على هامش إحدى المؤتمرات الدولية الكبرى، التقى السيد عبد الاله بنكيران رئيس الحكومة المغربية، بالرئيسة الألمانية السيدة أنجيلا ميركل، فجرى بينهما هذا الحوار: بنكيران: سيدتي أنا عبد الاله بنكيران رئيس الحكومة المغربية . عرفتني ولا لا؟ ميركل: أهلا ! هذه أول مرة نلتقي. صحيح؟ مع ذلك تصلني بعض الأصداء عن أوضاع المغرب. أحرص على سماع أخبار شمال افريقيا من السكرتير الخاص قبل أن أخلد إلى النوم ليلة كل سبت... بنكيران: (بمزاحه المعتاد) سيدتي أنا جئت إلى الحكومة في ظرف خاص، كان المغرب يغلي، والأوضاع كادت تنفجر و حركة 20 فبراير قوية في الشارع. أنا بالمناسبة لا أتفق مع أولئك الشباب، لأنني أخاف على استقرار البلاد...هل تعرفين كم أحب ملكي؟ ! ميركل: يقولون إنك وصفتهم ب"الطبالة والغياطة"، ويتهمونك بتوظيف صرخاتهم وشعاراتهم للاقتراب من المخزن ؟ بنكيران: اعذريني فأنا لا أتقن الألمانية جيدا، تعرفين إنها أصعب من الأمازيغية.. ميركل: ويقولون كذلك إنك تصف الأمازيغية بالشينوية.. بنكيران: (مقاطعا) خلاص ألالا ميركل راه اللسان ما فيه عظم. ولكن نتوما العيالات راه ما كاتنساوش؟ ميركل: بالمناسبة، هل صحيح أنك تتعمد الاساءة للمرأة عندما تتحدث عن "نساء الحمامات ونتف الشعور" ؟ بنكيران: عصبني ذاك أحمد منصور ديال الجزيرة، أنا ما كنبغيش اللي ايهضر لياعلى العلاقة مع الملك. تلك من أسرار الدولة سيدتي. ميركل: يقولون بأنك في أزمة مع محيط القصر.. بنكيران: هأ هأ هأ! فقاعات إعلامية وتدليس الصحافة لا غير.. في هذه اللحظة، كان وزير الخارجية الجزائري، يحتسي مشروبا أسود يشبه القهوة، غير بعيد عن طاولة بنكيران وميركل. اتسعت عيناه عندما تناهى إلى سمعه ما يشبه "فقاعات" أو "فرطقات"... توقف عن الشرب ثم اقترب من زميله الروسي، وبصوت لا يكاد في أذنه: "المغرب يعقد صفقة سلاح جديدة مع ألمانيا. قل لبوتين إن بوتفليقة ينتظر شحنة الصواريخ إس 300 وقل له سندفع مقابلها خمس سنوات من البترول". أجابه سيرجي لافروف بابتسامة مزيفة، وتركه يرخي أذنيه لحديث بنكيران مع ميركل: ميركل: يقولون إنك بدون سلطة، وإن المخزن سيستغني عنك بمجرد مرور هذا الفوران الشعبي عندكم. بنكيران: هؤلاء لا يعرفون أي شيء. أنا بكيت يوم قال لي صاحب الجلالة "سي بنكيران طبق الدستور وما تسمعش للمحيط ديالي ايلا طلب منك العكس" فهمتني ولا لا؟ ميركل: هنيئا. وماذا أيضا؟ بنكيران: قال لي إذا كان هناك شخص متورط في الفساد ولو من محيطي أنا لن أتركه. ميركل: وهل صحيح أنك قلت للمفسدين "عفا الله عما سلف"؟ بنكيران: أنا خائف من هروب المستثمرين ألا لا ميركل. ألا تعرفين أننا في أزمة؟ في الحقيقة أخاف أن أذهب بحثا عن الصوف وأعود منتوفا... ميركل: و هل يبرر ذلك التشريع لخرق القانون والإفلات من العقاب. بنكيران: (منتفضا) هذا كلام الصحافة، والصحافة ديالنا مع الأسف الله ايهديها . أنا كمن يخطب في الصحراء! الاعلام الجاد سيدتي هو الاعلام العمومي والحزبي... ميركل: (في نفسها: قالت المقلاة للقدر، ابتعد يا أسود !) ما بك دائما "منرفز ومعصب" في البرلمان؟ بنكيران: التماسيح والعفاريت ألالا ميركل. ثم أنا شخص غير محظوظ، فقد جئت في لحظة غير مشجعة بسبب الأزمة الاقتصادية... ميركل: كلنا في أزمة. بنكيران: هذا صحيح فعندما يعطس أوربا نصاب في المغرب بالزكام. مع ذلك ألمانيا لم تنل منها الأزمة كما حدث معنا. ميركل: لأنها لا تعارض الاصلاح كما.. بنكيران: (مقاطعا) نعم ألا لا؟ ميركل: لماذا رفضت الضريبة على الثروة؟ بنكيران: أنا خائف من هروب الأغنياء إلى الخارج. أريد أن تبقى الثروة في المغرب. ميركل: ما جدواها إذا لم تدار وتستثمر... بنكيران: هذا ما سيحصل قريبا. الباطرونا بدأوا يضعون الثقة في حكومتنا... لكن بصراحة أنا في ورطة. لقد وعدت الشعب في برنامجي الانتخابي بتحقيق نسبة نمو مرتفعة جدا( %7)، والآن بالكاد سأصل إلى 3 %. ميركل: مع ذلك أنا متيقنة أن المغرب لا يعيش الأزمة التي تعيشها ألمانيا. بنكيران: كيف؟ ميركل: نحن نعاقب على الفساد والتهرب الضريبي و نفرض الضريبة على الثروة، ونقتطع أكثر من ثلث الأجر شهريا لذوي الدخل المرتفع لنضعها بيد المعطلين والفقراء... (إذا لم تخني الذاكرة مثل هذه المبادئ عندكم في الاسلام، وتسمونها الزكاة والتكافل أو ربما العدالة الاجتماعية وتقاسم الثروة). إذا استمر الوضع في التدهور بعد هذه الوصفة الصغيرة آنذاك يمكنك أن تتحدث عن الأزمة. بنكيران: أنا غانشوف نزار بركة واش ايمكننا نديرو هادشي... ميركل: مضطرة للمغادرة الآن. فرانسوا هولاند وصل. نحن مجبرون خلال الأسابيع المقبلة على دفع المليارات لصالح اليونان، والآن إسبانيا هي الأخرى بحاجة إلى مساعدتنا مثل البرتغال وقبرص، وربما قريبا إيطاليا، إنها وبلدان مفلسة. آه نسيت شوفوا اخوانكم في الخليج.. دخل فرنسوا هولاند من البوابة الكبيرة للقاعة مرفوقا بحرسه الخاص. سلم على ميركل من وجهها. وصل إلى بنكيران، الذي جره إليه حتى احتك بلحيته الخشنة.. تذكر الخطأ الدبلوماسي مع رئيس الحكومة الاسبانية ماريانو راخوي..أطلق ضحكته المعتادة هأ هأ هأ. مضى حتى اعترضه وزير الخارجية الجزائري فجرى بينهما كلام ديبلوماسي وأخوي جميل، ووعود بالوحدة وفتح الحدود والتكامل الاقتصادي وتبادل لرسائل المودة والحب الاحترام. *مقال هزلي عن المسرح الاحتفالي