لأول مرة في تاريخ الرواية المغربية يفتح عملٌ أدبي جديد صفحات الحضارة الأمازيغية قبل دخول العرب المسلمين إلى المغرب، إذْ قدَّم الكاتب مصطفى لغتيري في روايته الصادرة حديثا "تراتيل أمازيغية" قصة مملكة أمازيغية مزدهرة، حيث تنسج علاقة قوية بين أميرها الذي سيصبح فيما بعد ملكا مع أمير إفريقي اختطفه النخاسون وباعوه في المملكة الأمازيغية. وتحكي الرواية الصادرة عن دار "النايا" بسوريا لعام2013، بحسب تصريحات لغتيري خص بها هسبريس، انخراط الأميرين في حرب استنزاف ضد الغزاة الرومان الذين عاثوا في الأرض فسادا، وخاصة بعد اختطافهم لأميرة أمازيغية، فقدم الأميران دروسا بليغة في البطولة والنجدة وكرم الأخلاق". واعتبر عضو اتحاد كُتّاب المغرب أن روايته "تراتيل أمازيغية" تعد في أحد مستويات التأويل "صرخة ضد الإقصاء، ودعوة لقبول الاختلاف، انسجاما مع الدعوات المتكررة على أكثر من صعيد للاعتراف الكامل بهذا المكون الأساسي للهوية المغربية، وإدماجه إدماجا كاملا في حياتنا". وأردف الروائي المغربي، في تصريحاته ذاتها للموقع، أنه "من العيب أن تجد اللغة الفرنسية مثلا كل هذه العناية الهائلة في المغرب والدول المغاربية عامة، بينما لا يُبذل أي مجهود لتنال ثقافة ولغة وطنية المكانة التي تستحقها". وبخصوص أهدافه من كتابة هذه الرواية غير المطروقة من قبل في المشهد الروائي والأدبي ببلادنا، أفاد لغتيري بأن "الكاتب الروائي والقصصي يتعين أن يكون في بحث مستمر عن ثيمات جديدة، تبعد عنه شبه النمطية خوفا من السقوط بين براثن تكرار نفسه من خلال الكتابة في نفس الموضوعات المطروقة". وأردف لغتيري بأنه يحاول البحث عن مناطق الظل في حياتنا اليومية، وفي وعينا ولا وعينا الفردي والجماعي، ليتقصى الموضوعات التي تشغل بال فئة من الناس دون أن يلتفت لها أحد، مثل موضوع العنصرية الذي تطرق له في رواية "ليلة إفريقية"، أو موضوع الحدود بين الدول الذي اشتغل عليه في رواية" أسلاك شائكة"، كما تطرق لهيمنة الفكر الخرافي على الذهنية المغربية والعربية في كل من "عائشة القديسة" من خلال الاشتغال على أسطورة "عايشة قنديشة" وتمثلاتها في الذهنية المغربية، أو من خلال رواية "ابن السماء" التي توخى منها طرق الموضوع بشكل أعمق". ولهذه الأسباب، يتابع الكاتب، "ليس من الغريب انطلاقا من إيماني العميق بالمكونات المتعددة والمختلفة للهوية المغربية أن أتطرق إلى المكون الأمازيغي بعد أن تناولت المكون الإفريقي في "ليلة إفريقية"، والمكون العربي في أكثر رواياتي وبالخصوص في "رقصة العنكبوت".