بايتاس: الحكومة تتابع عن كثب أوضاع الجالية المغربية المقيمة بلبنان    بذل عمل جديدة لعناصر الجمارك "توضح تراتبية القيادة" شبه العسكرية    غارات إسرائيلية عنيفة على ضاحية بيروت وتقارير إعلامية تتحدث عن استهداف هاشم صفي الدين    الشرطة توقف مروج كوكايين في طنجة    فاتح شهر ربيع الآخر 1446 ه يوم السبت 5 أكتوبر 2024    المندوبية السامية للتخطيط تُعلن انتهاء عملية تجميع معطيات إحصاء 2024:    استئنافية الناظور تدين متهما بالاتجار بالبشر وتنظيم الهجرة السرية بالسجن النافذ    المياه المعدنية "عين أطلس" لا تحترم معايير الجودة المعمول بها    رسميا: فيفا يعلن عن موعد انطلاق مونديال كرة القدم سيدات تحت 17 في المغرب    قلعة أربعاء تاوريرت بالحسيمة.. معلمة شاهدة على تاريخ الريف    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الحسيمة.. عائلة من افراد الجالية تتعرض لحادثة سير خطيرة على طريق شقران    المنظمة العالمية للملاكمة تقرر إيقاف الملاكمة الجزائرية إيمان خليف مدى الحياة    إسبانيا على وشك خسارة استضافة مونديال 2030 بعد تحذيرات الفيفا    مومن: قائمة المنتخب المغربي منطقية    أسعار النفط العالمية ترتفع ب 5 في المائة    الملك يهنئ رئيس الحكومة اليابانية الجديدة    "مجموعة العمل من أجل فلسطين": الحكومة لم تحترم الدستور بهروبها من عريضة "إسقاط التطبيع" ومسيرة الأحد تؤكد الموقف الشعبي    "درونات" مزودة بتقنية الذكاء الاصطناعي لمراقبة جودة البناء    بايتاس: الحكومة تتابع عن كثب أوضاع الجالية المغربية المقيمة بلبنان        مشروع هام لإعادة تهيئة مركز جماعة "قابوياوا"    الركراكي يساند النصيري ويكشف هوية قائد المنتخب    بايتاس يلوم الجفاف على عدم تحقيق نسبة نمو كبيرة للاقتصاد المغربي    الركراكي: الانتظام في الأداء أهم المعايير للتواجد في لائحة المنتخب المغربي    فتح باب الترشيح لجائزة المغرب للكتاب 2024        عبد اللطيف حموشي يستقبل المستشار العسكري الرئيسي البريطاني للشرق الأوسط وشمال إفريقيا    أخبار الساحة    أعترف بأن هوايَ لبناني: الحديقة الخلفية للشهداء!    مهرجان سيدي عثمان السينمائي يكرم الممثل الشعبي إبراهيم خاي    قراصنة على اليابسة    مقاطع فيديو قديمة تورط جاستن بيبر مع "ديدي" المتهم باعتداءات جنسية    جائزة نوبل للسلام.. بين الأونروا وغوتيريس واحتمال الإلغاء    "جريمة سياسية" .. مطالب بمحاسبة ميراوي بعد ضياع سنة دراسية بكليات الطب    استدعاء وزراء المالية والداخلية والتجهيز للبرلمان لمناقشة تأهيل المناطق المتضررة من الفيضانات    بسبب الحروب .. هل نشهد "سنة بيضاء" في تاريخ جوائز نوبل 2024؟    