تعجبت كثيرا لما أغفل مهتمون بشأننا السياسي الحديث عن زلزال الصين معطلا من الربط بالوزير الأول عباس الفاسي،وتزامنه مع مضي ستة أشهر من تشكيل الحكومة التي يرأسها،لأن سياق التحليلات العام يسير في تحميل هذه الحكومة كل ما يجري على وجه الأرض،وفي الكون،ولا أدري هل سيحدث كسوف هذه السنة فيلقى على هذه الحكومة، وبالمناسبة لقد أعجبني تعليق في صحيفة هيسبريس، للسيد مغربي تحت عنوان التحامل المجاني تعليقاعلى الكاتب السيد حسين أبا عقيل وهو عبارة عن تحليل صغير انتهى فيه المعلق إلى أن هناك توجها عاما لإفراغ الساحة من السياسيين، وهذا الأمر غير مستبعد ، مادام أن ترسانة من الانتقادات عبئت لتكرس الإحباط منذ بداية (مشوار) هذه الحكومة، تارة تركز على الأداء وتارة أخرى تنصب على الأمور الشخصية كصحتهم، وخلقتهم التي خلقهم الله عليها،وعلاقاتهم الأسرية وغير ذلك،مما يسقط تلك الانتقادات في السطحية. "" جاء أحدهم يوما عند الدكتور طه حسين يطلب منه أن ينتقد كتابا كتبه ،فأجابه طه بأن الكتاب لا يستحق النقد، وما يفهم من هذا الموقف أن الرجل لم يرد أن ينحدر بعملية النقد إلى مستوى من التدني، ولم يرد أن يتناول الكتاب وقد كثرت نقائصه ليشهر به، وأعتقد أن ما يجري على الأدب قد يجري على السياسة،لأن الذوق السليم سليم في كل الميادين، ولا أعتقد أن الحكومة الحالية قد بلغت نقائصها حدا تدميريا، يجعلها محط حقد،وتشويه، واختراع تأويلات لتحركات سياسية كمؤشرات على قرب زوالها،وكعادة المنتقدين غير المدققين أنهم لا يقدمون بدائل وهم يتمنون رحيل الحكومة . طبعا ليس في مقدور الحكومة أن تمنع مواطني غزة من استعمال زيت الطعام لتشغيل سياراتهم فالعالم كله ضدهم،وبالتالي لن تستطيع وقف غلائه، وليس في مقدورها،أن تخفض أسعار البترول، ولكن في مقدورها أن تكون ديموقراطية،وقد فعلت حين انكبت،على الملف الاجتماعي،وفتحت باب الحوار،ولم تضايق أية نقابة وهي تدعو لإضراب وتنفذه،أما عن الأخطاء فلن تكون الحكومة طبيعية إذا خلت من الأخطاء،وأخطاؤها يجب أن ينظر إليها كأخطاء بشرية محمولة على حسن النية، لا أن تخضع لتخريجات غير واقعية ، كأن يحمل كلام وصف وزيرة لوضعية أسيفة تتعلق بظروف وضع الحوامل على أنها إنقاص من كرامة المرأة، ووصفها بالحيوان، إن من شروط الناقد أن يكون عالما بأحوال المنتقد برفع القاف،فأية مصلحة ستكون لمسؤول مغربي أن ينتقص من قيمة أبناء وطنه. نعم، ونحن نتحدث عن هذه الحكومة لابد أن نقرر فرقا أساسيا ،بناء على معطيات قائمة، أنها ليست حكومة عجرفة،ولاتعاطي سلبي مع الإشكالات المطروحة، بل إنها دائمة الاعتراف بأن هناك الشيء الكثير ينتظر الفعل، وأن الوضعية الدولية صعبة بفعل تجاذبات دولية،واقتصادية، وأن وضعية المواطن المغربي تحتاج إلى تحسين. لايمنعنا هذا من المطالبة بمزيد من حرية الصحافة،لأنها تظل مرآة تنعكس عليها آمال وآلام المجتمع، ومزيد من محاربة الجريمة، واتخاذ إجراءات فعالة لتقليص نسب البطالة وخاصة أصحاب الشواهد الجامعية،والعمل على تأهيلهم للانخراط في سوق الشغل،ونشر الأخلاق الفاضلة،وقيم التسامح،والتعاون، واستكمال البنيات التحتية، وفك العزلة عن المناطق النائية،والاهتمام بالبادية، وتطوير المنظومة التعليمية، والعناية بالعالم القروي، وترشيد النفقات وخاصة استعمال سيارات الدولة ، وعدم تبذير المال العام ... الخ إن المطالب المعقولة هي وحدها القابلة لفرض نفسها على الحكومة،وأية مزايدات أخرى بهدف ،خلق إحباط سياسي أو اجتماعي يكون مآله الزج بالبلاد في مراحل ولت غير مأسوف عليها،والأولية يجب أن تكون للطبقات المعوزة التي لا مورد عيش لها.