قد يبدو للبعض أن العنوان يدخل في عالم العجائب والغرائب ،لكنها حقيقة ماثلة في سياقات المغرب السياسي ،وقد يستفز العنوان المخيلة والتفكير أكثر وينضح بسؤال محوري وجوهري مفاده ومعصمه أين هو مكمن الإرتباط والتلاقي والتقاطع بين الإثنين؟ فالقضية يا سادة بكل بساطة أن "الموستاش" أصبح فأل خير على السياسيين في المغرب ،فكل من يريد أن يعتلي منصة التتويج ويربح رهان التربع على كرسي الأمانة العامة للحزب ما عليه إلا أن يستثمر جهده وماله في إصلاح "اللوك" أو "المظهر " الخارجي للوجه، خصوصا فيما يتعلق بطلق العنان للشوارب دون حلقها أو تقليمها أو تقزيمها ،ففي حقيقة الأمر هي تجربة مغربية فريدة قابلة للتصدير والتدويل ،خصوصا بالنسبة للنخب في إطار النظم الحزبية المقارنة التي ضاقت ذرعا بفعل عدم قدرتها على الظفر بمقعد القيادة الحزبية،لكن أظن أن المسألة ستكون أكثر إفادة وأعظم تأثيرا لو تم استنساخ تجربة "الموستاش التركي" ،فعلى قدر طوله يمكن أن يكون فال خير أيضا على طول المقام في مركز القيادة الحزبية. فالقصة بكل بساطة بدأت مع الكاتب الأول الجديد لحزب الوردة السيد لشكر ، عندما ظهر ب"لوكه الجديد" سواء من حيث اللباس أو الشارب الذي لم يعهده به المغاربة،فأحدث نوعا من التطفل وكثرة السؤال لدى الكثير ين وتناسل المداد غير ما مرة ،واستنفرت الأقلام للحديث عن سر هذا الانقلاب المفاجئ ،فظهر الرجل بهكذا حال،والتحاليل كلها كانت تصب في اتجاه تزكية الطرح الذي يرى أن هذه التعويذة سرها هو "حميد شباط" الأمين العام الجديد لحزب الميزان،وبالتالي من أجل إحداث ثورة في حزب الوردة على شاكلة حزب الميزان كان لابد للسيد لشكر أن يتسلح ب"الموستاش" كسلاح فتاك ضد الخصوم والمناوئين ،مع أن الأمر كان يفرض عليه نوع من المغامرة وذلك بتحدي علماء فن الموضة الذين يرون بأن البدانة في كثير من الاحيان لا تتلاءم مع الشوارب التي تكون سميكة ومشوكة.ومازاد من فرص نجاحه ايضا ان وجوه منافسيه "حافية وماضية"طبعا بلغة الدارجة. فبكل بساطة إن إزالة النحس والتقويسة لن تتم إلا بواسطة "فاسوخ الموستاش"،وكل المحللين وحتى المنجمين والفلكيين في مجال السياسة تنبؤوا بفوز السيد إدريس لشكر بمنصب الكاتب الأول في حزب الاتحاد الاشتراكي ،إنه "حسن الطالع الموستاشي". إن "الظاهرة الموستاشية" في السياسة المغربية من شأنها أن تحدث ثورة إبيستيمولوجية/معرفية عارمة في مجال العلوم السياسية من خلال قلب المفاهيم ،وإعادة النظر في مجموعة من المسلمات واليقينيات ،وخصوصا فيما هو مرتبط بمجال التسويق السياسي/الانتخابي لصورة الزعيم السياسي/الحزبي ،طبعا هذا في المغرب ومن يدري قد يكون للظاهرة امتدادات في عوالم أخرى بفعل المواقع الاجتماعية (الفايسبوك،التويتر....)،فطبيعي جدا ما دام الأمر يتعلق ب"ثورة موستاشية" والتي ترمز إلى ضرورة العودة إلى التقليد بمعنى الرجل الأصيل العصامي الذي يبني شاربه بنفسه والذي يرفض كل التقليعات الجديدة للموضة في الشعر بكل انواعه وأمكنته ،وهي دعوة لكل السياسيين في المغرب الذين يتوقون إلى تبوأ مناصب المسؤولية الحزبية لاعادة الاعتبار للموستاش لينصفها بدوره في مسارها السياسي ،ومن يدري قد تكون وصفة صحية ومفيدة حتى لكل الذين تطاردهم لعنة الرسوب في امتحان الولوج إلى البرلمان ،حيث نكون عندئذ أمام مشهد حكومة "الموستاشيين" و"برلمان الموستاشيين"و "أحزاب الموستاشيين"،وهلم جر. وعليه أظن أنه في مغرب اليوم مستقبل الرجل السياسي الذي لا ينبت له شارب أو لحية أصبح في حكم المعدوم وعليه أن يتوارى بمعنى "يدخل في جواه"،وينتظر ما يخبؤه قادم الأيام بخصوص إمكانية تفنيد مزاعم هذه التميمة السياسية الجديدة التي تعلي من شأو "الموستاش" والنفخ فيه مع العلم انه غير صالح للنفخ،بكل يسر انه زمن التلاقح والتزاوج بين الموستاش والشعبوية التي تلد لنا هذه النماذج من السياسيين،ويبقى الحل فقط في أيادي المواطنين الذين مطلوب منهم ان يتعلموا جيدا استعمال المقص للإجهاز على الموستاشات القائمة والقادمة ،وإذا كنا بالفعل لا نريد هذه الموستاشات السياسية. وبالتالي يبقى السؤال المطروح هل بالإمكان أن يصمد رحيق وردة الاتحاد الاشتراكي مع خشونة شارب الكاتب الاول الجديد؟ وهل هي تقليعة جديدة عادية تعبر عن حالة نفسية راغبة في التغيير فقط مع سؤم وسقم العيش والتمعش من السياسة ،ام ان الامر يعتبر رسالة واضحة الى الحكومة الملتحية للتعبير عن حسن النية وبأن إمكانية اعتماد "لوك الجمع بين الموستاش واللحية واردة"في قادم الايام في حالة ثمة تعديل حكومي ،فالتعبير الموستاشي ابلغ من القول فهو قد يكون دال على اختصار المسافات وبعث رسائل الاطمئنان الى بيت الحكومة الذي يتعرض لنيران صديقة مصدرها حزب الميزان وبشكل يومي،وطبيعي جدا مادام الامر يتعلق بالحكومة الملتحية فانه مطلوب من المعارضة ايضا الموستاش وهو اضعف الايمان. فكل شيء ممكن في مغرب اليوم،وعلامات التعجب كثيرة في سير السياسة والحوادث جمة لا تنفع معها أي مدونة للسير في ظل كثرة المطبات والمنعرجات على وزن طريق"تيشكا"،والضحية طبعا المواطن. وفي الختام أعتذر إن كنت أتخمتكم بهذا "الحديث المستاشي" المقزز،لكنها ترهات عالم السياسة على النمط المغربي بشخوصه وفصوله،فمن كثرة العاهات والعلات اصبحنا ننبش ونحلل في كل شيء ونقيم القياس والتشابهات للمتماثلات والمتناقضات على حد سواء.