المنطقة إلى ما بين 54 و 56 دويلة متنازعة، وهو ما سيسمح للولايات المتحدة بالتحكم في مقدرات المنطقة وثرواتها وخاصة النفط وبالتالي تحقيق حلم الإمبراطورية العالمية.
الحرب العالمية الثالثة
يوم الأحد 5 فبراير 2012 قال هنري كيسنجر مستشار الأمن القومي الأمريكي ووزير الخارجية السابق: إن نذر الحرب العالمية الثالثة بدت في الأفق وطرفاها هم الولايات المتحدة من جهة والصين وروسيا من جهة أخرى.
وأوضح الرجل الذي يوصف بثعلب السياسة الأمريكية في حديث أدلَى به لصحيفة "ديلي سكيب" أنَ ما يجري الآن هو تمهيد لهذه الحرب التي ستكون شديدة القسوة بحيث لا يخرج منها سوى منتصر واحد هو الولايات المتحدة من وجهة نظره.
وأكد السياسي البالغ من العمر 89 عاما أن واشنطن تركت الصين تعزز قدراتها العسكرية وتركت روسيا تتعافَى من الإرث السوفييتي السابق، مما أعاد الهيبة لهاتين القوتين، لكن هذه الهيبة هي التي ستكون السبب في سرعة زوال كل منهما.
وأضاف: "إن إدراك الاتحاد الأوروبي لحقيقة المواجهة العسكرية المحتومة بين أمريكا وكل من روسيا والصين المتباهيتين بقوتهما، دفعه للمسارعة بالتوحد في كيان واحد متماسك قوي".
وأفاد أن الدوائر السياسية والإستراتيجية الأمريكية طلبت من ساسة واشنطن احتلال سبع دول شرق أوسطية من أجل استغلال مواردها الطبيعية خصوصا النفط والغاز، مؤكدا أن السيطرة على البترول هو الطريق للسيطرة على الدول، أما السيطرة على الغذاء فهي السبيل للسيطرة على الشعوب.
وكشف "كيسنجر اليهودي الديانة، أن العسكريين الأمريكيين حققوا هذا الهدف تقريبا أو هم في سبيلهم إلى تحقيقه.
وأوضح كيسنجر أنه يدرك أن كلاً من الدب الروسي والتنين الصيني لن يقفَا موقف المتفرج ونحن نمهد الطريق لترسيخ قوتنا، خصوصا بعد أن تشن إسرائيل حربا جديدة بكل ما أوتيت من قوة لتدمير أكبر عدد من خصومها. وهنا سيستيقظ الدب الروسي والتنين الصيني، وقتها سيكون نصف الشرق الأوسط على الأقل قد أصبح إسرائيليا، وستصبح المهمة ملقاة على عاتق جنودنا، وأقصد هنا الأمريكيين والغربيين بصفة عامة، المدربين جيدا والمستعدين في أي وقت لدخول حرب عالمية ثالثة يواجهون فيها الروس والصينيين.
ومن ركام الحرب، سيتم بناء قوة عظمى وحيدة قوية صلبة منتصرة هي الحكومة العالمية التي تسيطر على العالم. ويضيف كيسنجر "لا تنسوا أن الولايات المتحدة تملك أكبر ترسانة سلاح في العالم، لا يعرف عنها الآخرون شيئا، وسوف نقوم بعرضها أمام العالم في الوقت المناسب".
تجدر الإشارة إلى أن هنري كيسنجر كان أحد ابرز الدبلوماسيين على حلبة السياسة الدولية في القرن الماضي. وشغل منصب مستشار الرئيس الأمريكي للأمن القومي في أعوام 1969 - 1975 ووزير الخارجية في 1973 - 1977. وكان المبادر إلى الانفراج في العلاقات بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي في السبعينات، واحد كبار المفاوضين الأمريكيين في المفاوضات لإنهاء الحرب في فيتنام، كما انه لعب دورا بارزا من خلال "الدبلوماسية المكوكية" في التوصل لعقد معاهدة كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل. وهو حائز على جائزة نوبل للسلام.
البعض إعتبر كلام كيسنجر نوعا من الهذيان ولكن آخرين أشاروا أن الرجل أدلى بهذه التصريحات بعد جولة قام بها قبل أيام قليلة لعدد من دول العالم ومن بينها روسيا والصين حيث أجتمع خلال شهر يناير 2012 مع أعلى القيادات في موسكو وبكين.