إطلاق مركز للعلاج الجيني في المملكة المتحدة برئاسة أستاذ من الناظور    الذكاء الاصطناعي والحركات السياسية .. قضايا حيوية بفعاليات موسم أصيلة    مؤتمر علمي في طنجة يقارب دور المدن الذكية في تطوير المجتمعات الحضرية    سفير إسرائيل بالأمم المتحدة:الرد على هجمات إيران سيكون قريبا    القطب الرقمي للفلاحة.. نحو بروز منظومة فلاحية رقمية فعالة    الرئيس الإيراني: "إذا ردت إسرائيل سيكون ردنا أقسى وأشد"    وقفة أمام البرلمان في الرباط للتضامن مع لبنان وغزة ضد عدوان إسرائيل    مندوبية طنجة تعلن عن منع صيد سمك بوسيف بمياه البحر الأبيض المتوسط        إطلاق مركز للعلاج الجيني في شيفيلد برئاسة أستاذ مغربي ببريطانيا    مقتل صهر حسن نصر الله في قصف دمشق    المغرب يشرع في فرض ضريبة "الكاربون" اعتبارا من 2025    مستقبل الصناعات الثقافية والإبداعية يشغل القطاعين العام والخاص بالمغرب    مغربي يقود مركزاً بريطانياً للعلاج الجيني    الرياضة .. ركيزة أساسية لعلاج الاكتئاب    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    دراسة: التلوث الضوئي الليلي يزيد من مخاطر الإصابة بالزهايمر    القاضية مليكة العمري.. هل أخطأت عنوان العدالة..؟    "خزائن الأرض"    موسوعة تفكيك خطاب التطرف.. الإيسيسكو والرابطة المحمدية للعلماء تطلقان الجزئين الثاني والثالث    اَلْمُحَايِدُونَ..!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الانتخابات الرئاسية الفرنسية.. ماذا لو فاز ساركوزي؟
قال إنه أنقذ فرنسا من كارثة مالية وتركه الحكم سيؤدي إلى «خراب»
نشر في المساء يوم 27 - 02 - 2012

أثار إعلان الرئيس الفرنسى نيكولا ساركوزي ترشحه رسميا للانتخابات الرئاسية المقررة في أبريل المقبل،
موجة انتقادات من مرشحي الرئاسة المنافسين، وصلت إلى حد الدعوة إلى طرده من الإليزيه، بينما أكد ساركوزي أن تركه للرئاسة حاليا، في ظل وجود أزمة، سيكون بمثابة «تركه للسفينة».. استطلاعات الرأي تعطي أفضلية للمرشح الاشتراكي فرانسوا هولاند، وتمنحه حظوظا أوفر للفوز بالرئاسة، لكن ماذا لو فعلها ساركوزي وعاد من جديد ليجلس على «عرش فرنسا»؟
«نعم، إنني مرشح في الانتخابات الرئاسية»، بهذه العبارات، أكد نيكولا ساركوزي الأمر الذي اعتبر «سرا شائعا»، وبهذه العبارة، بدد الرئيس الفرنسي كل التكهنات التي كانت تسير نحو إمكانية تركه دفة قيادة فرنسا، ليؤكد لمناصريه أنه هو من جعل «فرنسا قوية»، قائلا: «يجب أن يدرك الفرنسيون أنه إذا كانت فرنسا قوية فإنهم سينعمون بالحماية».
قال ساركوزى، ردا على الانتقادات التي وجهت إليه، بأنه لم يحقق إنجازات تذكر منذ عام 2007، عندما انتخب رئيسا للبلاد ببرنامج إصلاحي: «لقد فعلنا الكثير، لكننا لا نستطيع القيام بكل شيء في 5 أعوام». ليزيد في التوضيح أن الهدف الرئيسي الجديد، الذي يعتزم تبنيه خلال فترة ولايته الثانية، في حال فوزه بالانتخابات، هو إعطاء الفرنسيين دورا أكبر في تحديد مصيرهم عن طريق إجراء الاستفتاءات، ومن المقرر أن يكون أول استفتاء حول إعانات البطالة.
أنا أو الخراب

يصر الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، على أنه «أنقذ فرنسا من كارثة مالية»، مع تأكيده أن الطريقة الوحيدة لإنقاذ فرنسا من الانهيار الاقتصادي هي أن يتم انتخابه لفترة رئاسة ثانية، محذرا من أن عدم وجوده في الحكم سيؤدي إلى «خراب».
