"تَرَاكَالْتْ تكرّم تُومْبُكْتُو.. التراث الإنساني" عبارة حملتها إحدى لافتات الدورة الرابعة لمهرجان محاميد الغزلان ووضعت جوار "المنصّة الرمليّة" التي تحتضن الحفلات الفنية للموعد. هذا التعبير ليس الوحيد المعبّر عن استحضار أزمة شمال مالي ضمن "تَرَاكَالْتْ"، المنطقة التي تبعد عنها تُومبُوكتُو بمسيرة 52 يوما على الأقدام.. بل تستضيف التظاهرة عشرات الفنانِين والنشطاء المدنيّين الماليّين الذين حلّوا بالجنوب الشرقي للمغرب من أجل التغنّي بالمحبّة والسلام اللتان هجرتا ملتقى التجار والعلماء والرحّل والباحثين عن أجواء المغامرة. ثاني السهرات الموسيقية للدورة الرابعة من مهرجان ترَاكَالتْ كانت احتفالية بذات المنطقة.. وقد تمّت ببرمجة عروض فنية لكلّ من مجموعة "تَارتِيت" القادمة من تومبُوكتُو، ونورَة مينت سيمَالي القادمة من موريتَانيا، زيادة على الفنّانة الغنائية "أوم"، عرّابة الموعد المقام وسط الصحراء، والتي حرصت على إهداء المهرجان أغنية حاملة لاسمه مع تقديم باقة من الأغاني التي أعدّت لألبومها الجديد. ويقول إبراهيم لهسبريس، بصفته دليلا سياحيا نال الإجازة في الأدب الفرنسي ببحث تخرج حول قبائل منطقة محاميد الغزلان، إنّ "تينبكتو" أو "تُمْبُكْتُو" تعد من أهم العواصم في غرب أفريقيا.. ويزيد: "هي البوابة بين شمال أفريقيا وغربها، وملتقى القوافل البرية للقادمين من النيجر وليبيا، وتجار الملح القادمين من تودني، وقد أنجبت العديد من الفقهاء، كما عاشت ازدهار الحركة الثقافية". تومبكتو، حسب إبراهيم، ليست مدينة قصية على سكان امحاميد.. "هي جزء من ملبسهم و لهجتهم، والدماء التي تسري في عروقهم نتيجة علاقة المصاهرة الجامعة بين قبائل أزواد وقبائل جهة تَرَكَالت التاريخية" يورد الدليل السياحيّ ضمن حديثه لهسبريس. إيقاعات الصحراء أفلحت في استقطاب تجاوب الحاضرين من ساكنة امحاميد، زيادة على إعجاب زوار احتفالية تَرَاكَالت من باقي مناطق المغرب والعالم.. ما جعل سهرة السبت تدوم ل5 ساعات كاملة بين الكثبان الرملية لمنطقة "لحنانيش". وتحكي فاطمتا لهسبريس، بصفتها منتمية فرقة تَارتِيتْ التي حضرت لامحاميد من منفاها الاضطراريّ ببوركِينَافَاصو، أن سلاحها المتبقي للتعريف بالمأساة الانسانية في شمال بلدها مُجمل في صوتها و ألة "أرديل" و طبل إحدى صديقاتها.. "أدعُو كلّ أصحاب النوايا الحسنة إلى مدّ يد العون إلى المنطقة التي شتّت فيها اللجوء عائلات عددا كبيرا من العوائل بين موريتانيا والنيجر وبوركينافاصو.. ودول أخرى" تزيد فَاطمتَا. "تدمير الأضرحة من لدن المتشددين الإسلاميين القابضين بيد من حديد على مفاصل الحياة في إقليم أزواد، وفرض نمط من الملبس والسلوك على الساكنة، زيادة على تطبيق الحدود تصفية للحسابات الاقليمية بالمنطقة.. كلها أمور يعدّها غالبية المَاليّين غير مقبولة" يقول إِبراهِيمَا لهسبريس وسط فعاليات "تَرَاكَالتْ4".. ويسترسل: "اضطررت للانتقال من بامَاكُو فرارا من الوضعية الشائكة ببلدي.. إلاّ أن الحلول كلها في أيدي شعوب المنطقة التي ينبغي أن تتعرف على بعضها البعض من ثقافيا.. وخصوصا عبر الموسيقى التي تعدّ جسورا للمدّ المعرفي بين كلّ الأجناس". "تراكالت"، خلال ثاني أيّام الموعد، سجّلت مرورا من النوايا إلى الفعل بعد أن قام أنصار ماني، مدير مهرجان تومبكتو، و حليم السباعي، مدير مهرجان لمحاميد، بتوقيع اتفاقية شراكة بين الحدثين الفنّيَين أمام الجمهور وعلى منصّة الحفلات.. وتقضي الوثيقة الممهورة بالتوقيعين بتنظيم الطرفين ل "قافلة مهرجانات الصحراء" تنطلق العام المقبل من امحاميد الغزلان صوب تومبوكتُو.. وذلك في محاولة لإعلاء نوتَات القيثار على لعلعة الرصاص.