ويسجل أن كيسنجر تحدث بعد هذه الجولة عما قال أنها الشروط الأمريكية للتعاون مع منافسيها الأساسيين إذا اختاروا سبيل التعاون بدل المواجهة من أجل بناء عالم أكثر استقرارا حسب مفهومه.
موسكو ترفع وتيرة التحذير
بعد أسبوع من استخدام موسكو وبكين حق "الفيتو" أي النقض في مجلس الأمن الدولي يوم السبت 4 فبراير لمنع تبني مشروع قرار اعتبرتاه يمهد الطريق لتدخل عسكري لحلف شمال الأطلسي ضد سوريا، عاد الكرملين إلى توجيه اتهامه للدوائر الغربية والمعارضة السورية بعرقلة التوصل إلى حلول سلمية للخروج من المأزق الراهن. ونقلت وكالة أنباء "إيتار تاس" عن سيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي اتهامه إلى المعارضة وأنصارها بتحمل مسؤولية فشل جهود وقف سفك الدماء وإمكانية تسوية النزاع عن طريق الحوار، مؤكدا أنها بالدرجة الأولى مدعوة إلى العمل من أجل التوصل إلى حلول وسط. وقال ريابكوف إن وزير الخارجية سيرغي لافروف عرض وساطة روسيا عن طريق دعوة الأطراف السورية إلى الاجتماع في موسكو، وكشف عن تكليف الرئيس السوري بشار الأسد لنائبه فاروق الشرع بترؤس وفد الحكومة السورية في المباحثات المقترحة في موسكو مع المعارضة. وأضاف "إن الدول الغربية التي تحرض المعارضة السورية على الفوضى وكذلك تلك الدول التي تزودها بالأسلحة وتقدم لها النصائح تتحمل المسؤولية المشتركة مع المعارضة في تأزيم الأوضاع". واتهم هذه البلدان بالكذب وتشويه الواقع بما تقوله حول تحميل موسكو مسؤولية سفك الدماء في سوريا لكونها استخدمت حق "الفيتو" في مجلس الأمن. وكشف ريابكوف خلال زيارته لكولومبيا عن أن "روسيا مستعدة مرة أخرى لاستخدام وسائل ذات فعالية أكبر في مجلس الأمن الدولي، إذا ما حاول الشركاء الأجانب استخدام المجلس كأداة ضغط بهدف التدخل بالشؤون الداخلية لسوريا". وقال إنه أوضح للمسئولين في كولومبيا أن موسكو ليست معنية بالدفاع عن الأسد بل هي تريد تأمين الظروف المناسبة للحوار السوري من دون تدخل خارجي. وأضاف أن مشروع القرار الأخير في مجلس الأمن لم يكن متوازنا، وجوهريا كان عبارة عن محاولة تأثير دولية من أجل تغيير نظام بشار الأسد وإملاء على من يرأس دولة مستقلة ذات سيادة. وأضاف أن "مثل هذا المدخل غير مقبول بالنسبة لروسيا، لأن مجلس الأمن الدولي ليس أداة للتدخل في الشؤون الداخلية، وليس من مهامه تحديد أي حكومة يجب أن تكون في هذا البلد أو ذاك. لقد طلبنا الاستمرار في مناقشة المشروع المغربي، لكي لا يتضمن نصوصا تتوقع تنحي بشار الأسد، ومطالبة القوات الحكومية بوقف إطلاق النار وسحب القوات الحكومية فقط من المدن، مما كان سيسمح للجانب الآخر بالسيطرة على الموقف بالكامل وبالتالي التحكم بالسلطة في مناطق سورية".
