أقصت وزارة الثقافة المغربية الأديب المغربي مصطفى لغتيري من برنامجها الرسمي المُدْرج في الدورة 18 من المعرض الدولي للكتاب والنشر بالدار البيضاء، الذي يمتد من 9 إلى 19 فبراير الجاري، بسبب روايته الجديدة "ابن السماء"، وذلك خشية أن تثير حفيظة إسلاميي حزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة الحالية. وقالت المصادر إن هذا التخوف وجد مسوغاته في ما أثاره من قبل موقع العربية نت خصوصا حول رواية "ابن السماء"، وتحديدا العنوان الذي قد يحيل إلى قراءة ما تصطدم مع الذهنية الإسلامية التي تفهم العناوين والمتون من ظاهر الكلمات فحسب، دون سبر أغوارها والتماس معانيها وإسقاطاتها الأدبية. وحتى لا يثير العنوان "ابن السماء" حفيظة حكومة ابن كيران، يبدو أن القائمين على وزارة الثقافة في عهدها "الجديد" طبقوا المقولة الشائعة "كم حاجة قضيناها بتركها"، فأقصوا الروائي مصطفى لغتيري من المشاركة في أنشطتها الرسمية بالمعرض الدولي للكتاب، كي لا تتم معاتبة الوزير "الرفيق" من لدن "إخوانه" الإسلاميين الذين يقودون الحكومة الجديدة. وكان موقع "العربية نت" أول من أثار، في تقرير ثقافي أنجزه الصحفي حسن الأشرف، مسألة عنوان الرواية ومدى اصطدامها مع عقلية الإسلاميين بالمغرب، حيث أبرز لغتيري في حوار كان قد نُشر منذ أسابيع قليلة في موقع قناة العربية أنه "لا يخشى من الإسلاميين أو غيرهم في تأويلهم لعنوان روايته الجديدة، باعتبار أن الخلفية الثقافية الدينية لدى المسلمين لا تطابق بين الله والسماء، فابن السماء لا يعني أنه ابن الله". وجواباً عن سؤال من الصحفي الأشرف حول الخشية من إثارة عنوان الرواية "ابن السماء" حساسية معينة لدى بعض الأطراف، خاصة من التيار الإسلامي، أبرز لغتيري بأنه "يجب الاحتراس من السقوط في فخ جعل الإسلام، أو من يتحدثون باسمه، في تعارض مع الإبداع وحريته". وكان لغتيري حاسما حين شدد، في الحوار ذاته، على أن "وصول الإسلاميين إلى السلطة كان بفضل ثورات مباركة ساهم فيها كل أطياف المجتمع، وكان محركها الأساسي هو الأوضاع الاجتماعية والسياسية، ما يعني أن الحرية مطلب أساسي من مطالب التغيير، ويتعين على القوى التي وصلت إلى أعلى قمة السلطة أن تأخذ ذلك بعين الاعتبار، مهما كان توجهها أو أيديولوجيتها". أما بخصوص عنوان الرواية، اعتبر لغتيري أن "الخلفية الثقافية الدينية لدى المسلمين لا تطابق بين الله والسماء، فتلك خلفية مسيحية، وبالتالي لا يعني أن ابن السماء هو ابن الله، فشتان بين الأمرين في الإسلام، كما يجب أن ننأى بأنفسنا عن محاكمة الإبداع الأدبي بمنطق غير منطق النقد الأدبي، فلكل مجاله ومنطقه، وآليات الحكم عليه". وتجدر الإشارة إلى أن الروائي مصطفى لغتيري هو عضو اتحاد كتاب المغرب، ومؤسس الصالون الأدبي بالدار البيضاء، وصدرت له عدة أعمال أدبية، منها المجاميع القصصية "هواجس امرأة"، و"شيء من الوجل"، و"تسونامي"، والروايات "رجال وكلاب"، و"عائشة القديسة"، و"رقصة العنكبوت"، و"ليلة إفريقية"، ثم "ابن السماء"، و"على ضفاف البحيرة".