على الرغم من مرور خمسة أيام على تنظيم حفل افتتاحها الرسمي٬ فإن الألعاب الأولمبية أخفقت في تحقيق الآمال والتطلعات التي عقدها عليها المسؤولون المحليون في أن تشكل مناسبة لتمكين الاقتصاد البريطاني المتأزم من دفعة قوية وإخراجه من عنق الزجاجة. ذلك أن وسط لندن٬ الذي اعتاد أن يشهد خلال هذه الفترة من كل سنة٬ تدفقا كبيرا للزوار والسياح الذين يحولون مختلف المحلات والمراكز التجارية والمطاعم والمقاهي والمسارح٬ إلى فضاء يعج بالحياة٬ أضحى بنيانا شبه مهجور. وكان عدد من المحللين الاقتصاديين قد حذروا في وقت سابق من مغبة أن لا تفي الألعاب الأولمبية بالآمال المعقودة عليها لتسريع وتيرة نمو الاقتصاد البريطاني كما كان يعول على ذلك المسؤولون السياسيون بالمملكة المتحدة. ذلك أن هؤلاء٬ وفي مقدمتهم رئيس الوزراء ديفيد كاميرون الذي كان يعتبر الألعاب الأولمبية "منجما للذهب" سيمكن من جني أرباح وعائدات تقدر بملايير الجنيهات. كما تعول السلطات البريطانية على اغتنام هذه المناسبة لاستقطاب استثمارات إضافية من خلال تنظيم سلسلة من المؤتمرات يتم الترويج خلالها للمملكة المتحدة باعتبارها وجهة مفضلة وآمنة للمستثمرين الأجانب. وكان مكتب مسؤولية الميزانية (الوكالة البريطانية المكلفة بمراقبة الميزانية) قد حذر في مارس الماضي من لجوء بعض الزوار والسياح إلى إلغاء أو تأجيل رحلاتهم إلى بريطانيا ولاسيما إلى لندن بمناسبة تنظيم الألعاب الأولمبية. وأشار المكتب في هذا السياق إلى "أنه بسبب بعض المخاوف والتردد٬ فإننا نتوقع أن لا يكون للألعاب الأولمبية وقع مادي على الاقتصاد". والواضح أن تخوفات المكتب تتكرس اليوم على أرض الواقع بشكل جلي وعملي٬ فقد أشارت صحيفة (الأندبندبت) في هذا السياق إلى أن وسط لندن تحول إلى "مدينة شبح". وينتقد المحللون في تصريحات نقلتها وسائل الإعلام المحلية التحذيرات التي وجهتها السلطات في وقت سابق لسكان العاصمة بخصوص عدم التوجه إلى وسط العاصمة خلال فترة الألعاب الأولمبية من أجل تجنب الازدحام والاكتظاظ وعرقلة حركة السير. وبالرغم من أن المراكز التجارية في وسط لندن٬ حيث تقام الألعاب تسجل معدلات إقبال وأرقام معاملات مرتفعة جدا٬ فإن أهم مراكز الجذب السياحي التي تقع في وسط العاصمة سجلت تراجعا كبيرا في عدد زوارها بلغ 40 بالمائة في بعض الأحيان. وفي هذا السياق٬ أشار المتحف البريطاني الذي يعد من أهم المعالم والمزارات السياحية إلى تراجع عدد زواره بنحو ثلاثين بالمائة منذ بداية الألعاب الأولمبية٬ فيما اضطرت عدة فنادق كانت تراهن على تحقيق انتعاشة خلال هذه الفترة إلى تخفيض أسعارها من أجل استقطاب الزبناء. وقال رضا خان٬ الذي يشرف على تسيير أحد فنادق وسط العاصمة٬ إن النشاط السياحي "هادئ للغاية" مضيفا أن "الألعاب الأولمبية كان لها وقع كارثي بالنسبة إلينا". كما يعاني سائقو سيارات الأجرة اللندنية الشهيرة بدورهم من التداعيات السلبية للألعاب٬ حيث وصف ستيف ماك نمارا٬ الأمين العام لجمعية سائقي سيارات الأجرة٬ لندن بأنها أضحت "مدينة الأشباح"٬ مشيرا إلى تراجع نشاطهم بنحو 40 بالمائة خلال الأيام الأولى لتنظيم الأولمبياد. وأضاف "في الأوقات العادية٬ يشكل سكان لندن 90 بالمائة من حجم زبنائنا٬ غير أنهم غادروا المدينة من دون أن يعوضهم السياح كما كان يبشرنا المسؤولون ". وكانت الحكومة البريطانية قد توقعت أن يبلغ عدد السياح الأجانب الذي سيحجون لزيارة لندن هذه السنة بالموازاة مع تنظيم الألعاب الأولمبية نحو 7ر30 مليون سائح مما سيمكن من جني أرباح تبلغ 9ر17 مليار جنيه استرليني