وحذر ريابكوف الأطراف الغربية من احتمالات لجوء موسكو إلى سبل مغايرة للتأثير على مجريات الأحداث بقوله "إذا كان شركاؤنا الأجانب لا يدركون هذا، فسوف نضطر مرات أخرى إلى استخدام وسائل أكثر فاعلية لكي يعودوا إلى أرض الواقع. إن روسيا لا تتفق مع ذرائع الدول الغربية حول ما يسمى بالتدخل الإنساني ولا يمكن أن تسمح به، ولا باشتراك تحالف دولي وخاصة الأحلاف العسكرية بالتدخل في النزاع الداخلي لصالح طرف واحد". ووصف مثل هذه الأساليب بأنها "انتهاك لمبادئ القانون الدولي لأنه لا يوجد في هيئة الأمم المتحدة اتفاق عام حول التدخل لأسباب إنسانية. كما أن ميثاق هيئة الأمم المتحدة شيء معترف به وغير قابل للتغيير، ولا يسمح بانتهاكه بحجة الوضع السياسي وهذا هو أساس الموقف الروسي".
وتابع ريابكوف إن "السلطات السورية أكدت استعدادها لإجراء استفتاء سريع حول دستور جديد وتنظيم انتخابات، وعليه فان مسؤولية البحث عن حل لوقف سفك الدماء تقع على المعارضة" التي ترفض التفاوض مع السلطات السورية.
وكانت وزارة الخارجية الروسية قد أصدرت يوم 10 فبراير بيانا تدعو فيه كل قوى المعارضة السورية إلى تأييد البروتوكول الموقع في 19 ديسمبر 2011 حول الوضعية القانونية لبعثة مراقبي الجامعة العربية وضمان تطبيق كل بنوده من أجل وقف العنف. وأشار البيان إلى أن "عمل ووجود البعثة في الأراضي السورية ضروريان ليس فقط لرصد الوقائع بشكل يتسم بالموضوعية والحياد، بل ولدعم الجهود الرامية إلى وضع حد للتوتر ومنع تفاقمه وتحوله إلى صراع داخلي واسع النطاق".
رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الدوما أليكسي بوشكوف كشف عن معلومات تتعلق بظهور قوات خاصة لدول أجنبية داخل سوريا. وقال إنه "إذا تأكدت هذه المعلومات، فإن ذلك يعني بما لا يدع مجالا للشك تكرار السيناريو الليبي في سوريا"، مشيرا إلى تشابه الأوضاع السورية الحالية بالليبية. وقال إن مجلس الدوما بصدد إصدار بيان حول الأوضاع في سوريا يتضمن المطالبة بالحيلولة دون تكرار السيناريو الليبي وعدم التدخل في الشؤون الداخلية بغية الإطاحة بالنظام السوري.
يشار إلى أنه بعد أن شل "الفيتو" الروسي الصيني مجلس الأمن وزعت السعودية مسودة مشروع في الجمعية العامة للأمم المتحدة مماثلة للمسودة التي قدمت لمجلس الأمن. لكن نائب وزير الخارجية الروسي جينادي جاتيلوف قال يوم السبت 11 فبراير إن موسكو لا يمكن أن تؤيد خطوة في الجمعية العامة للأمم المتحدة تقوم على "نفس نص مسودة القرار غير المتوازن".
تفسير غربي
الدور الروسي قاربته صحيفة "الإندبندنت" البريطانية بوصفه "دوراً مزدوجا"، فموسكو "تبدو متصلبة في موقفها لأنها تخاف من عدم الاستقرار في المنطقة من جهة، ولأنها تخشى من أن تفقد ماء الوجه إن هي تراجعت عن موقفها من جهة ثانية".
وتساءلت "الإندبندنت" عما إذا كان المشروع الروسي الداعي إلى حوار بين المعارضة والنظام يندرج فعلاً في إطار نوايا صادقة لإنهاء الأزمة أم لإجهاض القرار الدولي؟ لتستنتج لاحقا بأن غياب المعارضة بأطيافها المتعددة عن اجتماعات مجلس الأمن يدل على المراوغة الروسية الهادفة إلى إفشال القرار. ثم تحذر الصحيفة البريطانية من أن روسيا ليست في "ورطة" سهلة، فمستقبل "حليفتها" معقد للغاية.
وفي الصحيفة نفسها كتب الصحافي البريطاني روبرت فيسك، تحت عنوان "إلى متى يتشبث الأسد بالسلطة؟". ويضيف "هناك دول تراقب الموقف في سوريا، فروسيا عاقدة العزم على عدم الوقوع ثانية في الفخ الذي ينصبه لها الغرب في الأمم المتحدة، حيث سبق أن سقطت فيه عندما عجزت عن الوقوف ضد إقامة منطقة حظر جوي فوق ليبيا الذي أسفر عن انهيار نظام معمر القذافي بشكل مباشر".