كلام ساركوزي، الذي وجهه في لقاء حضره أكثر من 7 آلاف فرنسي بمارسيليا، دعما للحملة الانتخابية، رأى عدد من المتتبعين أنه يعبر عن عودة «النبرة العنيفة وحب الظهور» الذي يتمتع به ساركوزي ويظهره خلال حملاته، معتبرين أن «الاحتفالية» شهدت أعلاما كثيرة لفرنسا، وارتفاع شعار «من أجل فرنسا قوية»، بالإضافة إلى الحضور المميز لكارلا بروني، زوجة الرئيس الفرنسي، في أول ظهور لها في حشد سياسي.
ويعتقد المراقبون أن ساركوزي كان يعبر عن نفسه باعتباره «حامي الأمة الفرنسية»، رغم انهيار شعبيته وفشل إصلاحاته خلال أربع سنوات، كما أنه شن هجمات شخصية على منافسه الاشتراكي، فرنسوا هولاند، الذي يصف نفسه بأنه «رجل عادي»، عكس ساركوزي الذي يقول إنه «مرشح الشعب».
ويتوقع المحللون أن يتم التركيز في حملات انتخابات الرئاسة الفرنسية على الأزمة الاقتصادية، والبطالة التي وصلت إلى 10 في المائة، فضلا عن مليون فرنسي تم تسريحهم من أعمالهم بمجرد تولي ساركوزي الحكم، وارتفاع نسبة الدين العام، وأخيرا فقدان فرنسا تصنيفها الائتماني الممتاز، الذي أدى إلى خفض الإنفاق الحكومي وزيادة الضرائب.
ورغم ذلك، فساركوزي أكثر إصرارا على المضي في سياسته، التي جرت عليه غضب الملايين من أبناء شعبه، إذ قال لمناصريه إن فرنسا، تحت قيادته، كانت أفضل من جيرانها، مشددا بين كل جملة على «الكارثة» التي تواجه فرنسا ويمكن أن تجعلها- لولاه- مثل اليونان أو إسبانيا أو إيطاليا.
ويرى محللون في الإعلام الفرنسي أن مستشاري ساركوزي للحملة الانتخابية يستلهمون الحملة الانتخابية لإعادة انتخاب الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش، عام 2004، الذي تمتع بشعبية قليلة، ولكنه ركز على فكرة هجمات 11 سبتمبر وخوف الأمريكيين من انهيار الاقتصاد أو تكرار الهجمات.
جبهة رفض
لكن يبدو أن قرار ساركوزي الترشح لم يرق كثيرا مرشحي الانتخابات الرئاسية، الذين سارعوا إلى شن هجوم على ساركوزي فور إعلانه الرسمي، إذ حذر المرشح الاشتراكي فرانسوا هولاند، الأوفر حظا، بحسب استطلاعات الرأي الفرنسية، من ساركوزي الذي يحاول أن يصنع من نقاط ضعفه قوة. أما مرشحة حزب «الخضر» للرئاسة، إيفا جولى، فدعت إلى ضرورة «طرد ساركوزي من الإليزيه».
من جانبه، أكد مرشح الوسط الفرنسي فرانسوا بايرو أن ساركوزي لم يأت بجديد في كلمته اليوم و«أنه يكرر كلامه منذ أشهر طويلة». وقالت مرشحة حزب اليمين المتطرف مارين لوبين: «ساركوزى يبحث عن وسائل لمحو حصاده المأساوي، فيما يتعلق بالبطالة وانهيار القدرة الشرائية وارتفاع معدلات انعدام الأمن وانفجار مسألة الهجرة». من ناحيته، أكد مرشح جبهة اليسار، جون لوك ميلانشون، أن «الحملة ضد ساركوزي يمكنها أن تنطلق الآن بوضوح وبطريقة مكشوفة».
