أكد ناشطون حقوقيون وفعاليات من المجتمع المدني بأن "اتهام موظفين بإفشاء السر المهني ومتابعتهم جنائيا بشأن تداول معلومات حول صرف علاوات من الأموال العمومية يتناقض مع التزام الدولة بجميع مكوناتها بالحرص على الشفافية والمساءلة ومحاربة الفساد، ويتعارض مع الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد". وجاءت هذه التأكيدات خلال اجتماع انعقد قبل أيام بمقر "ترانسبانسي المغرب" بالرباط، وذلك بدعوة من الشبكة المغربية لحماية المال العام، وبحضور ممثلين عن الجمعيات الحقوقية ونشطاء من المجتمع المدني، من أجل مناقشة قضية نشر معلومات حول العلاوات المتبادلة بين الخازن العام ووزير المالية السابق والمتابعات التي أطلقت بشأنها، حيث كان من بين الحضور عبد المجيد الويز المتهم بإفشاء السر المهني، وعبد الرحمان بن عمرو باعتباره مسؤولا جمعويا ومنسقا لهيئة الدفاع. واعتبر الحاضرون في الاجتماع، في بيان توصلت هسبريس بنسخة منه، أن "المضايقات والمتابعة القضائية في حق الموظفين تكتسي صبغة تعسفية، مادام تداول المعلومة حول الأجور والعلاوات العمومية يعتبر ممارسة عادية داخل الإدارات وخارجها، ما عدا في الحالات التي ينص فيها القانون صراحة على خلاف ذلك". وأبرزت الفعاليات بأن إلزام الموظف بمقتضى المادة 42 من قانون المسطرة الجنائية بإبلاغ النيابة العامة بالجرائم التي يطلع عليها بمناسبة قيامه بواجبه لا يوفر الحماية اللازمة للموظف من تعرضه للمضايقات والعقوبات الإدارية، خاصة أن المشتبه فيه في هذه الواقعة هو الرئيس المباشر". وتشير هذه المادة القانونية إلى أنه "على كل سلطة منتصبة وعلى كل موظف بلغ إلى علمه أثناء ممارسته لمهامه ارتكاب جريمة، أن يخبر بذلك فوراً وكيل الملك أو الوكيل العام للملك، وأن يوجه إليه جميع ما يتعلق بالجريمة من معلومات ومحاضر ووثائق". وتابع البيان ذاته بأن ثبوت تبادل وصرف العلاوات بين الوزير السابق والخازن العام ، حسب الوثائق التي تم تداولها يفرض على النيابة العامة تحريك المتابعة في حقهما بدل الالتفاف على القضية، وتحويل المسار القضائي في اتجاه متابعة موظفيْن ينكران علاقتهما بالوثائق التي تم تداولها في وسائل الإعلام". وقال الموقعون على البيان إن هذه النازلة تؤكد استشراء الفساد الذي يطال التصرف في التعويضات والعلاوات من لدن كبار المسؤولين في وزارة المالية وغيرها، مما يفرض فتح تحقيق موضوعي وشفاف في هذه النفقات واسترجاع الأموال المتبادلة بين المؤتمنين عليها، وتحديد معايير قانونية لضبط صرف جميع الأجور والمنح والتعويضات بدون استثناء. وأردف المصدر بأن تحريك المتابعة في حق إطار وزاري وموظف سابق باتهامهما بإفشاء سر مهني بارتباط مع صرف تعويضات عمومية يؤكد الحاجة إلى مراجعة الأحكام القانونية المتعلقة بالسر المهني، وبحماية الشهود لجعلها في خدمة الشفافية وسمو القانون ومحاربة الفساد. وشدد البيان على أن "تضمين المادة 27 من الدستور للحق في الوصول إلى المعلومة وتحديد مجال الاستثناء شكلا ومضمونا يفرض على الإدارة العمومية وعلى السلطات القضائية ملاءمة تصرفاتها، وتفسير القانون مع هذا المكتسب الحقوقي والتخلي عن ثقافة الكتمان والتخويف في صفوف الموظفين".