نطمح إلى إحياء الصلة التي كانت تربط الجنوب الشرقي المغربي مع عمقه الصحراوي أشار حليم السباعي مدير مهرجان «تراكالت: صحراء وثقافة» الذي ستلتئم فعاليات دورته الرابعة في بلدة أمحاميد الغزلان من تاسع إلى حادي عشر نونبر، إلى أن هذا الملتقى الثقافي والفني السنوي يطمح إلى إحياء الصلة التي كانت تربط الجنوب الشرقي المغربي مع عمقه الصحراوي خاصة مع مدينة تومبوكتو في جمهورية مالي. وأوضح في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء أن «تاراكالت» في دورته الرابعة حرص٬ لأجل هذه الغاية٬ على استضافة بعض المسؤولين عن تنظيم مهرجان تومبوكتو٬ وذلك قصد إتاحة الفرصة لهم للإطلاع عن كثب على مجريات الأمور بالنسبة لمهرجان «تاراكالت»٬ والتوصل بالتالي إلى بلورة تصور تشاركي يعطي للروابط التاريخية التي كانت تجمع بين المغرب وعمقه الصحراوي بعدها الحقيقي في حلة جديدة. وأضاف السباعي أن اللقاءات الأولية التي سبق أن جمعته مع القائمين على مهرجان تومبوكتو٬ وفي مقدمتهم مدير المهرجان ماني أنصار٬ جعلت الطرفين يقتنعان معا٬ بأنه من غير المقبول أن تظل اللامبالاة مخيمة على الروابط الثقافية والدينية والاجتماعية التي شكلت قاسما مشتركا بين القبائل الصحراوية في الجنوب الشرقي للمغرب٬ ونظيراتها في الصحراء الكبرى٬ وخاصة في جمهورية مالي الحالية. لاسيما وأن هذا الموروث لديه من المقومات ما يؤهله ليكون تراثا للإنسانية بامتياز. وقال مدير مهرجان»تاراكالت»٬ وهو الاسم القديم لبلدة امحاميد الغزلان٬ إن الطرفين معا تمكنا من وضع تصور أولي لكيفية إحياء العلاقات التاريخية التي ربطت خلال قرون متتالية بين مركزين رئيسيين في حياة الرحل والقبائل الصحراوية٬ وهما واحة أمحاميد الغزلان٬ التي كانت آخر نقطة لتجمع القوافل في الجنوب المغربي قبل انطلاقتها في رحلتها صوب عمق الصحراء من جهة ومركز تومبوكتو في قلب الصحراء الأفريقية الكبرى من جهة ثانية. وفي هذا السياق٬ أعرب الطرفان عن رغبتهما في تنظيم قافلة تروج لقيم التضامن والتعايش٬ وتحيي في الوقت ذاته بعض التقاليد والعادات السائدة في المجتمع البدوي الصحراوي٬ مع الحرص على إعطاء القافلة أهمية خاصة لمختلف مظاهر القيم الإنسانية٬ وتجليات الموروث الحضاري الصحراوي عند الرحل في أبعاده الثقافية والاجتماعية٬خاصة لدى فئة النساء. وأكد حليم السباعي أنه إذا ما حالف النجاح هذه القافلة٬ فإن منظمي مهرجاني»تاراكالت» و»تومبوكتو» يتطلعون إلى جعل هذه المبادرة ذات بعد إفريقي أكبر حيث ستشمل باقي الأماكن التي تتواجد بها فروع القبائل الصحراوية المنتشرة في دول الجوار٬ خاصة منها موريتانيا والنيجر وبوركينا فاسو. وبخصوص توفير الظروف والوسائل المادية واللوجستيكية لتجسيد هذا الطموح على أرض الواقع٬ قال مدير مهرجان «تاراكالت»٬ أنه بالإضافة إلى الوسائل الذاتية٬ فإن الاتصالات جارية على قدم وساق مع بعض منظمات المجتمع المدني التي تعتني بثقافة الرحل٬ وتدعم في الوقت نفسه جهود التنمية المستدامة في المحيط الصحراوي٬ من أجل الحصول على مختلف أشكال الدعم الضرورية لإخراج هذا المشروع إلى حيز الوجود. وذكر في هذا الصدد على سبيل المثال لا الحصر بالاتصالات الجارية مع مؤسسة «دوين» الهولندية التي تعتبر من الداعمين لمهرجان «تاراكالت»٬ كما تدعم في الوقت نفسه مهرجان»سيكو» الذي ينظم في جنوب جمهورية مالي٬ والذي لديه مجموعة من القواسم المشتركة مع مهرجاني امحاميد الغزلان وتومبوكتو. وأضاف أن المشاورات تجري في السياق ذاته مع منظمي مهرجان «باليو» في سويسرا الذي يهتم بدوره بالثقافة وأنماط العيش في المحيط الصحراوي٬مبرزا أن مهرجان «تاراكالت» حل ضيفا على هذا المهرجان في صيف السنة الجارية٬حيث تم نصب خيمة صحراوية خصصت للتعريف ببعض مظاهر الحياة الثقافية والاجتماعية لدى القبائل الصحراوية في الجنوب الشرقي المغربي. وقال حليم السباعي إن الإقبال الذي عرفته خيمة «تاراكالت» في مهرجان «باليو» السويسري جعلت «جمعية الزايلة للتنمية المستدامة والحفاظ على البيئة» التي تنظم مهرجان امحاميد الغزلان بمعية بعض الشركاء من المغرب ومن الخارج٬ تخطط للتواجد في عدد من المهرجانات المماثلة المنظمة في عدد من البلدان الأوربية٬ خاصة منها هولندا وبلجيكا وإيطاليا. وأكد أن الهدف الأساسي من توسيع هذه اللقاءات هو لفت الانتباه إلى الموروث الحضاري الصحراوي وإنقاذه من الاندثار. وذلك عن طريق التشجيع على السياحة المستدامة٬ وتحفيز الساكنة المحلية التي تستوطن واحات الجنوب المغربي على الانخراط في جهود التنمية٬ وحماية البيئة الصحراوية الهشة. يذكر أن الدورة الرابعة لمهرجان»تاراكالت» ستتخذ من تيمة»المرأة»٬ وبالأخص المرأة الصحراوية٬ محورا أساسيا للعديد من الأنشطة الثقافية والفنية والرياضية التي سيتم إحياؤها خلال هذا الملتقى السنوي الذي يحتفي بثقافة الصحراء في تجلياتها المختلفة. وعلاوة عن طابعه الفني والرياضي والترفيهي٬ فإن مهرجان»تاراكالت» يكتسي أيضا صبغة تربوية٬ حيث ستنظم بالمناسبة أوراش للتربية البيئية لفائدة النساء وتلامذة المؤسسات التعليمية، قصد توعيتهم بطابع الهشاشة الذي يميز المحيط البيئي الصحراوي٬ وضرورة العمل من أجل الحفاظ عليه٬ إضافة إلى تلقينهم تقنيات إعادة استعمال بعض أصناف النفايات غير القابلة للتحلل العضوي مثل قوارير المياه.