أخذت قضية تسريب قرارات التعويضات الممنوحة لكل من وزير الاقتصاد والمالية السابق صلاح الدين مزوار والخازن العام للمملكة نور الدين بنسودة، المعروضة حاليا أمام القضاء، منعرجا خطيرا أقل ما يقال عنه أنه «بهدلة» حقيقية للعدالة ودولة الحق والقانون ولحكومة يقودها حزب صوّت عليه المغاربة لمحاربة «الفساد والاستبداد». المعطيات التي توصلت إليها «المساء» تفيد بأن الخازن العام للمملكة السيد نور الدين بنسودة توجه شخصيا، بعد نشر هذه الوثائق، إلى منزل الموظف المتهم بالتسريب وقام بحجز حاسوبه ووثائق شخصية متعلقة به، كما سحب منه هاتفه ومفاتيح مكتبه. وهذا مؤشر كاف لجعل كل مغربي يحبس أنفاسه خوفا على مصير بلدنا، لأن ما قام به بنسودة مع موظف المالية عبد المجيد الويز -إذا ما صحت هذه الرواية المدونة في محاضر التحقيق- هو إرهاب خطير وشطط كبير في استعمال السلطة لم يكن يقع حتى في سنوات الرصاص، بل إن «اقتحام» بيوت الناس بدون رضاهم وبهذه الكيفية المغرقة في السلطوية هو اعتداء صارخ على حرماتهم وحميميتهم يفرض على كل الحقوقيين ألا يكتفوا بقول «اللهم إن هذا منكر»، بل الذهاب أبعد من ذلك من خلال الدعوة إلى فتح تحقيق في هذه الرواية المنسوبة إلى موظف المالية. السيد بنسودة، اعتقد أن منصبه كخازن عام للمملكة يخول له ممارسة دور الشرطة القضائية ومعاقبة موظف المالية حتى قبل أن يصدر أي حكم في حقه في النازلة موضوع التقاضي. الأخطر من ذلك أن تهمة التسريب الموجهة إلى الموظف استندت إلى استنتاجات وأشياء أخرى مضحكة، منها -مثلا- أن الموظف المذكور لم يحضر إلى جلسة استماع، فاستُنتج من ذلك أنه متورط في واقعة تسريب الوثائق، بل يكفي أيضا أن يوجد في ذاكرة هاتفك رقم هاتفي لصحافي أو مدير جريدة كي تصبح مدانا بإفشاء السر المهني.. يا للعبث. القضية اليوم معروضة أمام المحكمة، وهذا امتحان حقيقي لاستقلالية القضاء لنعرف ما إذا كانت بلادنا تتجه نحو دولة الحق والقانون أم نحو دولة التعليمات والشطط في استعمال السلطة.