أكتب اليوم تحت تأثير مخدر قوي اسمه الألم، ففي هذا اليوم شعرت باشمئزاز بالغ وأنا أتابع مباراة الوداد البيضاوي بوفاق سطيف، لم يفاجئني أبدا هدف الوفاق بقدر ما صدمتني صرخات النصر وهستيريا الفرح التي شهدتها المقهى عقب تسجيل الهدف. نصف المشاهدين لم يكونوا من أنصار الوداد، بل لربما كانت تسري في أسجامهم دماء جزائرية، فما رأيته اليوم جعلني أتخيل نفسي في مقهى جزائري، و اعتقدت أني دخلت المكان الخطأ، لم أصدق نفسي،أي فكر لدى هؤلاء؟ أية وطنية في قلوبهم؟ ما جنسيتهم؟ في طريق عودتي إلى البيت، ترافقني خيبتي و حزني،كانت جموع الجماهير التي خرجت من المقاهي بمشاعر هادرة، أمامي مباشرة شبه إنسان يتقافز فرحا و سعادة، كله حركات و كأنه "بايسن" كان يصفق بكلتي يديه، و يصرخ مقلدا مذيع المبارة: "وجوووووووول، عملها الطويل.." ثم ما يلبث أن يغني بصوت يصلح للطرب الهرناطي: "الطويل ألي ألي..حط كورة ف الفيلي" تملكتني رغبة قوية في البصق على هذا الحثالة، والذي فاقت فرحته بهدف الوفاق فرحة أشد المتعصبين للفريق الجزائري، هل كان هذا الهدف غاليا إلى هذه الدرجة التي رسمت كل هذه السعادة في قلوب الكثيرين؟ هل يمكن أن يقودك الحقد إلى الحضور إلى مقهى و التسمر أمام شاشة التلفزيون أكثر من 90 دقيقة و قلبك يدعو بحرارة و تبتهل إلى الله كي ينهزم فريق بلدك؟ ألا تخجل من نفسك إن كنت تملك "النفس" أصلا؟ هل طمعت أن يمنحك الجزائريون الرضا و المحبة؟ ألا زلت لم تدخل منتداهم و تتمسح بالأعتاب وتتذلل عند الأبواب كي يعطفوا عليك و يثنوا على روحك الرياضية العالية؟ دعني أقل لك إنك مجرد حثالة ! أعرف أنها مجرد مباراة في كرة القدم، و أعرف أنها ستفرز بالضرورة فائزا و منهزما، و أنه ليس قدرا محتوما الفوز دائما، لكن ما لا أعرفه هو كيف يمكن لإنسان ما أن يصير إمَّعة نكرة ،ويتنكر لأبناء بلده مظهرا الولاء لغيرهم، بحياتي لم أر حصانا اندس بين الحمير، و لا نحلة جذبتها رائحة الذباب، فكيف نرى بعضنا و قد تحول إلى بهلوان يهلل للآخرين، و يفرح للآخرين. في الوقت الذي يحزن فيه أهله؟ أخشى أن اقول إن ما حدث الليلة هو تعبير صارخ عن دعارة رياضية، نعم دعاة و أقصد كل كلمة فيها، إن العهر الذي يجعلك تطعن كرامة أبناء بلدك كيما تشمت بقريب لك أو كي تظهر كرهك لفريق كيفما كانت علاقتك به فهو ينتمي إلى بلدك، والذي لا يتشرف بمن يبيع اسمه لأول مشتر آت، بيعوا أنفسكم و اقبضوا الثمن جرعات من الإهانات ، و تلكم قمة المأساة ! لغة الضد سمحوا ليا اليوم كلامي قاصح و قوي، و لكن غضبي اقوى منو بزاااف، اليوم شفهت اشباه بشرن بدون اي انتماء، ناس محسوبين على بلادنا، مزاحمين معانا ف الهوا وف الرزق، مقاسمين معانا كلشي، مقاسمين معنا كلمة "مغاربة" و لكن خسارة فيهم كل هاذ الشي، خسارة فيهم يكونوا منا، هذوك جنس ثالث ما معانا ما مع الاخرين، فين عمر الرجال قبلوا يديروا يديهم ف يدين الشمايت، و لهاذ النوع الشاذ من الناس : كنقول : اللي جانا مرحبا بيه ، واللي مشا فرحنا ليه ها سلامي للرجال.