وردا على اتخاذ ساركوزي «فرنسا قوية» شعارا لحملته الانتخابية، أكد المتحدث باسم نواب الجبهة اليسارية، رونالد موزو، أنه مع «ساركوزى لن تكون فرنسا قوية، بل ستصبح فرنسا على الأرض»، مضيفا أنه «إذا كان الرئيس الفرنسي يريد أن يصنع مفاجأة للفرنسيين، فإنه كان يتعين عليه أن يقول إنه سيرحل». واعتبر عضو الحزب الاشتراكي، جون مارك أيرلو، أن ساركوزي «مرشح دون أفكار ولا رؤى».
بين ساركوزي، الذي يقف في جهة وبين منافسيه، وبينهم الأوفر حظا فرانسوا هولاند، ينتصب عدد من العوامل التي ستحدد مستقبل الجالس على كرسي الإليزيه، ويرى مختصون أن عاملين أساسيين سيحددان المزاج الانتخابي الفرنسي، إذ يبدو بوضوح تام أن الصراع بينهما سيحدد ملامح رجل الإليزيه المقبل، العامل الأول هو الخبرة في قيادة الأزمات، وهو ما قد يعيد نيكولا ساركوزي إلى الإليزيه في فترة رئاسية ثانية، متعكزا على ما حققه من استعادة دور فرنسا الدولي، وخاصة في منطقة الشرق الأوسط، إذ بدا واضحا دور ساركوزي في الإطاحة السريعة بنظام العقيد الليبي معمر القذافي، إضافة إلى تدخله القوي في ملف الأزمة السورية، وهو ما جعل بعض الفرنسيين يعتبرونه «بطلا قوميا» مناصرا لشعوب المنطقة وحقوق الإنسان. إلا أن استطلاعات الرأي تجمع على أن ساركوزي هو أكثر رئيس لم يحبه الشعب الفرنسي، على خلفية الفضائح المتتالية التي رافقت فترة رئاسته الأولى منذ بدايتها.
أما العامل الثاني، حسب الكاتب عمر الجفال، والذي سيحدِد بوصلة المزاج الانتخابي للشعب الفرنسي، فهو التغيير الذي ينشده الفرنسيون، سيما فيما يتعلق بالملفات الداخلية الشائكة التي تفاقمت خلال فترة رئاسة ساركوزي، حيث معدَل البطالة يرتفع إلى مستويات لم يبلغها منذ 12 سنة، ولا يحظى برنامج إصلاح المعاشات التقاعدية بأي تأييد شعبي، إضافة إلى ما تواجهه منطقة الأورو من وضع مزر، ويصب هذا العامل في مصلحة المرشح الاشتراكي فرانسوا هولاند، الذي يصفه بعض أعلام اليسار بمرشح الأمل، خاصة أن هولاند ذا الثقافة الرفيعة يعيد إلى الأذهان صورة الرؤساء الفرنسيين، الذين يفاخر الشعب بثقافتهم العالية، وخاصة الرئيس الاشتراكي فرانسوا ميتران، الذي كان يعد رئيسا للنخبة الفرنسية، واستطاع بحنكته السياسية التعايش مع رئيس وزراء يميني هو جاك شيراك، في فترة اعتبرها المراقبون امتحانا عسيرا للديمقراطية الفرنسية، وهو أمر ترشحه مجمل استطلاعات الرأي حتى الآن.
روجر كوهين، محرر ال«نيويورك تايمز» الذي زار فرنسا مؤخرا، يصف هولاند ب«ذلك الرجل اللائق الذي قصد جامعات النخبة»، والذي يتمتع بالجاذبية وحس الفكاهة، ولكنه لم يفعل شيئا لتبديد الفكرة القائلة إنه لا يجيد التعامل مع الأزمات، ويؤخذ عليه استعماله عبارة «رجل قذر» خلال حديثه عن ساركوزي، لكنه يتدارك بالقول: «إن تلك اللهجة عكست ما يفكر به والجو العام السائد في أوساط الطبقة البرجوازية الفرنسية». وبالنسبة إلى هذه الفئة من الناس، فإن ساركوزي هو الرجل الذي قصد جامعات لا تليق بمستواهم وهو سيبقى دخيلا ووضيعا بنظرهم بمعنى أنه متسلق اجتماعي «قذر»، تُعميه الطموحات الشخصية ولا يستحق تمثيل الدولة الفرنسية عبر تولي أعلى منصب في الجمهورية الخامسة .
يريد الكثيرون في فرنسا التخلص من ساركوزي، فهم يحلمون بمعاقبة هذا الرجل الحيوي على نحو مزعج، لكن سرعان ما يفكرون: «لكن لا! لا نريد اليساريين المترددين وشعاراتهم الفارغة و»جمودهم» الهائل الذي جعلهم يحتفظون بمبدأ الصراع الطبقي كإيديولوجيا أساسية، مع أن معظم اليساريين الأوربيين «مثل الألمان» تخطوا هذه المسألة منذ عقود».
إن أكبر إنجاز حققه ساركوزي تعلق بموقف ألمانيا من أزمة الأورو، فقد وقعت الأزمة بينما كانت ألمانيا تبتعد عن نزعة «المثالية الأوربية»، بعد أن تعبت من الجهود المالية الرامية إلى توحيد أوربا، وغضبت من الاستغلاليين في منطقة المتوسط، وأصبحت مكتفية بتوبتها بعد الحرب، وتميل إلى التركيز على كسب الأرباح المادية أكثر من تبني القضايا الأخلاقية العظمى.
ساركوزي سيوظف هذه الانجازات في دعايته الانتخابية إلى أقصى حد من أجل البقاء في قصر الإليزيه لفترة رئاسية ثانية، أما خسارته، فإنها ستشكل صدمة لليمين الفرنسي، لكنها صدمة متوقعة في كل الأحوال، أما اليسار الفرنسي، الذي لم يصل إلى الرئاسة منذ أن تنحى فرانسوا ميتران قبل 17 عاما، فيعد لانتخابات حاسمة ستكون خسارتها مؤلمة، لكن هذه الخسارة محتملة أيضا، وفقا لما سيكون عليه المزاج الانتخابي الفرنسي الموزع بين القيادة و.. التغيير.
رئيس «فاشل»
قبل يومين، منح استطلاع رأي أجرته مؤسسة «إيبسوس» بشأن الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية الفرنسية، التقدم للمرشح الاشتراكي فرنسوا هولاند، بفارق كبير على الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي (32 في المائة مقابل 25 في المائة)، وكذلك في الدورة الثانية (59 في المائة مقابل 41 في المائة). ولم تتغير النتائج التي أحرزها المرشحان في الدورتين الأولى والثانية، مقارنة باستطلاع الرأي الأول للمؤسسة نفسها الصادر في 3 و4 فبراير الجاري..
وحسب نتائج استطلاع الرأي، فقد أحرزت مارين لوبين (الجبهة الوطنية، أقصى اليمين) المكانة الثالثة في الدورة الأولى بنسبة 16 في المائة، يليها الوسطي فرنسوا بايرو (11 في المائة) ثم مرشح أقصى اليسار جان لوك ميلانشون (9 في المائة) والبيئية إيفا جولي (3 في المائة).
لكن إلى الآن، لم تحسم اللعبة لصالح أي طرف، خاصة بين هولاند الأوفر حظا، حسب الاستطلاعات، وساركوزي الذي يبدو أنه لا يرغب في الاستسلام بتاتا، وهو ما يطرح التساؤلات الكبيرة حول ماهية هذا الشعور، الذي يجرف الرئيس ساركوزي، هل يتعلق الأمر ب «ثقة كبيرة في النفس أم حب جارف للسلطة»؟ ذلك ما يدفع رئيس جمهورية بشعبية متدهورة إلى إعادة ترشيح نفسه لفترة رئاسية ثانية، رغم أن جميع استطلاعات الرأي، وبالتحديد اثنا عشر استطلاعا، أكدت أن شعبيته في انحدار، حتى قيل عنه إنه الرئيس الأقل شعبية في تاريخ فرنسا.
