إلى مثليّين ( مسلمين ) محمد لودفيك "وزوجه" قيام الدين نشرت جريدة هسبريس الجمعة 30 نونمبر مقالا تحتى عنوان: "شاب جزائري يؤمّ مثليّين في "صلاة جمعة" خاصّة" [أدى مجموعة من "المثليين المسلمين" صلاة الجمعة، اليوم، داخل صالة لمعبد بوذي بباريس، على يد إمام مثلي جزائري كان قد أعلن في وقت سابق أنه سيبني مسجدا خاصا بالمثليين داخل هذا المعبد الموجود بالضاحية الشرقية من العاصمة الفرنسية، وهو المسجد الذي لن يجمع فقط المثليين من الرجال، بل حتى السحاقيات، وسيصير كذلك نقطة لقاء لكل من يريد منهم أو منهن الزواج...إلخ]. والجدير بالذكر أن محمد لودفيك وزوجه ناشطان اجتماعيا في جمعية المثليين (المسلمين) في فرنسا حيث يقيمان. لا ندري إن كان هؤلاء مسلمين حقا أم هم منتسبون إلى الإسلام فقط ليشوهون صورة الدين القويم؟ ولا ندري لم يترك علماء الدين والمحامون والناشطون سياسيا والإعلاميون من المسلمين قضية خطيرة كهذه تبرز على نحو خطر في الإعلام الغربي الذي لايتوانى عن هتك عفة الدين الإسلامي. أهل اللواط والفواحش ليس لديهم أعمال صالحة ، إن أعمالهم كلها سيئة فلا صلاة ولا صوم ولا قيام...فوالله لو كانوا من أهل الصلاة لاجتنبوا الفواحش وما قربوها ولهابوها ، يقول ربنا تعالى: {إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلَّكم تذكَّرون}. وإنما هؤلاء يستهزؤون بالدين وبأهل الإيمان بالصلاة ، تأمل – أخي القارئ – حياة وأحوال المستهزئين والساخرين في واقعنا – اليوم – تجد عجباَ ؛ وتحس بألم وحسرة يعتصر قلبك الذي أشرق عليه نور الإيمان . أجمع العلماء على أن اللواط حرام ، وفاعله ملعون والعياذ بالله ، وذلك لأن في اللواط شذوذ جنسي وأخلاقي وإنزال للنفس البشرية إلى منزلة البهائم بل أسفل من ذلك ، ولما فيه من انتكاس للفطر السليمة التي فطر الله الناس عليها ، وفيه حدوث علاقات جنسية محرمة بين الرجال بعضهم البعض ولما فيه من إيذان بعذاب الله تعالى إن لم توقع العقوبة على الفاعل والمفعول به ، لذا جاء التحريم شرعاً وعرفاً لفعل فاحشة اللواط والعياذ بالله. إن الله ميز الإنسان بالعقل وجعله زينة له ، ولكن بعضهم ضيع هذه الزينة وهذه الميزة بتركها للهوى والشهوات ، وباعوها للشيطان والملهيات ، فكم من أناس تراهم وتحسبهم ذوي عقول ، وإذا هم بلا عقول ، رؤوسهم كبيرة وعقولهم صغيرة ، وأجسامهم ثقيلة وأحلامهم سفيهة . لأنهم ركنوا للأهواء وشهوات النفس الأمارة بالسوء ، فهم كالبهائم بل هم في منزلة أحط وأوضع منها ، لأنهم ما عرفوا للعقل نعمة ، فكان العقل عليهم وبالاً ونقمة فتراهم يرتكبون الحرام غير ناظرين لما يسببه من آلام في نار تحترق فيها الأجسام من الرأس إلى الأقدام ، فأين أولوا الأحلام وأصحاب الأفهام ؟وإن مما ضاعت به العقول ، وانحط به كثير من الذكور ، ارتكاب فاحشة [ قوم لوط ] الفاحشة العظمى ، والجريمة النكراء ، والكبيرة الكبرى ( اللواط ) نعوذ بالله من شرها وأهلها وعاقبة أمرها ، فإن عاقبة أمرها خُسرا في الدنيا والأخرى. قال تعالى : { ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين * إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم مسرفون * وما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون * فأنجيناه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين *وأمطرنا عليهم مطرا فانظر كيف كان عاقبة المجرمين }الأعراف . يقول ابن جرير الطبري في تفسيره ((قال لوط لقومه : الله أيها القوم إني رسول الله إليكم وأمين على وحيه وتبليغ رسالته ، فاتقوا الله في أنفسكم أن يحل بكم عقابه على تكذيبكم وعنادكم وتجبركم وتعنتكم وأطيعون فيما دعوتكم إليه من الحق والهدى أهدكم سبيل الرشاد ولا أسألكم على نصيحتي لكم ودعوتكم إلى ربي جزاء ولا ثوابا ولكن أجري على الله رب العالمين . أتنكحون الذكران من بني آدم في أدبارهم وتتركون ما أباحه الله لكم من أزواجكم ، بل أنتم قوم تتجاوزون ما أباح الله لكم إلى ما حرم عليكم .فما كان جواب قومه إلا أن هددوه بالإخراج من قريتهم لإنكاره عليهم تلك الفاحشة المشينة وهي فعل اللواط بالذكور منهم . فلما استمروا على ذلك الفعل القبيح وعدم اتباعهم نهي نبيهم استغاث لوط عليه السلام بربه سبحانه وتعالى فجاء العقاب سريعا من شديد العقاب ، من بيده ملكوت السموات والأرض ، من له جنود السموات والأرض . ثم أهلك الله عز وجل قوم لوط العصاة المجرمين بالتدمير وإرسال حجارة من السماء مطرا عليهم وبئس ذلك المطر مطر القوم الذين أنذرهم نبيهم فكذبوه ، وإن في إهلاك قوم لوط لعبرة وعظة لمن خافه من الأقوام وماربك بظلام للعبيد )انتهى. اللواط ذنب عظيم ومعصيته كبيرة من كبائر الذنوب التي حرمها الله عز وجل ، إذ كيف يتخذ الإنسان لقضاء وطره من هو مثله من الرجال ففيه انتكاس للفطرة السليمة التي فطر الله الناس عليها وفي ذلك تعد لحدود الله تعالى بفعل الحرام وترك الحلال ، وفي ذلك محاربة لخالق الأرض والسماء بعدم لزوم أوامره عز وجل بل تعد إلى نواهيه سبحانه وتعالى ، وفي ذلك تشبه بالقوم الذي أنزل الله بهم عذاباً لم ينزله بأمة قبلهم ، وفي ذلك عدم خوف من شديد العقاب بالتساهل وعدم قبول ما جاء في تحريم اللواط بل وإتيان لهذا الذنب الكبير وعدم مبالاة بعقاب هذا الفعل المشين والعمل القبيح. والمؤمن الكيس الفطن العاقل الذي يعرف عواقب الأمور يضع كل عاقبة سيئة في حسبانه لئلا يقع فيها . وعن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : [ إن أخوف ما أخاف على أمتي عمل قوم لوط ] ( حديث صحيح رواه الترمذي وابن ماجة ) . قال بن عباس : ( إن الرجل ليأتي الرجل فتضج الأرض من تحتها والسماء من فوقها ، والبيت والسقف ، كلهم يقولون : أي رب ! ائذن لنا أن ينطبق بعضنا على بعض ، فنجعلهم نكالاً ومعتبراً ، فيقول الله عز وجل : إنه وسعهم حلمي ولن يفوتوني ) . قال الله تعالى : { ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع } ( غافر ) ، وقال تعالى : { وما للظالمين من نصير } ( الحج ). قال صلى الله عليه وسلم : [ إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ، ثم قرأ : (( وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد )) ( هود ) ] ( متفق عليه ) . فهب أن الله قد كتب عليك الشقاء ثم جاءك ملك الموت وأنت على تلك الصورة البشعة وتلك الفعلة القذرة ، فما المخرج ؟ ومن المنجي من عذاب الله ؟ واعلم يا من عذبت نفسك وبليتها بعمل قوم لوط أن من مات على شيء بُعث عليه ، فمن مات وهو ملب لله تعالى بحج أو عمرة يبعث من قبره مسروراً فرحاً مفتخراً بتلبيته لله عز وجل ، فيخرج من قبره وهو يقول : لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، وأما من مات وهو يعمل عمل قوم لوط والعياذ بالله . فيقول بن عباس : من خرج من الدنيا على حال خرج من قبره على تلك الحال ، حتى أن اللوطي يخرج يعلق ذكره على دبر صاحبه مفتضحين على رؤوس الخلائق يوم القيامة . فأي فضيحة وأي خزي وأي عار سيواجهه اللوطيون يوم القيامة ؟ فما اشدها من فضيحة ؟ وما أفظعها من نتيجة ؟ وما أسوأها من خاتمة ؟ وما أعظمه من خزي ؟ وما أقبحه من عار ؟. ولكنه الهوى الأعمى الذي دب في نفوس أولئك البغاة العصاة ، وإنه إعراض عن الله تعالى الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ، يقول ربنا جل وعلا : { ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا * ونحشره يوم القيامة أعمى * قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيراً * قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى * وكذلك نجزي من أسرف ولم يؤمن بآيات ربه ولعذاب الآخرة أشد وأبقى } ( طه) ، فالموعد يوم أن تتطاير الصحف ، وتعرض السجلات ، وتجد كل نفس ما عملت من خير محضراً وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمداً بعيداً ، إنه اليوم الذي يشيب فيه المولود ، ويفر المرء من أخيه ، وأمه وأبيه ، وصاحبته وبنيه ، فكل إنسان يقول : نفسي نفسي ، إنه يوم القيامة عند من لا تخفى عليه خافية . فأين المعتبر ؟ وأين التائب ؟ وأين العائد إلى ربه ؟ فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له . والله المستعان وعليه التكلان . ولقد جعل الله سبحانه وتعالى بحكمته ورحمته في الحلال غنية عن الحرام . فاللهم لك الحمد والفضل والمنة على جميع نعمك الظاهرة والباطنة ، واللهم أغننا بحلالك عن حرامك وبفضلك عمن سواك . قال صلى الله عليه وسلم : [ لا ينظر الله إلى رجل أتى رجلا ، أو امرأة في دبرها ] . أتحسب أيها اللوطي أن الله ينسى فعلك القبيح وعملك المفضوح ؟ لا والله ، ولكن الله تعالى قد منّ عليك بتأخير عقوبتك في الدنيا لعلك تتوب أو تعود إلى ربك سبحانه ، ولكنك بتماديك في غيك واستمرارك في معصيتك ستلقى جزاء ذلك جزاءً موفوراً ، وكل ذلك في كتابك وصحيفتك مسطرٌ لك إلى يوم تلقى ربك، وستقاسي مرارة ذلك عذابا أليما ، وغساقاً وحميماً. إذا كان عذاب الزناة والزواني أن يوضعوا في تنور أعلاه ضيق وأسفله واسع ويأتيهم العذاب من أسفل منهم وهم يصرخون ويصيحون يريدون النجاة والخروج ، ولا ناصر لهم ولا معين . فلا غرو أن يحل بأهل اللواط ، والعياذ بالله ، أشد العذاب ، وأقسى العقاب فإن عذابهم سيكون أشنع وأبشع ، وأشد وأغلظ وما الله بظلام للعبيد ، وإن الله لا يظلم الناس شيئاً ولكن الناس أنفسهم يظلمون ، فأين الملجأ ؟ وأين النصير؟ فيالحسرتك يامخدوع ويالضيق الحال والمقام في قبر طوله وعرضه شبر في شبر. واعلم أنك إن مت على هذه الفعلة المحرمة شرعاً وعرفاً فإنك تموت على شك من دينك ، ولو كنت موقناً بكلمة التوحيد لا إله إلا الله ، ومن مات على الشك فليبشر بهذه البشارة السيئة والعياذ بالله ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : [ إن الميت يصير إلى القبر ، فيجلس الرجل الصالح في قبره غير فزع ولا مشغوف ، ثم يقال له : فيم كنت ؟ فيقول : كنت في الإسلام ، فيقال له : ما هذا الرجل ؟ فيقول : محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، جاءنا بالبينات من عند الله فصدقناه ، فيقال له : هل رأيت الله ؟ فيقول : ما ينبغي لأحد أن يرى الله ، فيفرج له فرجة قبل النار ، فينظر إليها يحطم بعضها بعضاً ، فيقال له : انظر إلى ما وقاك الله ، ثم يفرج له فرجة قبل الجنة فينظر إلى زهرتها وما فيها ، فيقال له : هذا مقعدك ، ويقال له : على اليقين كنت وعليه مت وعليه تبعث إن شاء الله تعالى . ويجلس الرجل السوء في قبره فزعاً مشغوفاً ، فيقال له : فيم كنت ؟ فيقول : لا أدري ؟ فيقال له : ما هذا الرجل ؟ فيقول : سمعت الناس يقولون قولاً فقلته ، فيفرج له فرجة قبل الجنة ، فينظر إلى زهرتها وما فيها ، فيقال له : انظر إلى ما صرف الله عنك ، ثم يفرج له فرجة قبل النار فينظر إليها يحطم بعضها بعضاً ، فيقال له : هذا مقعدك ، على الشك كنت وعليه مت وعليه تبعث إن شاء الله تعالى ] ( رواه بن ماجة وصححه الألباني رحمه الله )، نسأل الله السلامة والعفو والعافية والنجاة من عذاب القبر والآخرة . وأما عذاب اللوطي في الآخرة ، فقد قال الله تعالى: { ولعذاب الآخرة أشد وأبقى } ( طه ). وقال تعالى: { ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون } ( القلم ). فسيُفتضحُ أمر أهل اللواط ، لأن من مات على شئ بعث عليه ، وأهل اللواط يبعثون وذكورهم معلقة في أدبار من فعلوا بهم ذلك الفعل المشين أمام الخلائق أجمعين ، تلحقهم لعنة الله رب العالمين ، وغضبه وسخطه لقول النبي صلى الله عليه وسلم : [ لعن الله من عَمِلَ عمل قوم لوط ، ولعن الله من عَمِلَ عمل قوم لوط ، ولعن الله من عَمِلَ عمل قوم لوط ] . واللعن هو الطرد والإبعاد من رحمة الله تعالى ومن لم يرحمه الله فلن يجد له من دون الله ولياً ولا نصيراً ، ولا حول ولا قوة إلا بالله . وأهل اللواط ظلمة معتدون ، طغاة فاسقون ، ظلموا أنفسهم بارتكابهم فاحشة عظيمة ، ورذيلة خطيرة ، تأباها الحيوانات ، فضلاً عن أبناء الآباء والأمهات ، ومعتدون لتعديهم حدود الله تعالى ، وتعاليهم عن الحق وتجاوزهم حرمات الله عز وجل فكان المصير الأكيد ، جهنم وليس عنها محيد ، وما هي منهم ببعيد ، نسأل الله الأمن يوم الوعيد . وفي الختام أيها اللوطيون المفرطون في جنب الله توبوا إلى الله سبحانه وعودوا إليه فإنكم والله لن تُعجزوا الله أبداً ، ولاتقوى أجسادكم على النار ، قال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحاً عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شيء قدير } ( التحريم ) ، وقال صلى الله عليه وسلم : [ إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها ] ( مسلم )، وقال صلى الله عليه وسلم : [ كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون ] من حديث أنس بن مالك . وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى : [ ياعبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا ، يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم ، يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم ، يا عبادي كلكم عار من كسوته فاستكسوني أكسكم ، يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعاً فاستغروني أغفر لكم ، يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني ، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئاً ، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئاً ، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا على صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل واحد مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر، يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه ]( مسلم ). فأين المفر والمُلتجا؟ وأين المهرب والمنجا؟ واعلموا أيها اللطيون يامن تفعلون الفواحش ليلاً ونهاراً ، يامن تعصون الله سراً وجهراً ، اعلموا أن الله هو الذي خلقكم وهو الذي سيبعثكم ثم يُحاسبكم ويُجازيكم على أعمالكم ، فإن كانت خيراً فهي والله السعادة الأبدية وهي الفرح والسرور ، وإن كانت أعمالكم كلها فواحش ومعاص وتعد لحدود الله وعدم خوف من الله فياشقاءكم ويالتعاستكم عند جبار السموات والأرض ، عند شديد العقاب ، والويل ثم الويل لمن يُبارز الله باللواط وفعل الفواحش ليلاً ونهاراً ، فتلك هي الخسارة والتعاسة وذلك هو الخُسران المُبين ، ولكم أيها اللواط والزواني لكم العذاب والوحشة والشقاء ، فتصوروا خروجكم من قبوركم مذعورين خائفين ترتعد فرائصكم من هول ما ترون من العظائم والشدائد وقد رُجت الأرض وبُست الجبال وشخصت الأبصار ، فالناس في قلق وخوف وفزع لايعلم به إلا الله عزوجل فكيف بكم وقد شهد عليكم كتابكم وجوارحكم ، وشهد عليكم ذلك المكان الذي عصيتم الله فيه وفعلتم فعلتكم التي فعلتم ، فكم من كبير يقول واشيبتاه ، وكم من كهل ينادي بأعلى صوته واخيبتاه ، وكم من شاب يصيح واشباباه ، فكيف بكم وقد بُرزت النيران وسمع كل الخلائق حسيسها ، وأيقن بالهلاك والدمار كل فاجر وفاسق وزانٍ ، فكيف بكم وقد توالت المحن على الإنسان ، فاتقوا الله أيها اللطيون يامن تزنون ، عودوا إلى الله سبحانه ، تذكروا ما أسلفتم وقصرتم وفرطتم وجنيتم وعملتم فإنه مثبت عليكم ، واعلموا أن التسويف وتأخير التوبة ما هو إلا من الشيطان لكي يبعدكم عن الخاتمة الحسنة ، وفي تأخير التوبة آفات منها : أنك لاتضمن أن تعيش إلا الغد ولاسيما في هذا العصر الذي كثرت فيه الحوادث . ومن آفات تأخير التوبة : أنك إذا بقيت للغد فلا تأمن المعوقات من مرض أو شغل أو بلاء نازل بك ، فلهذا بادر بالتوبة واغتنم الفرص وفعل الخيرات وأداء الواجبات ، ومن العجز أن تؤخر وتؤجل حتى تفوتك الفرص وإذا بك تقع في سوء الخاتمة ، وتكون عبرة لغيرك وكان ينبغي لك أن تعتبر بغيرك ، فالله الله بالتوبة والبعد عن الفواحش ، واعلموا أن الله يفرح بتوبة عبده إذا أتاه تائباً ، قال تعالى : { والذين لا يدعون مع الله إلهً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً * يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا * إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً } ( الفرقان) . فلله الحمد والمنة كيف يُجازي المُسيء بالإحسان ، وكيف يبدل السيئات إلى حسنات ، إنه الإله الأحق أن يُعبد ، إنه قابل التوب ، إنه الغفور الرحيم ، إنه اللطيف بعباده ، إنه واسع المغفرة والرحمة ، فشمروا عن سواعد كم وارجعوا إلى ربكم قبل أن يُحاط بكم. وكلمات أقولها لأولئك الذين شغفوا باللواط ، واقتنعوا به ، لمن نسوا الله والدار الآخرة ، لمن اتبعوا الهوى والشهوات ، لمن ناموا على المعاصي وقاموا عليها ، لمن فقدوا الشعور وعدم الإحساس ، لمن لاذوا بالشيطان والمفاسد العظام ، لمن نسوا جهنم وحرها ، وبُعد قعرها . أقول : ذهبت اللذات ، وأعقبت الحسرات ، وانقضت الشهوات ، وأورثت الشقوات ، تمتعتم قليلاً ، وستعذبون طويلاً ، رتعتم مرتعاً وخيماً ، فأُعقبتم عذاباً أليماً ، أسكرتكم لذة الشهوات، فما فقتم إلا وحل بساحتكم هادم اللذات ومفرق الجماعات ، الموت وما أدراكم ما الموت ؟ فندموا والله أشد الندامة حين لا ينفع الندم ، وبكوا على أسلفوه بدل الدموع بالدم ، فلو رأيت الأعلى والأسفل من هذه الطائفة ، والنار تخرج من وجوههم وأبدانهم وهم بين أطباق الجحيم ، وهم يشربون بدل اللبن الحميم ، ويقال لهم وهم على وجوههم يسحبون ذوقوا ما كنتم تكسبون ، فإن تاب المبتلى بهذا البلاء وأناب ورزق توبة نصوحاً وعملاً صالحاً ، وكان في كبره حيراً منه في صغره ، وبدل سيئاته حسنات ، وغسل عار ذلك عنه بأنواع الطاعات والقربات ، وغض بصره وحفظ فرجه عن المحرمات ، وصدق الله في معاملته ، فهذا مغفور له وهو من أهل الجنة بإذن الله ،فإن الله يغفر الذنوب جميعاً . وإذا كانت التوبة تمحو كل ذنب ، حتى الشرك بالله وقتل النفس والسحر والكفر وغير ذلك ، فلا تقصر عن محو هذا الذنب وقد استقرت حكمة الله عدلاً وفضلاً أن [ التائب من الذنب كمن لا ذنب له ] و [ التوبة تجب ما قبلها ] و [ باب التوبة مفتوح ما زال العبد في فسحة من عمره ] ، وقد ضمن الله سبحانه لمن تاب من الشرك وقتل النفس والزنا وآمن وعمل عملاً صالحاً أنه سيبدل سيئاته حسنات ، وهذا حكم عام لكل تائب من ذنب ، وقد قال تعالى : { قل يا عبادي الذي أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم } ( الزمر ) ، فلا يخرج من هذا العموم ذنب واحد ولكن هذا في حق التائبين خاصة ، وأما من كان في كبره شراً مما كان عليه في صغره ، وأصر على فعل تلك الفاحشة المذمومة ، والرذيلة المقبوحة ، والفعلة المشينة [ اللواط ] ، فمن رضي به وقبل به سواءً كان فاعلاً أو مفعولاً به ، ولم يعمل من الصالحات ، ولم يستدرك ما فات ، وأقبل على فعل المحرمات ، فهذا بعيد أن يوفق عند الممات لخاتمة يدخل بها الجنة ، وعقوبة له على عمله ، فإن الله سبحانه وتعالى يعاقب على السيئة بسيئة أخرى وتتضاعف عقوبة السيئات بعضها ببعض ، حتى يختم عليه بخاتمة السوء ، وإذا نظرت إلى حال كثير من المحتضرين وجدتهم يحال بينهم وبين حسن الخاتمة عقوبة لهم على أعمالهم السيئة . (الجواب الكافي لابن القيم ) . ثم تذكر أيها العاصي ، أيها المذنب ، تذكر هذه الآيات في قوله تعالى : { إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليماً حكيماً * وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا جاء أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار أولئك أعتدنا لهم عذاباً أليماً } ( النساء) . روى الإمام احمد رحمه الله من حديث أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم : [ قال إبليس : يارب وعزتك وجلالك لا أزال أغويهم ما دامت أرواحهم في أجسادهم ، فقال الله عز وجل : وعزتي وجلالي لا أزال أغفر لهم ما استغفروني ] . فشمروا سواعدكم وفروا إلى ربكم الرب الرؤوف الرحيم ، الذي يفرح بتوبة عبده وإنابته إليه ، والذي هو أرأف بعبده من الأم بولدها الأوحد ، فمادمت في فسحة من أمرك فالحق قوافل التائبين ، واعتل سفينة الناجين ، فالله غفور رحيم ، يغفر الذنب ، ويقبل التوب . اللهم اجعلنا من التائبين المستغفرين ، اللهم اجعلنا من الذين إذا أساءوا استغفروا ، وإذا أحسنوا استبشروا ، اللهم جنب المسلمين الفواحش ما ظهر منها وما بطن ، اللهم طهر مجتمعات المسلمين من كل فاحشة ورذيلة ، ومن كل عادة ذميمة دخيلة ، ووفقهم إلى كل فضيلة وأخلاق حميدة ، إنك مجيب الدعاء . والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً .