أوجد القضاء المغربي، في الشهور الأولى من السنة الجارية، النهاية لسلسة من ملفات الإرهاب التي ظلت تتداول داخل أروقة محكمة الاستئناف في سلا، بعد أن توصلت إلى فك مجموعة من الألغاز التي كانت تحيط بالخلايا المفككة من قبل الأجهزة الأمنية و"زعمائها"، إلى جانب طبيعة المخططات التي وضعت لاستهداف المملكة. غير أن هذه النهاية تزامنت مع بداية جديدة أصعب، بعد أن فتحت هيئة المحكمة ملفات أخطر الخلايا الإرهابية المفترضة ومبحوث عنهم دوخوا الأمن لسنوات، إلى جانب أفراد تورطوا في مخطط قبل حوالي سنة من الآن. "" وهكذا طوت محمكة الاستئناف في سلا حوالي 15 ملفا، من بينهم ثلاثة قاصرين متهمين بالتورط في اعتداءات 11مارس و10 أبريلفي الدار البيضاء، إلى جانب مرحلين من ليبيا وإسبانيا والجزائر. وقضت غرفة الجنايات الابتدائية المختصة في قضايا الإرهاب، أخيرا، بأحكام تراوحت بين البراءة وست سنوات سجنا نافذا في حق أعضاء ما يسمى ب "جماعة المسلمين الجدد"، والبالغ عددهم 42، من بينهم امرأة. وأدانت الهيئة المتهم الرئيسي عبد المجيد قبلي، بست سنوات سجنا نافذا، بعد مؤاخذته بتهم "تكوين عصابة إجرامية لإعداد وارتكاب أعمال إرهابية في إطار مشروع جماعي يهدف إلى المس الخطير بالنظام العام، والسرقة وانتزاع الأموال، والانتماء إلى جماعة دينية محظورة، وعقد اجتماعات عمومية بدون تصريح مسبق". كما أصدرت أحكاما تراوحت بين سنتين وأربع سنوات حبسا نافذا في حق خلية طنجة المكونة من 10 متهما. وحكم على الحسن مفتاح الإدريسي، الذي سلمته السلطات الاسبانية أخيرا إلى نظيرتها المغربية لانتمائه إلى منظمة إرهابية دولية، بأربع سنوات حبسا نافذا.ووجهت لمفتاح تهمة "ارتكاب جرائم تكوين عصابة إجرامية لإعداد وارتكاب أعمال إرهابية، والمس الخطير بالنظام العام بواسطة التخويف والترهيب والعنف". وخفضت غرفة الجنايات الاستئنافية، في الفترة نفسها، العقوبة من أربع إلى ثلاث سنوات حبسا نافذا في حق عادل لغلام، الذي جرى ترحيله أخيرا من ليبيا إلى المغرب، بعد إدانته بارتكاب أفعال إرهابية وكانت الغرفة أصدرت حكما بالحبس النافذ لمدة أربع سنوات في حق لغلام بعد إدانته بجرائم "تكوين عصابة إجرامية لإعداد وارتكاب أعمال إرهابية في إطار مشروع جماعي يهدف إلى المس الخطير بالنظام العام، والانتماء إلى جمعية غير مرخص لها، وعقد اجتماعات عمومية بدون تصريح مسبق". كما قررت تخفيض العقوبة من أربع إلى ثلاث سنوات حبسا نافذا في حق سبعة متهمين أدينوا بأفعال إرهابية.وأصدرت الهيئة ذاتها أحكاما تراوحت بين 10 و15 سنة سجنا نافذا في حق ثلاثة قاصرين متورطين في تفجيرات آذار ونيسان بالدار البيضاء. وفي ملف شغل الرأي العام لشهور، قضت غرفة الجنايات أحكاما تراوحت بين سنتين و30 سنة سجنا نافذا في حق 50 متهما ضمن خلية ما يسمى ب "أنصار المهدي"، التي يوجد ضمنها 4 نساء زوجات ربابنة طائرات ورجال أمن وعسكريين وعناصر في جهاز الاستخبارات. كما أكدت المحكمة براءة هشام الرحيوي، الذي كان