يرى الكاتب جميل مطر أن ما «يؤخذ على سلوك ساركوزي كثرة اختلاطه بالطبقة الثرية، وفي الوقت نفسه بمجموعات تحيط بزوجته كارلا بروني، وأغلب أفرادها من الموسيقيين والمطربين المتواضعين. ويؤخذ عليه أيضا عدم احترامه لوقار منصبه، بمعنى أنه لا يتصرف في المؤتمرات الدولية والمحافل الرسمية كما يجب أن يتصرف رئيس الجمهورية الفرنسية».
الواقع يشهد، على كل حال، بأن معظم الظروف المحيطة بساركوزي، خصوصا مسألة إعادة انتخابه، غير مواتية، بل لعلها تؤثر سلبا في إمكانات فوزه في الانتخابات. واقتصاديا مثلا، عاشت فرنسا في عهده أزمتين، أزمة داخلية لها علاقة بالأزمة العالمية، التي انطلقت من الولايات المتحدة في نهاية 2007 ومازالت تمسك بخناق النظام الرأسمالي العالمي بأسره، وأخرى متصلة مباشرة بأزمة منطقة الأورو. وقد راح ضحية الأزمتين عدد غير قليل من حكام أوربا في السنتين الأخيرتين، من هؤلاء برلسكوني، رئيس وزراء إيطاليا، وثاباتيرو، رئيس وزراء إسبانيا، وبابادو بولوس، رئيس وزراء اليونان.
كذلك استمر في عهد ساركوزي تراجع الناتج الصناعي الفرنسي وارتفع العجز التجاري إلى رقم قياسي لم تعرفه فرنسا من قبل، وبلغت نسبة البطالة 10 في المائة، وهي من أعلى النسب في المجتمعات الرأسمالية. كذلك وجهت مؤسسات التقييم المالي ضربة موجعة لساركوزي شخصيا وحكومته وفرنسا بأسرها، حين أعادت تصنيف ثقة السوق بالوضع الاقتصادي لفرنسا.
إقليميا، استمر انحدار مكانة فرنسا في أوربا، وهي مسألة بالغة الأهمية بالنسبة إلى الرأي العام الفرنسي، وتعددت أسباب هذا الانحدار، منها مثلا الصعود المتتالي والمتسارع لمكانة ألمانيا في أوربا واستقرار اقتصادها ونفوذها السياسي في القارة على حساب نفوذ فرنسا، منها أيضا تدهور مكانة فرنسا التنافسية بسبب ارتفاع الأجور فيها وفداحة تكلفة الرعاية الاجتماعية والصحية مقارنة بألمانيا ودول أخرى. هذا الانحدار الاقتصادي دفع ألمانيا إلى أن تطلب من معظم دول أوربا، ومنها فرنسا، التزام برامج تقشف، وفي حالات معينة، لم تكتف حكومة ألمانيا بطلب التقشف، فراحت تفرضه فرضا. كانت نتيجة التطورات الاقتصادية في فرنسا ومنطقة الأورو وتداعيات أزمات اليونان وإيطاليا وإسبانيا والبرتغال أن اختل توازن القوى في القارة الأوربية لمصلحة ألمانيا، وعلى حساب فرنسا.
ماذا لو فاز؟..
ورغم كل هذه السوداوية التي يرسمها المتتبعون لمسار الرئيس اليميني ساركوزي، إلا أن المتفائلين بمستقبل ساركوزي يتوقعون فوزه على منافسه الاشتراكي، استنادا إلى تجربته الانتخابية الناجحة، التي خاضها ضد سيغولين رويال، منافسته الاشتراكية في عام 2007. رغم أن بعض المراقبين يعتقدون أن المقارنة بين رويال ومنافسه الحالي فرانسوا هولاند ليست في محلها، فرويال افتقرت إلى الخبرة السياسية والشخصية القوية، بينما يشتهر المرشح الاشتراكي الجديد بأنه «داهية كالثعلب»، وإن كان مهذبا ورقيق الحاشية، على عكس ساركوزي.
