"الجماعة لا تحتاج إلى إرشاداتكم لأن لها عقلا تفكر به". نموذج الجمل التي وجب تفاديها في التعليق على الآراء لأن الجماعة تريد أن لا يحال بينها و بين الناس و ما تجربة "الأبواب المفتوحة" إلا دليل على ذلك...لقد انتهت الأحزاب أو تكاد و الكل يخاف على مصير الجماعة رغم حنكة و كفاءة قادتها لأن مصداقية الأحزاب تبخرت عبر العقود...، والهزيمة لم تكن هزيمة تلك الأحزاب فقط و لكنها كانت هزيمة المغرب و المغاربة. نحن نفتقر إلى المصداقية في الحياة السياسية و نريد أن نسترجع كرامتنا المفقودة ما دام البعض من السياسيين يمثلوننا شئنا ذلك أم أبينا... الجماعة انبثقت من صلب المجتمع و قياديوها وممثلوها على وجوههم نور، ومع ذلك أكاد أجزم أنهم ليسوا في غنى عن كل رأي صادق بنّاء. الجماعة ليست ملك لنفسها... الشيخ سيدي عبد السلام ياسين، رحمه الله، بكل عبقريته وطيبوبته وصلابته وقوة إيمانه وعزيمته و رسالته النورانية، ما هو إلا نتاج المجتمع المسلم و نحن نعتز و نفتخر به في المغرب الأقصى. أن يقال أن في المغرب جماعة من الرجال و النساء منضوين تحت لواء العدل والإحسان يرفضون ما يسمى بالتدجين و فرض الأمر الواقع المشاركة من داخل المؤسسات دونما أدنى قيد أو شرط، فهذا ينقذ ماء الوجه بالنسبة للمغرب والمغاربة أجمعين، كما أنه يجعل التدافع من أجل الأفضل ذو مصداقية نظرا لوزن جماعة العدل و الإحسان الإسلامية في المجتمع. مشروع جماعة العدل و الإحسان مشروع أمة. والرأي أنها ستنفتح أكثر فأكثر على الآخرين دون أن ينال هذا الانفتاح من مصداقيتها و مبادئها كما حدث مع آخر الآخرين...، لأنها منذ نشأتها لم ترتكب خطأ يضعفها اليوم أو غدا. لقد صرح وزير العدل السيد مصطفى الرميد أن "الشيخ رحمه الله كان يؤكد منذ اليوم الأول على مبادئ لم تكن متداولة في الحقل الإسلامي وأهم تلك المبادئ العمل السلمي في وقت كانت الحركة الإسلامية بمختلف مكوناتها تميل إلى العنف وعدم الدفع بالتي هي أحسن". هذا تصريح مهم لأن التاريخ شهد على تعثرات الحركة الإسلامية في القرن الماضي على العموم. في مصر نجح الإسلاميون في الوصول إلى الحكم بفضل انتخابات ديمقراطية شفافة و لكنهم لازالوا يواجهون غارات شرسة رغم شرعيتهم الديمقراطية في السلطة. مؤخرا سمعنا أو علمنا أن برلمانية مغربية اتهمت من كانوا يحسبون على الحركة الإسلامية باقتراف جرائم في ما مضى مع أنهم اليوم يتواجدون في الحكومة تحت إشراف الدولة...الرأي هو أن هذا افتراء باطل. و لكن، لو كانت الحركة الإسلامية في المغرب في ما مضى غير ميّالة للعنف بالمرّة، أو بعبارة أفضل لو كانت اتخذت علانية العمل السلمي سبيلا للتغيير منذ أول وهلة، لما كان من الممكن توجيه كذا اتهام باطل أو اتخاذ إجراءات جذرية ضد الحركة الإسلامية السلفية في القرن الماضي لما سنح الوضع العالمي الفرصة ... هنا تكمن عبقرية الشيخ ياسين رحمه الله و رؤيته الصائبة، هنا يكمن بعد النظر لديه رحمه الله: العمل السلمي. المستقبل واضح للعيان والله أعلم. إرادة الشعب ستنتصر مهما كانت هذه الإرادة. الأمية متفشية و لكن الجهل أكثر خطرا على المدى القريب أو المتوسط. الفقراء منشغلون بفقرهم و ما دامت أسعار الخضر في متناولهم و لو على حساب الصحة و التعليم و ما إلى ذلك من ضروريات الحياة فهم لا يغضبون تمام الغضب. فلو شاءت الأقدار و ازدادت الأزمة الاقتصادية حدّة فالجهل سيفعل فعلته ما دامت الأحزاب قد هزمت في معركة تأطير الشعب. منذ نشأة الجماعة أتبث التاريخ أنها أهل لمواجهة الجهل رغم الصعاب، رغم كونها محظورة...و لكن بقي مشكل التوافق على شروط المشاركة من داخل المؤسسات... "يعاب" على الجماعة كونها تريد الخلافة و لكن الجواب جاء واضحا من طرف أمينها العام الذي قال ما معناه أن " الخلافة قد أسيء إليها كمصطلح عبر التاريخ...، حيث كان الحكم عاضا ولم يكن يمت للخلافة بصلة، وبالتالي فالجماعة تريد حكما راشدا تحت أي مسمى أو تسمية". والكل يريد حكما راشدا، عادلا. الكل سئم الرشوة والمحسوبية... باختصار شديد، الجماعة توجد الآن في موضع مريح جدا و ليست لها من "نقطة ضعف" والحمد لله سوى سعيها للمصلحة العامة... و أمّا المصلحة العامة فتكمن في الاستقرار والسلم و الكرامة. منزل الأمين العام للجماعة الشيخ العبادي مثلا لا زال مشمعا و لكن هذا لا يهم بقدر ما يهم الاتفاق على الأمور الأساسية. طقوس الولاء مثلا. و الله أعلم. أما قوة الجماعة فتكمن في قدرتها على التشبث بمبادئها ليس لأن الناس يرون و لكن لأن الله يرى. الرأي أن الجماعة تعلم أنها ليست وحدها في الميدان...، و بالتالي فهي لن تقوم بأية خطوة غير محسوبة العواقب على عامة الناس لاسيما و أن الزمان حليفها و الأوضاع كذلك...و بما أنه أصبح من الصعب جدا قمع العمل السلمي القانوني السليم، لأن النظام العالمي أصبح لا يطيق كذا قمعا لأنه لم يعد يصبّ في مصلحته بتاتا، فالجماعة سيكون كلامها مسموعا أكثر فأكثر و الله أعلم. الرأي أيضا أن جماعة العدل و الإحسان جماعة صوفية و سلفية في نفس الوقت كما أنها تعتمد الصحبة و الأخوّة في الدين، و بذلك تكون قد اكتملت فيها ربما كل مواصفات جمع الشمل بالنسبة للإسلاميين أجمعين. و الله أعلم. المستقبل القريب سيكون ربما مليئا.. بالمفاجآت ... يتبع