من جهتها، اعتبرت صحيفة "نيويورك تايمز الأمريكية أن النقاش حول القضية السورية في مجلس الأمن يعكس الانقسامات العميقة بين الدول التي تريد استخدام هذا السلاح الدولي لمواجهة الحكومات، وبين الدول التي لا تريد التدخل في نزاعات البلدان المحلية.
وتقول في النهاية، مهما تعددت القراءات للخطاب الروسي الصيني، لا يمكن لأحد أن ينكر بدء تغير خريطة نفوذ القوى العظمى في المنطقة، وقد تكون الأزمة السورية أولى وأصعب اختبارات هذه القوى الصاعدة.
قوات خاصة
تصريحات أليكسي بوشكوف عن تدخل قوات أجنبية في سوريا كان أول إشارة علنية من مسئول سياسي كبير حول هذا الموضوع، وهي تكتسب ثقلا كبيرا خاصة أنها جاءت بعد أيام قليلة من زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ورئيس أجهزة الاستخبارات الخارجية ميخائيل فرادكوف لدمشق. وتقول مصادر رصد أوروبية أن المبعوثين الروسيين سلما السلطات السورية ملفات كاملة عن تفاصيل التدخل الأجنبي لركوب حركة الاحتجاج وتحويل الأحداث المحيطة بها إلى مبرر للتدخل العسكري الأجنبي.
منذ نهاية شهر أكتوبر 2011 تتحدث مصادر رصد في غرب أوروبا عن أن وحدات من قوات النخبة في الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا إلى جانب مسلحين تابعين لشركات الأمن الخاصة مثل "بلاك ووترز" وغيرها تقاتل الجيش السوري إلى جانب المعارضين للنظام، وأفادت نفس المصادر أن هذا التدخل مشابه لذلك الذي حدث مع بداية الهجوم المباشر لحلف الأطلسي على ليبيا. ويذكر أنه في ذلك الحين نفى حلف الناتو وكذلك كل من باريس ولندن وواشنطن بشدة تدخل قواتهم في ليبيا، ولكن بعد قتل العقيد القذافي أقرت كل الأطراف السابقة بأن قواتها حاربت على الأراضي الليبية منذ البداية، وأنه لولا ذلك وتدخل "الناتو" لما كان نظام القذافي قد سقط.
مفاوضات وراء الستار
يوم الثلاثاء 7 فبراير نقلت وكالة فرانس برس عن مصادر إعلامية أن مفاوضات بدأت بين دمشق وأنقرة لإطلاق سراح 49 ضابطا تركيا احتجزتهم السلطات السورية على أراضيها بينما كانوا ينشطون بشكل غير شرعي.
يذكر أن مسئولين في غرفة عمليات حزب العمال الكردستاني الذي يخوض حربا منذ أكثر من عقدين ضد السلطات التركية كانوا قد ذكروا في نهاية شهر يناير 2012، أن تركيا بدأت استعداداتها للتدخل في سوريا قبل أحداث 15 مارس 2011 في مدينة درعا بوقت طويل وأشار هؤلاء إلى أن سلطات أنقرة أنشأت خلية متابعة الأوضاع في سوريا في فبراير 2011 أي قبل بدء الأحداث بأكثر من شهر، مضيفين أن الخطة التركية للتدخل العسكري في سوريا كانت موجودة منذ سنوات.
وأشار هؤلاء إلى نوع من اتفاق غير معلن بين الدولة السورية والأكراد ساهم في إفشال الخطط التركية هذه، وذلك بعد أن قام حزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني السوري بسحب أربعة آلاف من مقاتليه من جبال قنديل إلى كردستان سوريا، وخصوصا إلى منطقة عفرين الجبلية الوعرة حيث يتمركز غالبية هؤلاء المقاتلين وهذه المنطقة الإستراتيجية تقع إلى الشمال من مدينة حلب وهذا ما جعل تركيا تعيد النظر في الخطط الموضوعة لمحاصرة مدينة حلب، وتطورت الأوضاع إلى تغير جذري في الخطط التركية أدى إلى قرار بعدم التدخل العسكري المباشر في سوريا.