حديث باريس هذه الأيام هو الدور الذي قامت به أنغيلا ميركل لدعم ساركوزي رئيسا لفترة ثانية. فالمعروف أنها تجاوزت حدود اللياقة السياسية عندما رشحته قبل أن يرشح هو نفسه، وترد على هذا الاتهام بقولها إنها ونيكولا عائلة سياسية واحدة، فقد دعمها عندما أطلقت حملتها الانتخابية الثانية في 2009، وهي الآن ترد له الجميل. فلم يكن معروفا عن ألمانيا في السابق انتهاجها سلوكا من هذا النوع، إذ إن ما فعلته ميركل قد يتسبب في إغضاب هولاند إن فاز في الانتخابات وصار رئيسا لفرنسا، فضلا عن أن مجرد دعم ميركل لساركوزي في هذه المرحلة قد يضر بفرصته في الفوز، لأن ألمانيا لا تحظى هذه الأيام برضا معظم شعوب أوربا، والشعب الفرنسي خاصة. لذلك يبدو معقولا الرأي القائل إن ميركل دعمت ساركوزي لأنها ضد وصول الاشتراكيين إلى قصر الإليزيه، وليس حبا أو ثقة في ساركوزي.
ويعتقد أن ميركل لن تغفر لهولاند وعده للناخبين بأنه سيعيد النظر في اتفاقيات الإصلاح المالي لدول الاتحاد الأوربي، وهي الاتفاقية التي يعتبرها الخبراء ركنا أساسيا في هيكل السياسة الأوربية لألمانيا، ويعتبرها المعارضون الأوربيون وثيقة إذعان تفرضها ألمانيا كعقد اجتماعي جديد بين حكومات الاتحاد الأوربي وشعوبها، يضمن لأوربا الاستقرار الاقتصادي، ولكن بشروط قاسية للغاية تتحملها الشعوب.



أهميةالرئاسيات الفرنسية بالنسبة للقارة العجوز
الانتخابات الرئاسية الفرنسية، حسب الكاتب جميل مطر، مهمة جدا، ليس فقط بالنسبة إلى فرنسا، ولكن أيضا لألمانيا وأوربا. ولكن الأهم من هذه الانتخابات هو مستقبل أوربا، التي تمر حاليا بأزمة، لعلها، حسب رأي متطرف، الأخطر في تاريخها. يذهب هذا الرأي المتطرف إلى حد التساؤل عما إذا كان دور أوربا قد انتهى أو قارب الانتهاء، أو أنها حادت عن طريقها ومسارها الرئيس، فخرجت إلى طرق فرعية وفي الغالب مسدودة. ويستند أصحاب هذا الرأي إلى أن مسيرة التقدم في أوربا توقفت خلافا لتوقعات وأيديولوجية الليبراليين والماركسيين، الذين آمنوا دوما بأن التقدم لا يتوقف ولا يتراجع. ذهب المتطرفون في التشاؤم إلى حد مقارنة حالة أوربا الراهنة بحالة الإمبراطورية العثمانية في عام 1683، العام الذي دخلت فيه طريقا مسدودا وبدأت في التراجع، وبحالة الإمبراطورية الإسبانية في القرنين السابع عشر والثامن عشر، وبحالة الإمبراطورية الرومانية المقدسة في القرن السابع عشر. في كل هذه الحالات، أصيبت الإمبراطورية بأنيميا حادة، واستمرت تضعف على إثرها مؤسساتها فتوقفت عن التوسع والازدهار. بمعنى آخر، يتوقعون أن يستمر الاتحاد الأوربي، مدة طويلة، ولكن في وضع التجمد. ويدللون بأن جميع عناصر الانحدار الإمبراطوري متوافرة الآن، وأهمها انخفاض معدل المواليد وعدم القدرة على زيادة الإنفاق العسكري وصعوبة تجديد الثروات القومية، وقبل هذا وذاك أزمة الثقة بين شعوب أوربا وحكامها.
سيكون مفاجأة لكثير من المراقبين والسياسيين فوز نيكولا ساركوزي، في وقت تصوت أو تثور فيه الشعوب لإسقاط حكامها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.