كشفت مصادر مقربة من رئاسة الحكومة أن عبد الإله بن كيران هو من أشر شخصيا على الموافقة بإحالة الموظف المتهم بتسريب وثائق تعويضات مزوار وبنسودة على القضاء. وقالت مصادر "الاتحاد الاشتراكي" إنه طبقا للمسطرة المعتمدة في هذه النوازل، فإن وزير الاقتصاد والمالية لم يوافق على تحويل الملف إلى الوكالة القضائية للمملكة إلا بعد استشارة وزير العدل وموافقة رئيس الحكومة. وأضافت مصادرنا أن المفتشية العامة للخزينة وليس المفتشية العامة للمالية، هي التي كلفت بإجراء البحث فور تسريب الوثائق بأمر من الخازن العام نور الدين بنسودة، حيث قامت المفتشية بعد استكمال مهمتها بإنجاز تقرير تضمن معطيات خطيرة جعلت واضعي التقرير يوصون على إثرها، بعدم الاكتفاء بإحالة الموظف المعني على المجلس التأديبي، بل وضرورة إحالة الملف برمته على القضاء. وقالت ذات المصادر إن التقرير الذي أنجزته المفتشية العامة للخزينة وقف على معطيات تفيد بأن تسريبات لاحقة لوثائق أخرى على درجة بالغة من الخطورة كانت في طور التحضير، وهي الوثائق ذاتها التي وجدت مستنسخة في الحاسوب المحمول للموظف المتهم بالتسريب. وقد جاء اتخاذ قرار إحالة الملف على القضاء، حسب مصادرنا، لوقف نزيف تسريبات الوثائق التي كان من الوارد أن تستخدم لأغراض سياسوية وتصفية حسابات ضيقة . وربطت مصادرنا متسائلة عن العلاقة بين خلاصات تقرير المفتشية العامة للخزينة وبين تهديدات عبد العزيز أفتاتي ، القيادي في العدالة والتنمية، بكشف وثائق أخرى أخطر من وثائق التعويضات. وكيف أن مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات، رفض مسايرة جهات نافذة دفعت بقوة في اتجاه فتح تحقيق قضائي مع عبد العزيز أفتاتي على خلفية تصريح قال فيه "إذا لم تكف الأجهزة المعلومة عن الاشتغال مع صلاح الدين مزوار، فإنني سأكون مضطرًا إلى كشف ملفات في غاية الحساسية"، وهو التصريح الذي أدلى به عقب حادث تسريب الوثائق التي تكشف استفادة مزوار ونور الدين بنسودة من تعويضات غير قانونية. وقد انطلقت أول أمس بالمحكمة الابتدائية بالرباط أولى أطوار هذا الملف، المتعلق بإفشاء السر المهني والمشاركة في ذلك، والذي يتابع فيه متهمان في حالة سراح، الأول موظف سام بالخزينة العامة للمملكة، والثاني موظف سابق كان يعمل بوزارة المالية، والذي تم تأجيله ليوم 9 أكتوبر 2012 من أجل إعداد الدفاع . وانتقل أفتاتي إلى دار القضاء الجنحي بالعاصمة من أجل دعم ومساندة الموظف بوزارة المالية. وبينما استنكرت عدة جهات هذه المحاكمة لكونها تحاول تقديم كبشي فداء في قضية تتعلق أساسا بفضح الفساد، رأت جهات أخرى أن عملية التسريب في حد ذاتها ما كانت لتعتبر كذلك لو أن الشفافية هي التي تحكم صرف المال العام، منبهة في الوقت ذاته إلى أن الخزينة العامة تعتبر أيضا خزينة أسرار الدولة، خصوصا حين يتعلق الأمر بوثائق تهم المؤسسات العليا وأجهزة الأمن والدفاع...