ويسترسل الناشطون الأكراد في معلوماتهم بالقول آن مجلس الأمن القومي التركي اجتمع في الأسبوع الأول من شهر ديسمبر 2011 وقرر عدم العمل بخطط التدخل العسكري المباشر في سوريا والاستعاضة عنها مرحليا بالتدخل غير المباشر عبر دعم المسلحين ماديا ومعنويا والتشجيع على الاضطرابات وتسليح كل من هو معارض لنظام الرئيس بشار الأسد.
ويتألف مجلس الأمن القومي التركي من ستة عشر شخصية من بينها قيادات الجيوش التركية الخمسة وهي الجيش البري والجيش الجوي والجيش البحري وحرس السواحل والدرك إضافة إلى رئيس الأركان، ورؤساء أجهزة الاستخبارات ويجتمع بحضور رئيس الوزراء.
لبنان وسط العاصفة
في نفس التوقيت تقريبا كشفت مصادر لبنانية مقربة من حزب الله عن أن الجيش اللبناني نجح في "تعطيل تحركات" مجموعات من جنسيات أمريكية وإسرائيلية كانت تقوم بعمليات تجسسية من الشمال اللبناني ضد سوريا.
وذكرت أن هذه المجموعات المزودة بوسائل اتصال متطورة عانت مشكلات فنية في الاتصال لكون غرفة عملياتهم المركزية هي في تل أبيب وذبذبات تواصلها مشوشة من طرف سوريا وأطراف في لبنان، وهكذا ولدى الإخفاق في التواصل تمت معالجة هذه المشكلة بإقامة محطة اتصال في قبرص ومنها يتم الإرسال إلى تل أبيب، وهذا التحويل سهل على الجيش اللبناني وأجهزة حزب الله رصد العملية.
36 شركة اجنبية للمرتزقة
يوم السبت 11 فبراير 2012 نقلت وكالة فرانس برس من بغداد خبرا مفاده أن وكيل وزارة الداخلية العراقية عدنان الاسدي ذكر ان "جهاديين عراقيين" ينتقلون من العراق إلى سوريا للقتال إلى جانب المعارضة السورية، موضحا أيضا أن السلاح يهرب من العراق إلى سوريا. واضاف "في السابق، كان السوريون يأتون للقتال في العراق، لكنهم يقاتلون الآن في سوريا".
ويملك البلدان الجاران حدودا مشتركة يبلغ طولها حوالى 600 كلم.
وكانت السلطات السورية قد أعلنت عند بداية الحركة الاحتجاجية أنها ضبطت أسلحة مهربة من العراق، فيما قال مصدر امني سوري في نوفمبر 2011 أن "نحو 400 جهادي عراقي وصلوا إلى سوريا آتين من العراق".
ويذكر أن النظام السوري كان يواجه في السابق اتهامات أمريكية بأنه قدم دعما ماليا وعسكريا ولوجستيكيا لجماعات "جهادية" في العراق.
وأقر المسئول العراقي ان هناك "109 شركة أمنية في العراق بينها 36 شركة أجنبية، وأن هناك 36 ألف حارس أمن بينهم 18500 أجنبي"، ولم يتطرق عدنان الاسدي إلى الأخبار التي تتحدث عن تسلل عناصر من قوات الشركات الأمنية الأجنبية عبر الحدود إلى داخل سوريا.
سيناريوهات بديلة
في مواجهة العثرات التي واجهها المخطط الأمريكي في سوريا والتي ولدها بشكل رئيسي الموقف الروسي الصيني، أخذ البيت الأبيض يبحث عن سيناريوهات بديلة.
وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون وصفت إحباط مشروع قرار مجلس الأمن بأنه "مهزلة"، وقالت إنها ستعمل مع دول أخرى لدعم حدوث تغيير ديمقراطي في سوريا.
وذكرت كلينتون في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس وزراء بلغاريا بويكو بوريسوف يوم 6 فبراير 2012 خلال زيارة قصيرة لبلغاريا، "سيتعين علينا في مواجهة مجلس أمن عقيم أن نضاعف جهودنا خارج نطاق الأمم المتحدة مع حلفائنا وشركائنا الذين يدعمون حق الشعب السوري في الحصول على مستقبل أفضل". وتابعت "يجب أن نكثف الضغط الدبلوماسي على نظام الأسد والعمل على إقناع المقربين من الرئيس الأسد على ضرورة رحيله".