متابعا في حالة سراح مؤقت، فيما قررت رفع العقوبة السجنية من 25 إلى30 سنة سجنا نافذا في حق حسن الخطاب الملقب ب "أبو اسامة" زعيم الخلية. من جهة أخرى، أيدت الهيئة الحكم الابتدائي الجنائي الصادر في حق جواد طرميل المرحل من الجزائر، والقاضي بسنتين حبسا نافذا بعد إدانته بأفعال إرهابية. وتوبع الظنين، وهو من مواليد 1985 بمدينة الدارالبيضاء، بتهم "تكوين عصابة إجرامية لإعداد وارتكاب أعمال إرهابية في إطار مشروع جماعي يهدف إلى المس الخطير بالنظام العام". وتزامنت هذه الأحكام مع دخول غرفة الجنايات سباق ماراطون جديد، بعد فتحها ملفات شائكة، منها قضية سعد الحسيني الملقب ب "مصطفى ونبيل" (38 سنة)، والمتهم بتورطه في أحداث 16ماي 2003 الإرهابية بالدار البيضاء. والمتهم حاصل على شهادة في الكمياء، وكان مبحوثا عنه منذ 2002، مثل لأول مرة أمام غرفة الجنايات الابتدائية بملحقة محكمة الاستئناف بسلا في حالة اعتقال احتياطي. وكانت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء تمكنت، في إطار تفكيك الخلايا الإرهابية، من إلقاء القبض على المتهم في مطلعمارس 2007، والذي أثبت البحت الذي أجري معه أنه انتقل إلى أفغانستان، حيث تلقى تداريب شبه عسكرية تركزت حول كيفية استعمال الأسلحة النارية الخفيفة، وصناعة المتفجرات، وتصنيع السموم، وتقنيات حرب العصابات والقتال بالشوارع وإقامة الفخاخ. وأظهرت التحقيقات أن الحسيني دخل إلى المغرب سنة 2002 للعمل على تنشيط الخلايا لتنظيم ما يسمى ب "الجماعة الإسلامية المغربية المقاتلة" من خلال إنشاء لجنة عسكرية تهدف إلى إقامة معسكرات بجبال الريف وجبال الأطلس بغرض تدريب المتطوعين، وتشكيل في نفس الوقت قواعد لتصنيع المتفجرات. كما مثل أخيرا أمام غرفة الجنايات الابتدائية انتحاري ساحة الهديم بمدينة مكناس هشام الدكالي و(حسن.أ) مهندس دولة سابق. ويتابع المتهم الرئيسي الدكالي (31 سنة) مهندس دولة سابق تهم "القيام بأفعال إرهابية لها علاقة عمدا بمشروع فردي يهدف إلى المس الخطير بالنظام العام بواسطة التخويف والترهيب والعنف، وصنع متفجرات وحيازتها واستعمالها للاعتداء عمدا على حياة الأشخاص وسلامتهم". وكان هشام أقدم، يوم 13غشت 2007 على تنفيذ جريمة إرهابية بساحة الهديم بواسطة قنينة غاز من الحجم الصغير كان يحملها داخل حقيبته، حيث استهدف حافلة للسياح. كما تنظر المحكمة في ملف 51 مشتبها في تورطهم في تفجيرات مارس وأبريل2007 بالدار البيضاء. وينحدر أعضاء هذه المجموعة، التي يوجد ثلاثة منهم في حالة سراح مؤقت والذين ينتمون لما يسمى ب "السلفية الجهادية"، من عدد من المدن، منها الدار البيضاء والمحمدية والكارة. وتبقى "شبكة بلعيرج" من أكبر الملفات الشائكة التي ينتظر أن تحال على القضاء، خاصة أن من ضمنها سياسيين، يشتبه بأنهم متورطين في التخطيط لاختراق مؤسسات الدولة والأحزاب والمجتمع المدني، واغتيال شخصيات وازنة، وإخفاء ترسانة من الأسلحة والذخيرة، عثر عليها في كل من الدار البيضاء والناظور.