وأضافت كلينتون أيضا، إن الولايات المتحدة ستعمل مع دول أخرى لمحاولة تشديد العقوبات "لتجفيف موارد التمويل وشحنات الأسلحة التي تعمل على استمرار دوران آلة الحرب التابعة للنظام".
ولم تذكر كلينتون أي تفاصيل عن الدول التي قد تتعاون في هذا الأمر أو ما الذي ستفعله تحديدا، ولكن الولايات المتحدة تسعى على ما يبدو لتشكيل مجموعة "أصدقاء سوريا" للعمل معا في ظل عدم القدرة على إحراز تقدم في الأمم المتحدة بسبب روسيا والصين. من جانبه ودعا وزير الخارجية الألماني، غيدو فسترفيليه إلى إنشاء مجموعة اتصال دولية للمساعدة. وذكر فسترفيليه للصحافيين، خلال مؤتمر أمني دولي في مدينة ميونيخ الألمانية: "إنه ينبغي على تركيا وجامعة الدول العربية الاضطلاع بدور رئيسي في تشكيل مثل تلك الهيئة". وأضاف فسترفيليه في كلمته إن مجموعة الاتصال تلك "ستضيف حراكا جديدا" إلى الجهود الرامية إلى إيجاد حل للأزمة السورية. واقترح فسترفيليه تشكيل تلك الهيئة لتكون على غرار مجموعة الاتصال بشأن ليبيا التي تشكلت سنة 2011 قبل أن يفتح قرار لمجلس الأمن الباب لتدخل حلف الأطلسي.
ورأى وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو أن التصويت يدل على "استمرار عقلية الحرب الباردة". وأضاف أن "روسيا والصين لم تصوتا بأخذ الوقائع في الاعتبار، بل ضد الغرب".
أسلحة وأموال
يوم 11 فبراير قال تقرير غربي من باريس إن شلل مجلس الأمن ورفض أي تدخل عسكري أجنبي يدفع باريس ولندن وواشنطن ومن يحالفهم إلى سيناريو طبق في ليبيا من قبل ويقضي بتسليم المتمردين مزيدا من الأسلحة والاعتراف بالمعارضة كمحاور وحيد.
وقد دعا السناتور الأمريكي جون ماكين يوم الثلاثاء 7 فبراير 2012 الولايات المتحدة إلى التفكير في تسليح المعارضة السورية. وقال لعدد من الصحافيين "علينا أن نبدأ بطرح كل الخيارات بما فيها خيار تسليح المعارضة.
كما قدم برلمانيون أمريكيون يوم الجمعة 10 فبراير مشروع قرار يدعو حكومتهم إلى تقديم مساعدة "مادية وتقنية كبيرة" إلى المتمردين في سوريا.
وفي الوقت نفسه ذكرت محطة "السي ان ان" التلفزية الأمريكية أن وزارة الدفاع والقيادة الوسطى المكلفة بمنطقة الشرق الأوسط، "تجريان مراجعة تمهيدية للقدرات العسكرية الأمريكية" استعدادا لأي سيناريو ومنها الضربات الجوية. والمعروف أن البنتاغون عزز الأسطول السادس بحاملتي طائرات.
ويقول ملاحظون إن الدول الغربية توجد في مأزق وهي تضرب أخماسا في أسداس بعد أن تعثر مشروع التدخل حيث تكرر التصريح علنيا أنها تستبعد تماما أي تدخل عسكري على الطريقة الليبية في هذا البلد، لأن المخاطر الناجمة عن فعل من هذا النوع في بلد شديد التسلح ومدعوم من حلفاء أقوياء تبقى كبيرة جدا.
وكرر الأمين العام للحلف الأطلسي اندرس فوغ راسموسن مرارا أمام الصحافيين ما كان قد قاله قبل أشهر بالنسبة إلى ليبيا ثم نقضه لاحقا. فقال في احد تصريحاته الأخيرة بهذا الصدد "دعوني أكون واضحا جدا: لا نية للحلف الأطلسي على الإطلاق بالتدخل في سوريا".
الدرع الصاروخي
في نطاق تبادل اللكمات بين موسكو وواشنطن، تشير أوساط معارضة لحكومة دمشق أن أحد أسباب موقف الكرملين، هو أن القيادة العسكرية الروسية قررت بناء قاعدة صاروخية لها في منطقة عين ديوار شمال شرقي حلب في لمواجهة الدرع الصاروخي الأمريكي وراداراته في منطقة أضنة التركية.
أحد المواقع الإعلامية التي تعكس التفكير الأمريكي القائم ذكر في منتصف شهر فبراير: روسيا تريد أن توجه رسالة إلى العرب الذين يتحالفون مع الغرب وبالتحديد دول الخليج والى الجامعة العربية والى الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا وإلى كل من يعنيه الأمر، أن زمن التفرد بقضايا العالم وخاصة الشرق الأوسط، قد انتهى، وما يحدث في سوريا يشكل فرصة لروسيا، لتفرض المشاركة وتقاسم النفوذ في أي حل لأية أزمة قائمة أو ستنشأ مستقبلا في العالم. وهي غير مستعدة لتكرار الخطأ الذي وقعت فيه في ليبيا وفي عدد من دول ما سمي "بالربيع العربي".
لذلك، فإن الرهان على تبدل الموقف الروسي يبقى رهانا خاسرا، على الأقل في المدى المنظور. فالموضوع أعمق من موقف عابر أو وجهة نظر، وحماية الأسد ونظامه جدي، وليس مجرد مناورة سياسية، فسوريا بالنسبة لروسيا في الوقت الراهن هي بوابة العبور ل"الحرب الباردة" وبالتالي ساحة "مقايضة" لاستعادة موقعها، كما كان الأمر في زمن الإتحاد السوفيتي.
يبدو أن الحنين قد عاد لدى القادة الروس وخاصة فلاديمير بوتين، إلى زمن الإتحاد السوفيتي.
موسكو وبكين
نشرت صحيفة "ذي تايمز" البريطانية تحليلا لمحررها الدبلوماسي روجر بويز عن التطورات المستقبلية المحتملة للأزمة السورية قال فيه: سيكون من الأسهل الحديث مع الصين لتغيير موقفها، حسب قول محللين غربيين، إذ أنها تعتمد على النفط العربي وليس لها أي مطامح حاليا للوصول إلى مياه البحر الأبيض المتوسط. أما روسيا فإنها مدفوعة بسياسة القوة وبما تعتبره تهديدا لمصالحها. والكرملين لم ينس كيف تآمرت واشنطن لتدمير الاتحاد السوفيتي، وسيكون تحييد الكرملين في الشرق الأوسط احد التحديات الدبلوماسية الرئيسة للبيت الأبيض خلال الاشهر المقبلة.
وهناك ثلاثة عوامل توضح ال"فيتو" الروسي، وكل منها يطرح مدى تعقيد العمل مع موسكو في هذا المجال.
الاول هو أن سوريا كانت الدولة الأكثر تعاونا معها في الشرق الأوسط منذ أيام الاتحاد السوفيتي. فقد باعت موسكو مقاتلات نفاثة وصواريخ متقدمة بقيمة 4 ملايير دولار إلى دمشق. ولديها من الاستثمارات في سوريا ما يقارب 20 مليار دولار، من بينها محطة معالجة الغاز الطبيعي على بعد 200 كيلومتر شرق حمص.
لقد اوضح تنامي الأهمية السياسية وعدم الاستقرار في شرق المتوسط مدى أهمية ميناء طرطوس السوري حيث تحتفظ روسيا بجزء من أسطولها. ويجري تحديث الميناء ليصبح قاعدة تستقبل السفن الحربية الروسية المسلحة بأسلحة نووية. وكل هذا يجعل من حظر الاتحاد الأوروبي على واردات الأسلحة حظراً لا جدوى منه، كما يبين أن الجيش الروسي له صوت حاسم في ما يتعلق بصنع سياسة موسكو في الشرق الأوسط.
والثاني أن روسيا هي اكبر منتج للنفط في العالم، ولا تعتمد على صادرات الطاقة من الدول العربية ولا على موافقتها السياسية. فهي تقوم بدورها الخاص بعيدا عن الجامعة العربية.
والثالث هو أن الكرملين يريد أن يبعث بإشارة إلى معارضيه في داغستان والشيشان وانغوشيا. فمن وجهة النظر الروسية لا يمكن ان يكون هناك أي دعم خارجي لسياسات تؤيد الجماعات المسلحة.
إن روسيا تريد أن تحل الأزمة السورية بطريقتها الخاصة.
عصر القلق
في كتابه القوة الأمريكية في عصر القلق الصادر من دار نشر "سيمون" بنيويورك، قال جيدون راتشمان محرر قسم العلاقات الدولية بصحيفة فايننشال تايمز: "العالم يتغير بوتيرة سريعة نحو احتدام الصراع بين القوي الاقتصادية الكبرى"، محذرا من مستقبل صراعي نتيجة لتداعيات الأزمة المالية العالمية منذ عام 2008، وسيادة منطق المباراة الصفرية علي تفكير وسياسات الدول الكبرى، لاسيما الصين والولايات المتحدة، بما جعل التعاون في مواجهة القضايا الدولية العابرة للحدود، مثل الاحتباس الحراري والإرهاب، غير مطروحة رغم أهميتها.
إن تراجع التفرد الأمريكي علي المستوي الدولي، وصعود قوي دولية جديدة مناوئة للولايات المتحدة، وتغير الخريطة الجيو سياسية للعالم، يطرح عدة تساؤلات حول مستقبل التفاعلات الاقتصادية العالمية، وكيف يمكن للولايات المتحدة التعايش في ظل تلك التحولات الدولية.
أن الأزمة المالية العالمية لم تكن مجرد تراجع مؤقت في مسار الاقتصاد العالمي، وإنما نقطة تحول جوهرية في تطور النظام الدولي لتمثل عودة لمنطق النظرية الواقعية حول حتمية الصراع الدولي، وأولوية المصلحة القومية علي المكاسب المتبادلة. ويطلق الكاتب علي مرحلة ما بعد الأزمة المالية العالمية "عصر القلق"، كناية عن غموض مآل التفاعلات الدولية، وانهيار موجة التفاؤل الدولي التي سادت مرحلة التسعينيات. ويعرف الكاتب "عصر القلق" بأنه مرحلة انهيار الازدهار والاستقرار الدولي الذي يميز عصر العولمة ومرحلة عودة الأيديولوجيات القديمة، ونهاية تفرد الرأسمالية.
ويشير الكاتب إلى أن التحولات تعد بداية التغير في بنية النظام الدولي، وأن الولايات المتحدة لا يمكنها إجهاض تلك التحولات بإستراتيجية إستباقية للحيلولة دون فقدان مكانتها الدولية. بمعني آخر، فإن الاستجابة لمقتضيات الصراع الدولي ومنطق المباراة الصفرية لن تؤدي سوي للتبكير بفقدان الولايات المتحدة لمكانتها الدولية، وصعود القوي الجديدة، مع استمرار عدم الاستقرار والصراع علي المستوي الدولي.
إسرائيل وسقوط نظام متقلب
يسجل الملاحظون أن إسرائيل رغم تحفظها العلني من أحداث سوريا، وبهدف منع خصومها من اتهامها بدعم جزء من المعارضة السورية تتطلع لسقوط نظام بشار الأسد. ففي نظرها انتهت المرحلة التي استفادت خلالها من خصومة نظام دمشق مع حزب البعث العراقي ومساهمته بشكل غير مباشر في إضعاف حكومة الرئيس صدام حسين حتى احتلال بغداد يوم 9 أبريل 2003.
لقد شرح عدد من مخططي سياسة تل أبيب الوضع بالقول "في البداية، قال الإسرائيليون: نحن نفضل الشيطان الذي نعرفه أي بشار الأسد ولكنهم بدأوا أكثر فأكثر بالتفكير على المدى البعيد في أن من مصلحتهم تنحي الأسد كونه حليفا مقربا من حزب الله".
وقال ايتمار رابينوفيتش سفير إسرائيل السابق في الولايات المتحدة لإذاعة الجيش أن إسرائيل وصلت إلى خلاصة مفادها انه "حتى لو كانت الفوضى في سوريا خطرا عليها، فإن الخسائر المباشرة وغير المباشرة التي يسببها الاسد كحليف رئيسي لحزب الله وحماس الفلسطينية أكثر أهمية".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.